الصلاة علي الامام
أشارت بعض المصادر الي أن هناك صلاة اخري غير تلك التي ذكرها ابن خاقان في حديثه المتقدم، و لعل تلك الصلاة كانت علي المستوي الرسمي، أما الصلاة الاخري التي أشارت اليها المصادر فقد قام بها جعفر بن علي أخو الامام العسكري عليه السلام، الذي اجتهد في المقام مقامه و أثار السلطة علي عائلته، و لعله أراد بتلك الصلاة الخاصة أن يظهر أنه الوريث الشرعي للامام عليه السلام، فيستقطب بذلك الرأي الشيعي العام، و يحوز علي ميراثه و علي الأموال التي تحمل اليه من أطراف البلاد.
و اذا كان جعفر قد حصل - و لو علي المستوي الرسمي - علي ارث
[ صفحه 202]
الامام عليه السلام فانه فشل في الوصول الي الأهداف المهمة التي يبتغيها، و لعل تلك الصلاة الخاصة كانت عنوان الفشل.
فقد روي عن أحد خدم الامام العسكري أنه قال في حديث طويل يصف فيه تلك الصلاة:: «فلما هم (جعفر) بالتكبير خرج صبي بوجهه سمرة، بشعره قطط، بأسنانه تفليج، فجبذ [1] برداء جعفر بن علي، و قال: تأخر يا عم، فأنا أحق بالصلاة علي أبي، فتأخر جعفر و قد اربد وجهه و اصفر» [2] .
و لم يستطع جعفر أن يقنع الرأي العام الشيعي بامامته حتي اضطر أخيرا الي التوسل بالسلطان و رجال البلاط فنهروه و طردوه، لأن أفعاله تنافي الامامة، كما أنه خالي الوفاض من العلم و الدلالة، فضلا عن أن الشيعة يعتقدون بأن الامامة لا تجتمع في أخوين بعد الحسن و الحسين عليهماالسلام علي ما ورد عن أئمتهم عليهم السلام الذين لقبوا جعفرا بالكذاب و تبرءوا منه و من دعوته، و هكذا فعل خلص شيعتهم بعد رحيل الامام العسكري عليه السلام.
و هناك حديث آخر يصف لنا صلاة الامام المهدي عليه السلام علي أبيه لم يرد فيه ذكر عمه جعفر، رواه الشيخ الطوسي عن أحمد بن عبدالله الهاشمي من ولد العباس، قال: «حضرت دار أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام بسر من رأي يوم توفي، و اخرجت جنازته و وضعت، و نحن تسعة و ثلاثون رجلا قعود ننتظر حتي خرج الينا غلام عشاري [3] حاف عليه رداء قد تقنع به، فلما أن خرج قمنا
[ صفحه 203]
هيبة له من غير أن نعرفه، فتقدم و قام الناس فاصطفوا خلفه فصلي، ومشي فدخل بيتا غير الذي خرج منه» [4] .
قال الشيخ محمد علي اليعقوبي يرثي الامام العسكري عليه السلام و يشير الي حضور الامام الحجة لجنازته:
افديه مضطهدا تجرع من بني ال
عباس صاب الظلم و العدوان
بأبي الذي ختمت رزايا أهله
فيه فليس لرزئه من ثان
بأبي الذي خفت حلوم اولي النهي
لمصابه و بكي له الثقلان
و قضي قصي الدار لم ير حوله
أحدا من الأنصار و الأعوان
بأبي الذي حضر المغيب عنده
سرا و لم تر شخصه عينان [5] .
پاورقي
[1] أي جذب، علي القلب.
[2] اكمال الدين: 475 / 25 باب 43.
[3] قيل: المراد عشاري السن، أي كأن له عشر سنين مع أن عمره نحو خمس سنين (255 - 260) و ذلك من حيث أنه عليه السلام كان حسيما اسرائيلي القد علي ما ورد في الروايات. راجع: بحارالأنوار 52: 5 - 6 / 4.
[4] غيبة الشيخ الطوسي: 258 / 226.
[5] الذخائر: 66 - المطبعة الحيدرية - النجف.