بازگشت

لا تخبري بما رأيت أحدا


روي الشيخ الطوسي عن أحمد بن علي الرازي عن محمد بن علي، عن حنظلة بن



[ صفحه 315]



زكريا، قال: حدثني أحمد بن بلال بن داود الكاتب، و كان عاميا بمحل من النصب لأهل البيت عليهم السلام، يظهر ذلك و لا يكتمه، و كان صديقا لي يظهره مودة بما فيه من طبع أهل العراق، فيقول - كلما لقيني - لك عندي خبر تفرح به و لا أخبرك به، فأتغافل عنه، الي أن جمعني و اياه موضع خلوة، فاستقصيت عنه و سألته أن يخبرني به، فقال: كانت دورنا بسر من رأي مقابل دار ابن الرضا- يعني أبامحمد الحسن بن علي عليهم السلام - فغبت عنها دهرا طويلا الي قزوين و غيرها، ثم قضي لي الرجوع اليها، فلما وافيتها، و قد كنت فقدت جميع من خلفته من أهلي و قراباتي، الا عجوزا كانت ربتني، و لها بنت معها، و كانت من طبع الأول، مستورة صائنة لا تحسن الكذب، و كذلك مواليات لنا؛ بقين في الدار، فأقمت عندهن أياما ثم عزمت الخروج، فقالت العجوزة: كيف تستعجل الانصراف و قد غبت زمانا؟ فأقم عندنا لنفرح بمكانك فقلت لها علي جهة الهزؤ: أريد أن أصير الي كربلاء، و كان الناس للخروج في النصف من شعبان أو ليوم عرفة، فقالت: يا بني أعيذك بالله أن تستهين ما ذكرت، أو تقوله علي وجه الهزؤ، فاني أحدثك بما رأيته - يعني بعد خروجك من عندنا بسنتين - كنت في هذا البيت نائمة بالقرب من الدهليز و معي ابنتي، و أنا بين النائمة و اليقظانة، اذ دخل رجل حسن الوجه نظيف الثياب، طيب الرائحة، فقال: يا فلانة يجيئك الساعة من يدعوك في الجيران فلا تمتنعي من الذهاب معه و لا تخافي، ففزعت فناديت ابنتي و قلت لها: هل شعرت بأحد دخل البيت؟ فقالت: لا. فذكرت الله، و قرأت و نمت، فجاء الرجل بعينه، و قال لي مثل قوله، ففزعت و صحت يا بنتي فقالت: لم يدخل البيت، فاذكري الله و لا تفزعي، فقرأت و نمت، فلما كان في الثالثة جاء الرجل، و قال: يا فلانة، قد جاءك من يدعوك و يقرع الباب، فاذهبي معه، و سمعت دق الباب. فقمت وراء الباب و قلت: من هذا؟ فقال: افتحي و لا تخافي، فعرفت كلامه و فتحت الباب، فاذا خادم معه أزار، فقال: يحتاج اليك بعض الجيران لحاجة مهمة فادخلي، و لف رأسي بالملاءة و أدخلني الدار و أنا أعرفها، فاذا بشقاق مشددة وسط الدار، و رجل قاعد بجنب الشقاق، فرفع الخادم طرفه فدخلت، و اذا امرأة قد أخذها الطلق، و امرأة قاعدة خلفها كأنها تقبلها، فقالت المرأة: تعينينا فيما نحن فيه؟



[ صفحه 316]



فعالجتها بما يعالج به مثلها، فما كان الا قليلا حتي سقط غلام، فأخذته علي كفي، و صحت: غلام غلام. و أخرجت رأسي من طرف الشقاق أبشر الرجل القاعد، فقيل لي: لا تصيحي، فلما رددت وجهي الي الغلام، قد كنت فقدته من كفي، فقالت لي المرأة القاعدة: لا تصيحي، و أخذ الخادم بيدي و لف رأسي بالملاءة و أخرجني من الدار وردني الي داري و ناولني صرة و قال: لا تخبري بما رأيت أحدا، فدخلت الدار، و رجعت الي فراشي في هذا البيت و ابنتي نائمة، فأنبهتها و سألتها، هل علمت بخروجي و رجوعي؟ فقالت: لا. و فتحت الصرة في ذلك الوقت و اذا فيها عشرة دنانير عددا. و ما أخبرت بهذا أحدا الا في هذا الوقت، لما تكلمت بهذا الكلام علي حد الهزء، فحدثتك اشفاقا عليك، فان لهؤلاء القوم عند الله عزوجل شأنا و منزلة، و كل ما يدعونه حق.

قال: فعجبت من قولها، و صرفته الي السخرية و الهزء و لم أسألها عن الوقت، غير أني أعلم يقينا أني غبت عنهم في سنة نيف و خمسين و مائتين، و رجعت الي سر من رأي في وقت أخبرتني العجوزة بهذا الخبر في سنة أحدي و ثمانين و مائتين في وزارة عبدالله بن سليمان، لما قصدته.

قال حنظلة: فدعوت بأبي الفرج المظفر بن أحمد، حتي سمع معي هذا الخبر... [1] .


پاورقي

[1] غيبة الطوسي ص 144.