بازگشت

جعفر الكذاب


أما جعفر الكذاب، فكان صاحب فتنة و ضلالة، و قد أخبر أئمة أهل البيت عليهم السلام عنه قبل ولادته، و حذروا شيعتهم من فتنته، ففي حديث عن أبي خالد الكابلي «أنه سأل الامام علي بن الحسين صلوات الله عليه: من الحجة و الامام بعدك؟ فقال: ابني محمد، و اسمه في التوراة الباقر يبقر العلم بقرا، و هو الحجة و الامام بعدي، و من بعد محمد ابنه جعفر، و اسمه عند أهل السماء الصادق.

فقلت له: يا سيدي، كيف صار اسمه الصادق، و كلكم صادقون؟ فقال: حدثني أبي عن أبيه عليه السلام أن رسول الله صلي الله عليه و آله قال: اذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، فسموه الصادق، فان للخامس من ولده ولدا اسمه جعفر يدعي الامامة اجتراء علي الله و كذبا عليه، فهو عند الله جعفر الكذاب المفتري علي الله عز و جل و المدعي لما ليس له بأهل، المخالف علي أبيه، و الحاسد لأخيه، ذلك الذي يروم كشف ستر الله عند غيبة ولي الله عزوجل... ثم قال: كاني بجعفر الكذاب و قد حمل طاغية زمانه علي تفتيش أمر ولي الله، و المغيب في حفظ الله، و التوكيل بحرم أبيه جهلا منه بولادته، و حرصا علي قتله ان ظفر به، طمعا في ميراث أبيه حتي



[ صفحه 107]



يأخذه بغير حقه...». [1] .

و حينما ولد جعفر فرح أهل الدار بولادته، و لم يروا أثرا للسرور علي أبي الحسن الهادي عليه السلام، فقيل له في ذلك، فقال: «يهون عليك أمره، فانه سيضل خلقا كثيرا». [2] .

و قد تحقق ما قاله أهل البيت عليهم السلام عن فتنته و ضلالته، حيث كانت له بعد شهادة أخيه الامام الحسن العسكري عليه السلام ثلاثة أدوار سيئة:

1 - ادعاء الامامة بعد أخيه الحسن عليه السلام كذبا و زورا، و لهذا خرجت عن الامام المهدي عليه السلام عدة تواقيع تنبه الشيعة علي بطلان ادعائه و كذبه و عصيانه و ظلمه، و جهله بالأحكام و تركه الواجبات، منها علي يد أحمد بن اسحاق الأشعري، و علي يد محمد بن عثمان العمري [3] ، فجفته الشيعة بعد أن بان كل ما ذكره عليه السلام، مما اضطره الي التوسل برجال الدولة و منهم الوزير عبيدالله بن يحيي ابن خاقان في أن يجعلوا له مرتبة أخيه فزبره بالقول «يا أحمق، السلطان جرد سيفه في الذين زعموا أن أباك و أخاك أئمة ليردهم عن ذلك فلم يتهيأ له ذلك، فان كنت عند شيعة أبيك و أخيك اماما فلا حاجة لك الي السلطان ليرتبك



[ صفحه 108]



مراتبهم و لا غير السلطان، و ان لم تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بنا...». [4] .

و حمل عشرين ألف دينار الي المعتمد، طالبا منه أن يجعل له مرتبة أخيه و منزلته. فأجابه بنحو جواب ابن خاقان. [5] .

2- ادعاؤه التركة و بالتالي حيازته اياها مناصفة مع ام العسكري عليه السلام باذن من السلطات الحاكمة.

3 - افشاء سر أخيه العسكري عليه السلام الي الدولة من خلال الايعاز لهم بولادة الامام المهدي عليه السلام، و من هنا بدأت سلسلة من المطاردات و الاعتقالات لعيال الامام عليه السلام، و لم يتمكنوا من العثور علي الامام المهدي عليه السلام، و بذلك يكون جعفر قد كشف ما أوجب الله تعالي ستره و كتمانه.

و قد أجمل الشيخ المفيد رحمه الله جملة هذه الأدوار المشينة و غيرها التي قام بها جعفر الكذاب بعد شهادة أخيه الحسن عليه السلام بقوله: «تولي جعفر بن علي أخو أبي محمد عليه السلام أخذ تركته، و سعي في حبس جواري أبي محمد عليه السلام، و اعتقال حلائله، و شنع علي أصحابه بانتظارهم ولده و قطعهم بوجوده و القول بامامته، و أغري بالقوم حتي أخافهم و شردهم، و جري علي مخلفي أبي محمد عليه السلام بسبب ذلك كل عظيمة؛ من اعتقال و حبس و تهديد و تصغير و استخفاف و ذل، و لم يظفر السلطان منهم بطائل.

و حاز جعفر ظاهر تركة أبي محمد عليه السلام، و اجتهد في القيام عند الشيعة



[ صفحه 109]



مقامه، فلم يقبل أحد منهم ذلك، و لا اعتقده فيه، فصار الي سلطان الوقت يلتمس مرتبة أخيه، و بذل مالا جليلا، و تقرب بكل ما ظن أنه يتقرب به، فلم ينتفع بشي ء من ذلك». [6] .

و هكذا كان جعفر كاخوة يوسف الصديق عليه السلام يوم قالوا لأبيهم كذبا: (يا أبانا انا ذهبنا نستبق و تركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب و ما أنت بمؤمن لنا و لو كنا صادقين). [7] .



[ صفحه 111]




پاورقي

[1] علل الشرائع / الصدوق 1: 234 / 1 - المطبعة الحيدرية - النجف - 1385 ه، اكمال الدين: 319 / 2 باب 31.

[2] اكمال الدين: 321 / آخر الحديث 2 باب 31، الغيبة / للشيخ الطوسي: 226 / 193.

[3] راجع: اكمال الدين: 483 / 4 - باب 45، الغيبة / للشيخ الطوسي: 290 / 247، بحارالأنوار 50: 230 / 3 عن احتجاج الطبرسي: 162 - 163.

[4] أصول الكافي 1: 505 / 1 باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام من كتاب الحجة، الارشاد 2: 324.

[5] راجع: اكمال الدين: 479، الخرائج و الجرائح 3: 1109.

[6] الارشاد 2: 336 - 337، و نحوه في المناقب لابن شهرآشوب 4: 455، اعلام الوري 2: 152 - 151، الفصول المهمة 2: 1093.

[7] سورة يوسف: 12 / 17.