بازگشت

ما رواه عن الإمام جعفر بن محمد الصادق


1 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):... قال محمّد بن عليّ ابن محمّد بن جعفر بن الدقّاق:... حدّثني أبو يعقوب يوسف بن محمّد بن زياد وأبوالحسن عليّ بن محمّد بن سيّار...

استأذنّا علي الإمام الحسن بن عليّ(عليهما السلام)، فلمّا رآنا قال: مرحباً بالآوين إلينا الملتجئين إلي كنفنا، قد تقبّل اللّه تعالي سعيكما...، جعلت من شكر اللّه عزّوجلّ أن أفيدكما تفسير القرآن...

ففرحنا بذلك، وقلنا: ياابن رسول اللّه! فإذاً نأتي (علي جميع) علوم القرآن ومعانيه؟

قال: كلّا! إنّ الصادق(عليه السلام) علّم بعض - ما أريد أن أعلّمكما - بعض أصحابه ففرح بذلك، وقال: يا ابن رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم)! قد جمعت علم القرآن كلّه؟

فقال(عليه السلام): قد جمعت خيراً كثيراً، وأوتيت فضلاً واسعاً، لكنّه مع ذلك أقلّ قليل [من] أجزاء علم القرآن.

إنّ اللّه عزّ وجلّ يقول: (قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ ي مَدَدًا)...

وهذا علم القرآن ومعانيه، وما أودع من عجائبه، فكم تري مقدار ما أخذته من جميع هذا [القرآن]، ولكنّ القدر الذي أخذته قد فضّلك اللّه تعالي به علي كلّ من لا يعلم كعلمك، ولا يفهم كفهمك.... [1] .



[ صفحه 405]



2 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):

وقال الصادق(عليه السلام): ولربّما ترك في افتتاح أمر بعض شيعتنا (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)، فيمتحنه اللّه بمكروه لينبّهه علي شكر اللّه تعالي والثناء عليه، ويمحو عنه وصمة [2] تقصيره عند تركه قول بسم اللّه [الرحمن الرحيم].

لقد دخل عبد اللّه بن يحيي علي أمير المؤمنين(عليه السلام) وبين يديه كرسيّ، فأمره بالجلوس، فجلس عليه، فمال به حتّي سقط علي رأسه، فأوضح عن عظم رأسه وسال الدم، فأمر أمير المؤمينن(عليه السلام) بماء فغسل عنه ذلك الدم.

ثمّ قال: ادن منّي، فدنا منه، فوضع يده علي موضحته - وقد كان يجد من ألمها ما لا صبر [له] معه - ومسح يده عليها وتفل فيها [فما هو إلّا أن فعل ذلك] حتّي اندمل وصار كأنّه لم يصبه شي ء قطّ.

ثمّ قال أمير المؤمنين(عليه السلام): يا عبد اللّه! الحمد للّه الذي جعل تمحيص ذنوب شيعتنا في الدنيا بمحنهم لتسلم [لهم] طاعاتهم، ويستحقّوا عليها ثوابها.

فقال عبد اللّه بن يحيي: يا أمير المؤمنين! [و] إنّا لا نجازي بذنوبنا إلّا في الدنيا؟

قال: نعم! أما سمعت قول رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): الدنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر، يطهّر شيعتنا من ذنوبهم في الدنيا بما يبتليهم [به] من المحن وبما يغفره لهم فإنّ اللّه تعالي يقول: (وَمَآ أَصَبَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ) [3] حتّي إذا وردوا القيامة توفّرت عليهم طاعاتهم وعباداتهم.



[ صفحه 406]



وإنّ أعداء محمّد وأعداءنا يجازيهم علي طاعة تكون منهم في الدنيا - وإن كان لا وزن لها لأنّه لا إخلاص معها - حتّي إذا وافوا القيامة حملت عليهم ذنوبهم وبغضهم لمحمّد(صلي اللّه عليه و آله وسلم) وآله، وخيار أصحابه فقذفوا لذلك في النار.

ولقد سمعت محمّداً(صلي اللّه عليه و آله وسلم): يقول: إنّه كان فيما مضي قبلكم رجلان أحدهما مطيع [للّه مؤمن] والآخر كافر به مجاهر بعداوة أوليائه وموالاة أعدائه، ولكلّ واحد منهما ملك عظيم في قطر من الأرض، فمرض الكافر فاشتهي سمكة في غيرأوانها، لأنّ ذلك الصنف من السمك كان في ذلك الوقت في اللجج حيث لايقدر عليه، فآيسته الأطبّاء من نفسه، وقالوا [له]: استخلف علي ملكك من يقوم به فلست بأخلد من أصحاب القبور، فإنّ شفاءك في هذه السمكة التي اشتهيتها، ولا سبيل إليها.

فبعث اللّه ملكاً وأمره أن يزعج [البحر ب]تلك السمكة إلي حيث يسهل أخذها، فأخذت له [تلك السمكة] فأكلها فبرء من مرضه وبقي في ملكه سنين بعدها، ثمّ إنّ ذلك المؤمن مرض في وقت كان جنس ذلك السمك بعينه لا يفارق الشطوط التي يسهل أخذه منها مثل علّة الكافر، واشتهي تلك السمكة ووصفها له الأطبّاء.

فقالوا: طب نفساً فهذا أوانها تؤخذ لك فتأكل منها وتبرأ.

فبعث اللّه ذلك الملك وأمره أن يزعج جنس تلك السمكة [كلّه] من الشطوط إلي اللجج، لئلاّ يقدر عليه فيؤخذ حتّي مات المؤمن من شهوته لعدم دوائه، فعجب من ذلك ملائكة السماء، وأهل ذلك البلد [في الأرض] حتّي كادوا يفتنون، لأنّ اللّه تعالي سهّل علي الكافر ما لا سبيل إليه وعسّر علي المؤمن ماكان السبيل إليه سهلاً، فأوحي اللّه عزّ وجلّ إلي ملائكة السماء، وإلي نبيّ



[ صفحه 407]



ذلك الزمان في الأرض: إنّي أنا اللّه الكريم المتفضّل القادر! لا يضرّني ما أُعطي، ولاينفعني ما أمنع، ولاأظلم أحداً مثقال ذرّة، فأمّا الكافر فإنّما سهّلت له أخذ السمكة في غير أوانها ليكون جزاء علي حسنة كان عملها، إذ كان حقّاً عليّ أن لا أُبطل لأحد حسنة حتّي يرد القيامة، ولاحسنة في صحيفته ويدخل النار بكفره.

ومنعت العابد تلك السمكة بعينها لخطيئة كانت منه، أردت تمحيصها عنه بمنع تلك الشهوة إعدام ذلك الدواء ليأتينّ ولا ذنب عليه فيدخل الجنّة.

فقال عبد اللّه بن يحيي: يا أمير المؤمنين! قد أفدتني وعلّمتني فإن رأيت أن تعرّفني ذنبي الذي امتحنت به في هذا المجلس حتّي لا أعود إلي مثله؟

قال: تركك حين جلست أن تقول (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)، فجعل اللّه ذلك لسهوك عمّا ندبت إليه تمحيصاً بما أصابك.

أما علمت أنّ رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) حدّثني عن اللّه عزّ وجلّ أنّه قال: كلّ أمر ذي بال لم يذكر بسم اللّه فيه فهو أبتر.

فقلت: بلي، بأبي أنت وأُمّي! لا أتركها بعدها.

قال: إذا تحصن بذلك وتسعد. ثمّ قال عبد اللّه بن يحيي: يا أمير المؤمنين! ما تفسير بسم اللّه الرحمن الرحيم؟

قال: إنّ العبد إذا أراد أن يقرأ، أو يعمل عملاً [و] يقول: [بسم اللّه، أي بهذا الإسم أعمل هذا العمل. فكلّ امر يعمله يبدأ فيه ب]بسم اللّه الرحمن الرحيم فإنّه يبارك له فيه. [4] .



[ صفحه 408]



3 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):

قال الصادق(عليه السلام): وأعظم من هذا [أشدّ الناس حسرة يوم القيامة10 عظم من هذا أشدّ الناس حسرة يوم القيامة.... الإمام الصادق، 4، من رأي ماله في ميزان غيره] حسرة رجل جمع مالاً عظيماً بكدّ شديد، ومباشرة الأهوال، وتعرّض الأخطار.

ثمّ أفني ماله في صدقات ومبرّات، وأفني شبابه وقوّته في عبادات وصلوات وهو مع ذلك لا يري لعليّ بن أبي طالب(عليه السلام) حقّه، ولا يعرف له من الإسلام محلّه، ويري أنّ من لا بعشره ولا بعشر عشير معشاره أفضل منه(عليه السلام) يوقف علي الحجج، فلا يتأمّلها، ويحتجّ عليه بالآيات والأخبار فيأبي إلّا تمادياً في غيّه.

فذاك أعظم من كلّ حسرة يأتي يوم القيامة، وصدقاته ممثّلة له في مثال الأفاعي تنهشه، وصلواته وعباداته ممثّلة له في مثال الزبانية تدفعه حتّي تدعّه إلي جهنّم دعّاً، يقول: يا ويلي، ألم أك من المصلّين!؟ ألم أك من المزكّين؟ ألم أك عن أموال الناس ونسائهم من المتعفّفين فلما ذا دهيت بما دهيت!؟

فيقال له: يا شقيّ! ما نفعك ما عملت، وقد ضيّعت أعظم الفروض بعد توحيد اللّه تعالي، والإيمان بنبوّة محمّد [رسول اللّه](صلي اللّه عليه و آله وسلم)، ضيّعت ما لزمك من معرفة حقّ عليّ بن أبي طالب وليّ اللّه، والتزمت ما حرّم اللّه عليك من الائتمام بعدوّاللّه، فلو كان لك بدل أعمالك هذه عبادة الدهر من أوّله إلي آخره، وبدل صدقاتك الصدقة بكلّ أموال الدنيا بل بمل ء الأرض ذهباً، لما زادك ذلك من رحمة اللّه تعالي إلّا بعداً، ومن سخط اللّه عزّ وجلّ إلّا قرباً. [5] .



[ صفحه 409]



4 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):

وقال جعفر بن محمّد الصادق(عليهما السلام): قوله عزّ وجلّ: (اهْدِنَا الصِّرَطَ الْمُسْتَقِيمَ)، يقول: أرشدنا للصراط المستقيم، أرشدنا للزوم الطريق المؤدّي إلي محبّتك، والمبلّغ إلي جنّتك، والمانع من أن نتّبع أهواءنا فنعطب، أو أن نأخذ بآرائنا فنهلك.

ثمّ قال(عليه السلام): فإنّ من اتّبع هواه وأعجب برأيه كان كرجل سمعت غثاء العامّة تعظّمه وتصفه، فأحببت لقاءه من حيث لا يعرفني لأنظر مقداره ومحلّه، فرأيته في موضع قد أحدق به خلق من غثاء العامّة، فوقفت منتبذاً عنهم، متغشّياً بلثام أنظر إليه وإليهم، فما زال يراوغهم [6] حتّي خالف طريقهم ففارقهم، ولم يعد، فتفرّقت العامّة عنه لحوائجهم، وتبعته أقتفي أثره، فلم يلبث أن مرّ بخبّاز فتغفّله فأخذ من دكّانه رغيفين مسارقة، فتعجّبت منه، ثمّ قلت في نفسي لعلّه معاملة.

ثمّ مرّ بعده بصاحب رمّان فما زال به حتّي تغفّله فأخذ من عنده رمّانتين مسارقة، فتعجّبت منه، ثمّ قلت [في نفسي]: لعلّه معاملة، ثمّ أقول وما حاجته إذا إلي المسارقة!؟

ثمّ لم أزل أتّبعه حتّي مرّ بمريض فوضع الرغيفين والرمّانتين بين يديه ومضي، وتبعته حتّي استقرّ في بقعة من صحراء، فقلت له: يا عبد اللّه! لقد سمعت بك [خيراً] وأحببت لقاءك فلقيتك لكنّي رأيت منك ما شغل قلبي وإنّي سائلك عنه



[ صفحه 410]



ليزول به شغل قلبي، قال: ما هو؟

قلت: رأيتك مررت بخبّاز فسرقت منه رغيفين، ثمّ مررت بصاحب الرمّان فسرقت منه رمّانتين.

قال: فقال لي قبل كلّ شي ء: حدّثني من أنت؟

قلت له: رجل من ولد آدم من أُمّة محمّد(صلي اللّه عليه و آله وسلم).

قال: حدّثني ممّن أنت؟

قلت: رجل من أهل بيت رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم).

قال: أين بلدك؟

قلت: المدينة.

قال: لعلّك جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب؟

قلت: بلي.

قال لي: فما ينفعك شرف [أهلك و] أصلك مع جهلك بما شرّفت به، وتركك علم جدّك وأبيك، لئلّا تنكر ما يجب أن تحمد وتمدح فاعله!

قلت: وما هو؟

قال: القرآن كتاب اللّه.

قلت: وما الذي جهلت منه؟

قال: قول اللّه عزّ وجلّ (مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ و عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَآءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَايُجْزَي إِلَّا مِثْلَهَا) [7] وإنّي لمّا سرقت الرغيفين كانت سيّئتين، ولمّا سرقت الرمّانتين كانت سيّئتين، فهذه أربع سيّئات، فلمّا تصدّقت بكلّ واحدة



[ صفحه 411]



منها كانت أربعين حسنة، فانتقص من أربعين حسنة أربع (حسنات بأربع سيّئات) بقي لي ستّ وثلاثون حسنة.

قلت: ثكلتك أُمّك! أنت الجاهل بكتاب اللّه تعالي، أما سمعت قول اللّه تعالي (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) [8] إنّك لمّا سرقت الرغيفين كانت سيّئتين، ولمّاسرقت الرمّانتين كانت سيّئتين، ولمّا دفعتهما إلي غير صاحبهما بغير أمر صاحبهما كنت إنّما أضفت أربع سيّئات إلي أربع سيّئات، ولم تضف أربعين حسنة إلي أربع سيّئات، فجعل يلاحظني فتركته وانصرفت.

قال الصادق(عليه السلام): بمثل هذا التاويل القبيح المستنكر يضلّون ويضلّون.

وهذا [نحو] تأويل معاوية - عليه ما يستحقّ - لما قتل عمّار بن ياسر(ره) فارتعدت فرائص خلق كثير، وقالوا: قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): عمّار تقتله الفئة الباغية، فدخل عمرو بن العاص علي معاوية وقال: يا أمير المؤمنين! قد هاج الناس واضطربوا، قال: لماذا؟

قال: لقتل عمّار بن ياسر، حيث قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): عمّار تقتله الفئة الباغية، فقال له معاوية: دحضت في قولك، أنحن قتلناه، إنّما قتله عليّ بن أبي طالب لمّاألقاه بين رماحنا، فاتّصل ذلك بعليّ(عليه السلام) فقال(عليه السلام): إذا رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) هو الذي قتل حمزة(ره) لمّا ألقاه بين رماح المشركين.

ثمّ قال الصادق(عليه السلام): طوبي للذين هم كما قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): يحمل هذا العلم من كلّ خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، فقال له رجل: يا ابن رسول اللّه! إنّي عاجز ببدني عن نصرتكم، ولست أملك إلّا البراءة من أعدائكم واللعن عليهم، فكيف حالي؟ فقال له



[ صفحه 412]



الصادق(عليه السلام): حدّثني أبي عن أبيه عن جدّه(عليهم السلام)، عن رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) [أنّه] قال: من ضعف عن نصرتنا أهل البيت، فلعن في خلواته أعداءنا بلّغ اللّه صوته جميع الأملاك من الثري إلي العرش، فكلّما لعن هذا الرجل أعداءنا لعناً ساعدوه، فلعنوا من يلعنه، ثمّ ثنّوا فقالوا:

اللّهمّ صلّ علي عبدك هذا الذي قد بذل ما في وسعه، ولو قدر علي أكثر منه لفعل، فإذا النداء من قبل اللّه تعالي: قد أجبت دعاءكم،وسمعت نداءكم، وصلّيت علي روحه في الأرواح، وجعلته عندي من المصطفين الأخيار. [9] .

5 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):

وقال الصادق(عليه السلام): إنّ رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) لمّا دعا هؤلاء النفر المعيّنين في الآية المتقدّمة [في] قوله: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَايُؤْمِنُونَ) [10] وأظهر لهم تلك الآيات فقابلوها بالكفر.

أخبر اللّه عزّ وجلّ عنهم بأنّه جلّ ذكره ختم علي قلوبهم، وعلي سمعهم ختماً



[ صفحه 413]



يكون علامة لملائكته المقرّبين القرّاء لما في اللوح المحفوظ من أخبار هؤلاء [المكّذبين] المذكور فيه أحوالهم، حتّي [إذا] نظروا إلي أحوالهم، وقلوبهم، وأسماعهم، وأبصارهم، وشاهدوا ما هناك من ختم اللّه عزّ وجلّ عليها إزدادوا باللّه معرفة، وبعلمه بما يكون قبل أن يكون يقيناً، حتّي إذا شاهدوا هؤلاء المختوم علي جوارحهم يمرّون علي ما قرأوه من اللوح المحفوظ، وشاهدوه في قلوبهم وأسماعهم وأبصارهم إزدادوا - بعلم اللّه عزّوجلّ بالغائبات - يقيناً.

[قال:] فقالوا: يا رسول اللّه! فهل في عباد اللّه من يشاهد هذا الختم كماتشاهده الملائكة؟

فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): بلي! محمّد رسول اللّه يشاهده بإشهاد اللّه تعالي له، ويشاهده من أُمّته أطوعهم للّه عزّ وجلّ، وأشدّهم جدّاً في طاعة اللّه تعالي، وأفضلهم في دين اللّه عزّ وجلّ.

فقالوا: من هو يا رسول اللّه!؟ وكلّ منهم تمنّي أن يكون هو.

فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): دعوه يكن من شاء اللّه، فليس الجلالة في المراتب عند اللّه عزّ وجلّ بالتمنّي ولا بالتظنّي، ولا بالاقتراح، ولكنّه فضل من اللّه عزّوجلّ علي من يشاء يوفّقه للأعمال الصالحة، يكرمه بها فيبلّغه أفضل الدرجات، وأشرف المراتب.

إنّ اللّه تعالي سيكرم بذلك من يريكموه في غد، فجدّوا في الأعمال الصالحة، فمن وفّق[-ه] اللّه لما يوجب عظيم كرامته عليه، فللّه عليه في ذلك الفضل العظيم.

قال(عليه السلام): فلمّا أصبح رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم)، وغصّ مجلسه بأهله، وقد جدّ بالأمس كلّ من خيارهم في خير عمله، وإحسان إلي ربّه قدّمه، يرجو أن يكون هو ذلك الخير الأفضل.



[ صفحه 414]



قالوا: يا رسول اللّه! من هذا، عرّفناه بصفته، وإن لم تنصّ لنا علي اسمه؟

فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): هذا الجامع للمكارم، الحاوي للفضائل، المشتمل علي الجميل، قاض عن أخيه ديناً، مجحفاً إلي غريم متعنّت، غاضب للّه تعالي، قاتل لغضبه ذاك عدوّ اللّه مستحي من مؤمن معرض عنه لخجله يكايد في ذلك الشيطان الرجيم حتّي أخزاه [اللّه] عنه، ووقي بنفسه نفس عبد اللّه مؤمن حتّي أنقذه من الهلكة.

ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): أيّكم قضي البارحة ألف درهم وسبعمائة درهم؟

فقال عليّ بن أبي طالب(عليه السلام): أنا يا رسول اللّه!

فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): يا عليّ! فحدّث إخوانك المؤمنين كيف كانت قصّته، أصدّقك لتصديق اللّه إيّاك، فهذا الروح الأمين أخبرني عن اللّه عزّوجلّ: أنّه قدهذّبك من القبيح كلّه، ونزّهك عن المساوي بأجمعها، وخصّك من الفضائل بأشرفها وأفضلها، لا يتهّمك إلّا من كفر به، وأخطأ حظّ نفسه.

فقال عليّ(عليه السلام): مررت البارحة بفلان بن فلان المؤمن فوجدت فلاناً - وأنا أتّهمه بالنفاق - قد لازمه، وضيّق عليه، فناداني المؤمن: يا أخا رسول اللّه! وكشّاف الكرب عن وجه رسول اللّه، وقامع أعداء اللّه عن حبيبه، أغثني، واكشف كربتي، ونجّني من غمّي، سل غريمي هذا، لعلّه يجيبك ويؤجّلني، فإنّي معسر، فقلت له: اللّه، إنّك لمعسر!؟

فقال: يا أخا رسول اللّه! لئن كنت أستحلّ أن أكذب فلا تأمنّي علي يميني [أيضاً]، أنا معسر، وفي قولي هذا صادق، وأُوقّر اللّه، وأجلّه [من] أن أحلف به صادقاً أو كاذباً، فأقبلت علي الرجل، فقلت: إنّي لأجل نفسي عن أن يكون لهذا عليّ يد أو [منّة]، وأجلّك أيضاً عن أن يكون له عليك يد أو منّة، وأسأل مالك



[ صفحه 415]



الملك الذي لايؤنف من سؤاله ولا يستحي من التعرّض لثوابه، ثمّ قلت: «اللّهمّ بحقّ محمّد وآله الطيّبين لمّا قضيت عن عبدك هذا، [هذا] الدين»، فرأيت أبواب السماء تنادي أملاكها: يا أبا الحسن! مر هذا العبد يضرب بيده إلي ما شاء ممّا بين يديه من حجر ومدر وحصيات وتراب ليستحيل في يده ذهباً ثمّ يقضي دينه منه، ويجعل ما يبقي نفقته وبضاعته التي يسدّ بها فاقته، ويموّن بها عياله.

فقلت: يا عبد اللّه! قد أذن اللّه بقضاء دينك و [ب] يسارك بعد فقرك، اضرب بيدك إلي ما تشاء ممّا أمامك فتناوله، فإنّ اللّه يحوّله في يدك ذهباً أبريزاً، فتناول أحجاراً ثمّ مدراً، فانقلبت له ذهباً أحمر.

ثمّ قلت له: أفصل له منها قدر دينه فأعطه، ففعل، قلت: والباقي رزق ساقه اللّه تعالي إليك، وكان الذي قضاه من دينه ألفاً وسبعمائة درهم.

وكان الذي بقي أكثر من مائة ألف درهم، فهو من أيسر أهل المدينة.

ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): إنّ اللّه عزّ وجلّ يعلم من الحساب ما لا يبلغه عقول الخلق انّه يضرب ألفاً وسبعمائة في ألف وسبعمائة (ثمّ ما ارتفع من ذلك في مثله) إلي أن يفعل ذلك ألف مرّة، ثمّ آخر ما يرتفع من ذلك [في مثله إلي أن يفعل ذلك ألف مرّة، ثمّ آخر ما يرتفع من ذلك] عدد ما يهبه اللّه لك [يا عليّ] في الجنّة من القصور قصر من ذهب، وقصر من فضّة، وقصر من لؤلؤ، وقصر من زبرجد، وقصر من زمرّد، وقصر من جوهر، وقصر من نور ربّ العالمين، وأضعاف ذلك من العبيد والخدم [والخيل] والنجب [11] تطير بين سماء الجنّة



[ صفحه 416]



وأرضها، فقال عليّ(عليه السلام): حمداً لربّي وشكراً!

قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): وهذا العدد هو عدد من يدخلهم اللّه الجنّة، ويرضي عنهم بمحبّتهم لك، وأضعاف هذا العدد ممّن يدخلهم النار من الشياطين من الجنّ والإنس ببغضهم لك، ووقيعتهم فيك، وتنقيصهم إيّاك.

ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): أيّكم قتل رجلاً البارحة غضباً للّه ولرسوله؟

فقال عليّ(عليه السلام): أنا وسيأتيك الخصوم الآن.

فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): حدّث إخوانك المؤمنين [ب]القصّة.

فقال عليّ(عليه السلام): كنت في منزلي إذ سمعت رجلين خارج داري يتدارءان فدخلا إليّ، فإذا فلان اليهوديّ وفلان رجل معروف في الأنصار.

فقال اليهوديّ: يا أبا حسن! اعلم! أنّه قد بدت لي مع هذا حكومة، فاحتكمنا إلي محمّد صاحبكم فقضي لي عليه، فهو يقول: لست أرضي بقضائه فقد حاف ومال، وليكن بيني وبينك كعب [بن] الأشرف؟ فأبيت عليه.

فقال لي: أفترضي بعليّ؟

[ف] قلت: نعم! فها هو قد جاء بي إليك. فقلت لصاحبه: أكما يقول؟

قال: نعم! فقلت: أعد عليّ الحديث، فأعاد كما قال اليهوديّ، ثمّ قال لي: ياعليّ! فاقض بيننا بالحقّ، فقمت أدخل منزلي، فقال الرجل: إلي أين!؟

قلت: أدخل آتيك بما به أحكم بالحكم العدل، فدخلت واشتملت علي سيفي فضربته علي حبل عاتقه، فلو كان جبلاً لقددته، فوقع رأسه بين يديه.

فلمّا فرغ عليّ(عليه السلام) من حديثه جاء أهل ذلك الرجل [بالرجل] المقتول، وقالوا: هذا ابن عمّك قتل صاحبنا، فاقتصّ منه.

فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): لا قصاص، [ف] قالوا: أودية يا رسول اللّه!؟



[ صفحه 417]



فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): ولا دية لكم، هذا واللّه [قتيل اللّه] لا يؤدّي، إنّ عليّاً قد شهد [علي صاحبكم] بشهادة، واللّه يلعنه بشهادة عليّ، ولو شهد عليّ(عليه السلام) علي الثقلين لقبل اللّه شهادته عليهم إنّه الصادق الأمين، ارفعوا صاحبكم هذا وادفنوه مع اليهود، فقد كان منهم.

فرفع وأوداجه تشخب دماً، وبدنه قد كسي شعراً.

فقال عليّ(عليه السلام): يا رسول اللّه! ما أشبّهه إلّا بالخنزير في شعره.

قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): يا عليّ! أوليس لو حسبت بعدد كل شعرة مثل عدد رمال الدنيا حسنات لكان كثيراً؟

قال: بلي، يا رسول اللّه!

قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): يا أبا الحسن! إنّ هذا القتل الذي قتلت به هذا الرجل قد أوجب اللّه لك به من الثواب كأنّما اعتقت رقاباً بعدد رمل عالج [الدنيا]، وبعدد كلّ شعرة علي هذا المنافق.

وإنّ أقلّ ما يعطي اللّه بعتق رقبة لمن يهب له بعدد كلّ شعرة من تلك الرقبة ألف حسنة، ويمحو [اللّه] عنه ألف سيّئة، فإن لم يكن له فلأبيه، فإن لم يكن لأبيه فلأُمّه، فإن لم يكن لها فلأخيه، وإن لم يكن له فلذرّيّته وجيرانه وقراباته.

ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): أيّكم استحي البارحة من أخ له في اللّه لما رأي به [من] خلّة، ثمّ كايد الشيطان في ذلك الأخ، ولم يزل به حتّي غلبه.

فقال عليّ(عليه السلام): أنا يا رسول اللّه!

فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): حدّث يا عليّ! به إخوانك المؤمنين ليتأسّوا بحسن صنيعك فيما يمكنهم، وإن كان أحد منهم لا يلحق ثارك، و (لا يشقّ غبارك)، ولايرمقك في سابقة لك إلي الفضائل إلّا كما يرمق الشمس من الأرض، وأقصي



[ صفحه 418]



المشرق من أقصي المغرب.

فقال عليّ(عليه السلام): يا رسول اللّه! مررت بمزبلة بني فلان، ورأيت رجلاً من الأنصار مؤمناً قد أخذ من تلك المزبلة قشور البطّيخ والقثّاء والتين فهو يأكلها من شدّة الجوع، فلمّا رأيته استحييت منه أن يراني فيخجل، وأعرضت عنه، ومررت إلي منزلي، وكنت أعددت لسحوري وفطوري قرصين من شعير، فجئت بهما إلي الرجل وناولته [إيّاهما]، وقلت له: أصب من هذا كلمّا جعت فإنّ اللّه عزّ وجلّ يجعل البركة فيهما.

فقال لي: يا أبا الحسن! أنا أريد أن أمتحن هذه البركة لعلمي بصدقك في قيلك إنّي أشتهي لحم فراخ اشتهاه عليّ أهل منزلي.

فقلت [له]: اكسر منهما لقماً بعدد ما تريده من فراخ، فإنّ اللّه تعالي يقلّبها فراخاً بمسألتي إيّاه لك بجاه محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.

فأخطر الشيطان ببالي فقال: يا أبا الحسن! تفعل هذا به ولعلّه منافق، فرددت عليه إن يكن مؤمناً فهو أهل لما أفعل معه، وإن يكن منافقاً فأنا للإحسان أهل، فليس كلّ معروف يلحق بمستحقّه.

وقلت له: أنا أدعو اللّه بمحمّد وآله الطيّبين ليوفّقه للإخلاص والنزوع عن الكفر إن كانت منافقاً فإنّ تصدّقي عليه بهذا أفضل من تصدّقي عليه بهذا الطعام الشريف الموجب للثراء والغناء فكايدت الشيطان.

ودعوت اللّه سرّاً من الرجل بالإخلاص بجاه محمّد وآله الطيّبين.

فارتعدت فرائص الرجل، وسقط لوجهه فأقمته، وقلت له: ماذا شأنك؟

قال: كنت منافقاً شاكّاً فيما يقوله محمّد وفيما تقوله أنت، فكشف لي [اللّه] عن السماوات والحجب، فأبصرت الجنّة [وأبصرت] كلّما تعدان به من المثوبات،



[ صفحه 419]



وكشف لي عن اطباق الأرض، فأبصرت جهنّم، وأبصرت كلّمات توعدان به من العقوبات، فذاك حين وقر الإيمان في قلبي، وأخلص به جناني، وزال عنّي الشكّ الذي كان يعتورني.

فأخذ الرجل القرصين، وقلت له: كلّ شي ء تشتهيه فاكسر من القرص قليلاً، فإنّ اللّه يحوّله ما تشتهيه وتتمنّاه وتريده.

فما زال كذلك ينقلب لحماً وشحماً وحلواءً ورطباً وبطّيخاً وفواكه الشتاء وفواكه الصيف حتّي أظهر اللّه تعالي من الرغيفين عجباً، وصار الرجل من عتقاء اللّه من النار، (ومن عبيده المصطفين) الأخيار.

فذلك حين رأيت جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت قد قصدوا الشيطان كلّ واحد [منهم] بمثل جبل أبي قبيس، فوضع أحدهم عليه وبنيه بعضهم علي بعض، فتهشّم، وجعل إبليس يقول: يا ربّ! وعدك، وعدك ألم تنظرني إلي يوم يبعثون، فإذا نداء [بعض الملائكة]: أنظرتك لئلّا تموت، ما أنظرتك لئلّا تهشّم وترضّض.

فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): يا أبا الحسن! كما كايدت الشيطان فأعطيت في اللّه من نهاك عنه وغلبته، فإنّ اللّه تعالي يخزي عنك الشيطان، وعن محبّيك ويعطيك [في الآخرة] بعدد كلّ حبّة خردل ممّا أعطيت صاحبك (وفيما تمنّاه من اللّه وفيما يمنّيه اللّه منه درجة في الجنّة من ذهب) أكبر من الدنيا من الأرض إلي السماء، وبعدد كلّ حبّة منها جبلاً من فضّة كذلك، وجبلاً من لؤلؤ، وجبلاً من ياقوت، وجبلاً من جوهر، وجبلاً من نور ربّ العزّة كذلك، وجبلاً من زمرّد، وجبلاً من زبرجد كذلك، وجبلاً من مسك، وجبلاً من عنبر كذلك.

وإنّ عدد خدمك في الجنّة أكثر من عدد قطر المطر، والنبات، وشعور



[ صفحه 420]



الحيوانات، بك يتمّم اللّه الخيرات، ويمحو عن محبّيك السيّئات، وبك يميز اللّه المؤمنين من الكافرين والمخلصين من المنافقين، وأولاد الرشد من أولاد الغيّ.

ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): أيّكم وقي بنفسه نفس رجل مؤمن البارحة؟

فقال عليّ(عليه السلام): أنا يا رسول اللّه! وقيت بنفسي نفس ثابت بن قيس بن شمّاس الأنصاريّ.

فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): حدّث بالقصّة إخوانك المؤمنين، ولا تكشف عن اسم المنافق المكايد لنا، فقد كفاكما اللّه شرّه، وأخّره للتوبة لعلّه يتذكّر أو يخشي.

فقال عليّ(عليه السلام): بينا أنا أسير في بني فلان بظاهر المدينة وبين يدي - بعيداً منّي- ثابت بن قيس، إذ بلغ بئراً عادية عميقة بعيدة القعر، وهناك رجل من المنافقين فدفعه ليرميه في البئر، فتماسك ثابت، ثمّ عاد فدفعه، والرجل لايشعر بي حتّي وصلت إليه، وقد اندفع ثابت في البئر، فكرهت أن أشتغل بطلب المنافق خوفاً علي ثابت، فوقعت في البئر لعلّي آخذه، فنظرت فإذا [أنا] قد سبقته إلي قرار البئر.

فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): وكيف لا تسبقه وأنت أرزن [12] منه! ولو لم يكن من رزانتك إلّا ما في جوفك من علم الأوّلين والآخرين الذي أودعه اللّه رسوله، وأودعك لكان من حقّك أن تكون أرزن من كلّ شي ء فكيف كان حالك وحال ثابت؟

قال: يا رسول اللّه! صرت إلي قرار البئر، واستقررت قائماً، وكان ذلك أسهل عليّ وأخف علي رجلي من خطاي التي أخطوها رويداً [رويداً].



[ صفحه 421]



ثمّ جاء ثابت فانحدر فوقع علي يديّ، وقد بسطتهما له، فخشيت أن يضرّني سقوطه عليّ أو يضرّه.

فما كان إلّا كباقة ريحان تناولتها بيدي، ثمّ نظرت فإذا ذلك المنافق، ومعه آخران علي شفير البئر، وهو يقول لهما: أردنا واحداً فصار اثنين.

فجاءوا بصخرة فيها مقدار مائتي منّ، فأرسلوها علينا، فخشيت أن تصيب ثابتاً فاحتضنته، وجعلت رأسه إلي صدري، وانحنيت عليه فوقعت الصخرة علي مؤخّر رأسي فما كانت إلّا كترويحة بمروحة روحت بها في حمّارة القيظ، ثمّ جاءوا بصخرة أُخري فيها قدر ثلاثمائة منّ، فأرسلوها علينا، فانحنيت علي ثابت، فأصابت مؤخّر رأسي، فكانت كماء، صببته علي رأسي وبدني في يوم شديد الحرّ، ثمّ جاءوا بصخرة ثالثة فيها قدر خمسمائة منّ، يديرونها علي الأرض لايمكنهم أن يقلّبوها، فأرسلوها علينا فانحنيت علي ثابت، فأصابت مؤخّر رأسي وظهري، فكانت كثوب ناعم صببته علي بدني ولبسته فتنعّمت به، ثمّ سمعتهم يقولون: لو أنّ لابن أبي طالب وابن قيس مائة الف روح ما نجت واحدة منها من بلاء هذه الصخور، ثمّ انصرفوا، وقد دفع اللّه عنّا شرّهم.

فأذن اللّه عزّ وجلّ لشفير البئر فنحطّ ولقرار البئر فارتفع فاستوي القرار والشفير بعد بالأرض فخطونا وخرجنا.

فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): يا أبا الحسن! إنّ اللّه عزّ وجلّ قد أوجب لك بذلك من الفضائل، والثواب ما لا يعرفه غيره، ينادي مناد يوم القيامة: أين محبّو عليّ بن أبي طالب؟ فيقوم قوم من الصالحين، فيقال لهم: خذوا بأيدي من شئتم من عرصات القيامة، فأدخلوهم الجنّة.

فأقلّ رجل منهم ينجو بشفاعته من أهل [تلك] العرصات ألف ألف رجل،



[ صفحه 422]



ثمّ ينادي مناد: أين البقيّة من محبّي عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)؟

فيقوم قوم مقتصدون، فيقال لهم: تمنّوا علي اللّه عزّ وجلّ ما شئتم، فيتمنّون، فيفعل بكلّ واحد [منهم] ما تمنّي، ثمّ يضعف له مائة ألف ضعف.

ثمّ ينادي مناد: أين البقيّة من محبّي عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)؟ فيقوم قوم ظالمون لأنفسهم معتدون عليها.

فيقال: أين المبغضون لعليّ بن أبي طالب(عليه السلام)؟ فيؤتي بهم جمّ غفير وعدد عظيم كثير، فيقال: ألا نجعل كلّ ألف من هؤلاء فداء لواحد من محبّي عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) ليدخلوا الجنّة.

فينجّي اللّه عزّ وجلّ محبّيك، ويجعل أعداءك فداءهم.

ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): هذا الأفضل الأكرم محبّه محبّ اللّه و[محبّ] رسوله، ومبغضه مبغض اللّه و [مبغض] رسوله هم خيار خلق اللّه من أُمّةمحمّد(صلي اللّه عليه و آله وسلم).

ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) لعليّ(عليه السلام): أنظر! فنظر إلي عبد اللّه بن أبيّ وإلي سبعة [نفر] من اليهود، فقال: قد شاهدت، (خَتَمَ اللَّهُ عَلَي قُلُوبِهِمْ وَعَلَي سَمْعِهِمْ وَعَلَي أَبْصَرِهِمْ).

فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): أنت يا عليّ! أفضل شهداء اللّه في الأرض بعد محمّد رسول اللّه.

قال فذلك قوله تعالي: (خَتَمَ اللَّهُ عَلَي قُلُوبِهِمْ وَعَلَي سَمْعِهِمْ وَعَلَي أَبْصَرِهِمْ غِشَوَةٌ) تبصرها الملائكة، فيعرفونهم بها، ويبصرها رسول اللّه محمّد(صلي اللّه عليه و آله وسلم)، ويبصرها خير خلق اللّه بعده عليّ بن أبي طالب(عليه السلام).



[ صفحه 423]



ثمّ قال: (وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [13] في الآخرة (بما كان) من كفرهم باللّه، وكفرهم بمحمّد رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم). [14] .

6 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام(عليه السلام): فقال رجل للصادق(عليه السلام): فإذا كان هؤلاء العوامّ من اليهود لا يعرفون الكتاب إلّا بمايسمعونه من علمائهم لا سبيل لهم إلي غيره، فكيف ذمّهم بتقليدهم، والقبول من علمائهم؟

وهل عوامّ اليهود إلّا كعوامّنا يقلّدون علماءهم؟

فإن لم يجز لأولئك القبول من علمائهم لم يجز لهؤلاء القبول من علمائهم.

فقال(عليه السلام): بين عوامّنا وعلمائنا وبين عوامّ اليهود وعلمائهم فرق من جهة، وتسوية من جهة.

أمّا من حيث أنّهم استووا فإنّ اللّه قد ذمّ عوامّنا بتقليدهم علماءهم كما [قد] ذمّ عوامّهم، وأمّا من حيث أنّهم افترقوا فلا!

قال: بيّن لي ذلك يا ابن رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم)!؟

قال(عليه السلام): إنّ عوامّ اليهود كانوا قد عرفوا علماءهم بالكذب الصراح، وبأكل الحرام، وبالرشاء، وبتغيير الأحكام عن واجبها بالشفاعات والعنايات



[ صفحه 424]



والمصانعات، وعرفوهم بالتعصّب الشديد الذي يفارقون به أديانهم، وأنّهم إذا تعصّبوا أزالوا حقوق من تعصّبوا عليه، وأعطوا ما لايستحقّه من تعصّبوا له من أموال غيرهم، وظلموهم من أجلهم.

وعرفوهم بأنّهم يقارفون المحرّمات، واضطرّوا بمعارف قلوبهم إلي أنّ من فعل ما يفعلونه فهو فاسق لا يجوز أن يصدّق علي اللّه، ولا علي الوسائط بين الخلق وبين اللّه.

فلذلك ذمّهم [اللّه] لمّا قلّدوا من قد عرفوا، ومن قد علموا أنّه لا يجوز قبول خبره، ولا تصديقه في حكايته، ولا العمل بما يؤدّيه إليهم عمّن لم يشاهدوه، ووجب عليهم النظر بأنفسهم في أمر رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) إذ كانت دلائله أوضح من أن تخفي، وأشهر من أن لا تظهر لهم.

وكذلك عوامّ أُمّتنا إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر، والعصبيّة الشديدة، والتكالب [15] علي حطام الدنيا وحرامها، وإهلاك من يتعصّبون عليه وإن كان لإصلاح أمره مستحقّاً وبالترفّق بالبرّ والإحسان علي من تعصّبوا له، وإن كان للإذلال والإهانة مستحقّاً.

فمن قلّد من عوامّنا [من] مثل هؤلاء الفقهاء فهم مثل اليهود الذين ذمّهم اللّه تعالي بالتقليد لفسقة فقهائهم.

فأمّا من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوامّ أن يقلّدوه.

وذلك لا يكون إلّا [في] بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم، فإنّ من ركب من



[ صفحه 425]



القبائح والفواحش مراكب فسقة فقهاء العامّة فلا تقبلوا منهم عنّا شيئاً، ولاكرامة لهم.

وإنّما كثر التخليط فيما يتحمّل عنّا أهل البيت لذلك لأنّ الفسقة يتحمّلون عنّا، فهم يحرّفونه بأسره، لجهلهم، ويضعون الأشياء علي غير [مواضعها و] وجوهها، لقلّة معرفتهم، وآخرين يتعمّدون الكذب علينا ليجرّوا من عرض الدنيا ما هو زادهم إلي نار جهنّم.

ومنهم قوم نصّاب لا يقدرون علي القدح فينا يتعلّمون بعض علومنا الصحيحة فيتوجّهون به عند شيعتنا، وينتقّصون [بنا] عند نصّابنا، ثمّ يضيفون إليه أضعافه وأضعاف أضعافه من الأكاذيب علينا التي نحن براء منها فيتقبّله [المسلمون] المستسلمون من شيعتنا علي أنّه من علومنا، فضّلوا وأضلّوهم، وهم أضرّ علي ضعفاء شيعتنا من جيش يزيد علي الحسين بن عليّ(عليهما السلام) وأصحابه، فإنّهم يسلبونهم الأرواح والأموال، وللمسلوبين عند اللّه أفضل الأحوال لما لحقهم من أعدائهم.

وهؤلاء علماء السوء الناصبون المشبّهون بأنّهم لنا موالون ولأعدائنا معادون، يدخلون الشكّ والشبهة علي ضعفاء شيعتنا فيضلّونهم، ويمنعونهم عن قصد الحقّ المصيب.

[لاجرم] أنّ من علم اللّه من قلبه - من هؤلاء العوامّ - أنّه لا يريد إلّا صيانة دينه وتعظيم وليّه لم يتركه في يد هذا الملبّس الكافر، ولكنّه يقيّض له مؤمناً يقف به علي الصواب، ثمّ يوفّقه اللّه تعالي للقبول منه فيجمع له بذلك خير الدنيا والآخرة، ويجمع علي من أضلّه لعن الدنيا وعذاب الآخرة.

ثمّ قال: [قال] رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): شرار علماء أُمّتنا المضلّون عنّا القاطعون



[ صفحه 426]



للطرق إلينا، المسمّون أضدادنا بأسمائنا، الملقّبون أضدادنا بألقابنا، يصلّون عليهم وهم للعن مستحقّون، ويلعنوننا ونحن بكرامات اللّه مغمورون، وبصلوات اللّه وصلوات ملائكته المقرّبين علينا - عن صلواتهم علينا - مستغنون.

ثمّ [قال:] قيل لأمير المؤمنين(عليه السلام): من خير خلق اللّه بعد أئمّة الهدي ومصابيح الدجي؟ قال: العلماء إذا صلحوا.

قيل: فمن شرّ خلق اللّه بعد إبليس وفرعون ونمرود، وبعد المتسمّين بأسمائكم والمتلقّبين بألقابكم والآخذين لأمكنتكم، والمتأمّرين في ممالككم؟

قال: العلماء إذا فسدوا هم المظهرون للأباطيل، الكاتمون للحقائق، وفيهم قال اللّه عزّ وجلّ: (أُوْلَئكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّعِنُونَ - إِلَّا الَّذِينَ تَابُواْ) [16] الآية. [17] .

7 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): وقيل للصادق(عليه السلام): إنّ عمّار الدهنيّ شهد اليوم عند [ابن] أبي ليلي، قاضي الكوفة بشهادة، فقال له القاضي: قم ياعمّار! فقد عرفناك، لا تقبل شهادتك لأنّك رافضيّ، فقام عمّار وقد ارتعدت فرائصه، واستفرغه البكاء.

فقال له ابن أبي ليلي: أنت رجل من أهل العلم والحديث إن كان يسوءك أن



[ صفحه 427]



يقال لك رافضيّ فتبرّأ من الرفض، فأنت من إخواننا.

فقال له عمّار: يا هذا! ما ذهبت واللّه حيث ذهبت، ولكنّي بكيت عليك وعليّ، أمّا بكائي علي نفسي فإنّك نسبتني إلي رتبة شريفة لست من أهلها، زعمت أنّي رافضيّ، ويحك! لقد حدّثني الصادق(عليه السلام): أنّ أوّل من سمّي الرافضة السحرة الذين لمّا شاهدوا آية موسي (عليه السلام) في عصاه آمنوا به، [ورضوا به] واتّبعوه، ورفضوا أمر فرعون، واستسلموا لكلّ ما نزل بهم، فسمّاهم فرعون الرافضة لمّا رفضوا دينه.

فالرافضيّ من رفض كلّما كرهه اللّه تعالي، وفعل كلّ ما أمره اللّه، فأين في الزمان مثل هذا، فإنّما بكيت علي نفسي خشية أن (يطّلع اللّه تعالي) علي قلبي وقد تقبّلت هذا الإسم الشريف علي نفسي، فيعاتبني ربّي عزّ وجلّ ويقول: ياعمّار! أكنت رافضاً للأباطيل، عاملاً للطاعات كما قال لك؟

فيكون ذلك تقصيراً بي في الدرجات إن سامحني، وموجباً لشديد العقاب عليّ إن ناقشني إلّا أن يتداركني مواليّ بشفاعتهم.

وأمّا بكائي عليك، فلعظم كذبك في تسميتي بغير اسمي وشفقتي الشديدة عليك من عذاب اللّه تعالي أن صرّفت أشرف الأسماء إلي أن جعلته من أرذلها كيف يصبر بذلك علي عذاب [اللّه وعذاب] كلمتك هذه!

فقال الصادق(عليه السلام): لو أنّ علي عمّار من الذنوب ما هو أعظم من السماوات والأرضين لمحيت عنه بهذه الكلمات، وإنّها لتزيد في حسناته عند ربّه عزّ وجلّ حتّي يجعل كلّ خردلة منها أعظم من الدنيا ألف مرّة. [18] .



[ صفحه 428]



8 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): وقال جعفربن محمّد(عليهما السلام): استعمال التقيّة لصيانة الإخوان، فإن كان هو يحمي الخائف فهو من أشرف (خصال الكرم).

والمعرفة بحقوق الإخوان من أفضل الصدقات والصلوات والزكاة والحجّ والمجاهدات. [19] .

9 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): وقال جعفر بن محمّد الصادق(عليهما السلام): ما أنعم اللّه عزّ وجلّ علي عبد أجلّ من أن لا يكون في قلبه مع اللّه تعالي غيره. [20] .

10 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): وقال جعفر بن محمّد(عليهما السلام): من رعي حقّ أبويه الأفضلين محمّد وعليّ (عليهما السلام) لم يضرّه ما أضاع من حقّ أبوي نفسه وسائر عباد اللّه، فإنّها صلوات اللّه عليهما يرضيانهم بسعيهما. [21] .



[ صفحه 429]



11 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): وقال جعفربن محمّد(عليهما السلام): من ضاق عن قضاء حقّ قرابة أبوي دينه وأبوي نسبه،وقدح كلّ واحد منهما في الآخر، فقدّم قرابة أبوي دينه علي قرابة أبوي نسبه.

قال اللّه عزّ وجلّ يوم القيامة: كما قدّم قرابة أبوي دينه، فقدّموه إلي جناني، فيزداد فوق ما كان أعدّ له من الدرجات ألف ألف ضعفها. [22] .

12 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الصادق(عليه السلام): (وَقُولُواْ لِلنَّاسِ) كلّهم (حُسْنًا) [23] مؤمنهم ومخالفهم، أمّا المؤمنون فيبسط لهم وجهه وبشره.

وأمّا المخالفون فيكلّمهم بالمداراة لاجتذابهم إلي الإيمان، فإن ييأس من ذلك يكفّ شرورهم عن نفسه وعن إخوانه المؤمنين. [24] .

13 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام(عليه السلام): قال الصادق(عليه السلام): (وَلَمَّا جَآءَهُمْ) جاء هؤلاء اليهود ومن يليهم من النواصب (رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ) القرآن مشتملاً علي



[ صفحه 430]



[وصف] فضل محمّد وعليّ، وإيجاب ولايتهما وولاية أوليائهما، وعداوةأعدائهما.

(نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَبَ كِتَبَ اللَّهِ) اليهود التوراة وكتب أنبياء اللّه(عليهم السلام) (وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ) وتركوا العمل بما فيها، وحسدوا محمّداً علي نبوّته، وعليّاً علي وصيّته، وجحدوا علي ما وقفوا عليه من فضائلهما (كَأَنَّهُمْ لَايَعْلَمُونَ) [25] فعلوا من جحد ذلك، والردّ له فعل من لا يعلم مع علمهم بأنّه حقّ، (وَاتَّبَعُواْ) هؤلاء اليهود والنواصب (مَا تَتْلُواْ) ما تقرأ (الشَّيَطِينُ عَلَي مُلْكِ سُلَيْمَنَ).

وزعموا أنّ سليمان بذلك السحر والنيرنجات [26] نال ما ناله من الملك العظيم، فصدّوهم به عن كتاب اللّه.

وذلك أنّ اليهود الملحدين، والنواصب المشاركين لهم في إلحادهم لمّا سمعوا من رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) فضائل عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) وشاهدوا منه ومن عليّ(عليه السلام) المعجزات التي أظهرها اللّه تعالي لهم علي أيديهما، أفضي بعض اليهود والنصّاب إلي بعض، وقالوا: ما محمّد إلّا طالب دنيا بحيل ومخاريق وسحر ونيرنجات تعلّمها، وعلّم عليّاً(عليه السلام) بعضها، فهو يريد أن يتملّك علينا في حياته، ويعقد الملك لعليّ بعده.

وليس مايقوله عن اللّه تعالي بشي ء إنّما هو قوله، فيعقد علينا، وعلي ضعفاء عباد اللّه بالسحر والنيرنجات التي يستعملها.



[ صفحه 431]



وأوفر الناس كان حظّاً من هذا السحر سليمان بن داود الذي ملك بسحره الدنيا كلّها من الجنّ والإنس والشياطين، ونحن إذا تعلّمنا بعض ماكان تعلّمه سليمان، تمكّنا من إظهار مثل ما يظهره محمّد وعليّ، وادّعينا لأنفسنا ما يجعله محمّد لعليّ، وقد استغنينا عن الانقياد لعليّ.

فحينئذ ذمّ اللّه تعالي الجميع من اليهود والنواصب، فقال اللّه عزّ وجلّ: نبذوا (كِتَبَ اللَّهِ) الآمر بولاية محمّد وعليّ (وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ) فلم يعملوا به (وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ) كفرة (الشَّيَطِينُ) من السحر والنيرنجات (عَلَي مُلْكِ سُلَيْمَنَ)؛ الذين يزعمون أنّ سليمان به ملك، ونحن أيضاً به نظهر العجائب حتّي ينقاد لنا الناس، ونستغني عن الانقياد لعليّ(عليه السلام).

قالوا: وكان سليمان كافراً ساحراً ماهراً بسحره، ملك ما ملك، وقدر علي ماقدر، فردّ اللّه تعالي عليهم، فقال: (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَنُ) ولا استعمل السحر كما قال هؤلاء الكافرون (وَلَكِنَّ الشَّيَطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) أي بتعليمهم الناس السحر الذي نسبوه إلي سليمان كفروا.

ثمّ قال: (وَمَآ أُنزِلَ عَلَي الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَرُوتَ وَمَرُوتَ) قال: كفر الشياطين بتعليمهم الناس السحر، وبتعليمهم إيّاهم بما أنزل اللّه علي الملكين ببابل هاروت وماروت - اسم الملكين -.

قال الصادق(عليه السلام): وكان بعد نوح(عليه السلام) قد كثر السحرة والمموّهون [27] ، فبعث اللّه تعالي ملكين إلي نبيّ ذلك الزمان بذكر ما يسحر به السحرة، وذكر ما



[ صفحه 432]



يبطل به سحرهم، ويردّ به كيدهم.

فتلقّاه النبيّ عن الملكين، وأدّاه إلي عباد اللّه بأمر اللّه، وأمرهم أن يقفوا به علي السحر، وأن يبطلوه، ونهاهم أن يسحروا به الناس.

وهذا كما يدلّ علي السمّ ما هو؟

وعلي ما يدفع به غائلة السمّ، ثمّ يقال للمتعلّم ذلك: هذا السمّ، فمن رأيته سمّ فادفع غائلته بكذا، وإيّاك أن تقتل بالسمّ أحداً.

ثمّ قال: (وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ) وهو أنّ ذلك النبيّ أمر الملكين أن يظهرا للناس بصورة بشرين ويعلّمانهم ما علّمهما اللّه تعالي من ذلك ويعظاهم.

فقال اللّه تعالي: (وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ) ذلك السحر وإبطاله (حَتَّي يَقُولَآ) للمتعلّم (إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ) امتحان، للعباد ليطيعوا اللّه عزّ وجلّ فيمايتعلّمون من هذا ويبطلوا به كيد الساحر، ولا يسحروا لهم.

(فَلَاتَكْفُرْ) باستعمال هذا السحر، وطلب الإضرار به ودعاء الناس إلي أن يعتقدوا [بك] إنّك به تحيي وتميت وتفعل ما لا يقدر عليه إلّا اللّه تعالي، فإنّ ذلك كفر.

قال اللّه تعالي: (فَيَتَعَلَّمُونَ) يعني طالبي السحر (مِنْهُمَا) يعني ممّا كتبت الشياطين علي ملك سليمان من النيرنجات وما أنزل علي الملكين ببابل هاروت وماروت، يتعلّمون من هذين الصنفين.

(مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ ي بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ي) هذا من يتعلّم للإضرار بالناس، يتعلّمون التفريق بضروب الحيل والتمائم والإيهام أنّه قد دفن [كذا] وعمل كذا، ليجلب قلب المرأة عن الرجل، وقلب الرجل عن المرأة، ويؤدّي إلي الفراق بينهما.

ثمّ قال اللّه عزّ وجلّ: (وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ ي مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ) أي ماالمتعلّمون لذلك بضارّين به من أحد إلّا بإذن اللّه بتخلية اللّه وعلمه، فإنّه



[ صفحه 433]



لوشاء لمنعهم بالجبر والقهر.

ثمّ قال: (وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَايَنفَعُهُمْ) لأنّهم إذا تعلّموا ذلك السحر ليسحروا به ويضرّوا، فقد تعلّموا ما يضرّهم في دينهم ولا ينفعهم فيه، بل ينسلخون عن دين اللّه بذلك.

(وَلَقَدْ عَلِمُواْ) هؤلاء المتعلّمون (لَمَنِ اشْتَرَلهُ) بدينه الذي ينسلخ عنه بتعلّمه (مَا لَهُ و فِي الْأَخِرَةِ مِنْ خَلَقٍ) من نصيب في ثواب الجنّة (وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ ي أَنفُسَهُمْ) ورهنوها بالعذاب (لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ) أي لو كانوا يعلمون أنّهم قدباعوا الآخرة، وتركوا نصيبهم من الجنّة لأنّ المتعلّمين لهذا السحر هم الذين يعتقدون أن لا رسول ولا إله ولا بعث ولا نشور.

فقال: (وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَلهُ مَا لَهُ و فِي الْأَخِرَةِ مِنْ خَلَقٍ) لأنّهم يعتقدون أن لا آخرة، فهم يعتقدون أنّها إذا لم تكن آخرة فلا خلاق لهم في دار بعد الدنيا، وإن كان [بعد الدنيا] آخرة، فهم مع كفرهم بها لا خلاق لهم فيها.

ثمّ قال: (وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ ي أَنفُسَهُمْ) باعوا به أنفسهم بالعذاب إذا باعوا الآخرة بالدنيا، ورهنوا بالعذاب [الدائم] أنفسهم (لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ) [28] أنّهم قدباعوا أنفسهم بالعذاب، ولكن لا يعلمون ذلك لكفرهم به، فلمّا تركوا النظر في حجج اللّه حتّي يعلموا، عذّبهم علي اعتقادهم الباطل وجحدهم الحقّ. [29] .



[ صفحه 434]



14 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): ثمّ قال اللّه عزّ وجلّ: (وَاتَّقُواْ يَوْمًا لَّاتَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيًْا)....

قال الصادق(عليه السلام): وهذا [اليوم] يوم الموت، فإنّ الشفاعة والفداء لا يغني عنه، فأمّا في القيامة فإنّا وأهلنا نجزي عن شيعتنا كلّ جزاء ليكوننّ علي الأعراف بين الجنّة والنار محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام) والطيّبون من آلهم، فنري بعض شيعتنا في تلك العرصات -ممّن كان منهم مقصّراً- في بعض شدائدها، فنبعث عليهم خيار شيعتنا كسلمان والمقداد وأبي ذرّ وعمّار، ونظائرهم في العصر الذي يليهم، ثمّ في كلّ عصر إلي يوم القيامة، فينقضون عليهم كالبزاة والصقور ويتناولونهم كما تتناول البزاة والصقور صيدها، فيزفّونهم إلي الجنّة زفّاً.

وإنّا لنبعث علي آخرين من محبّينا من خيار شيعتنا كالحمام فيلتقطونهم من العرصات كما يلتقط الطير الحبّ، وينقلونهم إلي الجنان بحضرتنا.

وسيؤتي ب[الواحد] من مقصّري شيعتنا في أعماله بعد أن قد حاز الولاية والتقيّة وحقوق إخوانه، ويوقف بإزائه مابين مائة، وأكثر من ذلك إلي مائة ألف من النصّاب، فيقال له: هؤلاء فداؤك من النار.

فيدخل هؤلاء المؤمنون الجنّة وأولئك النصّاب النار.... [30] .

15 - العيّاشيّ(ره): عن معمّر بن خلاّد، عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام) إنّه



[ صفحه 435]



قال: أيّ شي ء يقولون في إتيان النساء في أعجازهنّ؟

قلت: بلغني أنّ أهل المدينة لا يرون به بأساً.

قال: إنّ اليهود كانت تقول: إذا أتي الرجل من خلفها خرج ولده أحول، فأنزل اللّه: (نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّي شِئْتُمْ) [31] يعني من خلف أو قدّام، خلافاً لقول اليهود، ولم يعن في أدبارهنّ.

عن الحسن بن عليّ عن أبي عبد اللّه(عليه السلام) مثله. [32] .

16 - الشيخ الصدوق(ره): ما حدّثنا به أبو الحسن محمّد بن القاسم المفسّر الجرجانيّ(رضي اللّه عنه) عنه قال: حدّثنا أحمد بن الحسن الحسينيّ، عن الحسن بن عليّ، عن أبيه، عن محمّد بن عليّ، عن أبيه الرضا، عن أبيه موسي ابن جعفر(عليهم السلام) قال: قال الصادق(عليه السلام): إنّ الرجل ليكون بينه وبين الجنّة أكثر مما بين الثري والعرش، لكثرة ذنوبه فما هو إلّا أن يبكي من خشية اللّه عزّ وجلّ ندماً عليها حتّي يصير بينه وبينها أقرب من جفته [33] إلي مقلته. [34] .



[ صفحه 436]



17 - الشيخ الصدوق(ره): حدّثنا به أبو الحسن محمّد بن القاسم المفسّر الجرجانيّ(رضي اللّه عنه) قال: حدّثنا أحمد بن الحسن الحسينيّ، عن الحسن بن عليّ، عن أبيه، عن محمّد بن عليّ، عن أبيه الرضا، عن أبيه موسي بن جعفر(عليهم السلام) قال:قال الصادق(عليه السلام): كم ممّن كثر ضحكه لاعباً يكثر يوم القيامة بكاؤه، وكم ممّن كثر بكاؤه علي ذنبه خائفاً يكثر يوم القيامة في الجنّة سروره وضحكه. [35] .

18 - الشيخ الصدوق(ره): وسئل الحسن بن عليّ بن محمّد(عليهم السلام) عن الموت ما هو؟ فقال:... حدّثني أبي عن أبيه، عن جدّه، عن الصادق(عليه السلام)، قال: إنّ المؤمن إذا مات لم يكن ميتا فان الميت هو الكفّار إنّ اللّه عزّ وجلّ يقول: (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ ّ) يعني المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن. [36] .

19 - الشيخ الصدوق(ره):... أبو يعقوب يوسف بن محمّد بن زياد، وأبوالحسن علي بن محمّد بن سيّار، وكانا من الشيعة الإماميّة، عن أبويهما، عن الحسن بن عليّ بن محمّد(عليهم السلام)...

قال رجل للصادق(عليه السلام): يا ابن رسول اللّه! دلّني علي اللّه ما هو؟ فقد أكثر



[ صفحه 437]



عليّ المجادلون وحيّروني.

فقال له: يا عبد اللّه! هل ركبت سفينة قطّ؟

قال: نعم، قال: فهل كسرت بك حيث لا سفينة تنجيك، ولا سباحة تغنيك؟

قال: نعم، قال: فهل تعلّق قلبك هنالك أنّ شيئاً من الأشياء قادر علي أن يخلّصك من ورطتك؟

قال: نعم، قال الصادق(عليه السلام): فذلك الشي ء هو اللّه القادر علي الإنجاء حيث لا منجي، وعلي الإغاثة حيث لا مغيث. [37] .

20 - الشيخ الصدوق(ره):... أبو يعقوب يوسف بن محمّد بن زياد، وأبوالحسن عليّ بن محمّد بن سيّار، عن أبويهما، عن الحسن بن عليّ بن محمّد(عليهم السلام)... فقال اللّه: (الم - ذَلِكَ الْكِتَبُ)....

قال: وقال الصادق(عليه السلام): ثمّ الألف حرف من حروف قول اللّه، دلّ بالألف علي قولك اللّه، و دلّ باللام علي قولك الملك العظيم القاهر للخلق أجمعين، ودلّ بالميم علي أنّه المجيد المحمود في كلّ أفعاله.... [38] .

21 - أبو عمرو الكشّيّ(ره):... محمّد بن الحسن بن ميمون، أنّه قال: كتبت إلي أبي محمّد(عليه السلام)... فرجع الجواب:....

قال أبو عبد اللّه: تشهدون علي عدوّكم بالنار، ولا تشهدون لوليّكم بالجنّة،



[ صفحه 438]



مايمنعكم من ذلك إلّا الضعف.... [39] .

22 - الشيخ الطوسيّ(ره): روي عن الحسن العسكريّ(عليه السلام)، عن أبيه، عن آبائه، عن الصادق جعفر بن محمّد(عليهم السلام)، قال: من عرضت له حاجة إلي اللّه تعالي صام الأربعاء والخميس والجمعة، ولم يفطر علي شي ء فيه روح، ودعا بهذا الدعاء قضي اللّه حاجته:

«اللّهمّ! إنّي أسألك باسمك الذي به ابتدعت عجائب الخلق في غامض العلم بجود جمال وجهك من عظم عجيب خلق أصناف غريب أجناس الجواهر، فخرّت الملائكة سجّداً لهيبتك من مخافتك، فلا إله إلّا أنت، وأسألك باسمك الذي تجلّيت به للكليم علي الجبل العظيم، فلمّا بدا شعاع نور الحجب العظيمة أثبت معرفتك في قلوب العارفين بمعرفة توحيدك، فلاإله إلّا أنت.

وأسألك باسمك الذي تعلم به خواطر رجم الظنون بحقائق الإيمان، وغيب عزيمات اليقين، وكسر الحواجب وإغماض الجفون، وما استقلّت به الأعطاف، وإدارة لحظ العيون وحركات السكون، فكوّنته ممّاشئت أن يكون ممّا إذا لم تكوّنه، فكيف يكون، فلا إله إلّا أنت.

وأسألك باسمك الذي فتقت به رتق عقيم غواشي جفون حدق عيون قلوب الناظرين، فلا إله إلّا أنت.

وأسألك باسمك الذي خلقت به في الهواء بحراً معلّقاً عجّاجاً



[ صفحه 439]



مغطمطاً [40] ، فحبسته في الهواء علي صميم تيّار اليمّ الزاخر في مستعلي عظيم تيّار أمواجه علي ضحضاح صفاء الماء، فعذلج الموج، فسبّح ما فيه لعظمتك، فلا إله إلّا أنت، وأسألك باسمك الذي تجلّيت به للجبل، فتحرّك وتزعزع واستقرّ، ودرج الليل الحلك، ودار بلطفه الفلك فهمك، فتعالي ربّنا، فلا إله إلّا أنت.

وأسألك باسمك، يا نور النور! يا من برء الحور كدرّ منثور بقدر مقدور، لعرض النشور، لنقرة الناقور، فلا إله إلّا أنت.

وأسألك باسمك يا واحد! يا مولي كلّ أحد، يا من هو علي العرش واحد.

أسألك باسمك يا من لا ينام ولا يرام [41] ولا يضام [42] ، ويا من به تواصلت الأرحام! أن تصلّي علي محمّد وأهل بيته».

ثمّ اسأل حاجتك، فإنّها تقضي إن شاء اللّه. [43] .

23 - أبو منصور الطبرسيّ(ره): وبهذا الإسناد [44] عنه(عليه السلام) قال:

قال جعفر بن محمّد الصادق(عليهما السلام): علماء شيعتنا مرابطون في الثغر الذي يلي



[ صفحه 440]



إبليس وعفاريته، يمنعونهم عن الخروج علي ضعفاء شيعتنا، وعن أن يتسلّط عليهم إبليس وشيعته النواصب، ألا فمن انتصب لذلك من شيعتنا كان أفضل ممّن جاهد الروم والترك والخزر لف ألف مرّة، لأنّه يدفع عن أديان شيعتنا ومحبّينا، وذلك يدفع عن أبدانهم. [45] .

24 - أبو منصور الطبرسيّ(ره): وقال أبو محمّد(عليه السلام): قال جعفر بن محمّد(عليهما السلام): من كان همّه في كسر النواصب عن المساكين من شيعتنا، الموالين حميّةً لنا أهل البيت يكسرهم عنهم، ويكشف عن مخازيهم، ويبين عورانهم، ويفخم أمر محمّد وآله، جعل اللّه تعالي همّة أملاك الجنان في بناء قصوره ودوره يستعمل بكلّ حرف من حروف حججه علي أعداء اللّه أكثر من عدد أهل الدنيا أملاكاً، قوّة كلّ واحد تفضل عن حمل السماوات والأرضين.

فكم من بناء، وكم من نعمة، وكم من قصور لا يعرف قدرها إلّا ربّ العالمين. [46] .



[ صفحه 441]



25 - أبو منصور الطبرسيّ(ره): قال أبو محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ(عليهما السلام): ذكر عند الصادق(عليه السلام) الجدال في الدين، وأنّ رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) والأئمّة(عليهم السلام) قد نهوا عنه.

فقال الصادق(عليه السلام): لم ينه عنه مطلقا، ولكنّه نهي عن الجدال بغير التي هي أحسن، أما تسمعون اللّه عزّ وجلّ يقول: (وَلَاتُجَدِلُواْ أَهْلَ الْكِتَبِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [47] وقوله: (ادْعُ إِلَي سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَدِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ). [48] .

فالجدال بالتي هي أحسن قد قرنه العلماء بالدين، والجدال بغير التي هي أحسن محرّم حرّمه اللّه علي شيعتنا، وكيف يحرّم اللّه الجدال جملة، وهو يقول: (وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَرَي) وقال اللّه تعالي: (تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَنَكُمْ إِن كُنتُمْ صَدِقِينَ) [49] فجعل علم الصدق والإيمان بالبرهان، وهل يؤتي ببرهان إلّا بالجدال بالتي هي أحسن!؟

فقيل: يا ابن رسول اللّه! فما الجدال بالتي هي أحسن، وبالتي ليست بأحسن؟

قال: أمّا الجدال بغير التي هي أحسن فأن تجادل [به] مبطلاً، فيورد عليك باطلاً فلا تردّه بحجّة قد نصبها اللّه، ولكن تجحد قوله أو تجحد حقّاً يريد ذلك المبطل أن يعين به باطله، فتجحد ذلك الحقّ مخافة أن يكون له عليك فيه حجّة،



[ صفحه 442]



لأنّك لا تدري كيف المخلص منه، فذلك حرام علي شيعتنا أن يصيروا فتنة علي ضعفاء إخوانهم وعلي المبطلين، أمّا المبطلون فيجعلون ضعف الضعيف منكم إذا تعاطي مجادلته، وضعف ما في يده حجّة له علي باطله.

وأمّا الضعفاء منكم فتغّم قلوبهم لما يرون من ضعف المحقّ في يد المبطل.

وأمّا الجدال بالتي هي أحسن فهو ما أمر اللّه تعالي به نبيّه أن يجادل به من جحد البعث بعد الموت، وإحياءه له، فقال اللّه تعالي له حاكياً عنه: (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ و قَالَ مَن يُحْيِ الْعِظَمَ وَهِيَ رَمِيمٌ) فقال اللّه تعالي في الردّ عليه: (قُلْ - يا محمّد! - يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِ ّ خَلْقٍ عَلِيمٌ - الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَآ أَتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ) [50] .

إلي آخر السورة.

فأراد اللّه من نبيّه أن يجادل المبطل الذي قال: كيف يجوز أن يبعث هذه العظام، وهي رميم؟

فقال اللّه تعالي: (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ)، أفيعجز من ابتدأ به لامن شي ء أن يعيده بعد أن يبلي، بل ابتداؤه أصعب عندكم من إعادته.

ثمّ قال: (الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا) أي إذا أكمن النار الحارّة في الشجر الأخضر الرطب، ثمّ يستخرجها.

فعرّفكم أنّه علي إعادة ما بلي أقدر.

ثمّ قال: (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَتِ وَالْأَرْضَ بِقَدِرٍ عَلَي أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَي وَهُوَ الْخَلَّقُ الْعَلِيمُ) [51] أي إذا كان خلق السماوات والأرض



[ صفحه 443]



أعظم وأبعد في أوهامكم وقدّركم أن تقدروا عليه من إعادة البالي، فكيف جوّزتم من اللّه خلق هذا الأعجب عندكم، والأصعب لديكم، ولم تجوّزوا منه [خلق] ما هو أسهل عندكم من إعادة البالي.

فقال الصادق(عليه السلام): فهذا الجدال بالتي هي أحسن، لأنّ فيها قطع عذر الكافرين، وإزالة شبههم.

وأمّا الجدال بغير التي هي أحسن فأن تجحد حقّاً لا يمكنك أن تفرّق بينه وبين باطل من تجادله، وإنّما تدفعه عن باطله بأن تجحد الحقّ.

فهذا هو المحرّم، لأنّك مثله جحد هو حقّاً وجحدت أنت حقّاً آخر.

وقال أبو محمّد الحسن العسكريّ(عليه السلام): فقام إليه رجل آخر، وقال: ياابن رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم)! أفجادل رسول اللّه؟

فقال الصادق(عليه السلام): مهما ظننت برسول اللّه من شي ء فلا تظنّنّ به مخالفة اللّه، أليس اللّه قد قال: (وَجَدِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [52] وقال: (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ) لمن ضرب اللّه مثلاً، أفتظنّ أنّ رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) خالف ماأمر اللّه به فلم يجادل بما أمره اللّه به، ولم يخبر عن [أمر] اللّه بما أمره أن يخبربه [عنه].

ولقد حدّثني أبي الباقر، عن جدّي عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ سيّد الشهداء، عن أبيه أمير المؤمنين، صلوات اللّه عليهم: أنّه اجتمع يوماً عند رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) أهل خمسة أديان، اليهود والنصاري والدهريّة والثنويّة ومشركوا العرب.



[ صفحه 444]



فقالت اليهود: نحن نقول: عزير بن اللّه، وقد جئناك يا محمّد! لننظر ما تقول، فإن اتّبعتنا فنحن أسبق إلي الصواب منك وأفضل، وإن خالفتنا خصمناك.

وقالت النصاري: نحن نقول: إنّ المسيح ابن اللّه اتّحد به، وقد جئناك لننظر ماتقول، فإن اتّبعتنا فنحن أسبق إلي الصواب منك وأفضل، وإن خالفتنا خصمناك.

وقالت الدهريّة: نحن نقول: الأشياء لا بدء لها، وهي دائمة، وقد جئناك لننظر فيما تقول، فإن اتّبعتنا فنحن أسبق إلي الصواب منك وأفضل، وإن خالفتنا خصمناك.

وقالت الثنويّة: نحن نقول: إنّ النور والظلمة هما المدبّران، وقد جئناك لننظر فيما تقول، فإن اتّبعتنا فنحن أسبق إلي الصواب منك، وإن خالفتنا خصمناك.

وقال مشركوا العرب: نحن نقول: إنّ أوثاننا آلهة، وقد جئناك لننظرفيماتقول، فإن اتّبعتنا فنحن أسبق إلي الصواب منك وأفضل، وإن خالفتنا خصمناك.

فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): آمنت باللّه وحده لا شريك له، وكفرت [بالجبت والطاغوت و] بكلّ معبود سواه، ثمّ قال لهم: إنّ اللّه تعالي قد بعثني كافّة للناس بشيراً ونذيراً وحجّة علي العالمين، وسيردّ كيد من يكيد دينه في نحره، ثمّ قال لليهود: أجئتموني لأقبل قولكم بغير حجّة؟

قالوا: لا، قال: فما الذي دعاكم إلي القول بأنّ عزيراً ابن اللّه؟

قالوا: لأنّه أحيي لبني إسرائيل التوراة بعد ما ذهبت، ولم يفعل بها هذا إلّا لأنّه ابنه.

فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): فكيف صار عزير ابن اللّه دون موسي؟

وهو الذي جاء لهم بالتوراة، ورؤي منه من المعجزات ما قد علمتم.



[ صفحه 445]



ولئن كان عزير ابن اللّه لما ظهر من إكرامه بإحياء التوراة، فلقد كان موسي بالبنوّة أولي وأحقّ، ولئن كان هذا المقدار من إكرامه لعزير يوجب له أنّه ابنه، فأضعاف هذه الكرامة لموسي توجب له منزلة أجلّ من البنوّة، لأنّكم إن كنتم إنّما تريدون بالبنوّة الدلالة علي سبيل ما تشاهدونه في دنياكم من ولادة الأُمّهات الأولاد بوطي ء آبائهم لهنّ.

فقد كفرتم باللّه وشبّهتموه بخلقه، وأوجبتم فيه صفات المحدّثين، فوجب عندكم أن يكون محدثاً مخلوقاً، وأن يكون له خالق صنعه وابتدعه.

قالوا: لسنا نعني هذا، فإنّ هذا كفر كما ذكرت، ولكنّا نعني أنّه ابنه علي معني الكرامة، وإن لم يكن هناك ولادة، كما قد يقول بعض علمائنا لمن يريد إكرامه، وإبانته بالمنزلة من غيره (يا بنيّ) و (إنّه ابني) لا علي إثبات ولادته منه، لأنّه قد يقول ذلك لمن هو أجنبيّ لا نسب له بينه وبينه.

وكذلك لمّا فعل اللّه تعالي بعزير ما فعل، كان قد اتّخذه ابناً علي الكرامة، لا علي الولادة.

فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): فهذا ما قلته لكم إنّه إن وجب علي هذا الوجه أن يكون عزير ابنه، فإنّ هذه المنزلة بموسي أولي، وإنّ اللّه يفضح كلّ مبطل بإقراره، ويقلب عليه حجّته.

إنّ ما احتججتم به يؤدّيكم إلي ما هو أكثر ممّا ذكرته لكم، لأنّكم قلتم: إنّ عظيماً من عظمائكم قد يقول لأجنبيّ لا نسب بينه وبينه (يا بنيّ) و (هذاابني)لاعلي طريق الولادة، فقد تجدون أيضاً هذا العظيم يقول لأجنبيّ آخر: هذا أخي، ولآخر: هذا شيخي وأبي، ولآخر: هذا سيّدي، و ياسيّدي! علي سبيل الإكرام.



[ صفحه 446]



وإنّ من زاده في الكرامة زاده في مثل هذا القول، فإذا يجوز عندكم أن يكون موسي أخاً للّه أو شيخاً له أو أباً أو سيّداً لأنّه قد زاده في الإكرام ممّا لعزير، كما أنّ من زاد رجلاً في الإكرام فقال له: يا سيّدي، ويا شيخي، وياعمّي، ويا رئيسي، [ويا أميري] علي طريق الإكرام.

وإنّ من زاده في الكرامة زاده في مثل هذا القول، أفيجوز عندكم أن يكون موسي أخاً للّه أو شيخاً أو عمّاً أو رئيساً أو سيّداً أو أميراً، لأنّه قد زاده في الإكرام علي من قال له: يا شيخي! أو يا سيّدي! أو يا عمّي! أو يارئيسي! أو ياأميري!

قال: فبهت القوم وتحيّروا وقالوا: يا محمّد! أجّلنا نتفكّر فيما قد قلته لنا.

فقال: انظروا فيه بقلوب معتقدة للإنصاف يهدكم اللّه تعالي.

ثمّ أقبل علي النصاري، فقال لهم: وأنتم قلتم: إنّ القديم عزّ وجلّ اتّحد بالمسيح ابنه، فما الذي أردتموه بهذا القول، أردتم أنّ القديم صار محدثاً لوجود هذا المحدث الذي هو عيسي، أو المحدث الذي هو عيسي صار قديماً لوجود القديم الذي هو اللّه، أو معني قولكم: إنّه اتّحد به، إنّه اختصّه بكرامة لم يكرم بها أحداً سواه؟

فإن أردتم أنّ القديم صار محدثاً فقد أبطلتم، لأنّ القديم محال أن ينقلب فيصير محدثاً، وإن أردتم أنّ المحدث صار قديماً فقد أحلتم، لأنّ المحدث أيضاً محال أن يصير قديماً.

وإن أردتم أنّه اتّحد، به بأنّه اختصّه واصطفاه علي سائر عباده، فقد أقررتم بحدوث عيسي وبحدوث المعني الذي اتّحد به من أجله، لأنّه إذا كان عيسي محدثاً، وكان اللّه اتّحد به - بأن أحدث به معني صار به أكرم الخلق عنده- فقد صار عيسي، وذلك المعني محدثين، وهذا خلاف ما بدأتم تقولونه.



[ صفحه 447]



قال: فقالت النصاري: يا محمّد! إنّ اللّه لما أظهر علي يد عيسي من الأشياء العجيبة ما أظهر، فقد اتّخذه ولداً علي جهة الكرامة.

فقال لهم رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): فقد سمعتم ما قلته لليهود في هذا المعني الذي ذكرتموه، ثمّ أعاد(صلي اللّه عليه و آله وسلم) ذلك كلّه، فسكتوا إلّا رجلاً واحداً منهم، فقال له: يامحمّد! أولستم تقولون: إنّ إبراهيم خليل اللّه؟

قال: قد قلنا ذلك.

فقال: فإذا قلتم ذلك، فلم منعتمونا من أن نقول: إنّ عيسي ابن اللّه؟

فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): إنّهما لن يشتبها، لأنّ قولنا: إنّ إبراهيم خليل اللّه، فإنّما هو مشتقّ من الخَلّة، أو الخُلّة.

فأمّا الخلّة فإنّما معناها الفقر والفاقة، فقد كان خليلاً إلي ربّه فقيراً [إلي اللّه]وإليه منقطعاً، وعن غيره متعفّفاً معرضاً مستغنياً، وذلك لمّا أُريد قذفه في النار، فرمي به في المنجنيق، فبعث اللّه تعالي جبرئيل، وقال له: أدرك عبدي، فجاءه فلقيه في الهواء فقال: كلّفني ما بدا لك، فقد بعثني اللّه لنصرتك.

فقال إبراهيم: بل حسبي اللّه ونعم الوكيل، إنّي لا أسأل غيره ولا حاجة لي إلّا إليه، فسمّاه خليله، أي فقيره ومحتاجه، والمنقطع إليه عمّن سواه.

وإذا جعل معني ذلك من الخُلّة [العالم] وهو أنّه قد تخلّل معانيه، ووقف علي أسرار لم يقف عليها غيره، كان معناه العالم به وبأموره، ولا يوجب ذلك تشبيه اللّه بخلقه.

ألا ترون أنّه إذا لم ينقطع إليه لم يكن خليله، وإذا لم يعلم بأسراره لم يكن خليله، وأنّ من يلده الرجل وإن أهانه وأقصاه لم يخرج [به] عن أن يكون ولده،



[ صفحه 448]



لأنّ معني الولادة قائم به.

ثمّ إن وجب - لأنّه قال لإبراهيم: خليلي - أن تقيسوا أنتم فتقولوا: إنّ عيسي ابنه، وجب أيضاً كذلك أن تقولوا لموسي: إنّه ابنه، فإنّ الذي معه من المعجزات لم يكن بدون ما كان مع عيسي، فقولوا: إنّ موسي أيضاً ابنه.

وأن يجوز أن تقولوا علي هذا المعني: إنّه شيخه وسيّده وعمّه ورئيسه وأميره كما قد ذكرته لليهود.

فقال بعضهم لبعض: وفي الكتب المنزلة: أنّ عيسي قال: أذهب إلي أبي!

فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): فإن كنتم بذلك الكتاب تعملون، فإنّ فيه أذهب (إلي أبي وأبيكم)، فقولوا: إنّ جميع الذين خاطبهم عيسي كانوا أبناء اللّه كما كان عيسي ابنه من الوجه الذي كان عيسي ابنه.

ثمّ إنّ ما في هذا الكتاب يبطل عليكم هذا الذي زعمتم أنّ عيسي من وجهة الاختصاص كان ابناً له، لأنّكم قلتم إنّما قلنا إنّه ابنه، لأنّه اختصّه بما لم يختصّ به غيره، وأنتم تعلمون أنّ الذي خصّ به عيسي لم يخصّ به هؤلاء القوم الذين قال لهم عيسي: أذهب إلي أبي وأبيكم، فبطل أن يكون الاختصاص لعيسي، لأنّه قد ثبت عندكم بقول عيسي لمن لم يكن له مثل اختصاص عيسي.

وأنتم إنّما حكيتم لفظة عيسي، وتأوّلتموها علي غير وجهها، لأنّه إذا قال: أبي وأبيكم، فقد أراد غير ما ذهبتم إليه ونحلتموه، وما يدريكم لعلّه عني أذهب إلي آدم أو إلي نوح، وانّ اللّه يرفعني إليهم، ويجمعني معهم، وآدم أبي وأبوكم، وكذلك نوح، بل ما أراد غير هذا.

قال: فسكت النصاري وقالوا: ما رأينا كاليوم مجادلاً ولا مخاصماً [مثلك] وسننظر في أمورنا؟



[ صفحه 449]



ثمّ أقبل رسول اللّه علي الدهريّة، فقال: وأنتم فما الذي دعاكم إلي القول بأنّ الأشياء لابدّ و لها، وهي دائمة لم تزل ولا تزال؟

فقالوا: لأنّا لا نحكم إلّا بما نشاهد ولم نجد للأشياء حدثاً، فحكمنا بأنّها لم تزل ولم نجد لها انقضاءاً وفناءاً، فحكمنا بأنّها لا تزال.

فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): أفوجدتم لها قدماً، أم وجدتم لها بقاءً أبد الآبد.

فإن قلتم: إنّكم وجدتم ذلك أنهضتم لأنفسكم، أنّكم لم تزالوا علي هيئتكم وعقولكم بلا نهاية، ولا تزالون كذلك، ولئن قلتم هذا دفعتم العيان، وكذّبكم العالمون الذين يشاهدونكم.

قالوا: بل لم نشاهد لها قدماً ولا بقاءً أبد الآبد.

قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): فلم صرتم بأن تحكموا بالقدم والبقاء دائماً، لأنّكم لم تشاهدوا حدوثها وانقضاؤها أولي من تارك التميز لها مثلكم، فيحكم لها بالحدوث والانقضاء والانقطاع لأنّه لم يشاهد لها قدماً ولا بقاءً أبد الآبد.

أولستم تشاهدون الليل والنهار، و[أنّ] أحدهما بعد الآخر؟

فقالوا: نعم، فقال: أترونهما لم يزالا ولا يزالان؟

فقالوا: نعم، فقال: أفيجوز عندكم اجتماع الليل والنهار؟

فقالوا: لا، فقال(صلي اللّه عليه و آله وسلم): فإذا ينقطع أحدهما عن الآخر، فيسبق أحدهما ويكون الثاني جارياً بعده، قالوا: كذلك هو.

فقال: قد حكمتم بحدوث ماتقدّم من ليل ونهار لم تشاهدوهما، فلاتنكروا للّه قدرةً، ثمّ قال(صلي اللّه عليه و آله وسلم): أتقولون ما قبلكم من الليل والنهار متناه أم غير متناه، فإن قلتم: غير متناه، كيف وصل إليكم آخر بلا نهاية لأوّله، وإن قلتم: إنّه متناه فقد كان ولا شي ء منهما؟



[ صفحه 450]



قالوا: نعم، قال لهم: أقلتم إنّ العالم قديم غير محدث، وأنتم عارفون بمعني ما أقررتم به، وبمعني ما جحدتموه؟

قالوا: نعم، قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): فهذا الذي تشاهدونه من الأشياء بعضها إلي بعض يفتقر لأنّه لا قوام للبعض إلّا بما يتّصل به.

ألا تري البناء محتاجاً بعض أجزائه إلي بعض، وإلّا لم يتّسق ولم يستحكم، وكذلك سائر ما ترون.

وقال أيضاً: فإذا كان هذا المحتاج - بعضه إلي بعض لقوّته وتمامه - هو القديم، فأخبروني أن لو كان محدثاً كيف كان يكون، وماذا كانت تكون صفته؟

قال: فبهتوا وعلموا أنّهم لا يجدون للمحدث صفة يصفونه بها إلّا وهي موجودة في هذا الذي زعموا أنّه قديم، فوجموا وقالوا: سننظر في أمرنا.

ثمّ أقبل رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) علي الثنويّة الذين قالوا: النور والظلمة هما المدبّران، فقال: وأنتم فما الذي دعاكم ما قلتموه من هذا؟

فقالوا: لأنّا وجدنا العالم صنفين خيراً وشرّاً، ووجدنا الخير ضدّاًللشرّ،فأنكرنا أن يكون فاعل واحد يفعل الشي ء وضدّه، بل لكلّ واحد منهما فاعل.

ألا تري أنّ الثلج محال أن يسخن كما أنّ النار محال أن تبرد، فأثبتنا لذلك صانعين قديمين ظلمة ونوراً.

فقال لهم رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): أفلستم قد وجدتم سواداً وبياضاً وحمرةً وصفرةً وخضرةً وزرقةً، وكلّ واحدة ضدّ لسائرها، لاستحالة اجتماع إثنين منها في محلّ واحد، كما كان الحرّ والبرد ضدّين، لاستحالة اجتماعهما في محلّ واحد.

قالوا: نعم، قال: فهلّا أثبتّم بعدد كلّ لون صانعاً قديماً ليكون فاعل كلّ ضدّ من هذه الألوان غير فاعل الضدّ الآخر؟



[ صفحه 451]



قال: فسكتوا، ثمّ قال: فكيف اختلط النور والظلمة، وهذا من طبعه الصعود، وهذه من طبعها النزول، أرأيتم لو أنّ رجلاً أخذ شرقاً يمشي إليه، والآخر غرباً، أكان يجوز عندكم أن يلتقيا ماداما سائرين علي وجوههما؟

قالوا: لا، قال: فوجب أن لا يختلط النور والظلمة، لذهاب كلّ واحد منهما في غير جهة الآخر، فكيف حدث هذا العالم من امتزاج ما هو محال أن يمتزج، بل هما مدبّران جميعاً مخلوقان، فقالوا: سننظر في أمورنا.

ثمّ أقبل رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) علي مشركي العرب، فقال: وأنتم فلم عبدتم الأصنام من دون اللّه؟

فقالوا: نتقرّب بذلك إلي اللّه تعالي، فقال لهم: أوهي سامعة مطيعة لربّها عابدة له حتّي تتقرّبوا بتعظيمها إلي اللّه؟

قالوا: لا، قال: فأنتم الذين نحتّموها بأيديكم؟

قالوا: نعم، قال: فلإن تعبدكم هي - لو كان تجوز منها العبادة - أحري من أن تعبدوها إذا لم يكن أمركم بتعظيمها من هو العارف بمصالحكم وعواقبكم، والحكيم فيما يكلّفكم.

قال: فلمّا قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) هذا [القول]، اختلفوا فقال بعضهم: إنّ اللّه قد حلّ في هياكل رجال كانوا علي هذه الصور، فصوّرنا هذه الصور نعظّمها، لتعظيمنا تلك الصور التي حلّ فيها ربّنا.

وقال آخرون منهم: إنّ هذه صور أقوام سلفوا كانوا مطيعين للّه قبلنا، فمثّلنا صورهم وعبدناها تعظيماً للّه.

وقال آخرون منهم: إنّ اللّه لمّا خلق آدم، وأمر الملائكة بالسجود له، [فسجدوه تقرّباً باللّه] كنّا نحن أحقّ بالسجود لآدم من الملائكة، ففاتنا ذلك، فصوّرنا صورته، فسجدنا لها تقرّباً إلي اللّه كما تقرّبت الملائكة بالسجود لآدم إلي



[ صفحه 452]



اللّه تعالي، وكما أمرتم بالسجود - بزعمكم - إلي جهة مكّة، ففعلتم، ثمّ نصبتم في غير ذلك البلد بأيديكم محاريب سجدتم إليها، وقصدتم الكعبة لا محاريبكم، وقصدكم بالكعبة إلي اللّه عزّ وجلّ لا إليها.

فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): أخطاتم الطريق، وضللتم، أما أنتم - وهو(صلي اللّه عليه و آله وسلم) يخاطب الذين، قالوا: إنّ اللّه يحلّ في هياكل رجال كانوا علي هذه الصور التي صوّرناها، فصوّرنا هذه الصور نعظّمها لتعظيمنا لتلك الصور التي حلّ فيها ربّنا -، فقد وصفتم ربّكم بصفة المخلوقات، أو يحلّ ربّكم في شي ء؟

حتّي يحيط به ذلك الشي ء، فأيّ فرق بينه إذا، وبين سائر ما يحلّ فيه من لونه وطعمه ورائحته ولينه وخشونته وثقله وخفّته.

ولم صار هذا المحلول فيه محدثاً، وذلك قديماً دون أن يكون ذلك محدثاً، وهذاقديماً، وكيف يحتاج إلي المحال من لم يزل قبل المحال، وهو عزّ وجلّ لا يزال كمالم يزل؟

وإذا وصفتموه بصفة المحدثات في الحلول، فقد لزمكم أن تصفوه بالزوال [والحدوث]، وإذا وصفتموه بالزوال والحدوث وصفتموه بالفناء لأنّ ذلك أجمع من صفات الحالّ والمحلول فيه، وجميع ذلك يغيّر الذات.

فإن كان لم يتغيّر ذات الباري تعالي بحلوله في شي ء جاز أن لا يتغيّر بأن يتحرّك ويسكن ويسودّ ويبيضّ ويحمرّ ويصفرّ، وتحلّه الصفات التي تتعاقب علي الموصوف بها حتّي يكون فيه جميع صفات المحدثين، ويكون محدثاً -عزّ اللّه تعالي اللّه عن ذلك -.

ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): فإذا بطل ماظننتموه من أنّ اللّه يحلّ في شي ء، فقدفسد مابنيتم عليه قولكم.

قال: فسكت القوم، وقالوا: سننظر في أمورنا.

ثمّ أقبل رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) علي الفريق الثاني، فقال [لهم]: أخبرونا عنكم إذا



[ صفحه 453]



عبدتم صور من كان يعبد اللّه فسجدتم لها وصلّيتم فوضعتم الوجوه الكريمة علي التراب - بالسجود لها، فما الذي أبقيتم لربّ العالمين؟

أما علمتم أنّ من حقّ من يلزم تعظيمه وعبادته، أن لا يساوي به عبده؟

أرأيتم ملكاً أو عظيماً إذا ساويتموه بعبيده في التعظيم والخشوع والخضوع، أيكون في ذلك وضع من حقّ الكبير كما يكون زيادة في تعظيم الصغير؟

فقالوا: نعم، قال: أفلا تعلمون أنّكم من حيث تعظّمون اللّه بتعظيم صور عباده المطيعين له تزرون [53] علي ربّ العالمين.

قال: فسكت القوم بعد أن قالوا: سننظر في أمورنا.

ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) للفريق الثالث: لقد ضربتم لنا مثلاً وشبّهتمونا بأنفسكم، ولسنا سواء، وذلك أنّا عباد اللّه مخلوقون مربوبون، نأتمر له فيماأمرنا، وننزجر عمّا زجرنا، ونعبده من حيث يريده منّا، فإذا أمرنا بوجه من الوجوه أطعناه، ولم نتعدّ إلي غيره ممّا لم يأمرنا [به] ولم يأذن لنا، لأنّا لاندري لعلّه إن أراد منّا الأوّل فهو يكره الثاني، وقد نهانا أن نتقدّم بين يديه، فلمّا أمرنا أن نعبده بالتوجّه إلي الكعبة أطعناه، ثمّ أمرنا بعبادته بالتوجّه نحوها في سائر البلدان التي نكون بها فأطعناه، ولم نخرج في شي ء من ذلك من اتّباع أمره.

واللّه عزّ وجلّ حيث أمر بالسجود لآدم لم يأمر بالسجود لصورته التي هي غيره، فليس لكم أن تقيسوا ذلك عليه لأنّكم لا تدرون لعلّه يكره ماتفعلون إذ لم يأمركم به.

ثمّ قال لهم رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم): أرأيتم لو أذن لكم رجل دخول داره يوماً



[ صفحه 454]



بعينه، ألكم أن تدخلوها بعد ذلك بغير أمره، أو لكم أن تدخلوا داراً له أُخري مثلها بغير أمره؟

أو وهب لكم رجل ثوباً من ثيابه، أو عبداً من عبيده، أو دابّة من دوابّه، ألكم أن تأخذوا ذلك؟

قالوا: نعم، قال: فإن لم تأخذوه ألكم أخذ آخر مثله؟

قالوا: لا، لأنّه لم يأذن لنا في الثاني كما أذن في الأوّل.

قال(صلي اللّه عليه و آله وسلم): فأخبروني، اللّه أولي بأن لا يتقدّم علي ملكه بغير أمره، أو بعض المملوكين، قالوا: بل اللّه أولي بأن لا يتصرّف في ملكه بغير إذنه.

قال: فلم فعلتم، ومتي أمركم أن تسجدوا لهذه الصور؟

قال: فقال القوم: سننظر في أمورنا، وسكتوا.

وقال الصادق(عليه السلام): فوالذي بعثه بالحقّ نبيّاً! ما أتت علي جماعتهم إلّا ثلاثة أيّام حتّي أتوا رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم)، فأسلموا، وكانوا خمسة وعشرين رجلاً من كلّ فرقة خمسة، وقالوا: ما رأينا مثل حجّتك يا محمّد! نشهد أنّك رسول اللّه، وقال الصادق(عليه السلام): قال أمير المؤمنين(عليه السلام): فأنزل اللّه (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) [54] الآية.

فكان في هذه الآية ردّ علي ثلاثة أصناف منهم لمّا قال: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَتِ وَالْأَرْضَ) فكان ردّاً علي الدهريّة الذين قالوا: إنّ الأشياء لابدو لها، وهي دائمة، ثمّ قال: (وَجَعَلَ الظُّلُمَتِ وَالنُّورَ) فكان ردّاً علي الثنويّة، الذين قالوا: إنّ النور والظلمة هما مدبّران.

ثمّ قال: (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) فكان ردّاً علي مشركي العرب،



[ صفحه 455]



الذين قالوا: إن أوثاننا آلهة.

ثمّ أنزل اللّه (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) إلي آخرها، فكان ردّاً علي من ادّعي من دون اللّه ضدّاً أو ندّاً.

قال: فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) لأصحابه: قولوا: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) أي نعبد واحداً لانقول كما قالت الدهريّة: إنّ الأشياء لا بدو لها، وهي دائمة، ولا كما قالت الثنويّة الذين قالوا: إنّ النور والظلمة هما المدبّران، ولا كما قال مشركوا العرب: إنّ أوثاننا آلهة فلا نشرك بك شيئاً، ولا ندعو من دونك إلهاً كما يقول هؤلاء الكفّار، ولا نقول كما قالت اليهود والنصاري: إنّ لك ولداً، تعاليت عن ذلك [علوّاً كبيراً].

قال فذلك قوله: (وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَرَي).

وقالت طائفة غيرهم من هؤلاء الكفّار ماقالوا قال اللّه تعالي: يا محمّد! (تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ) التي يتمّنونها بلا حجّة، (قُلْ هَاتُواْ بُرْهَنَكُمْ) وحجّتكم علي دعواكم (إِن كُنتُمْ صَدِقِينَ)، كما أتي محمّد ببراهينه التي سمعتموها.

ثمّ قال: (بَلَي مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ و لِلَّهِ) تعالي يعني كما فعل هؤلاء الذين آمنوا برسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) لمّا سمعوا براهينه وحجّته (وَهُوَ مُحْسِنٌ) في عمله للّه (فَلَهُ و أَجْرُهُ و) وثوابه (عِندَ رَبِّهِ ي) يوم فصل القضاء.

(وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) حين يخاف الكافرون ممّا يشاهدونه من العقاب، (وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [55] عند الموت، لأنّ البشارة بالجنان تأتيهم. [56] .



[ صفحه 456]



26 - أبو منصور الطبرسيّ(ره): وبالإسناد الذي تقدّم [والإسناد هو هذا: حدّثني السيّد العالم العابد أبو حعفر مهديّ بن أبي حرب الحسينيّ المرعشيّ(رضي اللّه عنه)، قال: حدّثني الشيخ الصدوق أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد بن أحمد الدوريستيّ رحمة اللّه عليه، قال: حدّثني أبي محمّد بن أحمد، قال: حدّثني الشيخ السعيد أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ(ره)، قال: حدّثني أبو الحسن محمّد بن القاسم المفسّر الاسترآباديّ، قال: حدّثني أبو يعقوب يوسف بن محمّد بن زياد وأبو الحسن عليّ بن محمّد بن سيّار - وكانا من الشيعة الإماميّة -].

عن أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ(عليهما السلام) أنّه قال: قال بعض المخالفين بحضرة الصادق(عليه السلام) لرجل من الشيعة: ما تقول في العشرة من الصحابة؟

قال: أقول فيهم الخير الجميل الذي يحطّ اللّه به سيّئاتي، ويرفع به درجاتي.

قال السائل: الحمد للّه علي ما أنقذني من بغضك، كنت أظنّك رافضيّاً،تبغض الصحابة، فقال الرجل: ألا من أبغض واحداً من الصحابة فعليه لعنة اللّه.

قال: لعلّك تتأوّل ما تقول، قل: فمن أبغض العشرة من الصحابة.

فقال: من أبغض العشرة من الصحابة، فعليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين، فوثب [الرجل]، فقبّل رأسه.



[ صفحه 457]



فقال: اجعلني في حلّ ممّا قذفتك به من الرفض قبل اليوم.

قال: أنت في حلّ، وأنت أخي، ثمّ انصرف السائل.

فقال له الصادق(عليه السلام): جوّدت، للّه درّك! لقد عجبت الملائكة من حسن توريتك وتلفّظك بما خلّصك ولم تثلم دينك، زاد اللّه في قلوب مخالفينا غمّاً إلي غمّ، وحجب عنهم مراد منتحلي مودّتنا في تقيّتهم.

فقال بعض أصحاب الصادق(عليه السلام): يا ابن رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم)! ما عقلنا من كلام هذا إلّا موافقته لهذا المتعنّت الناصب.

فقال الصادق(عليه السلام): لئن كنتم لم تفهموا ما عني فقد فهمناه نحن، فقد شكره اللّه له، إنّ وليّنا الموالي لأوليائنا، المعادي لأعدائنا إذا ابتلاه اللّه بمن يمتحنه من مخالفيه، وفّقه لجواب يسلم معه دينه وعرضه، ويعظم اللّه بالتقيّة ثوابه.

إنّ صاحبكم هذا قال: من عاب واحداً منهم فعليه لعنة اللّه، أي من عاب واحداً منهم هو أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، وقال في الثانية، من عابهم وشتمهم فعليه لعنة اللّه، وقد صدق، لأنّ من عابهم فقد عاب عليّاً(عليه السلام) لأنّه أحدهم، فإذا لم يعب عليّاً ولم يذمّه فلم يعبهم جميعاً، وإنّما عاب بعضهم.

ولقد كان لحزقيل المؤمن مع قوم فرعون الذين وشوا به إلي فرعون مثل هذه التورية، كان حزقيل يدعوهم إلي توحيد اللّه ونبوّة موسي، وتفضيل محمّد رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله وسلم) علي جميع رسل اللّه وخلقه، وتفضيل عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، والخيار من الأئمّة علي سائر أوصياء النبيّين، وإلي البراءة من ربوبيّة فرعون، فوشي به واشون إلي فرعون، وقالوا: إنّ حزقيل يدعو إلي مخالفتك، ويعين أعدائك علي مضادّتك.

فقال لهم فرعون: ابن عمّي وخليفتي علي ملكي ووليّ عهدي، إن فعل ماقلتم، فقد استحقّ العذاب علي كفره نعمتي، وإن كنتم عليه كاذبين



[ صفحه 458]



فقداستحققتم أشدّ العذاب لإيثاركم الدخول في مسائته.

فجاء بحزقيل، وجاء بهم فكاشفوه، وقالوا: أنت تجحد ربوبيّة فرعون الملك، وتكفر نعمائه؟

فقال حزقيل: أيّها الملك! هل جرّبت عليّ كذباً قطّ؟

قال: لا، قال: فسلهم من ربّهم؟

قالوا: فرعون، قال: ومن خالقكم؟

قالوا: فرعون هذا، قال: ومن رازقكم، الكافل لمعايشكم، والدافع عنكم مكارهكم؟

قالوا: فرعون هذا، قال حزقيل: أيّها الملك! فأُشهدك وكلّ من حضرك أنّ ربّهم هو ربّي، وخالقهم هو خالقي، ورازقهم هو رازقي، ومصلح معايشهم هو مصلح معايشي، لاربّ لي ولا خالق ولا رازق غير ربّهم وخالقهم ورازقهم، وأشهدك ومن حضرك أنّ كلّ ربّ وخالق ولا رازق سوي ربّهم وخالقهم ورازقهم، فأنا بري ء منه ومن ربوبيّته، وكافربإلهيّته.

يقول حزقيل هذا وهو يعني أنّ ربّهم هو اللّه ربّي، ولم يقل إنّ الذي قالوا هم إنّه ربّهم هو ربّي، وخفي هذا المعني علي فرعون ومن حضره، وتوهّموا أنّه يقول: فرعون ربّي وخالقي ورازقي.

فقال لهم: يا رجال السوء! ويا طلاّب الفساد في ملكي ومريدي الفتنة بيني وبين ابن عمّي وهو عضدي، أنتم المستحقّون لعذابي، لإرادتكم فساد أمري، وهلاك ابن عمّي، والفتّ [57] في عضدي.



[ صفحه 459]



ثمّ أمر بالأوتاد، فجعل في ساق كلّ واحد منهم وتد، وفي صدره وتد، وأمر أصحاب أمشاط الحديد، فشقّوا بها لحومهم من أبدانهم.

فذلك ما قال اللّه تعالي: (فَوَقَئهُ اللَّهُ سَيَِّاتِ مَا مَكَرُواْ) [58] لما وشوا به إلي فرعون ليهلكوه وحاق بآل فرعون سوء العذاب، وهم الذين وشوابحزقيل إليه لما أوتد فيهم الأوتاد، ومشط عن أبدانهم لحومهابالأمشاط. [59] .

27 - الراونديّ(ره): قال أبو هاشم: إنّي قلت في نفسي: أشتهي أن أعلم ما يقول أبو محمّد(عليه السلام) في القرآن...

فقال: أما بلغك ما روي عن أبي عبداللّه(عليه السلام): لمّا نزلت (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) خلق اللّه لها أربعة آلاف جناح، فماكانت تمرّ بملأ من الملائكة إلّا خشعوا لها، وقالوا: هذه نسبة الربّ تبارك وتعالي. [60] .

28 - المحدّث النوريّ(ره): العلّامة الأردبيليّ في حديقة الشيعة: نقلاً عن السيّد المرتضي ابن الداعي الحسينيّ الرازيّ، بإسناده عن الشيخ المفيد،



[ صفحه 460]



عن أحمد بن محمّد الحسن بن الوليد، عن أبيه محمّد بن الحسن، عن سعد ابن عبد اللّه، عن محمّد بن عبد اللّه، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن الإمام العسكريّ(عليه السلام)، أنّه قال لأبي هاشم الجعفريّ: يا أبا هاشم! سيأتي زمان علي الناس وجوههم ضاحكة مستبشرة، وقلوبهم مظلمة متكدرّة [61] السنّة فيهم بدعة، والبدعة فيهم سنّة، المؤمن بينهم محقّر، والفاسق بينهم موقّر، أمراؤهم جاهلون جائرون.

وعلماؤهم في أبواب الظلمة [سائرون]، أغنياؤهم يسرقون زاد الفقراء، وأصاغرهم يتقدّمون علي الكبراء، وكلّ جاهل عندهم خبير، وكلّ محيل عندهم فقير، لا يميزون بين المخلص والمرتاب، لا يعرفون الضأن من الذئاب، علماؤهم شرار خلق اللّه علي وجه الأرض، لأنّهم يميلون إلي الفلسفة والتصوّف.

وأيم اللّه! إنّهم من أهل العدول والتحرّف، يبالغون في حبّ مخالفينا، ويضلّون شيعتنا وموالينا، إن نالوا منصباً لم يشبعوا عن الوشاء، وإن خذلوا عبدوا اللّه علي الرياء.

ألا إنّهم قطّاع طريق المؤمنين، والدعاة إلي نحلة الملحدين، فمن أدركهم فليحذرهم، وليصن دينه وإيمانه.

ثمّ قال: يا أبا هاشم! هذا ما حدّثني أبي، عن آبائه جعفر بن محمّد(عليهم السلام)، وهو من أسرارنا فاكتمه إلّا عن أهله. [62] .


پاورقي

[1] التفسير: 9، س 4. تقدّم الحديث بتمامه في ج 3، رقم 532.

[2] الوصمة: العيب في الكلام. لسان العرب: 12 / 639، (وصم).

[3] الشوري: 42 / 30.

[4] التفسير: 22، ح 7. عنه البحار: 64 / 232، ح 48، و73 / 305، ح 1، قطعتان منه، و89 / 240، س 21، ضمن ح 48، والبرهان: 1 / 45، ح 11، بتفاوت يسير، ووسائل الشيعة:7 / 170، ح 9032، قطعة منه، والجواهر السنيّة: 135، س 12، قطعة منه. التوحيد: 231، س 10، ضمن ح 5، قطعة منه. عنه نور الثقلين: 1 / 7، ح 19، و20.

[5] التفسير: 40، ح 17. عنه البحار: 27 / 186، ح 45، و89 / 252، س 1، ضمن ح 48، بتفاوت، وتنبيه الخواطر ونزهة النواظر: 415، س 5، بتفاوت، ومستدرك الوسائل: 1 / 162، ح 264، بتفاوت يسير.

[6] قوله تعالي: (فراغ إلي آلهتهم)، 37 / 91، أي مال إليهم في خفاء. مجمع البحرين: 5 / 10.

[7] الأنعام: 6 / 160.

[8] المائدة: 5 / 27.

[9] التفسير: 44، س 8، ضمن ح 20، و21. عنه تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: 415، س 18، قطعة منه، والبحار: 89 / 254، س 13، ضمن ح 48، قطعة منه، ومستدرك الوسائل: 4 / 410، ح 5037، قطعة منه. معاني الأخبار: 33، س 12، ضمن ح 4، بتفاوت يسير. عنه نور الثقلين: 1 / 614، ح 138، مسنداً، قطعة منه. الاحتجاج: 2 / 286، ح 243، قطعة منه. عنه البحار: 47 / 233، ح 23. وعنه وعن المعاني والتفسير، وسائل الشيعة: 9 / 466، ح 12513، قطعة منه. عيون أخبار الرضا(عليه السلام): 1 / 305، ح 65، مسنداً، قطعة منه. عنه البحار: 89 / 228، ح 6، والبرهان:1 / 51، ح 24. وعنه وعن المعاني والاحتجاج والتفسير، وسائل الشيعة: 27 / 49، ح 33179، قطعة منه.

[10] البقرة: 2 / 6.

[11] النجيب من الإبل، والجمع النُجُب... وهو القويّ منها، الخفيف السريع. لسان العرب: 1 / 748، (انجب).

[12] رزُن الرجل بالضمّ، فهو رزين، أي وقور. مجمع البحرين: 6 / 255، (رزن).

[13] البقرة: 2 / 7.

[14] التفسير: 99، ح 54 - 57. عنه البحار: 7 / 210، ح 104، و8 / 179، ح 136، قطعتان منه، و42 / 21، ح 7، أورده بتمامه، بتفاوت يسير، ومدينة المعاجز: 2 / 114، ح 438، و118، ح 439، قطعتان منه، والبرهان: 1 / 58، ح 2، قطعة منه، وحلية الأبرار: 2 / 100، ح 9، قطعةمنه، ومستدرك الوسائل: 11 / 117، ح 12578، قطعة منه. الاحتجاج: 2 / 506، ح 335، أشار إلي مضمونه.

[15] تكالبوا القوم: تجاهروا بالعداوة. مجمع البحرين: 2 / 164، (كلب).

[16] البقرة: 2 / 159، و160.

[17] التفسير: 299، س 8، ضمن ح 143، و144. عنه مستدرك الوسائل: 11 / 206، ح 12748، قطعة منه، والبرهان: 1 / 171، ح 6، قطعة منه، ومقدّمة البرهان: 198، س 18، قطعة منه. الاحتجاج: 2 / 510، س 7، ضمن ح 337، بتفاوت يسير. عنه وعن التفسير، وسائل الشيعة: 27 / 131، ح 33401، قطعة منه، وأعيان الشيعة: 1 / 104، س 7، مسنداً، قطعةمنه.

[18] التفسير: 310، ح 157. عنه البحار: 65 / 156، س 20، ضمن ح 11، والبرهان: 4 / 22، س 13، ضمن ح 4، وتنقيح المقال: 2 / 318، س 9. تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: 425، س 10، بتفاوت.

[19] التفسير: 322، ح 168. عنه وسائل الشيعة:16 / 223، ح 21416.

[20] التفسير: 328، ح 182. عنه البحار: 66 / 343، س 13، و67 / 198، س 12، و211، س 3، ضمن ح 33، ومستدرك الوسائل: 1 / 101، ح 91. عدّة الداعي: 233، س 8. عنه البحار: 67 / 249، س 21، ضمن ح 25. تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: 427، س 21، مرسلاً.

[21] التفسير: 331، ح 196. عنه البحار: 23 / 260، س 10، ضمن ح 8، و36 / 9، س 17، ضمن ح 11، والبرهان: 3 / 245، س 15، ضمن ح 3، بتفاوت، ومقدّمة البرهان: 329، س 2، بتفاوت يسير.

[22] التفسير: 335، ح 207. عنه مستدرك الوسائل:12 / 379، ح 14345، بتفاوت يسير، والبحار: 23 / 262، س 16، ضمن ح 8.

[23] البقرة: 2 / 83.

[24] التفسير: 353، ح 240. عنه البحار: 66 / 344، س 22، أشار إليه، و68 / 309، س 13، و71 / 340، س 23، و72 / 401، ح 42، والبرهان: 1 / 122، ح 18، بتفاوت، ومستدرك الوسائل: 9 / 36 ح 10136، بتفاوت، و12 / 261، ح 14061، بتفاوت يسير، والوافي: 8 / 1271، س 12، نحو ما في المستدرك.

[25] البقرة: 2 / 101.

[26] النِيْرَنج: أُخَذٌ كالسحر وليس به، ج نيرنجات ونيارج. المعجم الوسيط: 967، (نيرج).والأُخْذة: المصيدة وما يحتال به الساحر. المصدر: 9، (أخذ).

[27] موهّت الشي ء بالتشديد: إذا طلبته بفضّة أو ذهب، وتحت ذلك نحاس أو حديد، ومنه التمويه، وهو التدليس. مجمع البحرين: 6 / 363، (موه).

[28] البقرة: 2 / 102.

[29] التفسير: 471، ح 304. عنه البحار: 9 / 330، ح 17، قطعة منه، والبرهان: 1 / 135، ح 1، و136، ح 1. وعنه وعن العيون، البحار: 56 / 319، ح 3. عيون أخبار الرضا(عليه السلام): 1 / 266، ح 1، مسنداً، وبتفاوت. عنه وسائل الشيعة: 17 / 147،ح 22210، قطعة منه، ونور الثقلين: 1 / 107، ح 294، والبرهان: 2 / 342، ح 2، أشار إليه.

[30] التفسير: 241، ح 119. تقدّم الحديث بتمامه في ج 3، رقم 561.

[31] البقرة: 2 / 223.

[32] العيّاشيّ: 1 / 111، ح 333. عنه مستدرك الوسائل: 14 / 231، ح 16580، والبحار: 101 / 28، ح 4.

[33] في البحار: من جفنته إلي مقلته. الجفن: قطاع العين من أعلي إلي أسفل، المنجد: 94 (جفن)، والمقلة: شحمة العين أوهي السواد والبياض منها. المصدر: 770، (مقل).

[34] عيون أخبار الرضا(عليه السلام): 2 / 3، ح 4. عنه البحار: 90 / 329، ح 4، وفيه: المفسّر، عن أحمد بن الحسن الحسينيّ، عن أبي محمّد عن آبائه، عن الصادق (عليه السلام)...، ووسائل الشيعة: 15 / 226، ح 20342، وفيه: محمّد بن القاسم المفسّر الجرجانيّ، عن أحمد بن الحسن الحسينيّ، عن الحسن بن عليّ العسكريّ عن آبائه:، قال: قال الصادق (عليه السلام).

[35] عيون أخبار الرضا(عليه السلام): 3 / 2، ح 6. عنه البحار: 90 / 329، ح 5، بإسناده عن أبي محمّد، عن آبائه، عن الصادق (عليه السلام)...، ووسائل الشيعة: 12 / 115، ح 15802، بإسناده عن الحسن ابن عليّ، عن أبيه، عن محمّد بن عليّ، عن الرضا، عن أبيه موسي بن جعفر:، قال: قال الصادق (عليه السلام).

[36] معاني الأخبار: 290، ح 10. تقدّم الحديث بتمامه في ج 2، رقم 512.

[37] معاني الأخبار: 4، ح 2. تقدّم الحديث بتمامه في ج 3، رقم 533.

[38] معاني الأخبار: 24، ح 4. تقدّم الحديث بتمامه في ج 3، رقم 539.

[39] رجال الكشّيّ: 533، ح 1018. تقدّم الحديث بتمامه في ج 3، رقم 809.

[40] غطمط البحر: عظمت أمواجه...، تغطمط البحر: اضطرب وعلت أمواجه. المنجد: 555، (غطم).

[41] رامه يريمه ريماً: أي برحه. مجمع البحرين: 6 / 77، (ريم).

[42] ضام يضيم ضيماً: قهره وظلمه، والضيم، ج ضيوم: الظلم. المنجد: 458، (ضيم).

[43] مصباح المتهجّد: 339، س 10. البلد الأمين: 156، س 4، بتفاوت. عنه وعن المصباح وجمال الأسبوع، البحار: 87 / 44، س 15. جمال الأسبوع: 216، س 4.

[44] تقدّم الإسناد في ج 3، رقم 375.

[45] الاحتجاج: ج 1 / 12، ح 7، و2 / 322، ح 261، بتفاوت يسير. عنه وعن التفسير، البحار: 2 / 5، ح 8، بتفاوت يسير. التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ (عليه السلام): 343، ح 221، بتفاوت يسير. عنه الفصول المهمّة للحرّ العامليّ(ره): 1 / 602، ح 944، ومنية المريد: 34، س 2، والمحجّة البيضاء: 1 / 31، س 21، بتفاوت يسير، ومقدّمة البرهان: 160، س 30. عوالي اللئالي: 1 / 18، ح 5. الصراط المستقيم: 3 / 55، س 20، بتفاوت يسير.

[46] الاحتجاج: 1 / 20، ح 17. التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ (عليه السلام): 349، ح 234. عنه وعن الاحتجاج، البحار: 2 / 10، ح 19. الصراط المستقيم: 3 / 58، س 3، بتفاوت يسير.

[47] العنكبوت: 29 / 46.

[48] النحل: 16 / 125.

[49] البقرة: 2 / 111.

[50] يس: 36 / 78 - 80.

[51] يس: 36 / 81.

[52] النحل: 16 / 125.

[53] زري عليه زرياً من باب رمي، وزراية بالكسر: عابه واستهزء به. مجمع البحرين: 1 / 203، (زري).

[54] الأنعام: 6 / 1.

[55] البقرة: 2 / 111، و112.

[56] الاحتجاج: 1 / 23، ح 20، و21. عنه وسائل الشيعة: 4 / 302، ح 5212، و6 / 386، ح 8252، قطعتان منه، والبحار: 2 / 125، ح 2، و84 / 71، ح 30، قطعتان منه، ونور الثقلين: 1 / 697، ح 5، و2 / 204، ح 104، و3 / 95، ح 266، و4 / 162، ح 65، و395، ح 89، قِطع منه. وعنه وعن التفسير، البحار: 9 / 255، ح 1، و54 / 68، ح 45، قطعةمنه.التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ (عليه السلام): 527، ح 322 - 324، بتفاوت يسير. عنه البحار: 67 / 216، س 18، و70 / 402، س 12، قطعتان منه، والبرهان: 1 / 143، ح 1، و418، ح 8، و2 / 116، ح 1، و388، ح 2، قِطع منه، و3 / 253، ح 2، بتفاوت، و4 / 13 ح 4، قطعة منه.

[57] فتَّ فتّاً وفتّت الشي ء: كسره بالأصابع كِسَراً صغيرة...، ويقال: فتّ في عضده أي كسر قوّته وفرّق عنه أعوانه. المنجد: 566، (فتّ).

[58] غافر: 40 / 45.

[59] الاحتجاج: 2 / 288، ح 244. عنه البحار: 68 / 11، ح 20، بتفاوت يسير. وعنه وعن التفسير، البحار: 13 / 160، ح 1، قطعة منه. التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ (عليه السلام): 355، ح 247، بتفاوت يسير. عنه قصص الأنبياء للجزائريّ: 258 س 18، والبرهان: 4 / 98، ح 3، والبحار: 72 / 402، س 1، ضمن ح 42، ومستدرك الوسائل: 12 / 263، ح 14066. الصراط المستقيم: 3 / 73، س 16، قطعة منه.

[60] الخرائج والجرائح: 2 / 686، ح 6. تقدّم الحديث بتمامه في ج 1، رقم 332.

[61] في الإثبات: مكدّرة.

[62] مستدرك الوسائل: 11 / 380، ح 13308، عن حديقة الشيعة. إثبات الهداة: 3 / 142، ح 249، باختصار عن حديقة الشيعة. قطعة منه في (إنّ للأئمّة: أسراراً)، و(موعظته (عليه السلام) في كتمان أسرار الأئمّةعليهم السلام).