بازگشت

المتوكل


(232 - 247 ه)

و هو جعفر بن المعتصم بن الرشيد، بويع بعد وفاة أخيه الواثق في ذي الحجة سنة 232 ه، و كان عمر الامام العسكري عليه السلام نحو ثمانية أشهر و نصف، اذ ولد عليه السلام في الثامن من ربيع الآخر سنة 232.

ان السمة الغالبة علي المتوكل هي النصب و التجاهر بالعداء لآل البيت عليهم السلام و الحقد السافر عليهم و علي من يمت لهم بصلة نسب أو ولاء، و قد أجمع علي هذا الأمر غالبية المؤرخين حتي: أولئك الذين اعتبروه ناصرا للسنة و شبهوه بالصديق و عمر بن عبد العزيز:

قال السيوطي: «كان المتوكل معروفا بالتعصب». [1] .



[ صفحه 47]



و قال الذهبي: «كان المتوكل فيه نصب و انحراف». [2] .

و قال ابن الأثير: «كان المتوكل شديد البغض لعلي بن أبي طالب و لأهل بيته، و كان يقصد من يبلغه عنه أنه يتولي عليا و أهله بأخذ المال و الدم، و كان من جملة ندمائه عبادة المخنث، و كان يشد علي بطنه تحت ثيابه مخدة و يكشف رأسه و هو أصلح و يرقص بين يدي المتوكل، و المغنون يغنون؛ قد أقبل الأصلع البطين خليفة المسلمين، يحكي بذلك عليا عليه السلام و المتوكل يشرب و يضحك...

و انما كان ينادمه و يجالسه جماعة قد اشتهروا بالنصب و البغض لعلي، منهم: علي بن الجهم الشاعر الشامي من بني شامة بن لؤي، و عمرو بن الفرج الرخجي، و أبو السمط من ولد مروان بن أبي حفصة من موالي بني امية، و عبدالله بن داود الهاشمي المعروف بابن اترجة، و كانوا يخوفونه من العلويين، و يشيرون عليه بابعادهم و الاعراض عنهم و الاساءة اليهم، ثم حسنوا له الوقيعة في أسلافهم الذين يعتقد الناس علو منزلتهم في الدين، و لم يبرحوا به حتي ظهر منه ما كان...». [3] .

و لا يمكن أن يجرأ أحد من هؤلاء الذين ذكرهم ابن الأثير علي النيل من أميرالمؤمنين عليه السلام و عموم أهل البيت أمام أحد سلاطين بني العباس، لولا علمهم المسبق بعداء ذلك (الخليفة) السافر لأهل البيت عليهم السلام و حقده المقيت عليهم، و حرصه علي تشجيع ثقافة النصب و البغض و افشائها في أوساط الناس عن طريق بعض المرتزقة من الشعراء و غيرهم.



[ صفحه 48]



روي أن أبا السمط مروان بن أبي الجنوب، قال: «أنشدت المتوكل شعرا ذكرت فيه الرافضة، فعقد لي علي البحرين و اليمامة، و خلع علي أربع خلع، و خلع علي المنتصر، و أمر لي المتوكل بثلاثة آلاف دينار، فنثرت علي، و أمر ابنه المنتصر و سعد الايتاخي أن يلتقطاها لي ففعلا، و الشعر الذي قلته:



يرجو التراث بنو البنا

ت و ما لهم فيها قلامه



و الصهر ليس بوارث

و البنت لا ترث الامامه



ما للذين تنحلوا

ميراثكم الا الندامه



ليس التراث لغيركم

لا والاله و لا كرامه



قال: ثم نثر علي بعد ذلك لشعر قلته في هذا المعني عشرة آلاف درهم». [4] و من هنا كان زمان المتوكل ايذانا ببدء عهد الظلم و التعسف علي أهل البيت عليهم السلام و شيعتهم؛ لأن المتوكل أمعن في التنكيل بهم و أسرف في القتل و الحبس و الحصار و التشريد و صنوف الأذي و العنت، و فيما يلي نذكر بعض اجراءاته في هذا الاتجاه:


پاورقي

[1] تاريخ الخلفاء: 268. و الظاهر أن أصل عبارة السيوطي (بالنصب).

[2] سير أعلام النبلاء 12: 35.

[3] الكامل في التاريخ 6: 108 - 109.

[4] تاريخ الطبري 9: 230، الكامل في التاريخ 6: 140.