تحقيق القول في كيفية موته
وجهة نظر معظم علماء الشيعة تقول: ان الائمة الهداة عليهم السلام، لم يموتوا الموت الطبيعي. بل أنهم عليهم السلام مضوا اما بالسيف أو بالسم، بشهادة الحديث المنقول عن الصادق عليه السلام، أنه: مامنا الا مقتول أو شهيد [1] .
و مما يدل علي أن هذا الأمر من المسلمات عندهم: أن الصدوق عليه الرحمة، قال في كتاب الاعتقادات:
«و اعتقادنا في النبي صلي الله عليه و آله، أنه سم في غزوة خبير... و الحسن بن علي العسكري قتله المعتمد لعنه الله بالسم» [2] .
و هكذا رأي الكفعمي - ره - في مصباحه، اذ قال: سمه المعتمد [3] .
و قال العلامة الطبرسي، في اعلام الوري:
«و ذهب كثير من أصحابنا أنه مضي مسموما، و كذلك أبوه و جده، و جميع الأئمة عليهم السلام خرجوا من الدنيا بالشهادة، و استدلوا علي ذلك بما روي عن الصادق عليه السلام: «ما منا الا مقتول أو شهيد» و الله أعلم بحقيقة ذلك» [4] .
و خالف الشيخ المفيد - ره - سائر علماء الشيعة في هذه المسألة، و تردد في القول بقتل اكثر الأئمة بالسم علي يد طواغيت زمانهم، و قال في كتابه المسمي ب(أوائل المقالات) الذي هو تعليق و شرح علي كتاب الاعتقادات للصدوق - ره -:
«فصل: فأما ما ذكره أبوجعفر من مضي نبينا و الأئمة بالسم و القتل، فمنه ما ثبت، و منه
[ صفحه 426]
ما لم يثبت. و المقطوع به: أن أميرالمؤمنين و الحسن و الحسين عليهم السلام خرجوا من الدنيا بالقتل، و لم يمت أحدهم حتف أنفه، و ممن مضي بعدهم مسموما موسي بن جعفر عليه السلام. و يقوي في النفس أمر الرضا عليه السلام، و ان كان فيه شك، فلا طريق الي الحكم فيمن عداهم؛ بأنهم سموا أو اغتيلوا أو قتلوا صبرا (جبرا)، فالخبر بذلك يجري مجري الارجاف، و ليس الي تيقنه سبيل» [5] .
فيا عجبا مما ذهب اليه الشيخ المفيد - ره - من القول: «فلا طريق الي الحكم». تري هل اطلع الشيخ المفيد علي الشواهد التي عرضناها، فآثر عدم الأخذ بها؟. أم أنه لم يطلع علي كل ذلك، فقال بما قال؟!
و هل يسعنا اهمال ما ورد عن الامام الحسن المجتبي و الامام الصادق و الامام الرضا عليهم السلام بتعابير مختلفة؛ بأنهم مضوا اما بالسيف أو السم، فقد صرح الامام الحسن السبط عليه السلام بهذه الحقيقة حينما سم من قبل معاوية، قائلا لجنادة:
و الله لقد عهد الينا رسول الله صلي الله عليه و آله: ان هذا الأمر يملكه اثنا عشر اماما من ولد علي و فاطمة، ما منا الا مسموم أو مقتول... [6] .
و روي هذا الحديث أيضا عن الصادق عليه السلام، كما نقلناه عن الطبرسي في كتاب اعلام الوري [7] .
كما صرح الامام الرضا عليه السلام بهذه الحقيقة، حينما كان يتكلم مع الهروي، رادا للشبهة القائلة: ان الحسين لم يقتل، بل شبه لهم، يقوله:
و الله لقد قتل الحسين عليه السلام، و قتل من كان خيرا من الحسين؛ أميرالمؤمنين و الحسن بن علي و ما منا الا مقتول، و اني و الله لمقتول بالسم باغتيال ما يغتالني... [8] .
و لنختم الكلام بما ورد عن النائب الثالث للامام الحجة عليه السلام، الحسين بن روح - ره - في هذا المجال:
[ صفحه 427]
قال الشيخ الطوسي - ره - و أخبرني جماعة، عن أبي عبدالله، أحمد بن محمد الصفواني قال: حدثني الشيخ الحسين بن روح - رضي الله عنه - أن يحيي بن خالد سم موسي بن جعفر في احدي و عشرين رطبة، و بها مات، و أن النبي و الأئمة ما ماتوا الا بالسيف أو السم. و قد ذكر عن الرضا عليه السلام أنه سم، و كذلك ولده و ولد ولده [9] .
پاورقي
[1] اعلام الوري ص 349، الفصول المهمة ص 272.
[2] اعتقادات الصدوق، ص 99.
[3] البحار ج 50، ص 335، عن مصباح الكفعمي ص 510.
[4] اعلام الوري ص 349، حبيب السير ج 2، ص 98، البحار ج 50، ص 238.
[5] أوائل المقالات ص 238.
[6] البحار ج 27، ص 217 عن كفاية الأثر.
[7] اعلام الوري ص 349.
[8] عيون أخبار الرضا ج 2، ص 202 - 200 و عنه البحار ج 49، ص 285.
[9] غيبة الطوسي ص 238 و عنه اثبات الهداة ج 3، ص 757.