بازگشت

هدوء الدواب له


1 - الشيخ الطوسيّ (رحمه الله): وأخبرنا جماعة عن أبي محمّد هارون بن موسي التلعكبريّ قال: كنت في دهليز أبي عليّ محمّد بن همّام علي دكّة إذ مرّ بنا شيخ كبير عليه درّاعة، فسلّم علي أبي عليّ بن همّام، فردّ عليه، السلام، ومضي.

فقال لي: أتدري من هو هذا؟

فقلت: لا، فقال: هذا شاكريّ لسيّدنا أبي محمد (عليه السلام)، أفتشتهي أن تسمع من أحاديثه عنه شيئاً؟

قلت: نعم، فقال لي: معك شيء تعطيه؟

فقلت له: معي درهمان صحيحان.

فقال: هما يكفيانه، فمضيت خلفه، فلحقته فقلت له: أبو عليّ يقول لك: تنشّط للمصير إلينا؟

فقال: نعم، فجئنا إلي أبي عليّ بن همّام، فجلس إليه فغمز بي أبو علي أن أسلّم إليه الدرهمين [فسلّمتها إليه]، فقال لي: ما يحتاج إلي هذا، ثمّ أخذهما.

فقال له أبو عليّ بن همّام: يا أبا عبد الله محمّد! حدّثنا عن أبي محمد (عليه السلام) مارأيت؟

فقال: كان أُستاذي صالحاً من بين العلويّين لم أر قطّ مثله، وكان يركب بسرج صفته بزيون مسكي وأزرق، قال: وكان يركب إلي دار الخلافة بسرّ من رأي في كلّ اثنين وخميس.

قال: وكان يوم النوبة يحضر من الناس شيء عظيم، ويغصّ الشارع بالدوابّ والبغال والحمير والضجّة، فلا يكون لأحد موضع يمشي، ولايدخل بينهم.



[ صفحه 241]



قال: فإذا جاء أُستاذي سكنت الضجّة، وهدأ صهيل الخيل، ونهاق الحمير. قال: وتفرّقت البهائم حتّي يصير الطريق واسعاً لا يحتاج أن يتوقّي من الدوابّ تحفّه ليزحمها ثمّ يدخل فيجلس في مرتبته التي جعلت له، فإذا أراد الخروج وصاح البوّابون: هاتوا دابّة أبي محمّد، سكن صياح الناس وصهيل الخيل، فتفرّقت الدوابّ حتّي يركب ويمضي.

وقال الشاكريّ: واستدعاه يوماً الخليفة، وشقّ ذلك عليه، وخاف أن يكون قد سعي به إليه بعض من يحسده علي مرتبته من العلويّين والهاشميّين، فركب ومضي إليه فلمّا حصل في الدار.

قيل له: إنّ الخليفة قد قام، ولكن اجلس في مرتبتك أو انصرف.

قال: فانصرف وجاء إلي سوق الدوابّ وفيها من الضجّة والمصادمة واختلاف الناس شيء كثير.

فلمّا دخل إليها سكن الناس، وهدأت الدوابّ. قال: وجلس إلي نخّاس كان يشتري له الدوابّ، قال: فجي ء له بفرس كبوس لا يقدر أحد أن يدنو منه، قال: فباعوه إيّاه بوكس، فقال [لي]: يا محمّد! قم فاطرح السرج عليه.

قال: فقلت: إنّه لا يقول لي ما يؤذيني، فحللت الحزام، وطرحت السرج [عليه] فهدأ ولم يتحرّك، وجئت به لأمضي به، فجاء النخّاس، فقال لي: ليس يباع، فقال (عليه السلام) لي: سلّمه إليهم، قال: فجاء النخّاس ليأخذه، فالتفت إليه التفاتة ذهب منه منهزماً.

قال: وركب ومضينا فلحقنا النخّاس، فقال: صاحبه يقول: اشفقت أن يردّ فإن كان قد علم ما فيه من الكبس فليشتره.

فقال لي أُستاذي: قد علمت، فقال: قد بعتك، فقال لي: خذه فأخذته، قال: فجئت به إلي الإصطبل، فما تحرّك ولا آذاني ببركة أُستاذي.



[ صفحه 242]



فلمّا نزل جاء إليه، وأخذ أُذنه اليمني، فرقاه ثمّ أخذ أُذنه اليسري فرقاه، فوالله! لقد كنت أطرح الشعير له، فأفرّقه بين يديه فلا يتحرّك، هذا ببركةأستاذي.

قال أبو محمّد: قال أبو عليّ بن همّام: هذا الفرس يقال له: الصؤل، [1] قال: يرجم بصاحبه حتّي يرجم به الحيطان، ويقوم علي رجليه، ويلطم صاحبه.

قال محمّد الشاكريّ: كان أستاذي أصلح من رأيت من العلويّين، والهاشميّين ما كان يشرب هذا النبيذ، كان يجلس في المحراب ويسجد، فأنام وأنتبه وأنام، وهو ساجد.

وكان قليل الأكل، كان يحضره التين والعنب والخوخ وما شاكله، فيأكل منه الواحدة والثنتين، ويقول: شل [2] هذا يا محمّد! إلي صبيانك، فأقول: هذا كلّه؟! فيقول: خذه ما رأيت قطّ أسدي منه.

فهذه بعض دلائله، ولو استوفيناها لطال به الكتاب، وكان مع إمامته من أكرم الناس وأجودهم. [3] .



[ صفحه 243]




پاورقي

[1] صؤل البعير صآلة: اشتدّ هياجه، فهو صؤول. المعجم الوسيط: 504، (صؤل).

[2] شال الشيءُ: ارتفع، والشيءَ وبه: رفعه. المعجم الوسيط: 501، (شال).

[3] الغيبة: 215، ح 179. عنه البحار: 50 / 251، ح 6، وإثبات الهداة: 3 / 413، ح 51، قطعة منه، ومستدرك الوسائل: 4 / 473، ح 5197، و 16 / 467، ح 20560، قطعة منه.

المناقب لابن شهر آشوب: 4 / 434، س 3، باختصار

دلائل الإمامة: 428، ح 395. عنه مدينة المعاجز: 7 / 578، ح 2572، وحلية الأبرار: 5 / 113، ح 1.

الخرائج والجرائح: 2 / 782، ح 107 و108، قطعتان منه.

قطعة منه في (غلمانه وجواريه (عليه السلام))، و (مركبه (عليه السلام))، و (عبادته (عليه السلام))، و (علاقته (عليه السلام) بالفواكه)، و (كيفيّة أكله (عليه السلام) الفواكه)، و (معاشرته (عليه السلام) مع الناس)، و (ترحّمه (عليه السلام))، و (مجيئه (عليه السلام) إلي السوق)، و (أحواله (عليه السلام) مع الخلفاء)، و (حكم الإقالة في البيع)، و (حكم شرب النبيذ).