بازگشت

ما كان من المعجزات لانبياء السلف، فقد كان لمحمد


1 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(ع): قال أبو يعقوب: قلت للإمام(ع): فهل كان لرسول الله(ص) ولأمير المؤمنين(ع) آيات تضاهي آيات موسي(ع)؟

فقال الإمام(ع): عليّ(ع) نفس رسول الله(ص) وآيات رسول الله آيات عليّ(ع)، وآيات عليّ(ع) آيات رسول الله(ص).

وما من آية أعطاها الله تعالي موسي(ع) ولا غيره من الأنبياء



[ صفحه 177]



إلّاوقدأعطي الله محمّداً مثلها أو أعظم منها.

وأمّا العصا التي كانت لموسي(ع)، فانقلبت ثعباناً فتلقّفت ما أتته السحرة من عصيّهم وحبالهم، فلقد كان لمحمّد(ص) أفضل من ذلك، وهو إنّ قوماً من اليهود أتوا محمّداً(ص) فسألوه وجادلوه، فما أتوه بشي ء إلّا أتاهم في جوابه بما بهرهم.

فقالوا له: يا محمّد! إن كنت نبيّاً فأتنا بمثل عصا موسي؟

فقال رسول الله(ص): إنّ الذي أتيتكم به أعظم من عصا موسي، لأنّه باق بعدي إلي يوم القيامة معرّض لجميع الأعداء والمخالفين لا يقدر أحد منهم أبداً علي معارضة سورة منه، وإنّ عصا موسي زالت ولم تبق بعده فتمتحن كما يبقي القرآن فيمتحن.

ثمّ إنّي سآتيكم بما هو أعظم من عصا موسي(ع)، وأعجب، فقالوا: فأتنا؟

فقال: إنّ موسي كانت عصاه بيده يلقّيها، فكانت القبط يقول كافرهم: هذا موسي يحتال في العصا بحيلة.

وإنّ الله سوف يقلّب خشباً لمحمّد ثعابين بحيث لاتمسّها يد محمّد ولايحضرها إذا رجعتم إلي بيوتكم، واجتمعتم الليلة في مجمعكم في ذلك البيت، قلّب الله تعالي جذوع سقوفكم كلّها أفاعي وهي أكثر من مائة جذع، فتتصدّع مرارات أربعة منكم فيموتون، ويغشي علي الباقين منكم إلي غداة غد، فيأتيكم يهود فتخبرونهم بما رأيتم، فلايصدّقونكم فتعود بين أيديهم، وتملأ أعينهم ثعابين كماكانت في بارحتكم فيموت منهم جماعة، ويخبل [1] جماعة، ويغشي علي أكثرهم.



[ صفحه 178]



قال الإمام(ع): فوالذي بعثه بالحقّ نبيّاً! لقد ضحك القوم [كلّهم] بين يدي رسول الله(ص) لا يحتشمونه، ولا يهابونه، يقول بعضهم لبعض: انظروا ماادّعي، وكيف قد عدا طوره. [2] .

فقال رسول الله(ص): إن كنتم الآن تضحكون، فسوف تبكون، وتتحيّرون إذا شاهدتم ما عنه تخبرون، ألا فمن هاله ذلك منكم، وخشي علي نفسه أن يموت أو يخبل، فليقل:

«اللهمّ بجاه محمّد الذي اصطفيته، وعليّ الذي ارتضيته، وأوليائهم الذين من سلم لهم أمرهم اجتبيته، لمّا قوّيتني علي ما أري».

وإن كان من يموت هناك ممّن (تحييه وتريد إحياءه)، فليدع [له] بهذا الدعاء ينشره الله عزّ وجلّ ويقوّيه.

قال(ع): فانصرفوا واجتمعوا في ذلك الموضع، وجعلوا يهزأون بمحمّد(ص)، وقوله: إن تلك الجذوع تنقلب أفاعي.

فسمعوا حركة من السقف، فإذا تلك الجذوع انقلبت أفاعي، وقد ولّت رؤوسها عن الحائط، وقصدت نحوهم تلتقمهم، فلمّا وصلت إليهم كفّت عنهم، وعدلت إلي ما في الدار من أحباب [3] ، وجرار [4] ، وكيزان [5] ، وصلايات [6] وكراسيّ، وخشب، وسلاليم، وأبواب، فالتقمتها وأكلتها.



[ صفحه 179]



فأصابهم ما قال رسول الله(ص) أنّه يصيبهم، فمات منهم أربعة، وخبل جماعة، وجماعة خافوا علي أنفسهم، فدعوا بما قال رسول الله(ص)، فقويت قلوبهم، وكانت الأربعة أتي بعضهم، فدعا لهم بهذا الدعاء، فنشروا.

فلمّا رأوا ذلك، قالوا: إنّ هذا الدعاء مجاب به، وإنّ محمّداً صادق، وإن كان يثقل علينا تصديقه، واتّباعه، أفلا ندعوا به لتلين -للإيمان به، والتصديق له، والطاعة لأوامره وزواجره- قلوبنا.

فدعوا بذلك الدعاء، فحبّب الله عزّ وجلّ إليهم الإيمان، وطيّبه في قلوبهم، وكرّه إليهم الكفر، فآمنوا بالله ورسوله.

فلمّا أصبحوا من غد جاءت اليهود، وقد عادت الجذوع ثعابين كما كانت، فشاهدوها وتحيّروا وغلب الشقاء عليهم.

قال(ع): وأمّا اليد فقد كان لمحمّد(ص)، مثلها وأفضل منها، وأكثر من مرّة كان(ص) يحبّ أن يأتيه الحسن والحسين(ع)، وكانا يكونان عندأهليهما، أو مواليهما، [أو دايتهما] وكان يكون في ظلمة الليل فيناديهما رسول الله(ص) ياأبامحمّد! يا أبا عبد الله! هلّما إليّ.

فيقبلان نحوه من ذلك البعد، وقد بلغهما صوته، فيقول رسول الله(ص) بسبّابته -هكذا- يخرجها من الباب فتضي ء لهما أحسن من ضوء القمر والشمس فيأتيان، ثمّ تعود الإصبع كما كانت، فإذا قضي وطره من لقائهما وحديثهما قال: ارجعا إلي موضعكما!

وقال بعد بسبّابته هكذا، فأضاءت أحسن من ضياء القمر والشمس قدأحاط بهما إلي أن يرجعا إلي موضعهما، ثمّ تعود إصبعه(ص) كما كانت من لونها في سائر الأوقات.

قال(ع): وأما الطوفان الذي أرسله الله تعالي علي القبط، فقد أرسل الله



[ صفحه 180]



تعالي مثله علي قوم مشركين آية لمحمّد(ص).

فقال: إنّ رجلاً من أصحاب رسول الله(ص) يقال له ثابت بن الأفلح، قتل رجلاً من المشركين في بعض المغازي.

فنذرت امراة ذلك المشرك المقتول، لتشربنّ في قحف [7] رأس ذلك القاتل

خمراً، فلمّا وقع بالمسلمين يوم أحد ما وقع، قتل ثابت علي ربوة من الأرض فانصرف المشركون، واشتغل رسول الله(ص) وأصحابه بدفن أصحابه، فجاءت المرأة إلي أبي سفيان تسأله أن يبعث رجلاً مع عبد لها إلي مكان ذلك المقتول، فيحزّ رأسه فيؤتي به لتفي بنذرها، فتشرب في قحفه خمراً، وقد كانت البشارة بقتله أتاها بها عبد لها فأعتقته وأعطته جارية لها، ثمّ سألت أبا سفيان فبعث إلي ذلك المقتول مائتين من أصحابه الجلد في جوف الليل ليحزّوا رأسه فيأتونها به.

فذهبوا فجاءت ريح فدحرجت الرجل إلي حدور، فتبعوه ليقطعوا رأسه. فجاء من المطر وابل عظيم، فغرق المائتين، ولم يوقف لذلك المقتول، ولالواحد من المائتين علي عين ولا أثر، ومنع الله الكافرة ممّا أرادت.

فهذا أعظم من الطوفان آية لمحمّد(ص).

وأمّا الجراد المرسل علي بني إسرائيل فقد فعل الله أعظم وأعجب منه بأعداء محمّد(ص)، فإنّه أرسل عليهم جراداً أكلهم، ولم يأكل جراد موسي رجال القبط، ولكنّه أكل زروعهم.

وذلك أنّ رسول الله(ص) كان في بعض أسفاره إلي الشام، وقد تبعه مائتان من يهودها في خروجه عنها، وإقباله نحو مكّة يريدون قتله مخافة أن يزيل الله



[ صفحه 181]



دولة اليهود عي يده، فراموا قتله، وكان في القافلة فلم يجسروا عليه، وكان رسول الله(ص) إذا أراد حاجة أبعد واستتر بأشجار ملتفّة أوبخربة بعيدة، فخرج ذات يوم لحاجته فأبعد، وتبعوه وأحاطوا به وسلّوا سيوفهم عليه، فأثار الله تعالي من تحت رجل محمّد(ص) من ذلك الرمل جراداً فاخترشتهم، وجعلت تأكلهم، فاشتغلوا بأنفسهم عنه، فلمّا فرغ رسول الله(ص) من حاجته، وهم يأكلهم الجراد، رجع إلي أهل القافلة.

فقالوا [له: يا محمّد!] ما بال الجماعة خرجوا خلفك، ولم يرجع منهم أحد؟

فقال رسول الله(ص): جاءوا يقتلونني، فسلّط الله عليهم الجراد.

فجاءوا فنظروا إليهم، فبعضهم قد مات، وبعضهم قد كاد يموت، والجراد يأكلهم فما زالوا ينظرون إليهم حتّي أتي الجراد علي أعيانهم فلم تبق منهم شيئاً.

وأمّا القمّل فإنّ رسول الله(ص) لما ظهر بالمدينة أمره وعلا بها شأنه حدّث يوماً أصحابه عن امتحان الله عزّ وجلّ للأنبياء(ع)، وعن صبرهم علي الأذي في طاعة الله.

فقال في حديثه: إنّ بين الركن والمقام قبور سبعين نبيّاً ما ماتوا إلّا بضرّ الجوع والقمّل.

فسمع ذلك بعض المنافقين من اليهود وبعض مردة كفّار قريش فتآمروا بينهم، [وتوافقوا:] ليلحقنّ محمّداً بهم، فليقتلنّه بسيوفهم حتّي لا يكذب.

فتآمروا بينهم -وهم مائتان- علي الإحاطة به يوم يجدونه من المدينة [خالياً] خارجاً.

فخرج رسول الله(ص) يوماً خالياً فتبعه القوم، فنظر أحدهم إلي ثياب نفسه وفيها قمّل، ثمّ جعل بدنه وظهره يحكّ من القمّل، فأنف منه أصحابه واستحيا فانسلّ عنهم، فأبصر آخر ذلك من نفسه فانسلّ، فما زال كذلك حتّي وجد ذلك



[ صفحه 182]



كلّ واحد من نفسه، فرجعوا.

ثمّ زاد ذلك عليهم حتّي استولي عليهم القمّل، وانطبقت حلوقهم، فلم يدخل فيها طعام، ولا شراب فماتوا كلّهم في شهرين منهم من مات في خمسة أيّام، ومنهم من مات في عشرة أيّام، وأقلّ وأكثر، ولم يزد علي شهرين حتّي ماتوا بأجمعهم بذلك القمّل، والجوع، والعطش، فهذا القمّل الذي أرسله الله علي أعداء محمّد(ص) آية له.

وأمّا الضفادع، فقد أرسل الله مثلها علي أعداء محمّد(ص) لمّا قصدوا قتله، فأهلكهم الله بالجرذ [8] ، وذلك أنّ مائتين بعضهم كفّار العرب، وبعضهم يهود، وبعضهم أخلاط من الناس اجتمعوا بمكّة في أيّام الموسم، وهمّوا أنفسهم ليقتلنّ محمّداً(ص).

فخرجوا نحو المدينة فبلغوا بعض تلك المنازل، وإذا هناك ماء في بركة، أوحوض أطيب من مائهم الذي كان معهم، فصبّوا ماكان معهم وملاؤا رواياهم ومزاودهم من ذلك الماء وارتحلوا، فبلغوا أرضاً ذات جرذ كثيرة فحطّوا رواحلهم عندها، فسلّطت علي مزاودهم، ورواياهم، وسطايحهم الجرذ، فخرقتها وثقبتها، وسالت مياهها في تلك الحرّة، فلم يشعروا إلّا وقد عطشوا ولاماءمعهم.

فرجعوا القهقري إلي تلك الحياض التي كانوا تزوّدوا منها تلك المياه، وإذا الجرذ قدسبقتهم إليها فثقبت أُصولها، وسالت في الحرّة مياهها.

فوقفوا آيسين من الماء وتماوتوا، ولم ينقلب منهم أحد إلّا واحد كان لايزال



[ صفحه 183]



يكتب علي لسانه محمّداً، وعلي بطنه محمّداً، ويقول: «ياربّ محمّد وآل محمّد! قدتبت من أذي محمّد، ففرّج عنّي بجاه محمّد وآل محمّد»، فسلّم وكفّ الله عنه العطش.

فوردت عليه قافلة فسقوه، وحملوه، وامتعة القوم وجمالهم، وكانت [الجمال] أصبر علي العطش من رجالها، فآمن برسول الله(ص)، وجعل رسول الله(ص) تلك الجمال والأموال له.

قال(ع): وأمّا الدم، فإنّ رسول الله(ص) احتجم مرّة فدفع الدم الخارج منه إلي أبي سعيد الخدريّ، وقال له: غيّبه. فذهب فشربه.

فقال له رسول الله(ص): ماذا صنعت به؟ قال: شربته، يا رسول الله!

قال: أولم أقل لك غيّبه؟ فقال: قد غيّبته في وعاء حريز.

فقال رسول الله(ص): إيّاك وأن تعود لمثل هذا! ثمّ اعلم أنّ الله قد حرّم علي النار لحمك ودمك لما اختلط بلحمي ودمي.

فجعل أربعون من المنافقين يهزءون برسول الله(ص) ويقولون: زعم أنّه قدأعتق الخدريّ من النار لاختلاط دمه بدمه، وما هو إلّا كذّاب مفتر!، أمّا نحن فنستقذر دمه.

فقال رسول الله(ص): أما إنّ الله يعذّبهم بالدم، ويميتهم به، وإن كان لم يمت القبط، فلم يلبثوا إلّا يسيراً حتّي لحقهم الرعاف الدائم، وسيلان دماء من أضراسهم، فكان طعامهم وشرابهم يختلط بالدم فيأكلونه، فبقوا كذلك أربعين صباحاً معذّبين، ثمّ هلكوا.

وأمّا السنين ونقص من الثمرات، فإنّ رسول الله(ص) دعا علي مضر فقال: «اللهمّ اشدد وطأتك علي مضر، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف»، فابتلاهم الله بالقحط والجوع، فكان الطعام يجلب إليهم من كلّ ناحية، فإذا



[ صفحه 184]



اشتروه وقبضوه لم يصلوا به إلي بيوتهم حتّي يتسوّس، وينتن، ويفسد فيذهب أموالهم، ولا يجعل لهم في الطعام نفع حتّي أضرّ بهم الأزم والجوع الشديد العظيم، حتّي أكلوا الكلاب الميتة، وأحرقوا عظام الموتي فأكلوها، وحتّي نبشوا عن قبور الموتي فأكلوهم، وحتّي ربّما أكلت المراة طفلها، إلي أن مشي جماعة من رؤساء قريش إلي رسول الله(ص)، فقالوا: يامحمّد! هبك عاديت الرجال فما بال النساء والصبيان والبهائم؟!

فقال رسول الله(ص): أنتم بهذا معاقبون وأطفالكم وحيواناتكم [بهذا] غير معاقبة، بل هي معوّضة بجميع المنافع حين يشاء ربّنا في الدنيا والآخرة، وسوف يعوّضها الله تعالي عمّا أصابهم، ثمّ عفا عن مضر، وقال: «اللهمّ افرج عنهم»، فعاد إليهم الخصب والدعة والرفاهيّة.

فذلك قوله عزّ وجلّ فيهم يعدّد (عليهم نعمه): (فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي - أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَءَامَنَهُم مِّنْ خَوْفِ) [9] .

وقال الإمام(ع) [10] : وأمّا الطمس لأموال قوم فرعون، فقد كان مثله آية لمحمّد(ص) وعليّ(ع)، وذلك أنّ شيخاً كبيراً جاء بابنه إلي رسول الله(ص) والشيخ يبكي، ويقول: يا رسول الله! ابني هذا غذوته صغيراً، وصنته طفلاً عزيزاً، وأعنته بمالي كثيراً حتّي [إذا] اشتدّ أزره، وقوي ظهره، وكثر ماله، وفنيت قوّتي، وذهب مالي عليه، وصرت من الضعف إلي ماتري قعد بي، فلايواسيني بالقوت الممسك لرمقي.



[ صفحه 185]



فقال رسول الله(ص) للشابّ: ماذا تقول؟

قال: يا رسول الله! لا فضل معي عن قوتي وقوت عيالي.

فقال رسول الله(ص) للوالد: ماذا تقول؟

قال: يا رسول الله! إنّ له أنابير حنطة وشعير وتمر وزبيب و [بدر] الدراهم والدنانير، وهو غنيّ.

فقال رسول الله(ص) للابن: ما تقول؟

قال الابن: يا رسول الله! مالي شي ء ممّا قال.

قال رسول الله(ص): اتّق الله يا فتي! وأحسن إلي والدك المحسن إليك، يحسن الله إليك.

قال: لا شي ء لي.

قال رسول الله(ص): فنحن نعطيه عنك في هذا الشهر، فأعطه أنت فيما بعده، وقال لأسامة: أعط الشيخ مائة درهم نفقة شهر لنفسه وعياله، ففعل.

فلمّا كان رأس الشهر جاء الشيخ والغلام، فقال الغلام: لا شي ء لي.

فقال رسول الله(ص): لك مال كثير، ولكنّك تمسي اليوم، وأنت فقير وقير، أفقر من أبيك هذا، لا شي ء لك، فانصرف الشابّ، فإذا جيران أنابيره قد اجتمعوا عليه يقولون: حوّل هذه الأنابير عنّا، فجاء إلي أنابيره فإذا الحنطة والشعير والتمر والزبيب قد نتن جميعه، وفسد وهلك، وأخذوه بتحويل ذلك عن جوارهم، فاكتري أجراء بأموال كثيرة فحوّلوها، وأخرجوها بعيداً عن المدينة.

ثمّ ذهب ليخرج إليهم الكراء من أكياسه التي فيها دراهمه ودنانيره، فإذا هي [قد] طمست ومسخت حجارة، وأخذه الحمّالون بالأُجرة، فباع ما كان له من كسوة وفرش ودار، وأعطاها في الكراء، وخرج من ذلك كلّه صفراً، ثمّ بقي فقيراً



[ صفحه 186]



وقيراً لا يهتدي إلي قوت يومه، فسقم لذلك جسده وضني. [11] .

فقال رسول الله(ص): يا أيّها العاقّون للآباء والأُمّهات! اعتبروا واعلموا! أنّه كما طمس في الدنيا علي أمواله، فكذلك جعل بدل ما كان أعدّله في الجنّة من الدرجات معدّاً له في النار من الدركات.

ثمّ قال رسول الله(ص): إنّ الله تعالي ذمّ اليهود بعبادة العجل من دون الله بعد رؤيتهم لتلك الآيات، فإيّاكم وأن تضاهوهم في ذلك.

وقالوا: وكيف نضاهيهم يا رسول الله!؟

قال: بأن تطيعوا مخلوقاً في معصية الله، وتتوكّلوا عليه من دون الله فتكونوا قدضاهيتموهم. [12] .


پاورقي

[1] الخَبال: الفساد، ويكون في: الأفعال والأبدان والعقول... خبله واختبله: إذا أفسد عقله أو عضوه. مجمع البحرين: 25 / 36، (خبل).

[2] تعدّي طَوْرَه: تجاوز حدّه وحاله التي تليق به. مجمع البحرين: 3 / 378، (طور).

[3] الحُبّ: الجرّة الضخمة، والحُبّ: الخابية... والجمع أحباب. لسان العرب: 1 / 295، (حبب).

[4] الجَرّة: إناء من خزف كالفخّار، وجمعها جَرّ وجِرار. المصدر: 4 / 131. (جرر).

[5] الكوز: من الأواني معروف، والجمع أكواز وكيزان. المصدر: 5 / 402، (كوز).

[6] الصَلاية والصَلاءة: مُدُقّ الطيب... الصلاية كلّ حجر عريض يدقّ عليه عطر أوهبيد، المصدر:14 / 468، (صلا).

[7] القِحف ج أقحاف: العظم الذي فوق الدماغ. المنجد: 610، (قحف).

[8] الجُرَذ، وزان عُمَر ورطب: الذكر من الفأر، وقال بعضهم: هو الضخم من الفيران ويكون في: الفلوات، ولا يألف البيوت. المصباح المنير: 96، (الجرذ).

[9] قريش: 106 / 3 و 4.

[10] في: المصدر: قال أمير المؤمنين«عليه السلام»، والظاهر أنّه غير صحيح، يؤيّده ظاهر العبارة، وكذا البحار وتفسير البرهان.

[11] ضَنِي بالكسر: مرض مرضاً ملازماً حتّي أشرف علي الموت. مجمع البحرين: 4 / 271.

[12] التفسير: 410، ح 280 - 288. عنه البحار: 17 / 265، ح 6، بتفاوت يسير، والبرهان: 2 / 29، س 23، بتفاوت، و194، ح 1، أورد ذيله، بتفاوت يسير، وإثبات الهداة: 1 / 393، ح 607، وح 608، و 2 / 482، ح 290، قِطع منه، وحلية الأبرار: 1 / 63، ح 2، قطعة منه. البرهان: 4 / 160، ح 1، عن المناقب لابن شهرآشوب، ولم نعثر عليه. قطعة منه في (أنّ الإمام عليّ«عليه السلام» نفس محمّد«صلي الله و عليه و اله وسلم»، وآياته آياته)، و(ما رواه«عليه السلام» عن النبيّ«صلي الله و عليه و اله وسلم»).