بازگشت

بيان التكليف في زمان الغيبة


سبق عن النبي المصطفي صلي الله عليه و آله و أهل بيته المعصومين عليهم السلام في أحاديث كثيرة [1] التأكيد علي الغيبة و حتمية تحققها و ضرورة الايمان بها، و كونها سببا للابتلاء و التمحيص و الحيرة، مما يتطلب مستوي عاليا من الصبر و انتظار الفرج، للثبات علي الدين، و تقوية نوازع الاخلاص و الاستقامة و قوة الارادة رجاء اليوم الموعود بظهور المصلح و الاستخلاف في الأرض و تأسيس دولة الحق في آخر الزمان.



[ صفحه 160]



و سار الامام العسكري عليه السلام في ذلك علي خطي آبائه عليهم السلام، و يمكن تلخيص دوره في هذا الاتجاه بالنقاط التالية:

أ) معرفة الحجة رغم طول الغيبة و الحيرة، ففي حديث محمد بن عثمان العمري، قال: «سمعت أبي يقول: سئل أبومحمد الحسن بن علي عليه السلام و أنا عنده عن الخبر الذي روي عن آبائه عليهم السلام: أن الأرض لا تخلو من حجة لله علي خلقه الي يوم القيامة، و أن من مات و لم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية. فقال عليه السلام: ان هذا حق كما أن النهار حق. فقيل له: يابن رسول الله، فمن الحجة و الامام بعدك؟ فقال: ابني محمد، هو الامام و الحجة بعدي من مات و لم يعرفه مات ميتة جاهلية، أما ان له غيبة يحار فيها الجاهلون، و يهلك فيها المبطلون، و يكذب فيها الوقاتون، ثم يخرج فكأني أنظر الي الأعلام البيض تخفق فوق رأسه بنجف الكوفة». [2] .

و في حديث الحسن بن محمد بن صالح البزاز، قال: «سمعت الحسن بن علي العسكري عليه السلام يقول: ان ابني هو القائم من بعدي، و هو الذي تجري فيه سنن الأنبياء عليهم السلام بالتعمير و الغيبة حتي تقسو القلوب لطول الأمد، فلا يثبت علي القول به الا من كتب الله عز و جل في قلبه الايمان و أيده بروح منه». [3] .

ب) التحذير من الاختلاف و الشك و الدعوة الي الثبات علي الدين، كما جاء في الحديث الذي قدمناه آنفا «و لا تتفرقوا من بعدي في أديانكم



[ صفحه 161]



فتهلكوا». [4] .

و حذر الامام العسكري عليه السلام في أكثر من مناسبة أصحابه من أن تميل بهم الأهواء أو تعصف بقلوبهم الفتن لطول الغيبة و شدة الريبة، و أكد علي ضرورة التمسك بالامام من بعده و طاعته، كما ورد في حديث موسي بن جعفر بن وهب البغدادي، قال: «سمعت أبامحمد الحسن بن علي عليه السلام يقول: كأني بكم و قد اختلفتم بعدي في الخلف مني، أما ان المقر بالأئمة بعد رسول الله صلي الله عليه و آله المنكر لولدي، كمن أقر بجميع أنبياء الله و رسله ثم أنكر نبوة رسول الله صلي الله عليه و آله، و المنكر لرسول الله صلي الله عليه و آله كمن أنكر جميع أنبياء الله؛ لأن طاعة آخرنا كطاعة أولنا، و المنكر لآخرنا كالمنكر لأولنا، أما ان لولدي غيبة يرتاب فيها الناس الا من عصمه الله عز و جل». [5] .

و رغم هذا فقد اختلف ذوي الريب بعد شهادة الامام العسكري عليه السلام كما ورد في أول الحديث، و لم يثبت علي الحق الا ثلة مؤيدة برحمة الله و لطفه و عنايته، كان لها الأثر في حفظ الدين و سلامة المنهج، و توقع الامام العسكري عليه السلام ذلك حتي أنه حدد تاريخه بالضبط، كما في حديث أبي غانم، قال: «سمعت أبامحمد الحسن بن علي عليه السلام يقول: في سنة مائتين و ستين تفترق شيعتي. قال: ففيها قبض أبومحمد عليه السلام و تفرقت الشيعة و أنصاره، فمنهم من انتمي الي جعفر، و منهم من تاه، و منهم من شك، و منهم من وقف علي تحيره،



[ صفحه 162]



و منهم من ثبت علي دينه بتوفيق الله عز و جل» [6] فكان لتحذير الامام عليه السلام من الفرقة و تأكيده علي التمسك بولاية الحجة عليه السلام، دور فاعل في حفظ الدين و سلامة العقيدة من الزيغ.

ج) التأكيد علي الصبر و انتظار الفرج في أيام الغيبة لربط الامة بقائدها المنتظر حتي يأذن الله بظهور دولته و انطلاق دعوته، و من ذلك ما كتبه الامام العسكري عليه السلام الي أبي الحسن علي بن الحسين بن بابويه القمي: «عليك بالصبر و انتظار الفرج، قال النبي صلي الله عليه و آله: أفضل أعمال امتي انتظار الفرج، و لا تزال شيعتنا في حزن حتي يظهر ولدي الذي بشر به النبي صلي الله عليه و آله يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما، فاصبر يا شيخي يا أباالحسن علي، و أمر جميع شيعتي بالصبر، فان لأرض لله يورثها من يشاء من عباده و العاقبة للمتقين...». [7] .


پاورقي

[1] راجع: أصول الكافي 1: 333 - باب نادر في حال الغيبة و ص 335 باب في الغيبة من كتاب الحجة، و دلائل الامامة: 529 معرفة ما ورد من الأخبار في وجوب الغيبة.

[2] اكمال الدين: 409 / 9 - باب 38.

[3] اكمال الدين: 542 / 4 باب 46 ما جاء في التعمير.

[4] اكمال الدين: 435 / 2 باب 43 ذكر من شاهد القائم عليه السلام و رآه و كلمه.

[5] اكمال الدين: 409 / 8 باب 38 ما روي عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام من وقوع الغيبة بابنه القائم.

[6] اكمال الدين: 408 / 6 باب 38 ما روي عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام من وقوع الغيبة بابنه القائم.

[7] المناقب / لابن شهرآشوب 4: 459، بحارالأنوار 50: 317 / 14.