بازگشت

موقفه من الامام العسكري


في زمان المعتمد اعتقل الامام العسكري عليه السلام عدة مرات، فقد روي أنه سلم الي نحرير، و كان يضيق عليه و يؤذيه، فقالت له امرأته: ويلك اتقي الله، لا تدري من في منزلك! و عرفته صلاحه، و قالت: اني أخاف عليك منه. فقال: لأرمينه بين السباع، ثم فعل ذلك به، فرئي عليه السلام قائما يصلي و السباع حوله. [1] .

و حبس عند علي بن جرين سنة 260 ه، و روي «أنه لما كان في صفر من هذه السنة جعلت ام أبي محمد عليه السلام تخرج في الأحايين الي خارج المدينة و تجس الأخبار، حتي ورد عليها الخبر حين حبسه المعتمد في يدي علي بن جرين، و حبس أخاه جعفرا معه، و كان المعتمد يسأل عليا عن أخباره في كل مكان و وقت، فيخبره أنه يصوم النهار و يصلي الليل، فسأله يوما من الأيام عن خبره فأخبره بمثل ذلك، فقال له: أمض الساعة اليه و أقرئه مني السلام، و قل له: انصرف الي منزلك...» الي آخر الرواية و فيها أنه عليه السلام أبي أن يخرج من السجن حتي أخرجوا أخاه معه [2] ، رغم أن جعفرا كان يسي ء اليه و يتربص به.

و روي ابن حجر الهيتمي و غيره أنه عليه السلام أخرج بسبب حادثة الاستسقاء، قال: «لما حبس عليه السلام قحط الناس بسر من رأي قحطا شديدا، فأمر المعتمد بن المتوكل بالخروج للاستسقاء ثلاثة أيام فلم يسقوا، فخرج النصاري و معهم



[ صفحه 91]



راهب كلما مد يده الي السماء هطلت، ثم في اليوم الثاني كذلك، فشك بعض الجهلة و ارتد بعضهم، فشق ذلك علي المعتمد، فأمر باحضار الحسن الخالص عليه السلام و قال له: أدرك امة جدك رسول الله صلي الله عليه و آله قبل أن يهلكوا. فقال الحسن عليه السلام: يخرجون غدا و أنا أزيل الشك ان شاء الله، و كلم الخليفة في اطلاق أصحابه من السجن فأطلقهم.

فلما خرج الناس للاستسقاء، و رفع الراهب يده مع النصاري غيمت السماء، فأمر الحسن عليه السلام بالقبض علي يده، فاذا فيها عظم آدمي، فأخذه من يده و قال: استسق، فرفع يده فزال الغيم و طلعت الشمس، فعجب الناس من ذلك، فقال المعتمد للحسن عليه السلام: ما هذا يا ابامحمد؟ فقال: هذا عظم نبي، ظفر به هذا الراهب من بعض القبور، و ما كشف من عظم نبي تحت السماء الا هطلت بالمطر، فامتحنوا ذلك العظم فكان كما قال، و زالت الشبهة عن الناس، و رجع الحسن عليه السلام الي داره». [3] .

و هكذا كان ديدن الحكام العباسيين مع أهل البيت عليهم السلام حينما تضيق بهم السبل و توصد أمامهم الأبواب، يضطرون الي اللجوء نحو معدن العلم و ثاني الثقلين و باب حطة و سفينة نوح، يلتمسون النجاة مما يهدد عروشهم و يبدد عري دولتهم.

لقد شدد المعتمد علي حصار الامام عليه السلام و اعتقاله، لأنه يعلم أنه الامام



[ صفحه 92]



الحادي عشر، و أن ما بعده هو آخر أئمة أهل البيت عليهم السلام الذي يقضي علي دعائم الظلم و الجور، و يطيح بدولة الظالمين، و ينشر العدل و القسط، لهذا أراد أن يطفي ء النور الثاني عشر، و لكن الله أبي الا أن يتم نوره.

روي الصيمري بالاسناد عن المحمودي، قال: «رأيت بخط أبي محمد عليه السلام لما خرج من حبس المعتمد (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم و الله متم نوره و لو كره الكافرون)». [4] .

و ذكر نصر بن علي الجهضمي في (مواليد الأئمة عليهم السلام) أن الحسن بن علي العسكري عليه السلام قال عند ولادة محمد بن الحسن عليه السلام: «زعمت الظلمة أنهم يقتلونني ليقطعوا هذا النسل، كيف رأوا قدرة القادر؟». [5] .

و انتهت قصة صراع الامام العسكري عليه السلام مع خلفاء بني العباس بشهادته مسموما في الثامن من ربيع الأول سنة 260 ه، علي المشهور من الأقوال في وفاته [6] ، و هو في الثامنة و العشرين أو التاسعة و العشرين من عمره الشريف، ليبدأ بعد هذا التاريخ فصلا جديدا من المأساة الكبري علي يد المعتمد و جهازه الحاكم لم تزل آثاره باقية و لن تزول الي أن يأذن الله بفرج وليه القائم المؤمل و العدل المنتظر عليه السلام ليملأها قسطا و عدلا بعد ما ملئت ظلما و جورا.



[ صفحه 93]




پاورقي

[1] أصول الكافي 1: 513 / 26 - باب مولد أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام من كتاب الحجة، بحارالأنوار 50: 309 / 7.

[2] اثبات الوصية: 253، مهج الدعوات: 343، بحارالأنوار 50: 313 - 314 و 330 / 2.

[3] الصواعق المحرقة / ابن حجر الهيتمي 124 - مكتبة القاهرة - مصر - 1385 ه، الفصول المهمة 2: 1085 - 1087، نورالأبصار: 337، و أخرجه في احقاق الحق 12: 464 و 19: 620 و 625 و 29: 64 عن عدة مصادر، و راجع: الخرائج و الجرائح 1: 441 / 23، المناقب لابن شهرآشوب 4: 458، بحارالأنوار 50: 270 / 37.

[4] مهج الدعوات: 344، اثبات الوصية: 255، بحارالأنوار 50: 314، و الآية من سورة الصف: 61 / 8.

[5] مهج الدعوات: 344.

[6] سنأتي علي ذكر الأقوال في الفصل الأخير من هذا الكتاب.