بازگشت

كتاب الاستدعاء


ذكر الشيخ المفيد أنه لما بلغ أباالحسن عليه السلام سعاية عبدالله بن محمد به، كتب الي المتوكل يذكر تحامل عبدالله بن محمد عليه و يكذبه في ما وشي به اليه، فتقدم



[ صفحه 51]



المتوكل باجابة الامام عليه السلام بكتاب دعاه فيه الي حضور العسكر علي جميل الفعل و القول. [1] ثم أورد نسخة الكتاب.

و كان جواب المتوكل الذي استدعي بموجبه الامام عليه السلام الي سامراء هادئا لينا، تظاهر فيه بتعظيم الامام عليه السلام و اكرامه، و وعده فيه باللطف و البر، و ذكر فيه براءته مما نسب اليه و اتهم به من التحرك ضد الدولة، و انه أمر بعزل الوالي الذي سعي به - و هو عبدالله بن محمد - عن منصبه و ولي محله محمد بن الفضل، و ادعي في آخر الكتاب أنه مشتاق الي الامام عليه السلام، ثم أفضي الي بيت القصيد و هو أن يشخص الامام عليه السلام الي سامراء مع من اختار من أهل بيته و مواليه، و أن يرافقه يحيي بن هرثمة الذي أرسله لأداء هذه المهمة علي رأس الجند.

و لا يعدو كتاب المتوكل كونه مناورة حاول الالتفاف من خلالها علي الامام عليه السلام و احتواء نشاطه، أو قل هو صيغة دبلوماسية من قبيل ذر الرماد في العيون، اذ لم يكن المتوكل صادقا فيما وعد، فحينما دخل يحيي بن هرثمة المدينة فتش دار الامام عليه السلام حتي ضج أهل المدينة، و لما وصل ركب الامام عليه السلام، الي سامراء احتجب عنه المتوكل في اليوم الأول، و نزل الامام عليه السلام في خان الصعاليك، و أمر بتفتيش داره في سامراء مرات عديدة، و لم يمض مزيد من الوقت حتي عزل محمد بن الفضل و ولي مكانه محمد بن الفرج الرخجي المعروف بعدائه السافر لآل البيت عليهم السلام. [2] .



[ صفحه 52]



و يبدو أن المتوكل قد صاغ كتابه بصيغة الرجاء، و كأنه ترك للامام عليه السلام الخيار في الشخوص أو البقاء، غير أنه الاكراه بعينه، اذ أنه بعث الكتاب مع الجند و قادتهم الذي أرسلهم لأداء مهمة اشخاص الامام، ثم (ان الامام ان لم يذهب حيث أمره يكون قد أثبت تلك التهمة علي نفسه، و أعلن العصيان علي الخلافة، و كلاهما مما لا تقتضيه سياسة الامام عليه السلام). [3] .

و لعل أوضح دليل علي الزام الامام عليه السلام بهذا الأمر هو تصريحه عليه السلام بذلك في حديث رواه المنصوري عن عم أبيه أبي موسي، قال: «قال لي يوما الامام علي بن محمد عليهماالسلام: يا أباموسي، اخرجت الي سر من رأي كرها...». [4] .


پاورقي

[1] الارشاد 2: 309، و راجع نسخة كتاب المتوكل أيضا في أصول الكافي1: 501 / 7، و الفصول المهمة 2: 1069.

[2] قال ابن كثير: كان المتوكل لا يولي أحدا الا بعد مشورة الامام أحمد، البداية و النهاية 10: 316، فان كان ذلك حقا، فلا أدري كيف يوافق الامام أحمد علي تولية أمثال: محمد بن الفرج الرخجي، والديزج الذي هدم قبر الحسين عليه السلام، و أبي السمط مروان بن أبي الجنوب الذي ولاه علي اليمامة و البحرين، و ابن اترجة الذي ولاه الحرب و الصلاة في الحرمين و غيرهم من النواصب؟! فان أراد المبالغة في مدح المتوكل الناصبي فقد عرض بالامام أحمد و أساء اليه، و ان كان قوله حقا فعلي أمثال الامام أحمد العفا.

[3] تاريخ الغيبة الصغري للسيد محمد الصدر: 107 - دار التعارف - بيروت - 1412 ه.

[4] المناقب لابن شهرآشوب 4: 449، بحارالأنوار 50: 129 / 8.