بازگشت

احوال ابنه المهدي


1 - الحضينيّ (رحمه الله): عن موسي بن مهديّ الجوهريّ، قال: دخلت علي مولاي أبي محمّد الحسن (عليه السلام) بالعسكر، فقلت له: يا مولاي! هذه سنة خمس وخمسين، وقد أخبرتنا بولادة مهديّنا، فهل يوقّت لها؟....

قال (عليه السلام): يولد قبل طلوع الفجر بيوم الجمعة، لثمان ليال خلت من شهر شعبان، سنة سبعة وخمسين ومائتين، وأُمّه نرجس، وأنا أقبّله، وحكيمة عمّتي تحضنه.... [1] .

2 - الحضينيّ (رحمه الله): وولد له الخلف الإمام الثاني عشر صاحب الزمان (عليه السلام) يوم الجمعة، طلوع الفجر، لثمان ليال خلت من شعبان، سنة سبع وخمسين ومائتين من الهجرة، قبل مضيّ أبيه بسنتين وسبعة أشهر. [2] .

3 - الحضينيّ (رحمه الله): حدّثني جعفر بن محمّد الرامهرمزيّ، قال:...

فقال أبوالحسين بن ثوابة وأبو عبد الله الجمّال...، أنّ المهديّ سميّ جدّه وكنيّه، وهوإبن الحسن من نرجس، ولقد عرفنا يوم مولده.

فقلت: لهما في أيّ يوم، وبأيّ شهر، وبأيّ سنة؟

فقالا: ولد طلوع الفجر بيوم الجمعة، لثمان ليال خلت من شهر شعبان، من سنة سبع وخمسين ومائتين.

فقلت لهما: قد قلتما الحقّ، وعلمتما صحّة المولود، فمن قبله؟



[ صفحه 75]



قالا لي: أبو محمّد أبوه (عليهما السلام)، وكفيله حكيمة أخت أبي الحسن، وهي العمّة.... [3] .

4 - الحضينيّ (رحمه الله):... البشّار بن إبراهيم بن إدريس، صاحب ثقة أبي محمّد (عليه السلام) قال: وجّه إليّ مولاي أبو محمّد (عليه السلام) كبشين، وقال: اعقرهما عن أبي الحسن...، ثمّ لقيته بعد ذلك، فقال: المولود الذي ولد لي مات، ثمّ وجّه لي بأربعة أكبشة...: اعقر هذه... عن مولاك [المهديّ].... [4] .

5 - الشيخ الصدوق (رحمه الله):... أبو الحسن عليّ بن سنان الموصليّ، قال: حدّثني أبي... لمّا قبض سيّدنا أبو محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ صلوات الله عليهما وفد من قمّ والجبال وفود...إلي سرّ من رأي....

قالوا:... دخلنا دار مولانا الحسن بن عليّ (عليهما السلام) فإذا ولده القائم سيّدنا (عليه السلام) قاعد علي سرير كأنّه فلقة قمر عليه ثياب خضر، فسلّمنا عليه فردّ علينا السلام، ثمّ قال: جملة المال كذا وكذا ديناراً، حمل فلان كذاوحمل فلان كذا، ولم يزل يصف حتّي وصف الجميع.... [5] .

6 - الشيخ الصدوق (رحمه الله):... عن محمّد بن صالح بن عليّ بن محمّد بن قنبر الكبير مولي الرضا (عليه السلام)، قال: خرج صاحب الزمان (عليه السلام) علي جعفر الكذّاب من موضع لم يعلم به عند ما نازع في الميراث بعد مضيّ أبي محمّد (عليه السلام)، فقال له:



[ صفحه 76]



ياجعفر! مالك تعرّض في حقوقي؟

فتحيّر جعفر وبهت، ثمّ غاب عنه، فطلبه جعفر بعد ذلك في الناس، فلم يره.

فلمّا ماتت الجدّة أُمّ الحسن أمرت أن تدفن في الدار فنازعهم وقال: هي داري، لا تدفن فيها، فخرج (عليه السلام)، فقال: يا جعفر! أدارك هي. ثمّ غاب عنه، فلم يره بعد ذلك. [6] .

7 - الشيخ الصدوق (رحمه الله):... الحسن بن وجناء يقول: حدّثنا أبي عن جدّه أنّه كان في دار الحسن بن عليّ (عليهما السلام) فكبستنا الخيل....

وكانت همّتي في مولاي القائم (عليه السلام)، قال: فإذا [أنا] به (عليه السلام) قد أقبل وخرج عليهم من الباب وأنا أنظر إليه وهو (عليه السلام) ابن ستّ سنين، فلم يره أحد حتّي غاب. [7] .

8 - الشيخ الصدوق (رحمه الله):... سعد بن عبد الله القمّيّ، قال:... وردنا سرّمن رأي، فانتهينا منها إلي باب سيّدنا فاستأذنّا...

[فلمّا دخلنا] علي فخذه الأيمن غلام يناسب المشتري في الخلقة والمنظر، علي رأسه فرق بين وَفْرَتين، كأنّه ألف بين واوين.

وبين يدي مولانا رمّانة ذهبيّة... وبيده قلم إذا أراد أن يسطر به علي البياض شيئاً قبض الغلام علي أصابعه.

فكان مولانا يدحرج الرمّانة بين يديه ويشغله بردّها... [و] أخرج أحمد



[ صفحه 77]



ابن إسحاق جرابه من طيّ كسائه، فوضعه بين يديه، فنظر الهادي (عليه السلام) إلي الغلام، وقال له: يا بنيّ! فضّ الخاتم عن هدايا شيعتك ومواليك... ثمّ قام مولانا الحسن ابن عليّ الهادي (عليهما السلام) للصلاة مع الغلام، فانصرفت عنهما.... [8] .

9 - الشيخ الصدوق (رحمه الله):... محمّد بن عبد الله الطهويّ، قال: قصدت حكيمة بنت محمّد[الجواد] (عليه السلام)، بعد مضيّ أبو محمّد (عليه السلام)، أسألها عن الحجّة....

فقلت: يا سيّدتي! حدّثيني بولادة مولاي وغيبته (عليه السلام)؟

قالت: نعم!... فقال (عليه السلام): لا، ياعمّتا! بيّتي الليلة عندنا، فإنّه سيولد الليلة المولود الكريم علي الله عزّ وجلّ، الذي يحيي الله عزّوجلّ به الأرض بعدموتها.

فقلت: ممّن ياسيّدي! ولست أري بنرجس شيئاً من أثر الحبل؟!

فقال: من نرجس، لا من غيرها.

قالت: فوثبت إليها فقلبتها ظهراً لبطن، فلم أر بها أثر حمل، فعدت إليه (عليه السلام) فأخبرته بمافعلت، فتبسّم، ثمّ قال لي: إذا كان وقت الفجر يظهر لك بها الحبل، مثلها مثل أُمّ موسي (عليه السلام)، لم يظهر بها الحبل ولم يعلم بها أحد إلي وقت ولادتها، لأنّ فرعون كان يشقّ بطون الحبالي في طلب موسي (عليه السلام)، وهذا نظير موسي (عليه السلام).

قالت حكيمة: فعدت إليها فأخبرتها بما قال، وسألتها عن حالها؟

فقالت: يامولاتي! ما أري بي شيئاً من هذا.

قالت حكيمة: فلم أزل أُراقبها إلي وقت طلوع الفجر، وهي نائمة بين يديّ لاتقلب جنباً إلي جنب حتّي إذا كان آخر الليل وقت طلوع الفجر، وثبت فزعة



[ صفحه 78]



فضمّمتها إلي صدري وسمّيت عليها.

فصاح [إليّ] أبو محمّد (عليه السلام) وقال: اقرئي عليها:إِنَّآ أَنزَلْنَهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، فأقبلت أقرأ عليها، وقلت لها: ما حالك؟

قالت: ظهر بي الأمر الذي أخبرك به مولاي، فأقبلت أقرأ كما أمرني، فأجابني الجنين من بطنها يقرأ مثل ماأقرأ، وسلّم عليّ.

قالت حكيمة: ففزعت لما سمعت، فصاح بي أبو محمّد (عليه السلام): لا تعجبي من أمر الله عزّ وجلّ، إنّ الله تبارك وتعالي ينطقنا بالحكمة صغاراً، ويجعلنا حجّة في أرضه كباراً، فلم يستتمّ الكلام حتّي غيبت عنّي نرجس، فلم أرها، كأنّه ضرب بيني وبينها حجاب، فعدوت نحو أبي محمّد (عليه السلام) وأنا صارخة.

فقال لي: ارجعي يا عمّة! فإنّك ستجديها في مكانها. قالت: فرجعت فلم ألبث أن كشف الغطاء الذي كان بيني وبينها، وإذا أنا بها و عليها من أثر النور ما غشي بصري.

وإذا أنا بالصبيّ (عليه السلام) ساجداً لوجهه، جاثياً علي ركبتيه، رافعاً سبّابتيه، وهو يقول: «أشهد أن لا إله إلّا الله [وحده لا شريك له]، وأنّ جدّي محمّداً رسول الله، وأنّ أبي أمير المؤمنين» ثمّ عدّ إماماً إماماً إلي أن بلغ إلي نفسه، ثمّ قال: «اللهمّ أنجز لي ما وعدتني، وأتمم لي أمري، وثبّت وطأتي، واملأ الأرض بي عدلاً وقسطاً».

فصاح بي أبو محمّد (عليه السلام) فقال: يا عمّة! تناوليه وهاتيه، فتناولته وأتيت به نحوه، فلمّا مثلت بين يدي أبيه وهو علي يدي سلّم علي أبيه، فتناوله الحسن (عليه السلام) منّي [والطير ترفرف علي رأسه] وناوله لسانه، فشرب منه، ثمّ قال: امضي به إلي أُمّه لترضعه وردّيه.

قالت: فتناولته أُمّه، فأرضعته، فرددته إلي أبي محمّد (عليه السلام) والطير ترفرف علي



[ صفحه 79]



رأسه، فصاح بطير منها فقال له: احمله واحفظه وردّه إلينا في كلّ أربعين يوماً، فتناوله الطير وطار به في جوّ السماء وأتبعه سائر الطير.

فسمعت أبا محمّد (عليه السلام) يقول: استودعك الله الذي أودعته أُمّ موسي، موسي. فبكت نرجس، فقال لها: اسكتي! فإنّ الرضاع محرّم عليه إلّا من ثديك، وسيعاد إليك كما ردّ موسي إلي أُمّه، وذلك قول الله عزّ وجلّ:فَرَدَدْنَهُ إِلَي أُمِّهِ ي كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَاتَحْزَنَ.

قالت حكيمة: فقلت: وما هذا الطير؟

قال: هذا روح القدس الموكّل بالأئمّة:، يوفّقهم ويسدّدهم ويربّيهم بالعلم.

قالت حكيمة: فلمّا كان بعد أربعين يوماً ردّ الغلام ووجّه إليّ ابن أخي (عليه السلام)، فدعاني، فدخلت عليه، فإذا أنا بالصبيّ متحرّك يمشي بين يديه.

فقلت: يا سيّدي! هذا ابن سنتين؟!

فتبسّم (عليه السلام) ثمّ قال: إنّ أولاد الأنبياء والأوصياء إذا كانوا أئمّة ينشؤون بخلاف ماينشؤ غيرهم، وأنّ الصبيّ منّا إذا كان أُتي عليه شهر، كان كمن أُتي عليه سنة، وأنّ الصبيّ منّا ليتكلّم في بطن أُمّه ويقرأ القرآن ويعبد ربّه عزّ وجلّ، وعند الرضاع تطيعه الملائكة وتنزل عليه صباحاً ومساءً.

قالت حكيمة: فلم أزل أري ذلك الصبيّ في كلّ أربعين يوماً إلي أن رأيته رجلاً قبل مضيّ أبي محمّد (عليه السلام) بأيّام قلائل، فلم أعرفه.

فقلت لابن أخي (عليه السلام): من هذا الذي تأمرني أن أجلس بين يديه؟

فقال لي: هذا ابن نرجس، وهذا خليفتي من بعدي، وعن قليل تفقدوني، فاسمعي له وأطيعي.

قالت حكيمة: فمضي أبو محمّد (عليه السلام) بعد ذلك بأيّام قلائل، وافترق الناس



[ صفحه 80]



كماتري، ووالله! إنّي لأراه صباحاً ومساءً، وإنّه لينبئني عمّا تسألون عنه، فأخبركم. ووالله! إنّي لأُريد أن أسأله عن الشيء فيبدأني به، وإنّه ليرد عليّ الأمر فيخرج إليّ منه جوابه من ساعته من غير مسألتي، وقد أخبرني البارحة بمجيئك إليّ وأمرني أن أخبرك بالحقّ.... [9] .

10 - الشيخ الصدوق (رحمه الله): حدّثنا محمّد بن موسي بن المتوكّل (رضي الله عنه)، قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميريّ، عن إبراهيم بن مهزيار، قال: قدمت مدينةالرسول ((صلي الله عليه و آله و سلم)) فبحثت عن أخبار آل أبي محمّد الحسن بن عليّ الأخير (عليه السلام)، فلم أقع علي شيء منها، فرحلت منها إلي مكّة مستبحثاً عن ذلك، فبينما أنا في الطواف إذ ترأي لي فتيً أسمر اللون، رائع الحسن، جميل المخيلة، يطيل التوسّم فيّ، فعدت إليه مؤمّلاً منه عرفان ما قصدت له.

فلمّا قربت منه سلّمت، فأحسن الإجابة، ثمّ قال: من أيّ البلاد أنت؟

قلت: رجل من أهل العراق.

قال: من أيّ العراق؟ قلت: من الأهواز.

فقال: مرحباً بلقائك، هل تعرف بها جعفر بن حمدان الحصينيّ؟

قلت: دعي، فأجاب.

قال: رحمة الله عليه! ماكان أطول ليله، وأجزل نيله، فهل تعرف إبراهيم ابن مهزيار؟

قلت: أنا إبراهيم بن مهزيار. فعانقني مليّاً، ثمّ قال: مرحباً بك ياأباإسحاق! مافعلت بالعلامة التي وشّجت بينك وبين أبي محمّد (عليه السلام)؟

فقلت: لعلّك تريد الخاتم الذي آثرني الله به من الطيّب أبي محمّد



[ صفحه 81]



الحسن ابن عليّ (عليهما السلام)؟

فقال: ما أردت سواه، فأخرجته إليه، فلمّا نظر إليه استعبر، وقبّله.

ثمّ قرأ كتابته، فكانت: يا الله، يا محمّد، يا عليّ.

ثمّ قال: بأبي يداً طال ما جُلت فيها، وتراخي بنا فنون الأحاديث - إلي أن قال لي -: يا أبا إسحاق! أخبرني عن عظيم ماتوخّيت بعد الحجّ؟

قلت: وأبيك، ماتوخّيت إلّا ما سأستعلمك مكنونه.

قال: سل، عمّا شئت! فإنّي شارح لك إن شاء الله.

قلت: هل تعرف من أخبار آل أبي محمّد الحسن (عليه السلام) شيئاً؟

قال لي: وأيم الله! إنّي لأعرف الضوء بجبين محمّد وموسي ابني الحسن بن عليّ:، ثمّ إنّي لرسولهما إليك، قاصداً لإنبائك أمرهما، فإن أحببت لقاءهما، والاكتحال بالتبرّك بهما، فارتحل معي إلي الطائف، وليكن ذلك في خفية من رجالك واكتتام.

قال إبراهيم: فشخصت معه إلي الطائف أتخلّل رملة فرملة حتّي أخذ في بعض مخارج الفلاة، فبدت لنا خيمة شعر، قد أشرفت علي أكمة رمل، تتلألؤ تلك البقاع منها تلألؤاً، فبدرني إلي الإذن، ودخل مسلّماً عليهما، وأعلمهما بمكاني.

فخرج عليّ أحدهما، وهو الأكبر سنّاً «م ح م د» ابن الحسن (عليهما السلام)، وهو غلام أمرد، ناصع اللون، واضح الجبين، أبلج الحاجب، مسنون الخدّين، أقني الأنف، أشمّ أروع، كأنّه غصن بان، وكأنّ صفحة غرّته كوكب درّيّ، بخدّه الأيمن خال كأنّه فتاة مسك علي بياض الفضّة، وإذا برأسه وفرة سحماء سبطة، تطالع شحمة أذنه، له سمت ما رأت العيون أقصد منه، ولا أعرف حسناً وسكينة وحياءً.

فلمّا مثّل لي أسرعت إلي تلقّيه، فأكببت عليه، ألثم كلّ جارحة منه.

فقال لي: مرحباً بك يا أبا إسحاق! لقد كانت الأيّام تعدني وشك لقائك،



[ صفحه 82]



والمعاتب بيني وبينك علي تشاحط الدار وتراخي المزار، تتخيّل لي صورتك حتّي كأنّا لم نخل طرفة عين من طيب المحادثة، وخيال المشاهدة، وأنا أحمد الله ربّي، وليّ الحمد علي ماقيّض من التلاقي، ورفّه من كربة التنازع، والاستشراف عن أحوالها متقدّمها ومتأخّرها.

فقلت: بأبي أنت وأُمّي! ما زلت أفحص عن أمرك بلداً فبلداً منذ استأثر الله بسيّدي أبي محمّد (عليه السلام) فاستغلق عليّ ذلك حتّي منّ الله عليّ بمن أرشدني إليك ودلّني عليك، والشكر للّه علي ما أوزعني فيك من كريم اليد والطول.

ثمّ نسب نفسه وأخاه موسي واعتزل بي ناحية.

ثمّ قال: إنّ أبي محمد (عليه السلام) عهد إليّ أن لا أوطّن من الأرض إلّا أخفاها وأقصاها إسراراً لأمري، وتحصيناً لمحلّي لمكائد أهل الضلال والمردة من أحداث الأُمم الضوالّ، فنبذني إلي عالية الرمال وجبت صرائم [10] الأرض ينظرني الغاية التي عندها يحلّ الأمر، وينجلي الهلع [11] ، وكان (عليه السلام) أنبط لي من خزائن الحكم وكوامن العلوم ما إن أشعت إليك منه جزءً أغناك عن الجملة.

واعلم يا أبا إسحاق! أنّه قال (عليه السلام): يا بنيّ! إنّ الله جلّ ثناؤه لم يكن ليخلّي أطباق أرضه وأهل الجدّ في طاعته وعبادته بلا حجّة يستعلي بها وإمام يؤتمّ به، ويقتدي بسبيل سنّته ومنهاج قصده.

وأرجو يا بنيّ! أن تكون أحد مَن أعدّه الله لنشر الحقّ، ووطي ء الباطل، وإعلاء الدين، وإطفاء الضلال، فعليك يا بنيّ! بلزوم خوافي الأرض، وتتبّع



[ صفحه 83]



أقاصيها، فإنّ لكلّ وليّ لأولياء الله عزّ وجلّ عدوّاً مقارعاً وضدّاً منازعاً افتراضاً لمجاهدة أهل النفاق، وخلاعة أولي الإلحاد والعناد، فلا يوحشنّك ذلك.

واعلم! أنّ قلوب أهل الطاعة والإخلاص نزّع إليك مثل الطير إلي أوكارها، وهم معشر يطلعون بمخائل الذلّة والإستكانة، وهم عند الله بررة أعزّاء يبرزون بأنفس مختلّة محتاجة، وهم أهل القناعة والاعتصام، استنبطوا الدين فوازروه علي مجاهدة الأضداد، خصّهم الله باحتمال الضيم في الدنيا ليشملهم باتّساع العزّ في دار القرار، وجبلهم علي خلائق الصبر لتكون لهم العاقبة الحسني، وكرامة حسن العقبي، فاقتبس يا بنيّ! نور الصبر علي موارد أمورك تفز بدرك الصنع في مصادرها، واستشعر العزّ فيما ينوبك تحظ بما تحمد غبّه [12] إن شاء الله.

وكأنّك يا بنيّ! بتأييد نصر الله وقد آن، وتيسير الفلج وعلوّ الكعب وقدحان، وكأنّك بالرايات الصفر، والأعلام البيض تخفق علي أثناء أعطافك مابين الحطيم وزمزم، وكأنّك بترادف البيعة، وتصافي الولاء يتناظم عليك تناظم الدرّ في مثاني العقود وتصافق الأكفّ علي جنبات الحجر الأسود، تلوذ بفنائك من ملأبراهم الله من طهارة الولاة ونفاسة التربة، مقدّسة قلوبهم من دنس النفاق، مهذّبة أفئدتهم من رجس الشقاق، لينة عرائكهم للدين، خشنة ضرائبهم عن العدوان، واضحة بالقبول أوجههم، نضرة بالفضل عيدانهم، يدينون بدين الحقّ وأهله. فإذا اشتدّت أركانهم، وتقوّمت أعمادهم فدت بمكانفتهم [13] طبقات الأُمم إلي إمام إذ تبعتك في ظلال شجرة دوحة تشعّبت أفنان غصونها علي حافاة بحيرة الطبريّة، فعندها يتلألؤ صبح الحقّ، وينجلي ظلام الباطل، ويقصم الله بك



[ صفحه 84]



الطغيان، ويعيد معالم الإيمان، يظهر بك استقامة الآفاق، وسلام الرفاق.

يودّ الطفل في المهد لو استطاع إليك نهوضاً، ونواشط الوحش لو تجد نحوك مجازاً تهتزّ بك أطراف الدنيا بهجة، وتنشر عليك أغصان العزّ نضرة، وتستقرّ بواني الحقّ في قرارها، وتؤوب شوارد الدين إلي أوكارها تتهاطل [14] عليك سحائب الظفر فتخنق كلّ عدوّ، وتنصر كلّ وليّ، فلا يبقي علي وجه الأرض جبّار قاسط، ولا جاحد غامط، ولا شاني ء مبغض، ولامعاند كاشح.

(وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَي اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ و إِنَّ اللَّهَ بَلِغُ أَمْرِهِ ي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِ ّ شَيْ ءٍ قَدْرًا....) [15] [16] .

والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

11 - الشيخ الصدوق (رحمه الله): وحدّث أبو الأديان، قال: كنت أخدم الحسن



[ صفحه 85]



ابن عليّ بن محمّد:... فلمّا صرنا في الدار إذا نحن بالحسن بن عليّ صلوات الله عليه...، [و]خرج صبيّ بوجهه سمرة، بشعره قطط، بأسنانه تفليج.... [17] .

12 - الشيخ المفيد (رحمه الله): وخلّف [أبو محمّد العسكريّ (عليه السلام)] ابنه المنتظر لدولة الحقّ، وكان قد أخفي مولده، وستر أمره لصعوبة الوقت، وشدّة طلب سلطان الزمان له، واجتهاده في البحث عن أمره. [18] .

13 - الشيخ الطوسيّ (رحمه الله): أخبرنا جماعة عن أبي محمّد هارون بن موسي التلعكبريّ، عن أحمد بن عليّ الرازيّ، قال: حدّثني محمّد بن عليّ، عن حنظلة بن زكريّا، عن الثقة، قال: حدّثني عبد الله بن العبّاس العلويّ - وما رأيت أصدق لهجة منه، وكان خالفنا في أشياء كثيرة - قال: حدّثني أبوالفضل الحسين بن الحسن العلويّ، قال: دخلت علي أبي محمّد (عليه السلام) بسرّمن رأي، فهنّأته بسيّدنا صاحب الزمان (عليه السلام) لمّا ولد. [19] .



[ صفحه 86]



14 - الشيخ الطوسيّ (رحمه الله):...عن أحمد بن عبد الله الهاشميّ من ولد العبّاس، قال: حضرت دار أبي محمّد الحسن بن عليّ (عليهما السلام) بسرّ من رأي يوم توفّي وأخرجت جنازته...حتّي خرج إلينا غلام عشاريّ حاف عليه رداء قد تقنّع به...، فصلّي عليه، ومشي فدخل بيتاً غير الذي خرج منه.... [20] .

15 - أبو جعفر الطبريّ (رحمه الله):... عن محمّد بن القاسم العلويّ، قال: دخلنا جماعة من العلويّة علي حكيمة بنت محمّد بن عليّ بن موسي: فقالت: جئتم تسألونني عن ميلاد وليّ الله؟

قلنا: بلي، والله!

قالت: كان عندي البارحة، وأخبرني بذلك، وإنّه كانت عندي صبيّة يقال لها:نرجس وكنت أربيّها من بين الجواري، ولا يلي تربيتها غيري، إذ دخل أبومحمّد (عليه السلام) عليّ ذات يوم فبقي يلحّ النظر إليها، فقلت: يا سيّدي! هل لك فيها من حاجة؟

فقال: إنّا معشر الأوصياء لسنا ننظر نظر ريبة، ولكنّا ننظر تعجّباً، أنّ المولود الكريم علي الله يكون منها.



[ صفحه 87]



قالت: قلت: يا سيّدي! فأروح بها إليك؟... فزيّنتها وبعثت بها إلي أبي محمّد (عليه السلام) فكنت بعد ذلك اذا دخلت عليها تقوم فتقبّل جبهتي فأُقبّل رأسها، وتقبّل يدي فأقبّل رجلها، وتمدّ يدها إلي خفّي لتنزعه فأمنعها من ذلك، فأقبّل يدها إجلالاً وإكراماً للمحلّ الذي أحلّه الله تعالي فيها.

فمكثت بعد ذلك إلي أن مضي أخي أبو الحسن (عليه السلام)، فدخلت علي أبي محمّد (عليه السلام) ذات يوم فقال: يا عمّتاه! إنّ المولود الكريم علي الله ورسوله سيولد ليلتنا هذه، فقلت: يا سيّدي! في ليلتنا هذه؟!

قال: نعم! فقمت إلي الجارية فقلّبتها ظهراً لبطن، فلم أر بها حملاً.

فقلت: يا سيّدي! ليس بها حمل، فتبسّم ضاحكاً وقال: يا عمّتاه! إنّا معاشر الأوصياء ليس يحمل بنا في البطون، ولكنّا نحمل في الجنوب.

فلمّا جنّ الليل صرت إليه، فأخذ أبو محمّد (عليه السلام) محرابه، فأخذت محرابها فلم يزالا يحييان الليل، وعجزت عن ذلك، فكنت مرّةً أنام ومرّةً أصلّي إلي آخر الليل، فسمعتها آخر الليل في القنوت، لمّا انفتلت من الوتر مسلّمة، صاحت: ياجارية! الطست.

فجاءت بالطست، فقدمته إليها فوضعت صبيّاً كأنّه فلقة قمر، علي ذراعه الأيمن مكتوب: (جَآءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَطِلُ إِنَّ الْبَطِلَ كَانَ زَهُوقً)، وناغاه ساعةً حتّي استهلّ وعطس، وذكر الأوصياء قبله حتّي بلغ إلي نفسه، ودعا لأوليائه علي يده بالفرج، ثمّ وقعت ظلمة بيني وبين أبي محمّد (عليه السلام) فلم أره، فقلت: يا سيّدي! أين الكريم علي الله؟

قال: أخذه من هو أحقُّ به منك، فقمت وانصرفت إلي منزلي، فلم أره.



[ صفحه 88]



وبعد أربعين يوماً، دخلت دار أبي محمّد (عليه السلام)، فإذا أنا بصبيّ يدرُجُ في الدار، فلم أرَ وجهاً أصبح من وجهه، ولا لغةً أفصح من لغته، ولا نغمة أطيب من نغمته.

فقلت: يا سيّدي! من هذا الصبيّ؟ مارأيت أصبح وجهاً منه، ولا أفصح لغةً منه، ولا أطيب نغمة منه، قال: هدا المولود الكريم علي الله. [21] .

16 - العلاّمة الطبرسيّ (رحمه الله): أمّا الحسن بن عليّ العسكريّ (عليه السلام)، فلم يكن له ولد سوي صاحب الزمان عليه الصلاة والسلام، ولم يخلّف ولداً غيره ظاهراً وباطناً، وإنّما خلّفه (عليه السلام) غائباً مستتراً، وخائفاً منتظراً لدولة الحقّ، وكان قد أخفي مولده، وستر أمره لصعوبة الوقت، وشدّة طلب سلطان الزمان له، واجتهاده في البحث عن أمره. [22] .

17 - أبو فراس المالكيّ: وجدت في كتاب غريب الحديث، لابن قتيبة الدينوريّ في حديث عليّ (عليه السلام)، وقد ذكر المهديّ من أولاد الحسن (عليهما السلام)، فقال: رجلاً أجلي الجبين، أقني الأنف، ضخم البطن، أزيل الفخذين، أفلج الثنايا، بفخذه اليمني شامة. [23] .

18 - حسن بن سليمان الحلّيّ:... عن المفضّل بن عمر، قال: سألت سيّدي الصادق (عليه السلام):... يا سيّدي! ولا يري وقت ولادته (عليه السلام)؟!

قال (عليه السلام): بلي، والله! ليري من ساعة ولادته إلي ساعة وفاة أبيه، سنتين



[ صفحه 89]



وتسعة أشهر، أوّل ولادته وقت الفجر من ليلة الجمعة لثمان خلون من شعبان، سنة سبع وخمسين ومائتين إلي يوم الجمعة، لثمان ليال خلون من ربيع الأوّل، سنة ستّين ومائتين، وهو يوم وفاة أبيه [أي أبي محمّد العسكريّ (عليه السلام)].... [24] .

والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

19 - ابن أبي الثلج البغداديّ: ومضي أبو محمّد (عليه السلام)، وللخلف سنتان وأربعة أشهر صلوات الله وسلامه عليهما. [25] .

20 - القندوزيّ الحنفيّ: ولم يخلّف غير ولده أبي القاسم محمّد الحجّة، ويسمّي القائم المنتظر، لأنّه ستر وغاب، فلم يعرف أين ذهب. [26] .


پاورقي

[1] الهداية الكبري: 334، س 8.

يأتي الحديث بتمامه في رقم 344.

[2] الهداية الكبري: 327، س 8.

[3] الهداية الكبري: 386، س 23.

يأتي الحديث بتمامه في رقم 365.

[4] الهداية الكبري: 358، س 6.

يأتي الحديث بتمامه في ج 2، رقم 434.

[5] إكمال الدين وإتمام النعمة: 476، ح 26.

يأتي الحديث بتمامه في رقم 107.

[6] إكمال الدين وإتمام النعمة: 442، ح 15.

يأتي الحديث بتمامه في رقم 108.

[7] إكمال الدين وإتمام النعمة: 473، ح 25.

يأتي الحديث بتمامه في رقم 110.

[8] إكمال الدين وإتمام النعمة: 454، ح 21. يأتي الحديث بتمامه في ج 2، رقم 439.

[9] إكمال الدين وإتمام النعمة: 426، ح 2. تقدّم الحديث بتمامه في رقم 71.

[10] الصريم: أرض سوداء لا تنبت شيئاً...، وقيل: الأرض المحصودة، لسان العرب: 12 / 336، (صرم).

[11] الهلع: الفقر والفاقة. مجمع البحرين: 4 / 411.

[12] الغِبّ بالكسر أيضاً: عاقبة الشيء. مجمع البحرين: 2 / 130، (غبب).

[13] المكانفة: المعاونة. لسان العرب: 9 / 308،كنف.

[14] تهطّل المطر: نزل متتابعاً عظيم القطر، تهاطل القوم علي كذا: تتابعوه. المنجد: 868.

[15] الطلاق: 65 / 3.

[16] إكمال الدين وإتمام النعمة: 445، ح 19، و465، ح 23، بتفاوت في السند والمتن.

عنه البحار: 52 / 32، ح 28، بتفاوت يسير و44، ح 22، ومستدرك الوسائل: 3 / 304، ح 3637، قطعة منه.

الخرائج والجرائح: 2 / 785 ح 111، بتفاوت، و 3 / 1099، ح 22، باختصار. عنه مدينة المعاجز: 8 / 201 ح 2788. وعنه وعن الإكمال، مدينة المعاجز: 8 / 192، ح 2787، بتفاوت يسير.

دلائل الإمامة: 539، ح 522، بتفاوت. عنه مدينة المعاجز: 8 / 115، ح 2732.

الغيبة للطوسيّ: 263، ح 228، بتفاوت، واختصار. عنه وعن الدلائل، البحار: 52 / 9، ح 6، بتفاوت مع الدلائل.

قطعة منه في (ألقابه (عليه السلام))، و (إخباره (عليه السلام) بالوقائع الآتية)، و (عهده إلي ابنه المهديّ (عليهما السلام))، و (نقش خاتمه (عليه السلام))، وإنّ الأرض لايخلو من حجّة، وموعظته (عليه السلام) في الصبر.

[17] إكمال الدين وإتمام النعمة: 475، س 4. يأتي الحديث بتمامه في رقم 361.

[18] الإرشاد: 345، س 9. عنه البحار: 50 / 334، ضمن ح 5.

كشف الغمّة: 2 / 446، س 1، بتفاوت.

إعلام الوري: 2 / 151، س 11.

المستجاد من كتاب الإرشاد: 248، س 8، بتفاوت.

الفصول المهمّة لابن الصبّاغ: 290، س 2، بتفاوت يسير.

عنه إحقاق الحقّ: 12 / 476، س 5.

[19] الغيبة: 229، ح 195، و251، ح 221، وفيه: أخبرني ابن أبي جيّد القمّيّ، عن محمّد ابن الحسن بن الوليد، عن عبد الله بن العبّاس بن عبد الله بن الحسن بن عليّ بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب:، عن أبي الفضل الحسين بن الحسن بن الحسين بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب: قال: وردت علي أبي محمّد الحسن بن عليّ (عليه السلام)....

عنه البحار: 51 / 17، ح 24، قطعة منه، وإثبات الهداة: 3 / 506، ح 312، بتفاوت يسير.

إكمال الدين وإتمام النعمة: 434، ح 1، حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الكرخيّ، قال: حدّثنا عبد الله بن العبّاس العلويّ، قال: حدّثنا أبوالفضل الحسن بن الحسين العلويّ، قال: دخلت علي أبي محمّد (عليه السلام)...، بتفاوت يسير.

عنه البحار: 51 / 16، ح 22، وإثبات الهداة: 3 / 484، ح 203، بتفاوت يسير.

[20] الغيبة: 258، ح 226. يأتي الحديث بتمامه في رقم 160.

[21] دلائل الإمامة: 499، ح 490.

تقدّم الحديث بتمامه في رقم 73.

[22] تاج المواليد، المطبوع ضمن «مجموعة نفيسة»: 135، س 10.

كشف الغمّة: 2 / 415، س 8.

[23] تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: 27، س 18.

[24] مختصر بصائر الدرجات: 179، س 3. قطعة منه في (مدّة عمره الشريف وتاريخ شهادته (عليه السلام)).

[25] تاريخ الأئمّة عليهم السلام، المطبوع ضمن «مجموعة نفيسة»: 15، س 3، و21، س 10.

[26] ينابيع المودّة: 3 / 131، س 10، و171، س 5، باختلاف، و304، س 10.

الصواعق المحرقة: 208، س 4. عنه ينابيع المودّة: 3 / 306، س 13، ومناقب أهل البيت (عليهم السلام): 297، س 1، وإثبات الهداة: 3 / 622، س 25.