بازگشت

رسائله و وصاياه و مواعظه


نقل المحدثون مزيدا من الرسائل و الوصايا و الأدعية و الحكم و المواعظ التربوية و البيانات التفصيلية في تفسير القرآن و غيرها، و قد خاطب بها الامام العسكري عليه السلام أصحابه في مختلف ديار الاسلام، موجها الي الأخلاق الحميدة و الصفات الكريمة، مبينا مفاهيم الاسلام و تعاليمه السامية و عقائده الحقة، حاثا علي العمل بها، موضحا أحكام الشريعة ومسائل الحلال و الحرام، و فيما يلي نذكر نماذج منها، أو نكتفي بذكرها مع الاشارة الي مظانها.

1 - قصار الحكم و المواعظ، و هي تجري مجري مواعظ آبائه عليهم السلام في جزالة ألفاظها و متانة اسلوبها و عمق محتواها، و قد وصف ابن أبي الحديد باب الحكم و المواعظ من نهج البلاغة بقوله: «اعلم أن هذا الباب من كتابنا كالروح من البدن، و السواد من العين، و هو الدرة المكنونة التي سائر الكتاب صدفها» [1] .



[ صفحه 175]



و من مواعظ الامام العسكري عليه السلام قوله: «لاتمار فيذهب بهاؤك، و لا تمازح فيجترأ عليك. ليست العبادة كثرة الصيام و الصلاة، و انما العبادة كثرة التفكر في أمر الله. بئس العبد يكون ذا وجهين و ذا لسانين، يطري أخاه شاهدا، و يأكله، غائبا، ان اعطي حسده، و ان ابتلي خانه. الغضب مفتاح كل شر. أقل الناس راحة الحقود. الاشراك في الناس أخفي من دبيب النمل علي المسح الأسود في الليلة المظلمة. أورع الناس من وقف عند الشبهة. أعبد الناس من أقام علي الفرائض. أزهد الناس من ترك الحرام. أشد الناس اجتهادا من ترك الذنوب. انكم في آجال منقوصة و أيام معدودة، و الموت يأتي بغتة. قلب الأحمق في فمه، و فم الحكيم في قلبه. لا يشغلك رزق مضمون عن عمل مفروض. ما ترك الحق عزيز الا ذل، و لا أخذ به ذليل الا عز. جرأة الولد علي والده في صغره تدعو الي العقوق في كبره. من وعظ أخاه سرا فقد زانه، و من وعظه علانية فقد شانه. ما أقبح بالمؤمن أن تكون له رغبة تذلة! أضعف الأعداء كيدا من أظهر عداوته. لا يعرف النعم الا الشاكر، و لا يشكر النعمة الا العارف. حسن الصورة جمال ظاهر، و حسن العقل جمال باطن. اذا نشطت القلوب فأودعوها، و اذا نفرت فودعوها. من ركب ظهر الباطل نزل به دارالندامة. السهر ألذ للمنام، و الجوع أزيد في طيب الطعام. ان الوصول الي الله عزوجل سفر لا يدرك الا بامتطاء الليل. من لم يحسن أن يمنع لم يحسن أن يعطي...» [2] و غيرها من الحكم البليغة و المواعظ الحكيمة التي تجري علي هذا المنوال.



[ صفحه 176]



2 - كتب اليه عليه السلام بعض بني أسباط كتابا يعرفه اختلاف الشيعة في امامته، فأجابه بكتاب بين فيه طبقات الناس في الاعتقاد بامامته عليه السلام، و دعاه الي أن يدع من ذهب يمينا و شمالا من أهل الباطل، و حذره من الاذاعة و طلب الرئاسة، و أمر أصحابه بتقوي الله و أداء الامانة [3] .

3- كتابه عليه السلام الي أهل قم و آبة، أوصاهم فيه بالسير علي هدي أسلافهم في التمسك بمودة أهل البيت عليهم السلام، باعتبارها منهاج الصدق و سبيل الرشاد و مورد الفائزين [4] .

4- كتابه عليه السلام الي أبي الحسن علي بن الحسين بن بابويه القمي، أوصاه فيه بالصبر و انتظار الفرج في زمان غيبة ولده الحجة عليه السلام [5] ، و قد تقدم بعضه في المبحث الأول من هذا الفصل.

5- كتاب طويل كتبه عليه السلام الي اسحاق بن اسماعيل النيسابوري، يحتوي علي جملة وصايا عقائدية و أخلاقية، أوصي فيه شيعته بطاعة الله و رسوله و اولي الأمر من عترة النبي المعصومين عليهم السلام، و بين فيه فرائض الدين، و بعض الأوامر و النواهي الي وكلائه عليه السلام [6] .

6- كتاب الي شيعته، فيه وصايا مهمة، نذكره بنصه لما فيه من جوامع الكلم و جملة مبادئ الاسلام، قال عليه السلام: «اوصيكم بتقوي الله، و الورع في



[ صفحه 177]



دينكم، و الاجتهاد لله، و صدق الحديث، و أداء الأمانة الي من ائتمنكم من بر أو فاجر، و طول السجود، و حسن الجوار، فبهذا جاء محمد صلي الله عليه و آله.

صلوا في عشائرهم، و اشهدوا جنائزهم، و عودوا مرضاهم، و أدوا حقوقهم، فان الرجل منكم اذا ورع في دينه، و صدق في حديثه، و أدي الأمانة، و حسن خلقه مع الناس، قيل: هذا شيعي، فيسرني ذلك.

اتقوا الله، و كونوا زينا، و لا تكونوا شينا، جروا الينا كل مودة، و ادفعوا عنا كل قبيح، فانه ما قيل فينا من حسن فنحن أهله، و ما قيل فينا من سوء فما نحن كذلك، لنا حق في كتاب الله، و قرابة من رسول الله صلي الله عليه و آله و تطهير من الله لا يدعيه أحد غيرنا الا كذاب. أكثروا ذكر الله، و ذكر الموت، و تلاوة القرآن، و الصلاة علي النبي صلي الله عليه و آله، فان للصلاة علي رسول الله صلي الله عليه و آله عشر حسنات، احفظوا ما وصيتكم به، و أستودكم الله، و أقرأ عليكم السلام» [7] .

7 - الصلوات علي النبي و الآل عليهم السلام، و هي طويلة، رواها الشيخ الطوسي بالاسناد عن أبي محمد عبدالله بن محمد العابد، قال: «سألت مولاي أبامحمد الحسن بن علي عليه السلام في منزله بسر من رأي، سنة خمس و خمسين و مائتين، أن يملي علي من الصلاة علي النبي و أوصيائه عليه و عليهم السلام، و أحضرت معي قرطاسا كثيرا، فأملي علي لفظا من غير كتاب...» [8] .

8- الأدعية و الزيارات، و هي كثيرة، و منها: دعاؤه عليه السلام قبل اصفرار



[ صفحه 178]



الشمس [9] ، و دعاؤه عندالصباح [10] ، و دعاؤه في القنوت [11] ، و دعاؤه علي موسي بن بغا حينما شكاه أهل قم [12] ، و دعاؤه عقيب كل نافلة من نوافل شهر رمضان [13] ، و دعاؤه عند دخول المسجد [14] ، و دعاؤه للحوائج، رواه عنه عليه السلام عبدالله بن جعفر الحميري، و هو دعاء طويل كتبه الي أحد أصحابه، و كان قد أرسل اليه عليه السلام رقعة من الحبس يذكر فيها ثقل الحديد و سوء الحال و تحامل السلطان [15] ، و زيارة أميرالمؤمنين عليه السلام في يوم الغدير [16] ، و الدعاء في يوم ولادة الامام الحسين عليه السلام، خرج في توقيع منه عليه السلام الي القاسم بن العلاء الهمداني [17] ، و غيرها كثير.


پاورقي

[1] شرح ابن أبي الحديد 18: 81.

[2] تحف العقول: 360 - 363، بحارالأنوار 78: 370 - 380 - باب 29.

[3] تحف العقول: 360، بحارالأنوار 50: 296 / 70 عن كشف الغمة 3: 293.

[4] مناقب ابن شهر آشوب 4: 458.

[5] مناقب ابن شهر آشوب 4: 458.

[6] تحف العقول: 358، رجال الكشي 2: 844 / 1088، بحارالأنوار 50: 319 / 16.

[7] تحف العقول: 361.

[8] مصباح المتهجد: 399 - أعمال الجمعة - مؤسسة فقه الشيعة -بيروت.

[9] مصباح المتهجد: 517 - أدعية الساعات.

[10] مهج الدعوات: 277.

[11] مهج الدعوات: 62، بحارالأنوار 85: 228.

[12] مهج الدعوات: 67، بحارالأنوار 85: 229 / 1.

[13] اقبال الأعمال: 282 - الباب التاسع - أدعية عقيب كل نافلة من نوافل شهر رمضان.

[14] بحارالأنوار 84: 27 / 21 عن جمال الاسبوع للسيد ابن طاوس مسندا عنه عليه السلام.

[15] بحارالأنوار 102: 238 / 5.

[16] بحارالأنوار 100: 359 / 6.

[17] مصباح المتهجد: 826 - شعبان.