بازگشت

ما فعله المعتز بالامام الحسن العسكري


كانت سيرة المعتز مع الامام العسكري كسيرة أسلافه من ملوك بني العباس مع أهل البيت عليهم السلام، و مما يلحظ علي تلك السيرة أن المعتز قد وضع



[ صفحه 78]



الامام العسكري عليه السلام تحت الرقابة الشديدة، ولم يعد بامكانه الاتصال بأصحابه الا في ظروف خاصة، و تعرض الامام عليه السلام للاعتقال في زمانه و ضيق عليه في السجن، و كان عليه السلام لا يتكلم و لا يتشاغل بغير العبادة، فيصوم النهار و يقوم الليل.

و أودع عليه السلام في سجن صالح بن وصيف [1] ، و كان العباسيون يوصونه بالتضييق عليه، و يدسون العيون في داخل السجن مع أصحابه.

عن محمد بن اسماعيل بن ابراهيم بن موسي، قال: «دخل العباسيون علي صالح بن وصيف عند ما حبس أبومحمد عليه السلام، فقالوا له: ضيق عليه و لا توسع، فقال لهم صالح: ما أصنع به و قد وكلت به رجلين شر من قدرت عليه، فقد صاروا من العبادة و الصلاة و الصيام الي أمر عظيم، ثم أمر باحضار الموكلين فقال لهما: و يحكما ما شأنكما في أمر هذا الرجل؟ فقالا له: ما نقول في رجل يصوم النهار و يقوم الليل كله، لا يتكلم و لا يتشاغل بغير العبادة، فاذا نظر الينا ارتعدت فرائصنا و داخلنا ما لا نملكه من أنفسنا، فلما سمع ذلك العباسيون انصرفوا خاسئين». [2] .

و عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري، قال: «كنت في الحبس المعروف بحبس صالح بن وصيف الأحمر أنا والحسن بن محمد العقيقي، و محمد بن ابراهيم



[ صفحه 79]



العمري و فلان و فلان، اذ ورد علينا أبومحمد الحسن عليه السلام و أخوه جعفر، فخففنا له، و كان المتولي لحبسه صالح بن وصيف، و كان معنا في الحبس رجل جمحي يقول انه علوي، قال: فالتفت أبومحمد عليه السلام و قال: لولا أن فيكم من ليس منكم لأعلمتكم متي يفرج عنكم، و أومأ الي الجمحي أن يخرج فخرج.

فقال أبومحمد عليه السلام: هذا الرجل ليس منكم فاحذروه، فان في ثيابه قصة قد كتبها الي السلطان يخبره بما تقولون فيه، فقام بعضهم ففتش ثيابه، فوجد فيها القصة، يذكرنا فيها بكل عظيمة، و يعلمه أنا نريد أن ننقب الحبس و نهرب...» [3] .

و حاول المعتز الفتك بالامام عليه السلام علي يد سعيد بن صالح الحاجب الذي قتل المستعين بعد أن حمله الي سامراء، فتناهت أنباء تلك المحاولة الي أسماع الشيعة، فكتب بعضهم الي الامام عليه السلام يتساءل عن ذلك، فطمأنه بالمصير الذي ينتظر المعتز قبل أن ينفذ عزمه.

عن محمد بن بلبل قال: «تقدم المعتز الي سعيد الحاجب أن أخرج أبامحمد الي الكوفة، ثم اضرب عنقه في الطريق، فجاء توقيعه عليه السلام الينا: الذي سمعتموه تكفونه، فخلع المعتز بعد ثلاث و قتل». [4] .

و عن المعلي بن محمد، قال أخبرني محمد بن عبدالله، قال: «لما امر سعيد الحاجب بحمل أبي محمد عليه السلام الي الكوفة، كتب أبوالهيثم بن سيابة اليه: جعلت



[ صفحه 80]



فداك، بلغنا خبر أقلقنا و بلغ منا كل مبلغ؟ فكتب عليه السلام: بعد ثلاث يأتيكم الفرج. فقتل الزبير - أي المعتز - يوم الثالث». [5] .

و كان الامام عليه السلام قد توجه الي الله تعالي بالدعاء عليه، فقد روي عن محمد ابن علي الصيمري أنه قال: «دخلت علي أبي أحمد عبيدالله بن عبدالله و بين يديه رقعة أبي محمد عليه السلام فيها: اني نازلت الله في هذا الطاغي - يعني الزبير - و هو آخذه بعد ثلاث. فلما كان في اليوم الثالث فعل به ما فعل». [6] .


پاورقي

[1] كان رئيس الامراء الترك في زمان المعتز و المهتدي، و قتل في خلافة المهتدي سنة 256 ه، راجع الكامل في التاريخ 6: 214.

[2] الكافي 1: 512 / 23 - باب مولد أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام من كتاب الحجة، الارشاد 2: 334.

[3] الثاقب في المناقب: 577 / 526، الخرائج و الجرائح 2: 682 / 1 و 2، نورالأبصار: 183، المناقب لابن شهرآشوب 4: 470، اعلام الوري 2: 141.

[4] المناقب لابن شهرآشوب 4: 464.

[5] الغيبة للطوسي: 208 / 177، الخرائج و الجرائح 1: 451 / 36، مهج الدعوات: 274،دلائل الامامة: 427 / 391، الثاقب في المناقب، 576 / 523.

[6] كشف الغمة 295:3، بحارالأنوار 50: 297 / 72.