بازگشت

تصحيح اشتباه


روي العلامة المجلسي عن الصيمري خبرين يستفاد منهما: أن دعاءه لم يكن علي المعتز، بل كان علي المستعين، في حين أن هذا خطأ تاريخي.

الخبر الأول: روي المجلسي عن مهج الدعوات من كتاب الأوصياء لعلي بن محمد بن زياد الصيمري قال: لما هم المستعين في أمر أبي محمد عليه السلام بما هم، و أمر سعيدا الحاجب بحمله الي الكوفة، و أن يحدث عليه في الطريق حادثه، انتشر الخبر بذلك في الشيعة فأقلقهم، و كان بعد مضي أبي الحسن عليه السلام بأقل من خمس سنين، فكتب اليه محمد بن عبدالله و الهيثم بن سيابة: بلغنا جعلنا الله فداك خبر أقلقنا و غمنا و بلغ منا فوقع: بعد ثلاث يأتيكم الفرج.

قال: فخلع المستعين في اليوم الثالث و قعد المعتز، و كان كما قال [1] .

الخبر الثاني: و فيه أيضا، قال: و روي أيضا الصيمري في الكتاب المذكور في ذلك، ما هذا لفظه: و حدث محمد عمر الكاتب، عن علي بن محمد بن زياد الصيمري، صهر جعفر بن محمود الوزير علي ابنته أم أحمد، و كان رجلا من وجوه الشيعة و ثقاتهم و مقدما من الكتاب و الأدب و العلم و المعرفة. قال: دخلت علي أبي أحمد، عبيدالله بن



[ صفحه 305]



عبدالله بن طاهر، و بين يديه رقعة أبي محمد عليه السلام فيها: اني نازلت الله عزوجل في هذا الطاغي (يعني المستعين) و هو آخذه بعد ثلاث. فلما كان في اليوم الثالث خلع و كان من أمره ما رواه الناس في احداره الي واسط و قتله [2] .

أقول: انتساب هذه القضية الي المستعين خطأ تاريخي، لأن خلافة المستعين كانت قبل خلافة المعتز، و قد أشرنا في أول البحث بأن المستعين خلع نفسه في سنة 252 من الهجرة و قتل بعد شهور بأمر المعتز العباسي، و لقد كانت امامة الامام العسكري عليه السلام ابتداء من سنة 254 أي بعد رحلة والده العظيم عليه السلام، التي كانت في هذه السنة، و عليه فلم يدرك الامام العسكري عليه السلام كامام الا قليلا من خلافة المعتز العباسي، فكيف بادراكه أيام المستعين الذي كان قبل المعتز!؟

الا أن يقول، قائل: بأن هذه القضية اتفقت للامام العسكري عليه السلام في أيام الامام الهادي عليه السلام، و أن الامام العسكري دعا علي المستعين حينما عزم علي قتله آنئذ.

لكن هذا أيضا لا يوافق الرواية الاولي التي جاء في آخرها: و كان هذا بعد مضي أبي الحسن بأقل من خمس سنين.

فعلي أساس الرواية الاولي المنقولة عن المجلسي، يكون دعاء الامام عليه السلام في سنة 259 من الهجرة، أي في عصر المعتمد العباسي و خلافته، لا المعتز و المستعين.

فاذا أردنا أن نصحح هذه الرواية فلا طريق لنا الا أن نقول: ان الراوي أو الرواة الذين نقلوا هذا الحديث، أضافوا جملة (يعني المستعين) للتوضيح، و تصور آخرون: أن هذه الجملة من أصل الرواية، و الشاهد علي ما نقول، هو: أن الحر العاملي - ره - نقل هذه الرواية عن القطب الراوندي - ره - و لم يذكر فيه جملة (يعني المستعين) [3] .

بل نقل حديثا آخر عن كتاب الغيبة للشيخ الطوسي - ره - فيه تصريح باسم المعتز و اليك نصه: قال: و عنه، عن أحمد بن الحسين بن عمر بن يزيد قال: حدثني ابوالهيثم بن سبانة أنه كتب اليه لما أمر المعتز بدفعه الي سعيد الحاجب عند مضيه الي الكوفة، و أن



[ صفحه 306]



يحدث به ما يحدث به الناس بقصر ابن هبيرة: جعلني الله فداك، بلغنا خبر قد أقلقنا، و بلغ منا. فكتب اليه بعد ثالث يأتيكم الفرج، فخلع المعتز اليوم الثالث [4] .

و يشهد أيضا علي قولنا هذا من أن القضية لا علاقة لها بالمستعين، ما تفطن اليه الاربلي في كشف الغمة، و العلامة المجلسي - ره - في مرآة العقول:

قال الاربلي:

«قلت قد تقدم قبل هذا: أنه عليه السلام كتب: أني نازلت الله في هذا الطاغي، يعني المستعين، و الطبرسي لم يعد المستعين من الخلفاء الذين كانوا في زمانه عليه السلام، و كان هذا و أمثاله من غلط الرواة و النساخ، فان المستعين بويع له في أوائل ربيع الآخر سنة ثمان و أربعين، و كان مدة ملكه ثلاث سنين و تسعة أشهر، و قيل ثمانية أشهر، فلا يكون ملكه في أيام امامة أبي محمد، فكيف ينازل الله فيه، فاما أن يكون غير المستعين، أو يكون المنازل أبوالحسن، أبوه عليه السلام» [5] .

و اما قول العلامة المجلسي في ذيل رواية أحمد بن الحارث القزويني، المروية في الكافي، و التي جاء فيها: أن المستعين طلب من الامام العسكري عليه السلام أن يركب البغلة العاصية، يقول:

«يشكل هذا بأن الظاهر أن هذه الواقعة كانت في أيام امامة أبي محمد بعد وفاة أبيه عليهماالسلام، و هما كانتا في جميدي الآخرة سنة أربع و خمسين و مائتين، كما ذكره الكليني و غيره، فكيف يمكن أن تكون هذه في زمان المستعين؟!

فلابد اما من تصحيف المعتز بالمستعين؛ و هما متقاربان صورة، أو تصحيف أبي الحسن بالحسن، و الأول أظهر؛ للتصريح بأبي محمد في مواضع، و كون ذلك قبل امامته عليه السلام، في حياة والده، و ان كان ممكنا؛ لكنه بعيد [6] .



[ صفحه 307]




پاورقي

[1] البحار ج 50، ص 312 عن مهج الدعوات ص 273.

[2] البحار ج 50، ص 313 عن مهج الدعوات ص 273.

[3] راجع ثبات الهداة ج 3، ص 419.

[4] اثبات الهداة ج 3، ص 413.

[5] كشف الغمة ج 3، ص 220.

[6] مرآة العقول ج 6، ص 151.