بازگشت

الشيعة هم الذين يتبعون آثار الأئمة


1 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال أبو يعقوب يوسف بن زياد، وعليّ بن سيّار (رضي اللّه عنهما): حضرنا ليلة علي غرفة الحسن بن عليّ بن محمّد(عليه السلام) وقد كان ملك الزمان له معظّماً، وحاشيته له مبجّلين، إذ مرّ علينا والي البلد - والي الجسرين - ومعه رجل مكتوف، والحسن ابن عليّ(عليهم السلام) مشرف من روزنته.

فلمّا رآه الوالي ترجّل عن دابّته إجلالاً له، فقال الحسن بن عليّ(عليهم السلام): عد إلي موضعك.

فعاد وهو معظّم له، وقال: يا ابن رسول اللّه! أخذت هذا في هذه الليلة علي باب حانوت صيرفيّ فاتّهمته بأنّه يريد نقبه، والسرقة منه، فقبضت عليه، فلمّا هممت أن أضربه خمسمائة [سوط] - وهذا سبيلي فيمن أتّهمه ممّن آخذه - ليكون قد شقي ببعض ذنوبه قبل أن يأتيني [ويسألني فيه] من لا أُطيق مدافعته.

فقال لي: اتّق اللّه! ولا تتعرّض لسخط اللّه! فإنّي من شيعة أمير المؤمنين عليّ



[ صفحه 324]



ابن أبي طالب(عليه السلام) وشيعة هذا الإمام [أبي] القائم بأمر اللّه(عليه السلام).

فكففت عنه، وقلت: أنا مارّ بك عليه، فإن عرفك بالتشيّع اطلقت عنك، وإلّا قطعت يدك، ورجلك بعد أن أُجلّدك ألف سوط.

وقد جئتك [به] يا ابن رسول اللّه! فهل هو من شيعة عليّ(عليه السلام) كما ادّعي؟

فقال الحسن بن عليّ(عليهم السلام): معاذ اللّه! ما هذا من شيعة عليّ(عليه السلام)، وإنّما ابتلاه اللّه في يدك لاعتقاده في نفسه أنّه من شيعة عليّ(عليه السلام).

فقال الوالي: الآن كفيتني مؤونته، الآن أضربه خمسمائة [ضربة] لا حرج عليّ فيها، فلمّا نحّاه بعيداً قال: ابطحوه! فبطحوه، وأقام عليه جلاّدين واحداً عن يمينه، وآخر عن شماله، وقال: أوجعاه، فأهويا إليه بعصيّهما، فكانا لايصيبان إسته شيئاً، إنّما يصيبان الأرض، فضجر من ذلك، وقال: ويلكما تضربان الأرض، اضربا إسته.

فذهبا يضربان إسته، فعدلت أيديهما، فجعلا يضرب بعضهما بعضاً، ويصيح ويتأوّه، فقال: ويحكما! أمجنونان أنتما يضرب بعضكما بعضاً! اضربا الرجل، فقالا: مانضرب إلّا الرجل، وما نقصد سواه، ولكن تعدل أيدينا حتّي يضرب بعضنا بعضاً.

قال: فقال: يا فلان! ويا فلان، حتّي دعا أربعة، وصاروا مع الأوّلين ستّة، وقال: أحيطوا به! فأحاطوا به، فكان يعدل بأيديهم، وترفع عصيّهم إلي فوق، فكانت لا تقع إلّا بالوالي، فسقط عن دابّته، وقال: قتلتموني قتلكم اللّه، ما هذا!

فقالوا: ما ضربنا إلّا إيّاه! ثمّ قال لغيرهم: تعالوا، فاضربوا هذا.

فجاءوا فضربوه بعد، فقال: ويلكم إيّاي تضربون؟!

فقالوا: لا، واللّه! ما نضرب إلّا الرجل.

قال الوالي: فمن أين لي هذه الشجّات برأسي ووجهي وبدني إن لم تكونوإ



[ صفحه 325]



تضربوني؟!

فقالوا: شلّت أيماننا إن كنّا [قد] قصدناك بضرب.

فقال الرجل للوالي: يا عبد اللّه! أما تعتبر بهذه الألطاف التي بها يصرف عنّي هذا الضرب، ويلك ردّني إلي الإمام، وامتثل فيّ أمره.

قال: فردّه الوالي بعد [إلي] بين يدي الحسن بن عليّ(عليهم السلام)، فقال: يا ابن رسول اللّه! عجبناً لهذا، أنكرت أن يكون من شيعتكم، ومن لم يكن من شيعتكم، فهو من شيعة إبليس وهو في النار، وقد رأيت له من المعجزات ما لا يكون إلّا للأنبياء.

فقال الحسن بن عليّ(عليهم السلام): قل: أو للأوصياء، [فقال: أو للأوصياء].

فقال الحسن بن عليّ(عليهم السلام) للوالي: يا عبد اللّه! إنّه كذب في دعواه -إنّه من شيعتنا- كذبة لو عرفها ثمّ تعمّدها لابتلي بجميع عذابك له ولبقي في المطبق ثلاثين سنة، ولكن اللّه تعالي رحمه لإطلاق كلمة علي ما عني، لاعلي تعمّد كذب.

وأنت يا عبد اللّه، فاعلم! أنّ اللّه عزّ وجلّ قد خلّصه من يديك، خلّ عنه، فإنّه من موالينا ومحبّينا، وليس من شيعتنا.

فقال الوالي: ماكان هذا كلّه عندنا إلّا سواء فما الفرق؟

قال له الإمام(عليه السلام): الفرق إنّ شيعتنا هم الذين يتّبعون آثارنا، ويطيعونا في جميع أوامرنا ونواهينا، فأولئك [من] شيعتنا، فأمّا من خالفنا في كثير ممّا فرضه اللّه عليه، فليسوا من شيعتنا.

قال الإمام(عليه السلام) للوالي: وأنت قد كذبت كذبة لو تعمّدتها وكذبتها، لابتلاك اللّه عزّ وجلّ بضرب ألف سوط، وسجن ثلاثين سنة في المطبق.

قال: وما هي؟ يا ابن رسول اللّه!

قال: بزعمك أنّك رأيت له معجزات، إنّ المعجزات ليست له، إنّما هي لنا،



[ صفحه 326]



أظهرها اللّه تعالي فيه إبانة لحجّتنا، وإيضاحاً لجلالتنا وشرفنا، ولو قلت شاهدت فيه معجزات لم أُنكره عليك، أليس إحياء عيسي(عليه السلام) الميّت معجزة؟

أهي للميّت، أم لعيسي؟

أوليس خلق من الطين كهيئة الطير، فصار طيراً بإذن اللّه [معجزة]؟ أهي للطائر، أو لعيسي؟

أوليس الذين جعلوا قردةً خاسئين معجزة؟ أهي للقردة، أو لنبيّ ذلك الزمان؟

فقال الوالي: أستغفر اللّه [ربّي] وأتوب إليه.

ثمّ قال الحسن بن عليّ(عليهم السلام) للرجل الذي، قال: إنّه من شيعة عليّ 1ل شيعة عليّ، 4(عليه السلام): ياعبداللّه! لست من شيعة عليّ(عليه السلام) إنّما أنت من محبّيه.

وإنّما شيعة عليّ(عليه السلام) الذين قال عزّ وجلّ فيهم: (وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّلِحَتِ أُوْلَئكَ أَصْحَبُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَلِدُونَ). [1] .

هم الذين آمنوا باللّه، ووصفوه بصفاته، ونزّهوه عن خلاف صفاته، وصدّقوا محمّداً في أقواله، وصوّبوه في كلّ أفعاله، ورأوا عليّاً بعده سيّداً إماماً وقرماً هماماً، لا يعدله من أُمّة محمّد أحد، ولا كلّهم إذا اجتمعوا في كفّة يوزنون بوزنه بل يرجّح عليهم كما ترجح السماء والأرض علي الذرّة.

وشيعة عليّ(عليه السلام) هم الذين لا يبالون في سبيل اللّه، أوقع الموت عليهم، أو وقعوا علي الموت، وشيعة عليّ(عليه السلام) هم الذين يؤثرون إخوانهم علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، وهم الذين لا يراهم اللّه حيث نهاهم، ولا يفقدهم من حيث أمرهم، وشيعة عليّ(عليه السلام) هم الذين يقتدون بعليّ في إكرام إخوانهم المؤمنين، مإ



[ صفحه 327]



عن قولي أقول لك هذا، بل أقوله عن قول محمّد(صلي اللّه عليه وال وسلم)، فذلك قوله تعالي: (وَعَمِلُواْ الصَّلِحَتِ) قضوا الفرائض كلّها بعد التوحيد، واعتقاد النبوّة والإمامة، وأعظمها [فرضاً] قضاء حقوق الإخوان في اللّه، واستعمال التقيّة من أعداء اللّه عزّ وجلّ. [2] .

2 - الشيخ الصدوق(ره):... الحسن بن محمّد بن صالح البزّاز، قال: سمعت الحسن بن عليّ العسكريّ(عليهم السلام) يقول: إنّ ابني هو القائم من بعدي...، فلايثبت علي القول به إلّا من كتب اللّه عزّ وجلّ في قلبه الإيمان، وأيّده بروح منه. [3] .


پاورقي

[1] البقرة: 2 / 82.

[2] التفسير: 316، ح 161، ونحوه 515، ح 315. عنه البحار: 65 / 160، س 7، ضمن ح 11، بتفاوت يسير، والبرهان: 4 / 23، س 30، ضمن ح 4، بتفاوت يسير، ووسائل الشيعة: 16 / 221، ح 21409، ومدينة المعاجز: 7 / 589، ح 2579، بتفاوت يسير. الصراط المستقيم: 2 / 209، ح 26، باختصار. الخرائج والجرائح: 2 / 683، ح 3، باختصار. قطعة منه في (كنيته عليه السلام)، و(إجلال الناس له عليه السلام)، و(إنّ معجزاة الأئمّة: لإيضاح جلالتهم)، و(إنّ عليّاً لا يعدله أحد من أُمّة محمّد:)، و(سورة البقرة: 2 / 82).

[3] إكمال الدين وإتمام النعمة: 524، ح 4. تقدّم الحديث بتمامه في ج 2، رقم 505.