بازگشت

كتابة الوصية باسم والدته


و كتب الامام عليه السلام وصيته قبل رحلته، و أوصي بها الي امه، و لم يورد فيها أي ذكر لولده الحجة عليه السلام، لعلل كثيرة، منها: التستر عليه من أجل حفظه عليه السلام من كيد الأعداء.

روي الصدوق بسنده عن أحمد بن ابراهيم، قال: دخلت علي حكيمة بنت محمد بن علي الرضا، أخت أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام في سنة اثنتين و سنين و مائتين، فكلمتها من وراء حجاب و سألتها عن دينها فسمت لي من تأتم بهم، ثم قالت: والحجة بن الحسن بن علي فسمته.

فقلت لها: جعلني الله فداك؛ معاينة أو خبرا؟

فقالت: خبرا عن أبي محمد عليه السلام كتب به الي امه.

فقلت لها: فأين الولد؟

فقالت: مستور.

فقلت: الي من تفزع الشيعة؟

فقالت لي: الي الجدة أم أبي محمد عليه السلام.

فقلت لها: اقتدي بمن وصيته الي امرأة؟!

فقالت: اقتداء بالحسين بن علي، فان الحسين بن علي عليهماالسلام أوصي الي اخته زينب بنت علي في الظاهر، فكان ما يخرج عن علي بن الحسين عليه السلام من علم ينسب الي زينب، سترا علي علي بن الحسين عليه السلام.

ثم قالت: انكم قوم أصحاب أخبار، أما رويتم: أن التاسع من ولد الحسين بن علي عليه السلام يقسم ميراثه و هو في الحياة [1] .

لا شك أن أحمد بن ابراهيم، لو عاش في الأوضاع الصعبة التي كان يعيش فيها الامام العسكري عليه السلام لما استغرب من هذا الفعل، فانه لو تأمل قليلا فيما فعله



[ صفحه 323]



الامام قبل رحلته؛ من ارسال امه الي مكة المكرمة، و كتابة الوصية باسم والدته، لعرف أن كل ذلك كان حرصا علي حياة ولده الحجة القائم عليه السلام و تمويها علي طغاة ذلك الزمان: أنه لو كان له ولد لكتب الوصية باسمه، أو لذكر اسمه في الوصية علي الأقل.

و يؤيد ذلك ما قاله الشيخ الطوسي - ره - في الغيبة في هذا المجال:

«فان قيل: كيف يجوز أن يكون للحسن بن علي عليه السلام ولد مع اسناده وصيته - في مرضه الذي توفي فيه - الي والدته المسماة بحديث، المكناة، بام الحسن، بوقوفه و صدقاته، و أسند النظر اليها في ذلك، و لو كان له ولد لذكره في الوصية، قيل: انما فعل ذلك قصدا الي تمام ما كان غرضه في اخفاء ولادته، و ستر حاله عن سلطان الوقت، و لو ذكر ولده أو أسند وصيته اليه لناقض غرضه، خاصة و هو احتاج الي الاشهاد عليها وجوه الدولة، و اسباب السلطان، و شهود القضاة، ليتحرس بذلك وقوفه، و يتحفظ صدقاته و يتم به الستر علي ولده، باهمال ذكره و حراسة مهجته بترك التنبيه علي وجوده، و من ظن أن ذلك دليل علي بطلان دعوي الامامية في وجود ولد للحسن عليه السلام، كان بعيدا من معرفة العادات.

و قد فعل نظير ذلك؛ الصادق جعفر بن محمد عليهماالسلام؛ حين أسند وصيته الي خمسة نفر، أولهم المنصور، اذ كان سلطان الوقت، و لم يفرد ابنه موسي عليه السلام بها؛ ابقاءا عليه، و أشهد معه الربيع و قاضي الوقت و جاريته؛ أم ولده حميدة البربرية، و ختمهم بذكر ابنه موسي بن جعفر عليهماالسلام لستر أمره و حراسة نفسه، و لم يذكر مع ولده موسي أحدا من أولاده الباقين، لعلمه كان فيهم من يدعي مقامه من بعده، و يتعلق بادخاله في وصيته، و لو لم يكن موسي عليه السلام ظاهرا مشهورا في أولاده، معروف المكان منه، و صحة نسبه، و اشتهار فضله و علمه، و كان مستورا؛ لما ذكره في وصيته، و لا اقتصر علي ذكر غيره، كما فعل الحسن بن علي عليهماالسلام؛ والد صاحب الزمان عليه السلام [2] .



[ صفحه 324]




پاورقي

[1] كمال الدين ج 2، ص 507، غيبة الطوسي ص 138.

[2] الغيبة ص 75.