بازگشت

مقدمة المركز


بسم الله الرحمن الرحيم

ان دراسة سيرة الأئمة المعصومين عليهم السلام تعتبر من الاسس القويمة للبناء الفكري و المنهج السلوكي لديننا الحنيف، لأنهم الامتداد الحقيقي لنهج النبوة و سيرتها المعطاء، و الحماة الامناء لمفاهيم الرسالة و عقائدها من حالة التردي و التحريف و الضلال.

اننا في رحاب سيرتهم نتواصل مع القدوة الحسنة بكل تجلياتها الروحية و الفكرية و العملية، و امتداداتها التي تستغرق كل مفردات الحياة و تسير نحو سلم الكمال المطلوب علي صعيد الفرد و المجتمع.

من هنا فاننا بحاجة الي دراسة متأملة و قراءة متأنية تلم بأطراف تلك السيرة المشرقة بالعطاء، لنجعلها نصب أعيننا، فنستجلي مواطن العبرة فيها، و نستلهم دروس العظمة منها، و نتعاطي مع دلالتها المتناغمة مع مسيرة الحياة بما تحمله من متطلبات و مستجدات علي كافة مستويات الفكر و المنهج و السلوك.

و لعل في تنوع أدوار تلك السيرة بحسب طبيعة المرحلة و الظروف السياسية المحيطة بقادتنا المعصومين عليهم السلام، ما يزيل الرتابة منها، و يجعلها تتواصل مع مختلف المواقف و الظروف نحو هدف أسمي و هم مشترك، و ذلك هو حفظ الكتاب الكريم و سنة النبي المصطفي صلي الله عليه و آله، و طلب الاصلاح و الهداية، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

و هذا الكتاب قراءة في سيرة أحد عظماء أهل البيت عليهم السلام، ذلك هو امامنا الحادي عشر أبو محمد الحسن العسكري عليه السلام الذي قال فيه أبوه الهادي عليه السلام: «أبو



[ صفحه 6]



محمد ابني أنصح آل محمد غريزة و أوثقهم حجة».

و يبدو أن أهم ما يستوقف الباحث في حياة الامام العسكري عليه السلام هو كونه آخر امام ختمت به الامامة الظاهرة، ليبدأ بعده عصر الغيبة الذي بدأت تباشيره و أوشك زمانه، لذلك وقع علي الامام العسكري عليه السلام العب ء الأكبر في ترسيخ مبدأ الغيبة و تأصيله في نفوس شيعته للحفاظ علي خطهم الرسالي من الضياع و الانهيار. و قد استطاع امامنا العسكري عليه السلام أن ينجز هذه المهمة الخطيرة بكل جدارة و قوة، و أن يحافظ علي حياة ولده المهدي عليه السلام من ملاحقة السلطة و أدوات قمعها، في وقت عصيب عزل فيه الامام عن أصحابه و شددت الرقابة عليه.

و في هذا الاتجاه استطاع أن يهي ء ذهنية شيعته لتقبل عصر الغيبة باتباع عين الأسلوب الذي سيتخده ولده المهدي عليه السلام في عصر الغيبة، و هو الاحتجاب عن الناس و اتخاذ الوكلاء الذين يختارهم من خاصته، و الاتصال بأصحابه عن طريق المكاتبات و التواقيع التي صارت سمة بارزة في حياة الامامين العسكريين عليهماالسلام.

و هناك صفحات أخري مشرقة تستوقف الباحث في سيرة هذا الامام العظيم الملأي بالعطاء، نتركها للقاري ء الكريم و هو يتحراها في فصول هذا الكتاب الذي استطاع مؤلفه أن يوقفنا عند المحطات الرئيسية في سيرة هذا الامام العظيم، ضمن دراسة جادة موثقة بالمصادر المعتبرة.

و منه تعالي نستمد العون و التوفيق

مركز الرسالة



[ صفحه 7]