بازگشت

ما رواه عن الإمام الحسن بن علي المجتبي


1 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام(عليه السلام):



[ صفحه 276]



[وقال الحسن بن عليّ [1] (عليهما السلام)]: من دفع فضل أمير المؤمنين(عليه السلام) علي جميع من بعد النبيّ(صلي اللّه عليه و آله وسلم) فقد كذّب بالتوراة، والإنجيل، والزبور، وصحف إبراهيم، وسائر كتب اللّه المنزلة، فإنّه ما نزل شي ء منها إلّا وأهمّ ما فيه بعد الأمر بتوحيد اللّه تعالي، والإقرار بالنبوّة، الإعتراف بولاية عليّ، والطيّبين من آله(عليهم السلام). [2] .

2 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): [قال الإمام(عليه السلام)]: وقال رجل للحسن بن عليّ(عليهما السلام): يا ابن رسول اللّه! أنا من شيعتكم.

فقال الحسن بن عليّ(عليهما السلام): يا عبد اللّه! إن كنت لنا في أوامرنا وزواجرنا مطيعاً فقد صدقت، وإن كنت بخلاف ذلك، فلا تزد في ذنوبك بدعواك مرتبة شريفة لست من أهلها، لا تقل أنا من شيعتكم، ولكن قل: أنا من مواليكم ومحبّيكم، ومعادي أعدائكم، وأنت في خير وإلي خير. [3] .

3 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):

قال الإمام [العسكريّ](عليه السلام): قال الحسن بن عليّ بن أبي طالب(عليهما السلام): إنّ اللّه تعالي لمّا وبّخ [هؤلاء] اليهود علي لسان رسوله محمّد(صلي اللّه عليه و آله وسلم)، وقطع معاذيرهم، وأقام عليهم الحجج الواضحة بأنّ محمّد(صلي اللّه عليه و آله وسلم) سيّد النبيّين، وخير الخلائق



[ صفحه 277]



أجمعين، وأنّ عليّاً سيّد الوصيّين وخير من يخلّفه بعده في المسلمين، وأنّ الطيّبين من آله هم القوّام بدين اللّه، والأئمّة لعباد اللّه عزّ وجلّ.

وانقطعت معاذيرهم، وهم لا يمكنهم إيراد حجّة، ولا شبهة، فجاءوا إلي أن كابروا فقالوا: لا ندري ما تقول، ولكنّا نقول: إنّ الجنّة خالصة لنا من دونك يامحمّد، ودون عليّ، ودون أهل دينك وأُمّتك، وإنّا بكم مبتلون [و] ممتحنون ونحن أولياء اللّه المخلصون، وعباده الخيرّون، ومستجاب دعاؤنا غير مردود علينا بشي ء من سؤالنا ربّنا.

فلمّا قالوا ذلك، قال اللّه تعالي لنبيّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): (قُلْ) يا محمّد! لهؤلاء اليهود (إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْأَخِرَةُ) الجنّة ونعيمها (خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ)، محمّد وعليّ والأئمّة، وسائر الأصحاب ومؤمني الأُمّة، وأنّكم بمحمّد وذرّيّته ممتحنون، وأنّ دعاءكم مستجاب غير مردود (فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ) للكاذبين منكم، ومن مخالفيكم.

فإنّ محمّداً وعليّاً وذويهما يقولون: إنّهم هم أولياء اللّه عزّ وجلّ من دون الناس الذين يخالفونهم في دينهم، وهم المجاب دعاؤهم، فإن كنتم معاشر اليهود كما تدّعون فتمنّوا الموت للكاذبين منكم، ومن مخالفيكم.

(إِن كُنتُمْ صَدِقِينَ) [4] بأنّكم أنتم المحقّون المجاب دعاؤكم علي مخالفيكم، فقولوا: «اللّهمّ أمت الكاذب منّا، ومن مخالفينا ليستريح منه الصادقون، ولتزداد حجّتكم وضوحاً بعد أن قد صحّت ووجبت».

ثمّ قال لهم رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) بعد ما عرض هذا عليهم: لا يقولها أحد منكم



[ صفحه 278]



إلّا غصّ [5] بريقه فمات مكانه.

وكانت اليهود علماء بأنّهم هم الكاذبون، وأنّ محمّداً(صلي اللّه عليه و آله وسلم) وعليّاً(عليه السلام) ومصدّقيهما هم الصادقون، فلم يجسروا أن يدعوا بذلك لعلمهم بأنّهم إن دعوا فهم الميّتون.

فقال اللّه تعالي: (وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدَم ا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) يعني اليهود لن يتمنّوا الموت بما قدّمت أيديهم من كفرهم باللّه وبمحمّد رسول اللّه ونبيّه وصفيّه، وبعليّ أخي نبيّه ووصيّه، وبالطاهرين من الأئمّة المنتجبين.

قال اللّه تعالي: (وَاللَّهُ عَلِيمُ م بِالظَّلِمِينَ) [6] اليهود أنّهم لا يجسرون أن يتمنّوا الموت للكاذب، لعلمهم بأنّهم هم الكاذبون، ولذلك آمرك أن تبهرهم بحجّتك وتأمرهم أن يدعوا علي الكاذب ليمتنعوا من الدعاء، ويتبيّن للضعفاء أنّهم هم الكاذبون.

ثمّ قال: يا محمّد! (وَلَتَجِدَنَّهُمْ) يعني تجد هؤلاء اليهود (أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَي حَيَوةٍ)، وذلك ليأسهم من نعيم الآخرة - لانهماكهم في كفرهم - الذي يعلمون أنّه لاحظّ لهم معه في شي ء من خيرات الجنّة.

(وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ) قال [تعالي]: هؤلاء اليهود (أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَي حَيَوةٍ) وأحرص (مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ) علي حياة يعني المجوس، لأنّهم لايرون النعيم إلّا في الدنيا، ولايأملون خيراً في الآخرة، فلذلك هم أشدّ الناس حرصاً علي حياة.



[ صفحه 279]



ثمّ وصف اليهود فقال: (يَوَدُّ - يتمنّي - أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ - التعمير ألف سنة - بِمُزَحْزِحِهِ ي - بمباعده - مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ) [تعميره].

وإنّما قال: (وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ ي [من العذاب] أَن يُعَمَّرَ) ولم يقل (وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ ي) فقطّ، لأنّه لو قال: وما هو بمزحزحه [من العذاب] واللّه بصير، لكان يحتمل أن يكون «وما هو» يعني ودّه وتمنّيه «بمزحزحه» فلمّا أراد وما تعميره قال: (وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ ي أَن يُعَمَّرَ).

ثمّ قال: (وَاللَّهُ بَصِير بِمَا يَعْمَلُونَ) [7] فعلي حسبه يجازيهم، ويعدل عليهم، ولايظلمهم.

قال الحسن بن عليّ بن أبي طالب(عليهما السلام): لمّا كاعت اليهود عن هذا التمنّي، وقطع اللّه معاذيرها، قالت طائفة منهم - وهم بحضرة رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) وقدكاعوا وعجزوا -: يا محمّد! فأنت والمؤمنون المخلصون لك مجاب دعاؤكم، وعليّ أخوك ووصيّك أفضلهم وسيّدهم؟!

قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): بلي!

قالوا: يا محمّد! فإن كان هذا كما زعمت، فقل لعليّ(عليه السلام): يدعو اللّه لابن رئيسنا هذا فقد كان من الشباب جميلاً نبيلاً وسيماً قسيماً، لحقه برص وجذام، وقد صار حمي [8] لا يقرب، ومهجوراً لا يعاشر يتناول الخبز علي أسنّة الرماح.

فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): ائتوني به، فأتي به، ونظر رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) وأصحابه [منه] إلي منظر فظيع سمج قبيح كريه، فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): ياأباحسن! ادع اللّه له بالعافية، فإنّ اللّه تعالي يجيبك فيه.



[ صفحه 280]



فدعا له، فلمّا كان بعد فراغه من دعائه إذ الفتي قد زال عنه كلّ مكروه، وعاد إلي أفضل ما كان عليه من النبل والجمال والوسامة والحسن في المنظر.

فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) للفتي: [يا فتي] آمن بالذي أغاثك من بلائك.

قال الفتي: قد آمنت - وحسن إيمانه -.

فقال أبوه: يا محمّد! ظلمتني وذهبت منّي بابني، ليته كان أجذم وأبرص كماكان ولم يدخل في دينك، فإنّ ذلك كان أحبّ إليّ.

قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم). لكنّ اللّه عزّ وجلّ قد خلّصه من هذه الآفة، وأوجب له نعيم الجنّة.

قال أبوه: يا محمّد! ما كان هذا لك ولا لصاحبك إنّما جاء وقت عافيته فعوفي، وإن كان صاحبك هذا - يعني عليّاً(عليه السلام) - مجاباً في الخير فهو أيضاً مجاب في الشرّ فقل له: يدعو عليّ بالجذام والبرص فإنّي أعلم أنّه لايصيبني، ليتبيّن لهؤلاء الضعفاء - الذين قد اغترّوا بك - أنّ زواله عن ابني لم يكن بدعائه.

فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): يا يهوديّ! اتّق اللّه وتهنّأ بعافية اللّه إيّاك، ولاتتعرّض للبلاء ولما لا تطيقه، وقابل النعمة بالشكر فإنّ من كفرها سلبها، ومن شكرها امتري [9] مزيدها.

فقال اليهوديّ: من شكر نعم اللّه تكذيب عدوّ اللّه المفتري عليه، وإنّما أريد بهذا أن أعرّف ولدي أنّه ليس ممّا قلت [له] وادّعيته قليل ولا كثير، وإنّ الذي أصابه من خير لم يكن بدعاء عليّ صاحبك.

فتبسّم رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) وقال: يا يهوديّ! هبك قلت: إنّ عافية ابنك لم تكن بدعاء عليّ(عليه السلام) وإنّما صادف دعاؤه وقت مجي ء عافيته، أرأيت لو دعا عليك



[ صفحه 281]



عليّ(عليه السلام) بهذا البلاء الذي اقترحته فأصابك أتقول: إنّ ما أصابني لم يكن بدعائه، ولكن لأنّه صادف دعاؤه وقت [مجي ء] بلائي.

فقال: لا أقول هذا، لأنّ هذا احتجاج منّي علي عدوّ اللّه في دين اللّه، واحتجاج منه عليّ، واللّه أحكم من أن يجيب إلي مثل هذا، فيكون قد فتن عباده ودعاهم إلي تصديق الكاذبين.

فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): فهذا في دعاء عليّ لابنك كهو في دعائه عليك لايفعل اللّه تعالي ما يلبس به علي عباده دينه، ويصدّق به الكاذب عليه.

فتحيّر اليهوديّ لمّا أبطل(صلي اللّه عليه و آله وسلم) شبهته وقال: يا محمّد! ليفعل عليّ هذا بي إن كنت صادقاً؟

فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) لعليّ(عليه السلام): يا أبا الحسن! قد أبي الكافر إلّا عتوّاً وطغياناً وتمرّداً، فادع عليه بما اقترح، وقل: اللّهمّ ابتله ببلاء ابنه من قبل.

فقالها، فأصاب اليهوديّ داء ذلك الغلام مثل ما كان فيه الغلام من الجذام والبرص واستولي عليه الألم والبلاء، وجعل يصرخ ويستغيث، ويقول: يامحمّد! قد عرفت صدقك فأقلني.

فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): لو علم اللّه صدقك لنجّاك، ولكنّه عالم بأنّك لاتخرج عن هذا الحال إلّا ازددت كفراً، ولو علم أنّه إن نجّاك آمنت به لجاد عليك بالنجاة، فإنّه الجواد الكريم.

قال(عليه السلام): فبقي اليهوديّ في ذلك الداء والبرص أربعين سنة آية للناظرين، وعبرة للمتفكّرين، وعلامة وحجّة بيّنة لمحمّد(صلي اللّه عليه و آله وسلم) باقية في الغابرين، وبقي ابنه كذلك معافي صحيح الأعضاء والجوارح ثمانين سنة عبرة للمعتبرين، وترغيباً للكافرين في الإيمان، وتزهيداً لهم في الكفر والعصيان.

وقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) حين حلّ ذلك البلاء باليهوديّ بعد زوال البلاء عن



[ صفحه 282]



ابنه: عباد اللّه! إيّاكم والكفر لنعم اللّه، فإنّه مشوم علي صاحبه.

ألا وتقرّبوا إلي اللّه بالطاعات، يجزل لكم المثوبات، وقصّروا أعماركم في الدنيا بالتعرّض لأعداء اللّه في الجهاد لتنالوا طول أعمار الآخرة في النعيم الدائم الخالد، وابذلوا أموالكم في الحقوق اللازمة ليطول غناكم في الجنّة.

فقام ناس فقالوا: يا رسول اللّه! نحن ضعفاء الأبدان قليل الأموال لا نفي بمجاهدة الأعداء، ولا تفضل أموالنا عن نفقات العيالات، فماذا نصنع؟

قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): ألا فلتكن صدقاتكم من قلوبكم وألسنتكم؟

قالوا: كيف يكون ذلك يا رسول اللّه!؟

قال(صلي اللّه عليه و آله وسلم): أمّا القلوب فتقطعونها علي حبّ اللّه، وحبّ محمّد رسول اللّه، وحبّ عليّ وليّ اللّه، ووصيّ رسول اللّه، وحب المنتجبين للقيام بدين اللّه، وحبّ شيعتهم ومحبّيهم، وحبّ إخوانكم المؤمنين، والكفّ عن اعتقادات العداوة والشحناء، والبغضاء.

وأما الألسنة فتطلقونها بذكر اللّه تعالي بما هو أهله، والصلاة علي نبيّه محمّد وآله الطيّبين، فإنّ اللّه تعالي بذلك يبلّغكم أفضل الدرجات، وينيلكم به المراتب العاليات. [10] .

4 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): وقال الحسن بن عليّ(عليهما السلام): إنّ التقيّة يصلح اللّه بها أُمّةً لصاحبها مثل ثواب أعمالهم، وإنّ تركها ربما أهلك أُمّةً، وتاركها شريك من أهلكهم، وإنّ معرفة حقوق الإخوان تحبّب



[ صفحه 283]



إلي الرحمن، وتعظّم الزلفي لدي الملك الديّان.

وإنّ ترك قضاءها يمقّت إلي الرحمن، ويصغّر الرتبة عند الكريم المنّان. [11] .

5 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):

وقال الحسن بن عليّ(عليهما السلام): من عبداللّه عبّد اللّه له كلّ شي ء. [12] .

6 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):

وقال الحسن بن عليّ(عليهما السلام): محمّد وعليّ أبوا هذه الأُمّة، فطوبي لمن كان بحقّهما عارفاً، ولهما في كلّ أحواله مطيعاً، يجعله اللّه من أفضل سكّان جنانه، ويسعده بكراماته ورضوانه. [13] .

7 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): وقال الحسن بن عليّ(عليهما السلام): عليك بالإحسان إلي قرابات أبوي دينك محمّد وعليّ، وإن أضعت قرابات أبوي نسبك.

وإيّاك وإضاعة قرابات أبوي دينك بتلافي قرابات أبوي نسبك، فإنّ شكر هؤلاء إلي أبوي دينك محمّد وعليّ(عليهما السلام) أثمر لك من شكر هؤلاء إلي أبوي نسبك.

إنّ قرابات أبوي دينك إذا شكروك عندهما - بأقلّ قليل نظرهما لك - يحطّ عنك ذنوبك ولو كانت مل ء مابين الثري إلي العرش.

وإنّ قرابات أبوي نسبك إن شكروك عندهما وقد ضيّعت قرابات أبوي



[ صفحه 284]



دينك لم يغنيا عنك فتيلاً. [14] .

8 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام(عليه السلام):

قال الحسن بن عليّ(عليهما السلام) [15] : إنّ اللّه تعالي ذمّ اليهود في بغضهم لجبرئيل الذي كان ينفذ قضاءاللّه فيهم بما يكرهون، وذمّهم أيضاً وذمّ النواصب في بغضهم لجبرئيل وميكائيل وملائكة اللّه النازلين لتأييد عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) علي الكافرين حتّي أذلّهم بسيفه الصارم.

فقال: قل: يا محمّد! (مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ) من اليهود لدفعه عن بخت نصّر أن يقتله دانيال من غير ذنب كان جناه بخت نصّر حتّي بلغ كتاب اللّه في اليهود أجله، وحلّ بهم ما جري في سابق علمه، ومن كان أيضاً عدوّاً لجبرئيل من سائر الكافرين ومن أعداء محمّد وعليّ المناصبين، لأنّ اللّه تعالي بعث جبرئيل لعليّ(عليه السلام) مؤيّداً، وله علي أعدائه ناصراً.

ومن كان عدوّاً لجبرئيل لمظاهرته محمّداً وعليّاً(عليهما السلام) ومعاونته لهما وإنفاذه لقضاء ربّه عزّ وجلّ في إهلاك أعدائه علي يد من يشاء من عباده.

(فَإِنَّهُ و) يعني جبرئيل (نَزَّلَهُ و) يعني نزّل هذا القرآن (عَلَي قَلْبِكَ) يامحمّد! (بِإِذْنِ اللَّهِ) [16] بأمر اللّه، وهو كقوله: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ- عَلَي قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ - بِلِسَانٍ عَرَبِيٍ ّ مُّبِينٍ) [17] (مُصَدِّقًا - موافقاً - لِّمَا



[ صفحه 285]



بَيْنَ يَدَيْهِ). [18] .

[نزّل هذا القرآن جبرئيل علي قلبك يا محمّد! مصدّقاً موافقاً لما بين يديه] من التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وكتب شيث وغيرهم من الأنبياء.

قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): إنّ هذا القرآن هو النور المبين، والحبل المتين، والعروة الوثقي، والدرجة العليا، والشفاء الأشفي، والفضيلة الكبري، والسعادة العظمي.

من استضاء به نوّره اللّه، ومن اعتقد به في أُموره عصمه اللّه، ومن تمسّك به أنقذه اللّه، ومن لم يفارق أحكامه رفعه اللّه، ومن استشفي به شفاه اللّه، ومن آثره علي ما سواه هداه اللّه، ومن طلب الهدي في غيره أضلّه اللّه، ومن جعله شعاره ودثاره أسعده اللّه، ومن جعله إمامه الذي يقتدي به، ومعوّله الذي ينتهي إليه أدّاه اللّه إلي جنّات النعيم،والعيش السليم.

فلذلك قال: (هُدًي) يعني هذا القرآن هديً (وَبُشْرَي لِلْمُؤْمِنِينَ) [19] يعني بشارة لهم في الآخرة.

وذلك أنّ القرآن يأتي يوم القيامة بالرجل الشاحب، يقول لربّه عزّوجلّ: [ياربّ!] هذا اظمأت نهاره، وأسهرت ليله، وقوّيت في رحمتك طمعه، وفسحت في مغفرتك أمله، فكن عند ظنّي [فيك] وظنّه.

يقول اللّه تعالي: اعطوه الملك بيمينه، والخلد بشماله، وأقرنوه بأزواجه من الحور العين، واكسوا والديه حلّة لا تقوم لها الدنيا بما فيها.

فينظر إليهما الخلائق فيعظّمونهما، وينظران إلي أنفسهما فيعجبان منها، ويقولان: يا ربّنا! أنّي لنا هذه؟! ولم تبلغها أعمالنا؟



[ صفحه 286]



فيقول اللّه تعالي: ومع هذا تاج الكرامة لم ير مثله الراءون، ولا يسمع بمثله السامعون، ولا يتفكّر في مثله المتفكّرون.

فيقال: هذا بتعليمكما ولدكما القرآن، وتبصير كما إيّاه بدين الإسلام، ورياضتكما إيّاه علي حبّ محمّد رسول اللّه، وعليّ وليّ اللّه، وتفقيهكما إيّاه بفقههما، لأنّهما اللذان لا يقبل اللّه لأحد إلّا بولايتهما، ومعاداة أعدائهما عملاً، وإن كان مل ء مابين الثري إلي العرش ذهباً تصدّق به في سبيل اللّه، فتلك من البشارات التي يبشّرون بها.

وذلك قوله عزّ وجلّ: (وَبُشْرَي لِلْمُؤْمِنِينَ) شيعة محمّد وعليّ ومن تبعهم من أخلافهم وذراريهم.

ثمّ قال: (مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّهِ) لإنعامه علي محمّد وعليّ وعلي آلهما الطيّبين، وهؤلاء الذين بلغ من جهلهم أن قالوا: نحن نبغض اللّه الذي أكرم محمّداً وعليّاً بمايدّعيان.

(وَجِبْرِيلَ) ومن كان عدوّاً لجبريل لأنّ اللّه جعله ظهيراً لمحمّد وعليّ(عليهما السلام) علي أعداء اللّه، وظهيراً لسائر الأنبياء والمرسلين كذلك.

(وَمَلَل-ِكَتِهِ ي) يعني ومن كان عدوّاً لملائكة اللّه المبعوثين لنصرة دين اللّه وتأييد أولياء اللّه، وذلك قول بعض النصّاب المعاندين: برئت من جبرئيل الناصر لعليّ.

وقوله تعالي: (وَرُسُلِهِ ي) ومن كان عدوّاً لرسل اللّه موسي وعيسي وسائر الأنبياء، الذين دعوا إلي نبوّة محمّد وإمامة ليّ، وذلك قول النواصب: برئنا من هؤلاء الرسل الذين دعوا إلي إمامة عليّ.

ثمّ قال: (وَجِبْرِيلَ وَمِيكَئلَ) أي من كان عدّواً لجبرئيل وميكائيل، وذلك كقول من قال من النواصب لمّا قال النبيّ(صلي اللّه عليه و آله وسلم) في عليّ(عليه السلام): جبرئيل عن يمينه،



[ صفحه 287]



وميكائيل عن يساره، وإسرافيل من خلفه، وملك الموت أمامه، واللّه تعالي من فوق عرشه ناظر بالرضوان إليه ناصره.

قال بعض النواصب: فأنا أبرأ من اللّه و[من] جبرئيل وميكائيل والملائكة الذين حالهم مع عليّ ما قاله محمّد.

فقال: من كان عدّواً لهؤلاء تعصّباً علي عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) (فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَفِرِينَ) [20] فاعل بهم ما يفعل العدوّ بالعدوّ من إحلال النقمات، وتشديد العقوبات، وكان سبب نزول هاتين الآيتين ما كان من اليهود أعداء اللّه من قول سيّ ء في جبرئيل وميكائيل [وسائر ملائكة اللّه]، وما كان من أعداءاللّه النصّاب من قول أسوء منه في اللّه وفي جبرئيل وميكائيل وسائر ملائكة اللّه.

أمّا ما كان من النصّاب فهو أنّ رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) لمّا كان لا يزال يقول في عليّ(عليه السلام) الفضائل التي خصّه اللّه عزّ وجلّ بها، والشرف الذي أهلّه اللّه تعالي له، وكان في كلّ ذلك يقول: أخبرني به جبرئيل عن اللّه، ويقول في بعض ذلك: جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، ويفتخر جبرئيل علي ميكائيل في أنّه عن يمين عليّ(عليه السلام) الذي هو أفضل من اليسار كما يفتخر نديم ملك عظيم في الدنيا يجلسه [الملك] عن يمينه علي النديم الآخر الذي يجلسه علي يساره، ويفتخران علي إسرافيل الذي خلفه بالخدمة، وملك الموت الذي أمامه بالخدمة!

وإنّ اليمين والشمال أشرف من ذلك كافتخار حاشية الملك علي زيادة قرب محلّهم من ملكهم.

وكان رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) يقول في بعض أحاديثه: إنّ الملائكة أشرفها عنداللّه



[ صفحه 288]



أشدّها لعليّ بن أبي طالب(عليه السلام) حبّاً، وإنّ قسم الملائكة فيما بينهم والذي شرّف عليّاً(عليه السلام) علي جميع الوري بعد محمّد المصطفي.

ويقول مرّة [أُخري]: إنّ ملائكة السماوات والحجب ليشتاقون إلي رؤية عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) كما تشتاق الوالدة الشفيقة إلي ولدها البارّ الشفيق آخر من بقي عليها بعد عشرة دفنتهم.

فكان هؤلاء النصّاب يقولون: إلي متي يقول محمّد جبرئيل وميكائيل والملائكة كلّ ذلك تفخيم لعليّ وتعظيم لشأنه، ويقول اللّه تعالي لعليّ خاصّ من دون سائر الخلق، برئنا من ربّ ومن ملائكة ومن جبرئيل وميكائيل هم لعليّ بعد محمّد مفضّلون، وبرئنا من رسل اللّه الذين هم لعليّ بن أبي طالب بعد محمّد مفضّلون.

وأمّا ما قاله اليهود فهو أنّ اليهود - أعداء اللّه - لمّا قدم رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) المدينة أتوه بعبد اللّه بن صوريا، فقال: يا محمّد! كيف نومك؟ فإنّا قد أخبرنا عن نوم النبيّ الذي يأتي في آخر الزمان.

فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): تنام عيني، وقلبي يقظان.

قال: صدقت، يا محمّد!

قال: وأخبرني يا محمّد! الولد يكون من الرجل، أو من المراة؟

فقال النبيّ(صلي اللّه عليه و آله وسلم): أمّا العظام والعصب والعروق فمن الرجل، وأمّا اللحم والدم والشعر فمن المرأة.

قال: صدقت، يا محمّد!

ثمّ قال: فما بال الولد يشبه أعمامه ليس فيه من شبه أخواله شي ء، ويشبه أخواله ليس فيه من شبه أعمامه شي ء؟

فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): أيّهما علا ماؤه ماء صاحبه كان الشبه له.



[ صفحه 289]



قال: صدقت، يا محمّد! فأخبرني عمّن لا يولد له [ومن يولد له]؟

فقال: إذا مغرت النطفة لم يولد له - أي إذا احمرّت وكدرت - فإذا كانت صافية ولد له.

فقال: أخبرني عن ربّك ما هو؟ فنزلت (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) إلي آخرها.

فقال ابن صوريا: صدقت، [يا محمّد!] خصلة بقيت إن قلتها آمنت بك واتّبعتك، أيّ ملك يأتيك بما تقوله عن اللّه؟ قال: جبرئيل.ص

قال ابن صوريا: ذلك عدوّنا من بين الملائكة، ينزل بالقتال والشدّة والحرب، ورسولنا ميكائيل يأتي بالسرور والرخاء، فلو كان ميكائيل هو الذي يأتيك آمنّا بك، لأنّه كان يشدّد ملكنا وجبرئيل كان يهلك ملكنا فهو عدوّنا لذلك.

فقال له سلمان الفارسيّ (رضي اللّه عنه): وما بدء عداوته لكم؟

قال: نعم، يا سلمان! عادانا مراراً كثيرة، وكان من أشدّ ذلك علينا أنّ اللّه أنزل علي أنبيائه أنّ بيت المقدس يخرب علي يد رجل يقال له: بخت نصّر، وفي زمانه أخبرنا بالحين الذي يخرب فيه، واللّه يحدث الأمر بعد الأمر، فيمحو ما يشاء ويثبت.

فلمّا بلغ ذلك الحين الذي يكون فيه هلاك بيت المقدس بعث أوائلنا رجلاً من أقوياء بني إسرائيل وأفاضلهم - كان يعدّ من أنبيائهم - يقال له: دانيال في طلب بخت نصّر ليقتله فحمل معه وقر مال، لينفقه في ذلك.

فلمّا انطلق في طلبه لقيه ببابل غلاماً ضعيفاً مسكيناً ليس له قوّة ولامنعة، فأخذه صاحبنا ليقتله فدفع عنه جبرئيل، وقال لصاحبنا: إن كان ربّكم هو الذي أمره بهلاككم فإنّ اللّه لا يسلّطك عليه، وإن لم يكن هذا فعلي أيّ شي ء تقتله، فصدّقه صاحبنا وتركه ورجع إلينا، فأخبرنا بذلك، وقوي بخت نصّر، وملك وغزانا، وخرّب بيت المقدس، فلهذا نتّخذه عدّواً وميكائيل عدوّ لجبرئيل.



[ صفحه 290]



فقال سلمان: يا ابن صوريا! بهذا العقل المسلوك به غير سبيله ضللتم، أرأيتم أوائلكم كيف بعثوا من يقتل بخت نصّر، وقد أخبر اللّه تعالي في كتبه علي ألسنة رسله أنّه يملك ويخرّب بيت المقدس، وأرادوا تكذيب أنبياء اللّه في أخبارهم، واتّهموهم في [أخبارهم] أو صدّقوهم في الخبر عن اللّه.

ومع ذلك أرادوا مغالبة اللّه، هل كان هؤلاء ومن وجّهوه إلّا كفّاراً باللّه، وأيّ عداوة يجوز أن يعتقد لجبرئيل، وهو يصدّ عن مغالبة اللّه عزّ وجلّ وينهي عن تكذيب خبر اللّه تعالي.

فقال ابن صوريا: قد كان اللّه تعالي أخبر بذلك علي ألسن أنبيائه، ولكنّه يمحو ما يشاء ويثبت.

قال سلمان: فإذا لا تثقوا بشي ء ممّا في التوراة من الأخبار عمّا مضي ومايستأنف، فإنّ اللّه يمحو ما يشاء ويثبت، وإذا لعلّ اللّه قد كان عزل موسي وهارون عن النبوّة، وأبطلا في دعواهما، لأنّ اللّه يمحو ما يشاء ويثبت، ولعلّ كلّ ما أخبراكم أنّه يكون لا يكون، وما أخبراكم أنّه لايكون يكون، وكذلك ماأخبراكم عمّا كان لعلّه لم يكن، وما أخبراكم أنّه لم يكن لعلّه كان، ولعلّ ماوعده من الثواب يمحوه، ولعلّ ما توعّده من العقاب يمحوه، فإنّه يمحو ما يشاء ويثبت، إنّكم جهلتم معني يمحو اللّه مايشاء ويثبت، فلذلك أنتم باللّه كافرون، ولأخباره عن الغيوب مكذّبون، وعن دين اللّه منسلخون.

ثمّ قال سلمان: فإنّي أشهد أنّ من كان عدّواً لجبرئيل فإنّه عدوّ لميكائيل، وإنّهما جميعاً عدوّان لمن عاداهما، سلمان لمن سالمهما.

فأنزل اللّه عزّ وجلّ [عند ذلك] موافقاً لقول سلمان (ره): (قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّإ لِّجِبْرِيلَ) في مظاهرته لأولياء اللّه علي أعداء اللّه، ونزوله بفضائل عليّ وليّ اللّه من عند اللّه (فَإِنَّهُ و نَزَّلَهُ و) فإنّ جبرئيل نزّل هذا القرآن (عَلَي قَلْبِكَ



[ صفحه 291]



بِإِذْنِ اللَّهِ) بأمر اللّه (مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ) من سائر كتب اللّه (وَهُدًي) من الضلالة (وَبُشْرَي لِلْمُؤْمِنِينَ) [21] بنبوّة محمّد(صلي اللّه عليه و آله وسلم) وولاية عليّ(عليه السلام) ومن بعده من الأئمّة بأنّهم أولياء اللّه حقّاً إذا ماتوا علي موالاتهم لمحمّد وعليّ وآلهما الطيّبين.

ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): يا سلمان! إنّ اللّه صدّق قيلك ووثّق رأيك، وإنّ جبرئيل عن اللّه تعالي يقول: يا محمّد! سلمان والمقداد أخوان متصافيان في ودادك ووداد عليّ أخيك ووصيّك وصفيّك، وهما في أصحابك كجبرئيل وميكائيل في الملائكة [عدوّان لمن أبغض أحدهما، ووليّان لمن والاهما ووالي محمّداً وعليّاً، و] عدوّان لمن عادي محمّداً وعليّاً وأولياءهما.

ولو أحبّ أهل الأرض سلمان والمقداد كما يحبّهما ملائكة السماوات والحجب والكرسيّ والعرش لمحض ودادهما لمحمّد وعليّ وموالاتهما لأوليائهما ومعاداتهما لأعدائهما، لما عذّب اللّه تعالي أحداً منهم بعذاب البتّة.

قال الحسن بن عليّ(عليهما السلام): فلمّا قال ذلك رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) في سلمان والمقداد، سرّ به المؤمنون وانقادوا، وساء ذلك المنافقين فعاندوا وعابوا وقالوا: يمدح محمّد الأباعد ويترك الأدنين من أهله لا يمدحهم ولا يذكرهم.

فاتّصل ذلك برسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) فقال: ما لهم - لحاهم اللّه - يبغون للمسلمين السوء، وهل نال أصحابي ما نالوه من درجات الفضل إلّا بحبّهم لي ولأهل بيتي، والذي بعثني بالحقّ نبيّاً إنّكم لن تؤمنوا حتّي يكون محمّد وآله أحبّ إليكم من أنفسكم وأهليكم وأموالكم ومن في الأرض جميعاً.

ثمّ دعا بعليّ وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام) فغمّتهم بعباءته القطوانيّة.



[ صفحه 292]



ثمّ قال: هؤلاء خمسة لا سادس لهم من البشر.

ثمّ قال: أنا حرب لمن حاربهم، وسلم لمن سالمهم.

فقامت [22] أُمّ سلمة ورفعت جانب العباء لتدخل، فكفّها رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم)

وقال: لست هناك، وإن كنت في خير وإلي خير، فانقطع عنها طمع البشر، وكان جبرئيل معهم، فقال: يا رسول اللّه! وأنا سادسكم؟

فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): نعم! أنت سادسنا، فارتقي السماوات، وقد كساه اللّه من زيادة الأنوار ماكادت الملائكة لا تبيّنه حتّي قال: بخّ بخّ من مثلي، أنا جبرئيل سادس محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام).

وذلك ما فضّل اللّه به جبرئيل علي سائر الملائكة في الأرضين والسماوات.

قال: ثمّ تناول رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) الحسن بيمينه والحسين بشماله، فوضع هذا علي كاهله الأيمن، وهذا علي كاهله الأيسر، ثمّ وضعهما علي الأرض.

فمشي بعضهما إلي بعض يتجاذبان ثمّ اصطرعا، فجعل رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) يقول للحسن: إيهاً [يا] أبا محمّد! فيقوي الحسن ويكاد يغلب الحسين، [ثمّ يقوي الحسين(عليه السلام) فيقاومه].

فقالت فاطمة(سلام اللّه عليه): يا رسول اللّه! أتشجّع الكبير علي الصغير؟

فقال لها رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): يا فاطمة! أما إنّ جبرئيل وميكائيل كما قلت للحسن: إيهاً [يا] أبا محمّد، قالا للحسين: إيهاً [يا] أبا عبد اللّه! فلذلك تقاوما وتساويا.

أما إنّ الحسن والحسين حين كان يقول رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) للحسن: إيهاً أبامحمّد! ويقول جبرئيل: إيهاً أبا عبد اللّه! لو رام كلّ واحد منهما حمل الأرض



[ صفحه 293]



بماعليها من جبالها وبحارها وتلالها، وسائر ما علي ظهرها لكان أخفّ عليهما من شعرة علي أبدانهما.

وإنّما تقاوما لأنّ كلّ واحد منهما نظير الآخر، هذان قرّتا عيني، هذان ثمرتا فؤادي، هذان سندا ظهري، هذان سيّدا شباب أهل الجنّة من الأولين والآخرين، وأبوهما خير منهما، وجدّهما رسول اللّه خيرهم أجمعين.

فلمّا قال ذلك رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم)، قالت اليهود والنواصب: إلي الآن كنّا نبغض جبرئيل وحده، والآن قد صرنا نبغض ميكائيل أيضاً لادّعائهما لمحمّد وعليّ إيّاهما ولولديه.

فقال اللّه عزّ وجلّ: (مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّهِ وَمَلَل-ِكَتِهِ ي وَرُسُلِهِ ي وَجِبْرِيلَ وَمِيكَل-لَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَفِرِينَ). [23] [24] .

9 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام(عليه السلام): قال اللّه تعالي: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَرَي عَلَي شَيْ ءٍ)...

وقال الحسن بن عليّ بن أبي طالب(عليهما السلام): إنّما أُنزلت الآية لأنّ قوماً من



[ صفحه 294]



اليهود وقوماً من النصاري جاؤا إلي رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم)، فقالوا: يا محمّد! اقض بيننا، فقال(صلي اللّه عليه و آله وسلم): قصّوا عليّ قصّتكم؟

فقالت اليهود: نحن المؤمنون بالإله الواحد الحكيم وأوليائه، وليست النصاري علي شي ء من الدين والحقّ.

وقالت النصاري: بل نحن المؤمنون بالإله الواحد الحكيم وأوليائه، وليست هؤلاء اليهود علي شي ء من الحقّ والدين.

فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): كلّكم مخطئون مبطلون فاسقون عن دين اللّه وأمره.

فقالت اليهود: كيف نكون كافرين، وفينا كتاب اللّه التوراة نقرأه؟!

وقالت النصاري: كيف نكون كافرين، وفينا كتاب اللّه الإنجيل نقرأه؟!

فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): إنّكم خالفتم أيّها اليهود والنصاري! كتاب اللّه ولم تعملوا به فلو كنتم عاملين بالكتابين لما كفر بعضكم بعضاً بغير حجّة لأنّ كتب اللّه أنزلها شفاء من العمي وبياناً من الضلالة يهدي العاملين بها إلي صراط مستقيم كتاب اللّه إذا لم تعملوا به كان وبالاً عليكم، وحجّة اللّه إذا لم تنقادوا لها كنتم للّه عاصين، ولسخطه متعرّضين.

ثمّ أقبل رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) علي اليهود، فقال: احذروا أن ينالكم بخلاف أمراللّه وبخلاف كتابه ما أصاب أوائلكم الذين قال اللّه تعالي فيهم: (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ) وأمروا بأن يقولوه.

قال اللّه تعالي: (فَأَنزَلْنَا عَلَي الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزًا مِّنَ السَّمَآءِ) عذاباً من السماء طاعوناً نزل بهم فمات منهم مائة وعشرون ألفاً، ثمّ أخذهم بعد قباع فمات منهم مائة وعشرون ألفاً أيضاً.

وكان خلافهم أنّهم لما بلغوا الباب رأوا باباً مرتفعاً، فقالوا: ما بالنا نحتاج، إلي أن نركع عند الدخول هاهنا ظنّنا أنّه باب متطامن لابدّ من الركوع فيه، وهذا



[ صفحه 295]



باب مرتفع وإلي متي يسخر بنا هؤلاء - يعنون موسي ثمّ يوشع بن نون- ويسجدوننا في الأباطيل وجعلوا استاهم نحو الباب، وقالوا بدل قولهم حطّة الذي أمروا به: هطاً سمقاناً، يعنون حنطة حمراءً فذلك تبديلهم.... [25] .

10 - الشيخ الصدوق(ره): [قال(عليه السلام):] [26] وسئل الحسن بن عليّ بن أبي طالب(عليهما السلام): ما الموت الذي جهلوه؟

قال: أعظم سرور يرد علي المؤمنين، إذ نقلوا عن دار النكد إلي نعيم الأبد، وأعظم ثبور يرد علي الكافرين، إذ نقلوا عن جنّتهم إلي نار لا تبيد ولاتنفد. [27] .

11 - أبو منصور الطبرسيّ(ره): وبهذا الإسناد [28] عن أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ(عليهما السلام)، قال: قال الحسن بن عليّ(عليهما السلام): فضل كافل يتيم آل محمّد(عليهم السلام) -المنقطع عن مواليه، الناشب في رتبة الجهل، يخرجه من جهله، ويوضح له مااشتبه عليه- علي فضل كافل يتيم يطعمه ويسقيه، كفضل الشمس علي السهي. [29] .



[ صفحه 296]



12 - أبو منصور الطبرسيّ(ره): وقال أبو محمّد(عليه السلام): قال الحسن بن عليّ بن أبي طالب(عليهما السلام) وقد حمل إليه رجل هديّةً، فقال له: أيّما أحبّ إليك أن أردّ عليك بدلها عشرين ضعفاً، عشرين ألف درهم، أو أفتح لك باباً من العلم تقهر فلاناً الناصبي في قريتك تنقذ به ضعفاء أهل قريتك.

إن أحسنت الاختيار جمعت لك الأمرين، وإن أسأت الاختيار خيّرتك لتأخذ أيّهما شئت، فقال: يا ابن رسول اللّه! فثوابي في قهري ذلك الناصب، واستنقاذي لأُولئك الضعفاء، من يده قدره عشرون ألف درهم؟!

قال: بل أكثر من الدنيا عشرين ألف ألف مرّة.

قال: يا ابن رسول اللّه! فكيف أختار الأدون، بل أختار الأفضل، الكلمة التي أقهر بها عدوّ اللّه، وأذوده عن أولياء اللّه.

فقال الحسن بن عليّ(عليهما السلام): قد أحسنت الاختيار، وعلّمه الكلمة، وأعطاه عشرين ألف درهم، فذهب، فأفحم الرجل، فاتّصل خبره به(عليه السلام).

فقال(عليه السلام) له إذ حضره: يا عبد اللّه! ما ربح أحد مثل ربحك، ولا اكتسب أحد من الأودّاء مثل ما اكتسبت، مودّة اللّه أوّلاً، ومودّة محمّد(صلي اللّه عليه و آله وسلم) وعليّ(عليه السلام) ثانياً، ومودّة الطيّبين من آلهما ثالثاً، ومودّة ملائكة اللّه تعالي [المقرّبين] رابعاً، ومودّة إخوانك المؤمنين خامساً، واكتسبت بعدد كلّ مؤمن وكافر ما هو أفضل من الدنيا ألف مرّة، فهنيئاً لك هنيئاً. [30] .

13 - الراونديّ(ره): الصفّار، عن الحسن بن عليّ(عليهما السلام) بإسناده، قال:



[ صفحه 297]



سئل الحسن بن عليّ(عليهما السلام) بعد مضيّ أمير المؤمنين عن أشياء.

فقال لهم: أتعرفون أمير المؤمنين إذا رأيتموه؟

قالوا: نعم، قال: فارفعوا هذا الستر.

فرفعوه، فإذا هم به(عليه السلام) لا ينكرونه، فقال لهم عليّ(عليه السلام): إنّه يموت من مات منّا، وليس بميّت، ويبقي من بقي حجّة عليكم. [31] .

14 - السيّد ابن طاووس(ره): بإسنادنا إلي أبي الفضل محمّد بن عبداللّه بن المطّلب الشيبانيّ، قال: أخبرنا رجاء بن يحيي أبو الحسين العبريانيّ، قال: كتبت هذا الدعاء في دار سيّدنا أبي محمّد الحسن بن عليّ صاحب العسكر(عليه السلام) وهو دعاء الحسن بن عليّ(عليهما السلام) لمّا أتي معاوية:

«بسم اللّه الرحمن الرحيم، بسم اللّه العظيم الأكبر.

اللّهمّ سبحانك يا قيّوم! سبحان الحيّ الذي لا يموت، أسألك كما أمسكت عن دانيال أفواه الأسد، وهو في الجبّ فلا يستطيعون إليه سبيلاً إلّا بإذنك.

أسألك أن تمسك عنّي أمر هذا الرجل وكلّ عدوّ لي في مشارق الأرض ومغاربها من الإنس والجنّ، خذ بآذانهم وأسماعهم وأبصارهم وقلوبهم وجوارحهم.

واكفني كيدهم بحولٍ منك وقوّة، وكن لي جاراً منهم، ومن كلّ جبّار عنيد، ومن كلّ شيطان مريد لا يؤمن بيوم الحساب.

إنّ وليّي اللّه الذي نزّل الكتاب، وهو يتوّلي الصالحين، فإن تولّوا فقل



[ صفحه 298]



حسبي اللّه لا إله إلّا هو، عليه توكّلت، وهو ربّ العرش العظيم». [32] .


پاورقي

[1] ليس هذه الجملة: «الحسن بن عليّ (عليهما السلام)» في البحار.

[2] التفسير: 88، ح 46. عنه البحار: 65 / 285، س 16، ضمن ح 43، بتفاوت يسير، وتأويل الآيات الظاهرة: 35، س 19، بتفاوت يسير.

[3] التفسير: ص 308، ح 153. عنه البحار: 65 / 156، س 1، ضمن ح 11، والبرهان: 4 / 21، س 35، ضمن ح 4، ومقدّمة البرهان: 201، س 24. تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: 425، س 3.

[4] البقرة: 2 / 94.

[5] غصّ غصصاً بالطعام والماء: اعترض في حلقه شي ء منه، فمنعه التنفّس، المنجد: 552، (غصّ).

[6] البقرة: 2 / 95.

[7] البقرة: 2 / 96.

[8] حَمي الشي ء فلاناً حَمْياً وحماية: منعه ودفع عنه. المعجم الوسيط: 200، (حمي).

[9] امتري واستمري اللبن ونحوه: استخرجه واستدرّه. المنجد: 758، (مري).

[10] التفسير: 442، ح 294 و295. عنه البحار: 9 / 321، ح 15، و17 / 220، ح 24، قطعة منه، ومقدّمة البرهان: 277، س 10، قطعة منه، والبرهان: 1 / 131، ح 1، و132، ح 2، ومدينةالمعاجز: 1 / 451، ح 1، قطعة منه. المناقب لابن شهرآشوب: 2 / 335، س 8، أشار إليه.

[11] التفسير: 321، ح 164. عنه وسائل الشيعة: 16 / 222، ح 21412، والبحار: 72 / 414، س 21، ضمن ح 68.

[12] التفسير: 327، ح 178. عنه البحار: 68 / 184، س 11، ضمن ح 44. تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: 427، س 14، مرسلاً.

[13] التفسير: 330، ح 192. عنه البحار: 23 / 259، س 22، ضمن ح 8، و36 / 9، س 7، ضمن ح 11، والبرهان: 3 / 245، س 7، ضمن ح 3.

[14] التفسير: 334، ح 204. عنه مستدرك الوسائل: 12 / 378، ح 14342، والبحار: 23 / 262، س 2، ضمن ح 8.

[15] في البحار: 9 / 284: الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليهما السلام)، وكذا في: 39 / 103.

[16] البقرة: 2 / 97.

[17] الشعراء:26 / 193 - 195.

[18] البقرة: 2 / 97.

[19] البقرة: 2 / 97.

[20] البقرة: 2 / 98.

[21] البقرة: 2 / 97.

[22] في المصدر: فقالت، والظاهر أنّه غير صحيح.

[23] البقرة: 2 / 98.

[24] التفسير: 448، ح 296 - 299. عنه البحار: 7 / 305، ح 79، قطعة منه، و9 / 284، ح 2، بتفاوت يسير، و39 / 103، ح 12، و89 / 31، ح 34، قطعة منه، والبرهان: 1 / 133، ح 1، بتفاوت. الاحتجاج: 1 / 88، ح 26، بتفاوت. عنه نور الثقلين: 1 / 103، ح 290، و104، ح 291، و4 / 587، ح 132، و5 / 172، ح 103، و550، ح 6، و706، ح 48، قِطع منه، والبرهان: 4 / 523، ح 1، قطعة منه، وإثبات الهداة: 1 / 183، ح 72، قطعة منه. وعنه وعن التفسير، البحار: 22 / 327، ح 34، و57 / 336، ح 9، قطعتان منه. مجمع البيان: 1 / 167، س 9، وفيه: قال ابن عبّاس: كان سبب نزول هذه الآية ما روي أنّ ابن صوريا وجماعة...، قطعة منه.

[25] التفسير: 544، ح 325. تقدّم الحديث بتمامه في ج 3، رقم 595.

[26] يأتي سند الحديث مع ترجمة الحسن بن عليّ الناصر في (ما رواه عن الإمام الحسين (عليهم السلام))، رقم 980.

[27] معاني الأخبار: 288، ح 3.

[28] تقدّم في ح 3، رقم 375.

[29] الاحتجاج: 10 / 7، ح 4. التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ: 341، ح 21. عنه الفصول المهمّة للحرّ العامليّ: 1 / 601، ح 940، بتفاوت، ومنية المريد: 33، س 3، والمحجّة البيضاء: 1 / 31، س 1، والصراط المستقيم: 3 / 55، س 13، نسبه إلي العسكريّ (عليه السلام). وعنه وعن الاحتجاج، البحار: 2 / 3، ح 4، ومستدرك الوسائل: 17 / 318، ح 21461.

[30] الاحتجاج: 1 / 19، ح 16. عنه وعن التفسير، البحار: 2 / 8، ح 16. التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ (عليه السلام): 347، ح 230، بتفاوت يسير. الصراط المستقيم: 3 / 57، س 14، عن مشكاة الأنوار.

[31] الخرائج والجرائح: 2 / 818، ح 29. عنه مدينة المعاجز: 3 / 76، ح 740، وإثبات الهداة: 2 / 583، ح 37، وفيه: قال: سئل الحسين بن عليّ (عليهما السلام)....

[32] مهج الدعوات: 180، س 7. عنه البحار: 92 / 407، ح 39.