بازگشت

حصار آل أبي طالب و ملاحقتهم


ذكرنا في الفصل الأول أن المتوكل فرض حصارا ظالما علي آل أبي طالب حتي أن الوالي الذي استعمله علي مكة و المدينة - و هو عمر بن الفرج الرخجي - قد منعهم من الاتصال و الارتباط بالناس و منع الناس من البر بهم، و بلغ في هذا الاتجاه مبلغا لم يبلغه أحد ممن سبقه. [1] .

قال أبوالفرج الأصفهاني: كان المتوكل شديد الوطأة علي آل أبي طالب، غليظا علي جماعتهم، مهتما بأمورهم، شديد الغيظ و الحقد عليهم و سوء الظن و التهمة لهم، و اتفق له أن عبيدالله بن يحيي بن خاقان وزيره كان يسي ء الرأي فيهم، فحسن له القبيح في معاملتهم، فبلغ فيهم مالم يبلغه أحد من خلفاء



[ صفحه 64]



بني العباس قبله. [2] .

و تعرض آل أبي طالب بشكل عام و العلويون بشكل خاص لصنوف الأذي و القسوة في زمان المتوكل، فتفرق رجالهم في النواحي، و اختفي بعض كبارهم، و تعرض بعضهم للمطاردة و الابعاد أو الاعتقال، أو التصفية الجسدية بدس السم و هم سجناء، و أجبر آخرون علي ارتداء السواد الذي يمثل شعار الدولة العباسية.

و ممن قتل في زمان المتوكل القاسم بن عبدالله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي، و كان رجلا فاضلا، و قد حمله عمر بن الفرج الرخجي الي سر من رأي، فأمروه بلبس السواد فامتنع، فلم يزالوا به حتي لبس شيئا يشبه السواد فرضي منه بذلك.

و روي أبوالفرج الأصفهاني عن أحمد بن سعيد، عن يحيي بن الحسن، عن ذوب مولاة زينب بنت عبدالله بن الحسين قالت: «اعتل مولاي القاسم بن عبدالله، فوجه اليه بطبيب يسأله عن خبره، وجهه اليه السلطان، فجس يده، فحين وضع الطبيب يده عليها يبست من غير علة، و جعل وجعها يزيد عليه حتي قتله، قالت: «سمعت أهله يقولون:انه دس اليه السم مع الطبيب». [3] .

و تواري أحمد بن عيسي بن زيد بن علي بن الحسين عليه السلام مدة طويلة حتي توفي سنة 247 ه، و كان فاضلا عالما مقدما في أهله، معروفا فضله، و قد كتب الحديث و عمر، و كتب عنه، و روي عنه الحسين بن علوان روايات كثيرة،



[ صفحه 65]



و روي عنه محمد بن المنصور الراوي و نظراؤه.

و تواري أيضا عبدالله بن موسي بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي عليه السلام منذ أيام المأمون و مات في أيام المتوكل. [4] .

و روي أبوالفرج الأصفهاني بالأسناد عن محمد بن سليمان الزينبي قال: «نعي عبدالله بن موسي الي المتوكل صبح أربع عشرة ليلة من يوم مات، و نعي له أحمد ابن عيسي فاغتبط بوفاتهما و سر، و كان يخافهما خوفا شديدا، و يحذر حركتهما لما يعلم من فضلهما و استنصار الشيعة الزيدية بهما و طاعتهما لهما لو أرادوا الخروج عليه، فلما ماتا أمن و اطمأن، فما لبث بعدهما الا اسبوعا حتي قتل». [5] .


پاورقي

[1] راجع: مقاتل الطالبيين: 396.

[2] مقاتل الطالبيين 406.

[3] مقاتل الطالبيين: 407.

[4] مقاتل الطالبيين: 408.

[5] مقاتل الطالبيين: 417.