بازگشت

ما رواه عن الامام موسي بن جعفر الكاظم


1 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): [قال الإمام(عليه السلام)]: قال العالم موسي بن جعفر(عليهما السلام): إنّ رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) لمّا أوقف أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) في يوم الغدير موقفه المشهور المعروف، ثمّ قال: يا عبادالله! أنسبوني.

فقالوا: أنت محمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف.

ثمّ قال: أيّها الناس! ألست أولي بكم من أنفسكم؟

(قالوا: بلي، يا رسول الله! قال(صلي الله عليه و ال وسلم)): مولاكم أولي بكم من أنفسكم؟

قالوا: بلي، يا رسول الله! فنظر إلي السماء وقال: «اللهمّ اشهد». يقول هو ذلك، و[هم] يقولون ذلك - ثلاثاً -.

ثمّ قال: ألا [ف]من كنت مولاه وأولي به، فهذا عليّ مولاه وأولي به، «اللهمّ وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله».

ثمّ قال: قم يا أبا بكر! فبايع له بإمرة المؤمنين، فقام فبايع له بإمرة المؤمنين.

ثمّ قال: قم يا عمر! فبايع له بإمرة المؤمنين، فقام فبايع له بإمرة المؤمنين.

ثمّ قال بعد ذلك لتمام (التسعة ثمّ لرؤساء) المهاجرين والأنصار، فبايعوا كلّهم، فقام من بين جماعتهم عمر بن الخطّاب.

فقال: بخّ بخّ لك يا ابن أبي طالب! أصبحت مولاي ومولي كلّ مؤمن ومؤمنة، ثمّ تفرّقوا عن ذلك، وقد وكّدت عليهم العهود والمواثيق.

ثمّ إنّ قوماً من متمرّديهم وجبابرتهم تواطأوا بينهم لئن كانت لمحمّد(صلي الله عليه و ال وسلم) كائنة ليدفعنّ هذا الأمر عن عليّ ولا يتركونه له.

فعرف الله تعالي ذلك من قبلهم، وكانوا يأتون رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) ويقولون:



[ صفحه 6]



لقد أقمت علينا أحبّ (خلق الله) إلي الله وإليك وإلينا، كفيتنا به مؤنة الظلمة لنا، والجائرين في سياستنا، وعلم الله تعالي من قلوبهم خلاف ذلك، ومن مواطأة بعضهم لبعض أنّهم علي العداوة مقيمون، ولدفع الأمر عن مستحقّه مؤثرون.

فأخبر الله عزّ وجلّ محمّداً عنهم، فقال: يا محمّد! (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِاللَّهِ) الذي أمرك بنصب عليّ إماماً، وسائساً لأُمّتك، ومدبّراً (وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ) [1] بذلك، ولكنّهم يتواطؤون علي إهلاكك وإهلاكه، يوطّنون أنفسهم علي التمرّد علي عليّ(عليه السلام) إن كانت بك كائنة. [2] .

2 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): [قال الإمام(عليه السلام)]: قال [الإمام] موسي بن جعفر(عليه السلام): فاتّصل ذلك من مواطأتهم وقيلهم في عليّ (عليه السلام) وسوء تدبيرهم عليه برسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) فدعاهم وعاتبهم.

فاجتهدوا في الأيمان، وقال أوّلهم: يا رسول الله! والله، ما اعتددت بشي ء كاعتدادي بهذه البيعة، ولقد رجوت أن يفسح الله بها [لي] في قصور الجنان، ويجعلني فيها من أفضل النزّال والسكّان.

وقال ثانيهم: بأبي أنت وأُمّي يا رسول الله! ما وثقت بدخول الجنّة والنجاة من النار إلّا بهذه البيعة، والله ما يسرّني إن نقضتها أو نكثت بعد ما أعطيت من نفسي ما أعطيت، وإن [كان] لي طلاع ما بين الثري إلي العرش لآلي رطبة وجواهر فاخرة.



[ صفحه 7]



وقال ثالثهم: والله، يا رسول الله! لقد صرت من الفرح بهذه البيعة - [من السرور] والفسح من الآمال في رضوان الله - ما أيقنت أنّه لو كانت ذنوب أهل الأرض كلّها عليّ لمحّصت عنّي بهذه البيعة، وحلف علي ما قال من ذلك، ولعن من بلّغ عنه رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) خلاف ما حلف عليه.

ثمّ تتابع بمثل هذا الاعتذار من بعدهم من الجبابرة والمتمرّدين.

فقال الله عزّ وجلّ لمحمّد(صلي الله عليه و ال وسلم): (يُخَدِعُونَ اللَّهَ) يعني يخادعون رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) بأيمانهم خلاف ما في جوانحهم، (وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ) كذلك أيضاً الذين سيّدهم وفاضلهم عليّ بن أبي طالب(عليه السلام).

ثمّ قال: (وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمْ) وما يضرّون بتلك الخديعة إلّا أنفسهم فإنّ الله غنّي عنهم، وعن نصرتهم، ولولا إمهاله لهم لما قدروا علي شي ء من فجورهم وطغيانهم، (وَمَا يَشْعُرُونَ) [3] أنّ الأمر كذلك، وأنّ الله يطّلع نبيّه علي نفاقهم وكذبهم وكفرهم، ويأمره بلعنهم في لعنة الظالمين الناكثين، وذلك اللعن لايفارقهم في الدنيا يلعنهم خيار عباد الله، وفي الآخرة يبتلون بشدائد عقاب الله. [4] .

3 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): [قال الإمام(عليه السلام)]: قال [الإمام] موسي بن جعفر(عليهما السلام): إنّ رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) لمّإ؛ك آ اعتذر هؤلاء [المنافقين إليه] بمااعتذروا، تكرّم عليهم بأن قبل ظواهرهم،



[ صفحه 8]



ووكّل بواطنهم إلي ربّهم، لكن جبرئيل(عليه السلام) أتاه، فقال: يا محمّد! إنّ العليّ الأعلي يقرأ عليك السلام ويقول: اخرج بهؤلاء المردة الذين اتّصل بك عنهم في عليّ(عليه السلام) علي نكثهم لبيعته وتوطينهم نفوسهم علي مخالفتهم عليّاً ليظهر من عجائب ما أكرمه الله به من طواعية الأرض والجبال والسماء له، وسائر ما خلق الله - لما أوقفه موقفك وأقامه مقامك -، ليعلموا أنّ وليّ الله عليّاً غنيّ عنهم، وأنّها لا يكفّ عنهم انتقامه منهم إلّا بأمرالله الذي له فيه وفيهم التدبير الذي هو بالغه، والحكمة التي هو عامل بها وممض لما يوجبها.

فأمر رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) الجماعة - من الذين اتّصل به عنهم ما اتّصل في أمر عليّ(عليه السلام) والمواطأة علي مخالفته - بالخروج، فقال لعليّ(عليه السلام) - لمّا استقرّ عند سفح بعض جبال المدينة -: يا عليّ! إنّ الله عزّوجلّ أمر هؤلاء بنصرتك ومساعدتك، والمواظبة علي خدمتك، والجدّ في طاعتك، فإن أطاعوك فهو خير لهم يصيرون في جنان الله ملوكاً خالدين ناعمين، وإن خالفوك فهو شرّ لهم، يصيرون في جهنّم خالدين معذّبين، ثمّ قال رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) لتلك الجماعة: اعلموا أنّكم إن أطعتم عليّاً(عليه السلام) سعدتم، وإن خالفتموه شقيتم، وأغناه الله عنكم بمن سيريكموه وبما سيريكموه.

ثمّ قال رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم): يا عليّ! سل ربّك بجاه محمّد وآله الطيّبين، الذين أنت بعد محمّد سيّدهم، أن يقلّب لك هذه الجبال ما شئت، فسأل ربّه تعالي ذلك، فانقلبت فضّة.

ثمّ نادته الجبال: يا عليّ! يا وصيّ رسول ربّ العالمين، إنّ الله قد أعدّنا لك إن أردت إنفاقنا في أمرك، فمتي دعوتنا أجبناك لتمضي فينا حكمك، وتنفذ فينا قضاءك، ثمّ انقلبت ذهباً أحمر كلّها، وقالت مقالة الفضّة، ثمّ انقلبت مسكاً وعنبراً [وعبيراً] وجواهر ويواقيت، وكلّ شي ء منها ينقلب إليه يناديه: يا أبا الحسن!



[ صفحه 9]



ياأخا رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم)! نحن المسخّرات لك، ادعنا متي شئت، لتنفقنا فيما شئت نجبك، ونتحوّل لك إلي ما شئت.

ثمّ قال رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم): أرأيتم قد أغني الله عزّ وجلّ عليّاً -بماترون- عن أموالكم؟

ثمّ قال رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم): يا عليّ! سل الله عزّ وجلّ بمحمّد وآله الطيّبين الذين أنت سيّدهم بعد محمّد رسول الله، أن يقلّب لك أشجارها رجالاً شاكي الأسلحة، وصخورها أسُوداً ونُموراً وأفاعي.

فدعا الله عليّ بذلك، فامتلأت تلك الجبال، والهضاب، وقرار الأرض من الرجال الشاكي الأسلحة الذين لا يفي بواحد منهم عشرة آلاف من الناس المعهودين، ومن الأسود والنمور والأفاعي حتّي طبقت تلك الجبال والأرضون والهضاب بذلك.

[و] كلّ ينادي: يا عليّ! يا وصيّ رسول الله! ها نحن قد سخّرنا الله لك، وأمرنا بإجابتك - كلّما دعوتنا - إلي اصطلام كلّ من سلّطتنا عليه، فمتي شئت فادعنا نجبك، وبما شئت فأمرنا به نطعك.

يا عليّ! يا وصيّ رسول الله! إنّ لك عند الله من الشأن العظيم، ما لوسألت الله أن يصيّر لك أطراف الأرض وجوانبها هيئة واحدة كصرّة كيس لفعل، أو يحطّ لك السماء إلي الأرض لفعل، أو يرفع لك الأرض إلي السماء لفعل، أو يقلّب لك ما في بحارها الأُجاج ماء عذباً أو زئبقاً باناً، أو ما شئت من أنواع الأشربة والأدهان لفعل.

ولو شئت أن يجمّد البحار، ويجعل سائر الأرض هي البحار لفعل، فلايحزنك تمرّد هؤلاء المتمرّدين، وخلاف هؤلاء المخالفين، فكأنّهم بالدنيا إذا انقضت عنهم كأن لم يكونوا فيها (وكأنّهم بالآخرة إذا وردت عليهم كأن) لم يزالوا فيها.



[ صفحه 10]



يا عليّ! إنّ الذي أمهلهم مع كفرهم وفسقهم في تمرّدهم عن طاعتك هو الذي أمهل فرعون ذا الأوتاد، ونمرود بن كنعان، ومن ادّعي الإلهيّة من ذوي الطغيان، وأطغي الطغاة إبليس رأس الضلالات.

[و] ما خلقت أنت، ولا هم لدار الفناء، بل خلقتم لدار البقاء، ولكنّكم تنقلون من دار إلي دار، ولا حاجة لربّك إلي من يسوسهم ويرعاهم، ولكنّه أراد تشريفك عليهم، وإبانتك بالفضل فيهم، ولو شاء لهداهم.

قال(عليه السلام): فمرضت قلوب القوم لما شاهدوه من ذلك مضافاً إلي ما كان [في قلوبهم] من مرض حسدهم [له و] لعليّ بن أبي طالب(عليه السلام).

فقال الله عند ذلك: (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ) أي [في] قلوب هؤلاء المتمرّدين الشاكّين الناكثين، لما أخذت عليهم من بيعة عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) (فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا) بحيث تاهت له قلوبهم جزاء بما أريتهم من هذه الآيات [و] المعجزات (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمُ م بِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ) [5] محمّداً، ويكذبون في قولهم إنّا علي البيعة والعهد مقيمون. [6] .

4 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام(عليه السلام):

قال العالم موسي بن جعفر(عليهما السلام): وإذا قيل لهؤلاء الناكثين للبيعة في يوم الغدير: (لَاتُفْسِدُواْ فِي الأَْرْضِ) بإظهار نكث البيعة لعباد الله المستضعفين، فتشوّشون عليهم دينهم، وتحيّرونهم في مذاهبهم.



[ صفحه 11]



(قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ) لأنّنا لا نعتقد دين محمّد ولا غير دين محمّد، ونحن في الدين متحيّرون، فنحن نرضي في الظاهر بمحمّد بإظهار قبول دينه وشريعته، ونقضي في الباطن إلي شهواتنا، فنتمتّع ونترفّه ونعتق أنفسنا من رقّ محمّد، ونفكّها من طاعة ابن عمّه عليّ، لكي إن أُديل في الدنيا كنّا قد توجّهنا عنده، وإن اضمحلّ أمره كنّا قد سلمنا (من سبي) أعدائه.

قال الله عزّ وجلّ (أَلَآ إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ) [7] بما يقولون من أمورأنفسهم، لأنّ الله تعالي يعرّف نبيّه(صلي الله عليه و ال وسلم) نفاقهم، فهو يلعنهم ويأمر المؤمنين بلعنهم ولايثق بهم أيضاً أعداء المؤمنين لأنّهم يظنّون أنّهم ينافقونهم أيضاً كما ينافقون أصحاب محمّد(صلي الله عليه و ال وسلم)، فلا يرفع لهم عندهم منزلة، ولا يحلّون عندهم محلّ أهل الثقة. [8] .

5 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال [الإمام](عليه السلام): قال الإمام موسي بن جعفر(عليهما السلام): وإذا قيل لهؤلاء الناكثين للبيعة - قال لهم خيار المؤمنين كسلمان والمقداد وأبي ذرّ وعمّار -: آمنوا برسول الله، وبعليّ الذي أوقفه موقفه، وأقامه مقامه، وأناط مصالح الدين والدنيا كلّها به.

فآمنوا بهذا النبيّ، وسلّموا لهذا الإمام (في ظاهر الأمر وباطنه) كما آمن الناس المؤمنون، كسلمان والمقداد وأبي ذرّ وعمّار.



[ صفحه 12]



(قَالُواْ) في الجواب لمن يقصّون إليه، لا لهؤلاء المؤمنين فإنّهم لايجترؤون [علي] مكاشفتهم بهذا الجواب، ولكنّهم يذكرون لمن يقصّون إليهم من أهليهم الذين يثقون بهم من المنافقين، ومن المستضعفين، ومن المؤمنين، الذين هم بالستر عليهم واثقون.

فيقولون لهم: (أَنُؤْمِنُ كَمَآ ءَامَنَ السُّفَهَآءُ) يعنون سلمان وأصحابه لمّا أعطوا عليّاً خالص ودّهم، ومحض طاعتهم، وكشفوا رؤوسهم بموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه، حتّي إذا اضمحلّ أمر محمّد(صلي الله عليه و ال وسلم) طحطحهم [9] أعداؤه، وأهلكهم سائر الملوك والمخالفين لمحمّد(صلي الله عليه و ال وسلم)، أي فهم بهذا التعرّض لأعداء محمّد جاهلون سفهاء.

قال الله عزّ وجلّ: (أَلَآ إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَآءُ) الأخفّاء العقول والآراء الذين لم ينظروا في أمر محمّد(صلي الله عليه و ال وسلم) حقّ النظر فيعرفوا نبوّته، ويعرفوا به صحّة ماناطه بعليّ(عليه السلام)، من أمر الدين والدنيا حتّي بقوا لتركهم تأمّل حجج الله جاهلين، وصاروا خائفين وجلين من محمّد(صلي الله عليه و ال وسلم) وذويه ومن مخالفيهم، لايأمنون أيّهم يغلب فيهلكون معه، فهم السفهاء حيث لا يسلم لهم بنفاقهم هذا، لا محبّة محمّد والمؤمنين، ولامحبّة اليهود، وسائر الكافرين، لأنّهم به وبهم يظهرون لمحمّد(صلي الله عليه و ال وسلم) من موالاته وموالاة أخيه عليّ(عليه السلام) ومعاداة أعدائهم اليهود [والنصاري] والنواصب، كما يظهرون لهم من معاداة محمّد وعليّ صلوات الله عليهما وموالاة أعدائهم، فهم يقدرون فيهم انّ نفاقهم معهم، كنفاقهم مع محمّد وعليّ صلوات الله عليهما.



[ صفحه 13]



(وَلَكِن لَّايَعْلَمُونَ) [10] أنّ الأمر كذلك، وأنّ الله يطّلع نبيّه(صلي الله عليه و ال وسلم) علي أسرارهم، فيخسّهم ويلعنهم ويسقطهم. [11] .

6 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): [قال الإمام(عليه السلام):] قال موسي بن جعفر(عليهما السلام): (وَإِذَا لَقُواْ) هؤلاء الناكثون للبيعة،المواطئون علي مخالفة عليّ (عليه السلام) ودفع الأمر عنه، (الَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُواْ ءَامَنَّا) كإيمانكم.

إذا لقوا سلمان والمقداد وأبا ذرّ وعمّار قالوا لهم: آمنّا بمحمّد(صلي الله عليه و ال وسلم)، وسلّمنا له بيعة عليّ(عليه السلام) وفضله، وأنقدنا لأمره كما آمنتم.

وإن أوّلهم وثانيهم وثالثهم إلي تاسعهم ربّما كانوا يلتقون في بعض طرقهم مع سلمان وأصحابه فإذا لقوهم اشمأزّوا منهم، وقالوا: هؤلاء أصحاب الساحر والأهوج [12] - يعنون محمّداً وعليّاً صلوات الله عليهما -.

ثمّ يقول بعضهم [لبعض]: احترزوا منهم لا يقفون من فلتات كلامكم علي كفر محمّد فيما قاله في عليّ، فينمّوا عليكم، فيكون فيه هلاككم، فيقول أوّلهم: انظروا إليّ كيف أسخر منهم، وأكفّ عاديتهم عنكم.

فإذا التقوا قال أوّلهم: مرحباً بسلمان ابن الإسلام الذي قال فيه محمّد سيّد الأنام: لو كان الدين معلّقاً بالثريا لتناوله رجال من أبناء فارس، هذا



[ صفحه 14]



أفضلهم يعنيك.

وقال فيه: سلمان منّا أهل البيت، فقرنه بجبرئيل الذي قال له يوم العباء [لمّا] قال لرسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم): وأنا منكم؟

فقال: وأنت منّا حتّي ارتقي جبرئيل إلي الملكوت الأعلي يفتخر علي أهله [و] يقول: من مثلي، بخّ بخّ، وأنا من أهل بيت محمّد(صلي الله عليه و ال وسلم).

ثمّ يقول للمقداد: [و] مرحباً بك يا مقداد! أنت الذي قال فيك رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) لعليّ(عليه السلام): يا عليّ! المقداد أخوك في الدين، وقد قدّمتك، فكأنّه بعضك حبّاً لك، وبغضاً لأعدائك، وموالاة لأوليائك لكنّ ملائكة السماوات والحجب أكثر حبّاً لك منك لعليّ(عليه السلام)، وأشدّ بغضاً علي أعدائك منك علي أعداء عليّ(عليه السلام)، فطوباك، ثمّ طوباك.

ثمّ يقول لأبي ذرّ: مرحباً بك يا أبا ذرّ [و] أنت الذي قال فيك رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم): ما أقلّت الغبراء، ولا أظلّت الخضراء علي ذي لهجة أصدق من أبي ذرّ.

قيل: بماذا فضّله الله تعالي بهذا وشرّفه؟

قال رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم): لأنّه كان بفضل عليّ أخي رسول الله قوّالاً، وله في كلّ الأحوال مدّاحاً، ولشانئيه وأعدائه شانئاً، ولأوليائه وأحبّائه موالياً، [و] سوف يجعله الله عزّ وجلّ في الجنان من أفضل سكّانها، ويخدمه مالايعرف عدده إلّا الله من وصائفها وغلمانها وولدانها.

ثمّ يقول لعمّار بن ياسر: أهلاً وسهلاً ومرحباً بك يا عمّار! نلت بموالاة أخي رسول الله - مع أنّك وادع، رافه لا تزيد علي المكتوبات والمسنونات من سائر العبادات - ما لا يناله الكادّ بدنه ليلاً ونهاراً، يعني الليل قياماً والنهار صياماً، والباذل أمواله وإن كانت جميع [أموال] الدنيا له.



[ صفحه 15]



مرحباً بك قد رضيك رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) لعليّ أخيه مصافياً، وعنه مناوياً حتّي أخبر أنّك ستقتل في محبّته، وتحشر يوم القيامة في خيار زمرته، وفّقني الله تعالي لمثل عملك وعمل أصحابك ممّن يوفّر علي خدمة محمّد رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم)، وأخي محمّد عليّ وليّ الله، ومعاداة أعدائهما بالعداوة، ومصافات أوليائهما بالموالاة والمتابعة، سوف يسعدنا الله يومنا هذا إذا التقيناكم، فيقبل سلمان وأصحابه ظاهرهم كما أمرهم الله، ويجوزون عنهم.

فيقول الأوّل لأصحابه: كيف رأيتم سخريّتي بهؤلاء، وكفّي عاديتهم عنّي وعنكم؟

فيقولون: لا تزال بخير ما عشت لنا، فيقول لهم: فهكذا فلتكن معاملتكم لهم إلي أن تنتهزوا الفرصة فيهم مثل هذا، فإنّ اللبيب العاقل من (تجرّع علي) الغصّة حتّي ينال الفرصة، ثمّ يعودون إلي أخدانهم من المنافقين المتمرّدين المشاركين لهم في تكذيب رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) فيما أدّاه إليهم عن الله عزّ وجلّ من ذكر وتفضيل أميرالمؤمنين(عليه السلام) ونصبه إماماً علي كافّة المكلّفين. (قَالُواْ - لهم -إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ) علي ما واطأناكم عليه من دفع عليّ عن هذا الأمر إن كانت لمحمّد كائنة فلا يغرّنّكم، ولا يهوّلنّكم ماتسمعونه منّا من تقريظهم، وترونا نجتري ء عليهم من مداراتهم ف (إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ) بهم.

فقال الله عزّ وجلّ: يا محمّد! (اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ)، [و] يجازيهم جزاء استهزائهم في الدنيا والآخرة (وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَنِهِمْ) يمهلهم ويتأنّي بهم برفقة، ويدعوهم إلي التوبة، ويعدهم إذا تابوا المغفرة، [وهم] (يَعْمَهُونَ) [13] لاينزعون عن قبيح، ولا يتركون أذيً لمحمّد(صلي الله عليه و ال وسلم) وعليّ يمكنهم إيصاله إليهما



[ صفحه 16]



إلّا بلغوه.

قال الإمام العالم(عليه السلام): فأمّا استهزاء الله تعالي بهم في الدنيا فهو أنّه -مع إجرائه إيّاهم علي ظاهر أحكام المسلمين لإظهارهم ما يظهرونه من السمع والطاعة والموافقة - يأمر رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) بالتعريض لهم حتّي لا يخفي علي المخلصين من المراد بذلك التعريض، ويأمره بلعنهم.

وأمّا استهزاؤه بهم في الآخرة فهو أنّ الله عزّ وجلّ إذا أقرّهم في دار اللعنة والهوان، وعذّبهم بتلك الألوان العجيبة من العذاب، وأقرّ هؤلاء المؤمنين في الجنان بحضرة محمّد(صلي الله عليه و ال وسلم) صفيّ الملك الديّان، أطلعهم علي هؤلاء المستهزئين الذين كانوا يستهزؤن بهم في الدنيا حتّي يروا ماهم فيه من عجائب اللعائن، وبدائع النقمات، فتكون لذّتهم، وسرورهم بشماتتهم بهم كما [كان] لذّتهم، وسرورهم بنعيمهم في جنان ربّهم.

فالمؤمنون يعرفون أولئك الكافرين والمنافقين بأسمائهم وصفاتهم، وهم علي أصناف منهم من هو بين أنياب أفاعيها تمضغه.

ومنهم من هو بين مخالب سباعها تعبث به وتفترسه.

ومنهم من هو تحت سياط زبانيتها وأعمدتها ومرزباتها تقع من أيديها عليه [ما] تشدّد في عذابه، وتعظّم خزيه ونكاله.

ومنهم من هو في بحار حميمها يغرق ويسحب فيها.

ومنهم من هو في غسلينها وغسّاقها يزجره فيها زبانيتها.

ومنهم من هو في سائر أصناف عذابها.

والكافرون والمنافقون ينظرون فيرون هؤلاء المؤمنين الذين كانوا بهم في الدنيا يسخرون - لما كانوا من موالاة محمّد وعليّ وآلهما صلوات الله عليهم يعتقدون - ويرون منهم من هو علي فرشها يتقلّب.



[ صفحه 17]



ومنهم من هو في فواكهها يرتع.

ومنهم من هو في غرفها أو في بساتينها [أ]و منتزهاتها يتبحبح، والحورالعين والوصفاء، والولدان، والجواري، والغلمان قائمون بحضرتهم، وطائفون بالخدمة حواليهم.

وملائكة الله عزّ وجلّ يأتونهم من عند ربّهم بالحباء والكرامات، وعجائب التحف، والهدايا، والمبرّات يقولون [لهم]: (سَلَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَي الدَّارِ). [14] .

فيقول: هؤلاء المؤمنون المشرفون علي هؤلاء الكافرين المنافقين: يافلان! ويا فلان! ويا فلان! - حتّي ينادونهم بأسمائهم - ما بالكم في مواقف خزيكم ماكثون، هلّموا إلينا، نفتح لكم أبواب الجنان، لتخلصوا من عذابكم، وتلحقوا بنا في نعيمها، فيقولون: يا ويلنا! أنّي لنا هذا!

[ف]يقول المؤمنون: انظروا إلي هذه الأبواب، فينظرون إلي أبواب من الجنان مفتّحة يخيّل إليهم أنّها إلي جهنّم التي فيها يعذّبون، ويقدّرون أنّهم يتمكّنون أن يتخلّصوا إليها، فيأخذون بالسباحة في بحار حميمها، وعدواً بين أيدي زبانيتها، وهم يلحقونهم، ويضربونهم بأعمدتهم ومرزباتهم وسياطهم، فلا يزالون هكذا يسيرون هناك، وهذه الأصناف من العذاب تمسّهم حتّي إذا قدّروا أن قد بلغوا تلك الأبواب، وجدوها مردومة عنهم، وتدهدههم الزبانية بأعمدتها، فتنكسهم إلي سواء الجحيم، ويستلقي أولئك المؤمنون علي فرشهم في مجالسهم يضحكون منهم مستهزئين بهم، فذلك قول الله تعالي: (اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ)، وقوله عزّوجلّ: (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ - عَلَي الْأَرَآلِكِ يَنظُرُونَ) [15] [16] .



[ صفحه 18]



7 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام العالم موسي بن جعفر(عليهما السلام): (أُوْلَئكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلَلَةَ بِالْهُدَي) باعوا دين الله واعتاضوا منه الكفر بالله (فَمَا رَبِحَت تِّجَرَتُهُمْ) أي ما ربحوا في تجارتهم في الآخرة، لأنّهم اشتروا النار وأصناف عذابها بالجنّة التي كانت معدّة لهم لو آمنوا (وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ) [17] إلي الحقّ والصواب.

فلمّا أنزل الله عزّ وجلّ هذه الآية حضر رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) قوم، فقالوا: يارسول الله! سبحان الرازق، ألم تر فلاناً كان يسير البضاعة، خفيف ذات اليد، خرج مع قوم يخدمهم في البحر، فرعوا له حقّ خدمته، وحملوه معهم إلي الصين، وعيّنوا له يسيراً من مالهم قسّطوه علي أنفسهم له، وجمعوه فاشتروا له [به] بضاعة من هناك، فسلمت، فربح الواحد عشرة، فهو اليوم من مياسير أهل المدينة.

وقال قوم آخرون بحضرة رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم): يا رسول الله! ألم تر فلاناً كانت حسنة حاله، كثيرة أمواله، جميلة أسبابه، وافرة خيراته، وشمله مجتمع، أبي إلّا طلب الأموال الجمّة، فحمله الحرص علي أن تهوّر، فركب البحر في وقت هيجانه والسفينة غير وثيقة، والملّاحون غير فارهين إلي أن توسّط البحر حتّي لعبت بسفينته ريح [عاصف]، فأزعجتها إلي الشاطي ء، وفتقتها في ليل مظلم، وذهبت أمواله وسلم بحشاشة نفسه فقيراً وقيراً ينظر إلي الدنيا حسرة.



[ صفحه 19]



فقال رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم): ألا أُخبركم بأحسن من الأوّل حالاً، وبأسوأ من الثاني حالاً؟

قالوا: بلي، يا رسول الله!

قال رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم): أمّا أحسن من الأوّل حالاً، فرجل اعتقد صدقاً بمحمّد رسول الله، وصدقاً في إعظام عليّ أخي رسول الله ووليّه وثمرة قلبه ومحض طاعته، فشكر له ربّه ونبيّه ووصيّ نبيّه.

فجمع الله تعالي له بذلك خير الدنيا والآخرة، ورزقه لساناً لآلاء الله تعالي ذاكراً، وقلباً لنعمائه شاكراً، وبأحكامه راضياً، وعلي احتمال مكاره أعداء محمّد وآله نفسه موطّناً، لا جرم أنّ الله عزّ وجلّ سمّاه عظيماً في ملكوت أرضه وسماواته، وحباه برضوانه وكراماته، فكانت تجارة هذا أربح، وغنيمته أكثر وأعظم.

وأمّا أسوأ من الثاني حالاً، فرجل أعطي أخا محمّد رسول الله بيعته، وأظهر له موافقته، وموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه، ثمّ نكث بعد ذلك وخالف ووالي عليه أعداءه، فختم له بسوء أعماله، فصار إلي عذاب لا يبيد ولا ينفد، قد خسر الدنيا والآخرة، (ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) [18] .

ثمّ قال رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم): معاشر عباد الله، عليكم بخدمة من أكرمه الله بالارتضاء، واجتباه بالاصطفاء، وجعله أفضل أهل الأرض والسماء بعد محمّد سيّد الأنبياء عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، وبموالاة أوليائه، ومعاداة أعدائه، وقضاء حقوق إخوانكم الذين هم في موالاته، ومعاداة أعدائه شركاؤكم.

فإنّ رعاية عليّ أحسن من رعاية هؤلاء التجّار الخارجين بصاحبكم



[ صفحه 20]



-الذي ذكرتموه - إلي الصين الذي عرضوه للغناء، وأعانوه بالثراء.

أما أنّ من شيعة عليّ لمن يأتي يوم القيامة وقد وضع له في كفّة سيّئاته من الآثام ما هو أعظم من الجبال الرواسي والبحار التيارة، تقول الخلائق: هلك هذا العبد، فلا يشكّون أنّه من الهالكين، وفي عذاب الله من الخالدين.

فيأتيه النداء من قبل الله عزّ وجلّ: يا أيّها العبد الخاطي ء [الجاني]! هذه الذنوب الموبقات، فهل بإزائها حسنات تكافئها، فتدخل جنّة الله برحمة الله، أو تزيد عليها فتدخلها بوعد الله؟ يقول العبد: لا أدري!

فيقول منادي ربّنا عزّ وجلّ: فإنّ ربّي يقول: ناد في عرصات القيامة: ألا إنّي فلان بن فلان من أهل بلد كذا [وكذا]، قد رهنت بسيّئات كأمثال الجبال والبحار، ولا حسنات لي بإزائها فأيّ أهل هذا المحشر كان لي عنده يد أو عارفة فليغثني بمجازاتي عنها، فهذا أوان شدّة حاجتي إليها، فينادي الرجل بذلك.

فأوّل من يجيبه عليّ بن أبي طالب(عليه السلام): لبّيك، لبّيك، [لبّيك] أيّها الممتحن في محبّتي، المظلوم بعداوتي، ثمّ يأتي هو ومعه عدد كثير وجمّ غفير وان كانوا أقلّ عدداً من خصمائه الذين لهم قبله الظلامات.

فيقول ذلك العدد: يا أمير المؤمنين! نحن إخوانه المؤمنون كان بنا بارّاً، ولنا مكرّماً، وفي معاشرته إيّانا مع كثرة إحسانه إلينا متواضعاً، وقد نزلنا له عن جميع طاعاتنا، وبذلناها له.

فيقول عليّ(عليه السلام): فبما ذا تدخلون جنّة ربّكم؟ فيقولون: برحمته الواسعة التي لايعدمها من والاك ووالي آلك، يا أخا رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم).

فيأتي النداء من قبل الله عزّ وجلّ: يا أخا رسول الله! هؤلاء إخوانه المؤمنون قد بذلوا له، فأنت ماذا تبذل له؟

فإنّي أنا الحاكم ما بيني وبينه من الذنوب قد غفرتها له بموالاته إيّاك وما بينه



[ صفحه 21]



وبين عبادي من الظلامات، فلابدّ من فصل الحكم بينه وبينهم.

فيقول عليّ(عليه السلام): يا ربّ! أفعل ما تأمرني.

فيقول الله عزّ وجلّ: [يا عليّ] اضمن لخصمائه تعويضهم عن ظلاماتهم قبله. فيضمن لهم عليّ(عليه السلام) ذلك، ويقول لهم: اقترحوا علي ما شئتم، أعطكموه عوضاً عن ظلاماتكم قبله.

فيقولون: يا أخا رسول الله! تجعل لنا بازاء ظلاماتنا قبله ثواب نفس من أنفاسك ليلة بيتوتتك علي فراش محمّد رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم)؟

فيقول عليّ(عليه السلام): قد وهبت ذلك لكم.

فيقول الله عزّ وجلّ: فانظروا يا عبادي! الآن إلي ما نلتموه من عليّ [ابن أبي طالب(عليه السلام)] فداء لصاحبه من ظلاماتكم.

ويظهر لهم ثواب نفس واحد في الجنان من عجائب قصورها وخيراتها، فيكون من ذلك ما يرضي الله عزّ وجلّ به خصماء أولئك المؤمنين.

ثمّ يريهم بعد ذلك من الدرجات والمنازل، ما لا عين رأت، ولا أُذن سمعت، ولا خطر علي بال بشر.

فيقولون: يا ربّنا! هل بقي من جنّاتك شي ء؟

إذا كان هذا كلّه لنا فأين يحلّ سائر عبادك المؤمنين والأنبياء والصدّيقين والشهداء والصالحين؟

ويخيّل إليهم عند ذلك أنّ الجنّة بأسرها قد جعلت لهم.

فيأتي النداء من قبل الله عزّ وجلّ: يا عبادي! هذا ثواب نفس من أنفاس عليّ [بن أبي طالب] الذي قد اقترحتموه عليه، قد جعله لكم فخذوه وانظروا، فيصيرون هم وهذا المؤمن الذي عوضهم عليّ(عليه السلام) عنه إلي تلك الجنان، ثمّ يرون ما يضيفه الله عزّ وجلّ إلي ممالك عليّ(عليه السلام) في الجنان ما هو أضعاف ما



[ صفحه 22]



بذله عن وليّه الموالي له ممّا شاء الله عزّ وجلّ من الأضعاف التي لا يعرفها غيره.

ثمّ قال رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم): أذلك خير نزلاً أم شجرة الزقّوم المعدّة لمخالفي أخي ووصييّ عليّ بن أبي طالب(عليه السلام). [19] .

8 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام [:قال] موسي بن جعفر(عليهما السلام): مثل هؤلاء المنافقين (كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا) [20] أبصر بها ماحوله، فلمّا أبصر ذهب الله بنورها بريح أرسلها عليها،

فأطفأها أو بمطر، كذلك مثل هؤلاء المنافقين الناكثين لمّا أخذ الله تعالي عليهم من البيعة لعليّ ابن أبي طالب(عليه السلام) أعطوا ظاهراً بشهادة أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، وأنّ عليّاً وليّه، ووصيّه، ووارثه، وخليفته في أُمّته، وقاضي ديونه، ومنجز عداته، والقائم بسياسة عباد الله مقامه، فورث مواريث المسلمين بها، [ونكح في المسلمين بها]، ووالوه من أجلها، وأحسنوا عنه الدفاع بسببها، واتّخذوه أخاً يصونونه ممّا يصونون عنه أنفسهم بسماعهم منه لها.

فلمّا جاءه الموت وقع في حكم ربّ العالمين، العالم بالأسرار الذي لا يخفي عليه خافية، فأخذهم العذاب بباطن كفرهم.

فذلك حين ذهب نورهم، وصاروا في ظلمات [عذاب الله ظلمات] أحكام الآخرة لا يرون منها خروجاً، ولا يجدون عنها محيصاً.



[ صفحه 23]



ثمّ قال: (صُمُ م) يعني يصمّون في الآخرة في عذابها.

(بُكْمٌ) يبكمون هناك بين أطباق نيرانها (عُمْيٌ) [21] يعمون هناك.

وذلك نظير قوله عزّ وجلّ: (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَمَةِ عَلَي وُجُوهِهِمْ عُميًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَّأْوَلهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَهُمْ سَعِيرًا). [22] [23] .

9 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام(عليه السلام): [24] [قال موسي بن جعفر(عليه السلام):]ثمّ ضرب الله عزّ وجلّ مثلاً آخر للمنافقين، [فقال]: مثل ما خوطبوا به من هذا القرآن الذي أنزلنا عليك يا محمّد! مشتملاً علي بيان توحيدي، وإيضاح حجّة نبوّتك، والدليل الباهر القاهر علي استحقاق أخيك عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) للموقف الذي وقفته، والمحلّ الذي أحللته، والرتبة التي رفعته إليها، والسياسة (كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَآءِ فِيهِ ظُلُمَتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ).

قال: يا محمّد! كما أنّ في هذا المطر هذه الأشياء ومن ابتلي به خاف، فكذلك هؤلاء في ردّهم لبيعة عليّ(عليه السلام) وخوفهم أن تعثر أنت يا محمّد! علي نفاقهم كمن هو في مثل هذا المطر والرعد والبرق يخاف أن يخلع الرعد فؤاده، أو ينزل البرق بالصاعقة عليه، فكذلك هؤلاء يخافون أن تعثر علي كفرهم فتوجب قتلهم واستيصالهم.

(يَجْعَلُونَ أَصَبِعَهُمْ فِي ءَاذَانِهِم مِّنَ الصَّوَعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ) كما يجعل



[ صفحه 24]



هؤلاء المبتلون بهذا الرعد [والبرق] أصابعهم في آذانهم لئلّا يخلع صوت الرعد أفئدتهم، فكذلك يجعلون أصابعهم في آذانهم إذا سمعوا لعنك لمن نكث البيعة، ووعيدك لهم إذا علمت أحوالهم.

(يَجْعَلُونَ أَصَبِعَهُمْ فِي ءَاذَانِهِم مِّنَ الصَّوَعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ) لئلّا يسمعوا لعنك، [ولا] وعيدك، فتغيّر ألوانهم فيستدلّ أصحابك أنّهم هم المعنيون باللعن والوعيد لما قد ظهر من التغيّر والاضطراب عليهم، فتقوي التهمة عليهم، فلايأمنون هلاكهم بذلك علي يدك وفي حكمك.

ثمّ قال: (وَاللَّهُ مُحِيطُم بِالْكَفِرِينَ) [25] مقتدر عليهم لو شاء أظهر لك نفاق منافقيهم، وأبدي لك أسرارهم، وأمرك بقتلهم.

ثمّ قال: (يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَرَهُمْ) وهذا مثل قوم ابتلوا ببرق فلم يغضّوا عنه أبصارهم، ولم يستروا منه وجوههم لتسلم عيونهم من تلألئه، ولم ينظروا إلي الطريق الذي يريدون أن يتخلّصوا فيه بضوء البرق، ولكنّهم نظروا إلي نفس البرق، فكاد يخطف أبصارهم.

فكذلك هؤلاء المنافقون يكاد ما في القرآن من الآيات المحكمة الدالّة علي نبوّتك، الموضحة عن صدقك في نصب أخيك عليّ(عليه السلام) إماماً.

ويكاد ما يشاهدونه منك يا محمّد! ومن أخيك عليّ من المعجزات الدالّات علي أنّ أمرك وأمره هو الحقّ الذي لا ريب فيه، ثمّ هم مع ذلك لاينظرون في دلائل ما يشاهدون من آيات القرآن وآياتك، وآيات أخيك عليّ بن أبي طالب(عليه السلام).



[ صفحه 25]



يكاد ذهابهم عن الحقّ في حججك يبطل عليهم سائر ماقد عملوه من الأشياء التي يعرفونها لأنّ من جحد حقّاً واحداً أدّاه ذلك الجحود إلي أن يجحد كلّ حقّ، فصار جاحده في بطلان سائر الحقوق عليه كالناظر إلي جرم الشمس في ذهاب نور بصره، ثمّ قال: (كُلَّمَآ أَضَآءَ لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ) إذا ظهر ما قد اعتقدوا أنّه هو الحجّة مشوا فيه ثبتوا عليه.

وهؤلاء كانوا إذا انتجت خيولهم الأُناث ونساؤهم الذكور، وحملت نخيلهم، وزكت زروعهم، وربحت تجارتهم، وكثرت الألبان في ضروع جذوعهم.

قالوا: يوشك أن يكون هذا ببركة بيعتنا لعليّ(عليه السلام) أنّه مبخوت مدال، [فبذلك] ينبغي أن نعطيه ظاهر الطاعة لنعيش في دولته.

(وَإِذَآ أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ) أي [وإذا] أنتجت خيولهم الذكور، ونساؤهم الإناث، ولم يربحوا في تجارتهم، ولا حملت نخيلهم، ولا زكت زروعهم، وقفوا وقالوا: هذا بشؤم هذه البيعة التي بايعناها عليّاً، والتصديق الذي صدّقنا محمّداً، وهو نظير ما قال الله عزّ وجلّ: يا محمّد! (إِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ ي مِنْ عِندِ اللَّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ ي مِنْ عِندِكَ).

قال الله تعالي: (قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللَّهِ) [26] بحكمه النافذ وقضائه ليس ذلك لشؤمي ولا ليمني.

ثمّ قال الله عزّ وجلّ: (وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَرِهِمْ) حتّي [لا] يتهيّأ لهم الاحتراز من أن تقف علي كفرهم أنت وأصحابك المؤمنون، وتوجب قتلهم (إِنَّ اللَّهَ عَلَي كُلِ ّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ) [27] لا يعجزه شي ء. [28] .



[ صفحه 26]



10 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام(عليه السلام): [29] [قال موسي بن جعفر(علي السلام):]فلمّا ضرب الله الأمثال للكافرين

المجاهرين الدافعين لنبوّة محمّد(صلي الله عليه و ال وسلم)، والناصبين المنافقين لرسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم)، الدافعين ما قاله محمّد(صلي الله عليه و ال وسلم) في أخيه عليّ، والدافعين أن يكون ما قاله عن الله تعالي، وهي آيات محمّد(صلي الله عليه و ال وسلم) ومعجزاته [لمحمّد] مضافةً إلي آياته التي بيّنها لعليّ(عليه السلام) بمكّة والمدينة، ولم يزدادوا إلّا عتوّاً وطغياناً.

قال الله تعالي لمردة أهل مكّة، وعتاة أهل المدينة: (وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَي عَبْدِنَا) حتّي تجحدوا أن يكون محمّد رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم)، وأن يكون هذا المنزّل عليه [كلامي مع إظهاري عليه] بمكّة الباهرات من الآيات كالغمامة التي كانت يظلّه بها في أسفاره، والجمادات التي كانت تسلّم عليه من الجبال والصخور و الأحجار والأشجار، وكدفاعه قاصديه بالقتل عنه، وقتله إيّاهم.

وكالشجرتين المتباعدتين اللتين تلا صقتا فقعد خلفهما لحاجته، ثمّ تراجعتا إلي مكانهما كما كانتا.

وكدعائه الشجرة، فجاءته مجيبة خاضعة ذليلة، ثمّ أمره لها بالرجوع، فرجعت سامعة مطيعة.

(فَأْتُواْ) يا معشر قريش واليهود! (ويا معشر النواصب!) المنتحلين الإسلام لذين هم منه براء، ويا معشر العرب الفصحاء البلغاء ذوي الألسن! (بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ ي) من مثل محمّد(صلي الله عليه و ال وسلم) رجل منكم لا يقرأ ولايكتب، ولم يدرس كتاباً، ولا اختلف إلي عالم، ولا تعلّم من أحد، وأنتم تعرفونه في أسفاره وحضره بقي كذلك أربعين سنة، ثمّ أوتي جوامع العلم



[ صفحه 27]



[حتّي علم] علم الأوّلين والآخرين.

فإن كنتم في ريب من هذه الآيات، فأتوا من مثل هذا الكلام ليبيّن أنّه كاذب كما تزعمون، لأنّ كلّ ما كان من عند غير الله فسيوجد له نظير في سائر خلق الله.

وإن كنتم معاشر قرّاء الكتب من اليهود والنصاري في شكّ ممّا جاءكم به محمّد(صلي الله عليه و ال وسلم) من شرائعه، ومن نصبه أخاه سيّد الوصيّين وصيّاً بعد أن قد أظهر لكم معجزاته التي منها أن كلّمته الذراع المسمومة، وناطقه ذئب، وحنّ إليه العود، وهو علي المنبر، ودفع الله عنه السمّ الذي دسّته اليهود في طعامهم، وقلب عليهم البلاء وأهلكهم به، وكثّر القليل من الطعام.

(فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ ي) - يعني من مثل [هذا] القرآن - من التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم(عليه السلام)، والكتب الأربعة عشر، فإنّكم لاتجدون في سائر كتب الله سورة كسورة من هذا القرآن، وكيف يكون كلام محمّد المتقوّل أفضل من سائر كلام الله وكتبه، يامعشر اليهود والنصاري.

ثمّ قال لجماعتهم: (وَادْعُواْ شُهَدَآءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ)، ادعوا أصنامكم التي تعبدونها يا أيّها المشركون، وادعوا شياطينكم يا أيّها النصاري واليهود، وادعوا قرناءكم من الملحدين يا منافقي المسلمين من النصّاب لآل محمّد الطيّبين وسائر أعوانكم علي إرادتكم.

(إِن كُنتُمْ صَدِقِينَ) بأنّ محمّداً تقوّل هذا القرآن من تلقاء نفسه لم ينزله الله عزّ وجلّ عليه، وإنّ ما ذكره من فضل عليّ(عليه السلام) علي جميع أُمّته وقلّده سياستهم ليس بأمر أحكم الحاكمين.

ثمّ قال عزّ وجلّ: (فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ) أي [إن لم تأتوا يا أيّها المقرعون بحجّة ربّ العالمين (وَلَن تَفْعَلُواْ) أي] ولا يكون هذا منكم أبداً.



[ صفحه 28]



(فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا - حطبها - النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) توقد [ف] تكون عذاباً علي أهلها (أُعِدَّتْ لِلْكَفِرِينَ) [30] المكذّبين بكلامه ونبيّه، الناصبين العداوة لوليّه ووصيّه.

قال: فاعلموا بعجزكم عن ذلك أنّه من قبل الله تعالي، ولو كان من قبل المخلوقين لقدرتم علي معارضته.

فلمّا عجزوا بعد التقريع والتحدّي، قال الله عزّ وجلّ: (قُل لَِِِِِّئنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَي أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْءَانِ لَايَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ي وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا).

[31] [32] .

11 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال [الإمام](عليه السلام): وقيل لموسي بن جعفر(عليهما السلام): مررنا برجل في السوق وهو ينادي:أنا من شيعة محمّد وآل محمّد الخلّص، وهو ينادي علي ثياب يبيعها علي من يزيد.

فقال موسي(عليه السلام): ما جهل ولا ضاع امرؤ عرف قدر نفسه، أتدرون ما مثل هذا؟ [ما مثل] هذا كمن قال: أنا مثل سلمان وأبي ذرّ والمقداد وعمّار وهو مع ذلك يباخس في بيعه، ويدلّس عيوب المبيع علي مشتريه، ويشتري الشي ء بثمن فيزايد الغريب يطلبه فيوجب له، ثمّ إذا غاب المشتري قال: لاأريده إلّا بكذا، بدون ما كان يطلبه [منه]، أيكون هذا كسلمان وأبي ذرّ والمقداد وعمّار!؟



[ صفحه 29]



حاش للّه أن يكون هذا كهم، ولكن لا نمنعه من أن يقول: أنا من محبّي محمّد وآل محمّد، ومن موالي أوليائهم ومعادي أعدائهم. [33] .

12 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): وقال موسي ابن جعفر(عليهما السلام) وقد حضره فقير مؤمن يسأله سدّ فاقته، فضحك في وجهه.

وقال: أسألك مسألة فإن أصبتها أعطيتك عشرة أضعاف ماطلبت، وإن لم تصبها أعطيتك ما طلبت - وقد كان طلب منه مائة درهم يجعلها في بضاعة يتعيّش بها-.

فقال الرجل: سل!

فقال موسي(عليه السلام): لو جعل إليك التمنّي لنفسك في الدنيا ماذا كنت تتمنّي؟

قال: كنت أتمنّي أن أرزق التقيّة في ديني، وقضاء حقوق إخواني.

قال: فما بالك لم تسأل الولاية لنا أهل البيت؟

قال: ذاك قد أعطيته، وهذا لم أعطه، فأنا أشكر علي ما أعطيت، وأسأل ربّي عزّ وجلّ ما منعت.

فقال: أحسنت! أعطوه ألفي درهم، وقال: اصرفها في كذا -يعني العفص- [34] فإنّه متاع يابس، وسيقبل [بعد] ما أدبر، فانتظر به سنة، واختلف إلي دارنا وخذ الإجراء في كلّ يوم.

ففعل، فلمّا تمّت له سنة فإذا قد زاد في ثمن العفص للواحد خمسة عشر، فباع



[ صفحه 30]



ماكان اشتري بألفي درهم بثلاثين ألف درهم. [35] .

13 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): وقال موسي ابن جعفر(عليهما السلام): أشرف الأعمال التقرّب بعبادة الله تعالي [إليه]. [36] .

14 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):

وقال موسي بن جعفر(عليهما السلام): لعظم ثواب الصلاة علي قدر تعظيم المصلّي أبويه الأفضلين محمّد وعليّ(عليهما السلام). [37] .

15 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): وقال موسي ابن جعفر(عليهما السلام): وقد قيل له: إنّ فلاناً كان له ألف درهم عرضت عليه بضاعتان يشتريهما لا تتّسع بضاعته لهما، فقال: أيّهما أربح [لي]؟

فقيل له: هذا يفضل ربحه علي هذا بألف ضعف.

قال(عليه السلام): أليس يلزمه في عقله أن يؤثر الأفضل؟

قالوا: بلي! قال: فهكذا إيثار قرابة أبوي دينه محمّد وعليّ(عليهما السلام) أفضل ثواباً بأكثر من ذلك، لأنّ فضله علي قدر فضل محمّد وعليّ علي أبوي نسبه. [38] .



[ صفحه 31]



16 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):

وقال موسي بن جعفر(عليهما السلام): من أعان محبّاً لنا علي عدوّ لنا فقوّاه وشجّعه حتّي يخرج الحقّ الدالّ علي فضلنا بأحسن صورته، ويخرج الباطل - الذي يروم به أعداؤنا دفع حقّنا - في أقبح صورة حتّي يتنبّه الغافلون، ويستبصر المتعلّمون، ويزداد في بصائرهم العاملون.

بعثه الله تعالي يوم القيامة في أعلي منازل الجنان، ويقول: يا عبدي الكاسر لأعدائي، الناصر لأوليائي، المصرّح بتفضيل محمّد خير أنبيائي، وبتشريف عليّ أفضل أوليائي، وتناوي إلي من ناواهما، وتسمّي بأسمائهما وأسماء خلفائهما، وتلقّب بألقابهما، فيقول ذلك ويبلّغ الله جميع أهل العرصات، فلا يبقي ملك ولاجبّار ولا شيطان إلّا صلّي علي هذا الكاسر لأعداء محمّد(صلي الله عليه و ال وسلم)، ولعن الذين كانوا يناصبونه في الدنيا من النواصب لمحمّد وعليّ(عليهما السلام).

[39] .

17 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام(عليه السلام): قال موسي بن جعفر(عليهما السلام): إنّ رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) لمّا قدم المدينة كثر حوله المهاجرون والأنصار وكثرت عليه المسائل، وكانوا يخاطبونه بالخطاب الشريف العظيم الذي يليق به(صلي الله عليه و ال وسلم)، وذلك أنّ الله تعالي كان قال لهم: (يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لَاتَرْفَعُواْ أَصْوَتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ ّ وَلَاتَجْهَرُواْ لَهُ و بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَلُكُمْ وَأَنتُمْ لَاتَشْعُرُونَ). [40] وكان رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) بهم رحيماً، وعليهم عطوفاً، وفي إزالة الآثام عنهم



[ صفحه 32]



مجتهداً حتّي إنّه كان ينظر إلي كلّ من يخاطبه، فيعمل علي أن يكون صوته(صلي الله عليه و ال وسلم) مرتفعاً علي صوته ليزيل عنه ما توعّده الله [به] من إحباط أعماله حتّي إنّ رجلاً أعرابيّاً ناداه يوماً وهو خلف حائط بصوت له جهوريّ: يا محمّد! فأجابه بأرفع من صوته، يريد أن لا يأثم الأعرابيّ بارتفاع صوته.

فقال له الأعرابيّ: أخبرني عن التوبة إلي متي تقبل؟

فقال رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم): يا أخا العرب! إنّ بابها مفتوح لابن آدم لا يسدّ حتّي تطلع الشمس من مغربها، وذلك قوله تعالي: (هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّآ أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَل-ِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ ءَايَتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ ءَايَتِ رَبِّكَ - وهو طلوع الشمس من مغربها- لَايَنفَعُ نَفْسًا إِيمَنُهَا لَمْ تَكُنْ ءَامَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَنِهَا خَيْرًا). [41] .

وقال موسي بن جعفر(عليهما السلام): وكانت هذه اللفظة (رَعِنَا) من ألفاظ المسلمين الذين يخاطبون بها رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) يقولون: راعنا، أي ارع أحوالنا، واسمع منّا كما نسمع منك، وكان في لغة اليهود معناها اسمع. لا سمعت.

فلمّا سمع اليهود المسلمين يخاطبون بها رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) يقولون راعنا، ويخاطبون بها، قالوا: إنّا كنّا نشتم محمّداً إلي الآن سرّاً، فتعالوا الآن نشتمه جهراً، وكانوا يخاطبون رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) ويقولون: راعنا، ويريدون شتمه.

ففطن لهم سعد بن معاذ الأنصاريّ فقال: يا أعداء الله! عليكم لعنة الله، أراكم تريدون سبّ رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم)، وتوهمونا أنّكم تجرون في مخاطبته مجرانا، والله! لا سمعتها من أحد منكم إلّا ضربت عنقه، ولو لا أنّي أكره أن أقدم عليكم قبل التقدّم والاستيذان له ولأخيه ووصيّه عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) القيّم



[ صفحه 33]



بأمور الأُمّة نائباً عنه فيها، لضربت عنق من قد سمعته منكم يقول هذا، فأنزل الله يا محمّد! (مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ي وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَعِنَا لَيَّام بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ -إلي قوله- فَلَايُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً). [42] .

وأنزل: (يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لَاتَقُولُواْ رَعِنَا) يعني فإنّها لفظة يتوصّل بها أعداؤكم من اليهود إلي شتم رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) وشتمكم.

(وَقُولُواْ انظُرْنَا) أي قولوا بهذه اللفظة لا بلفظة راعنا، فإنّه ليس فيها ما في قولكم راعنا، ولا يمكنهم أن يتوصّلوا بها إلي الشتم كما يمكنهم بقولهم راعنا، (وَاسْمَعُواْ) إذا قال لكم رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) قولاً، وأطيعوا.

(وَلِلْكَفِرِينَ) يعني اليهود الشاتمين لرسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) (عَذَابٌ أَلِيمٌ) [43] وجيع في الدنيا إن عادوا بشتمهم، وفي الآخرة بالخلود في النار.

ثمّ قال رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم): يا عباد الله! هذا سعد بن معاذ من خيار عباد الله آثر رضي الله علي سخط قراباته وأصهاره من اليهود، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وغضب لمحمّد رسول الله ولعليّ وليّ الله ووصيّ رسول الله أن يخاطبا بما لا يليق بجلالتهما.

فشكر الله له تعصّبه لمحمّد وعليّ وبوّأه في الجنّة منازل كريمة، وهيّأ له فيها خيرات واسعة، لا تأتي الألسن علي وصفها، ولا القلوب علي توهّمها والفكر فيها، ولسلكة من مناديل موائده في الجنّة خير من الدنيا بما فيها من زينتها ولجينها وجواهرها وسائر أموالها ونعيمها.



[ صفحه 34]



فمن أراد أن يكون فيها رفيقه وخليطه فليتحمّل غضب الأصدقاء والقرابات، وليؤثر عليهم رضي الله في الغضب لرسول الله [محمّد]، وليغضب إذا رأي الحقّ متروكاً ورأي الباطل معمولاً به.

وإيّاكم والتهوّن فيه مع التمكّن والقدرة وزوال التقيّة، فإنّ الله تعالي لايقبل لكم عذراً عند ذلك.

ولقد أوحي الله فيما مضي قبلكم إلي جبرئيل، وأمره أن يخسف ببلد يشتمل علي الكفّار والفجّار.

فقال جبرئيل: يا ربّ! أخسف بهم إلّا بفلان الزاهد ليعرف ماذا يأمر الله به؟

فقال الله عزّ وجلّ: بل اخسف بفلان قبلهم.

فسأل ربّه، فقال: يا ربّ! عرّفني لم ذلك؟ وهو زاهد عابد.

قال: مكّنت له وأقدرته، فهو لا يأمر بالمعروف، ولا ينهي عن المنكر، وكان يتوفّر علي حبّهم في غضبي لهم، فقالوا: يا رسول الله! وكيف بنا ونحن لا نقدر علي إنكار ما نشاهده من منكر؟

فقال رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم): لتأمرنّ بالمعروف ولتنهنّ عن المنكر، أو ليعمّنّكم عقاب الله، ثمّ قال: من رأي منكم منكراً فلينكره بيده إن استطاع، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، فحسبه أن يعلم الله من قلبه أنّه لذلك كاره.

فلمّا مات سعد بن معاذ بعد أن شفي من بني قريظة بأن قتلوا أجمعين.

قال رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم): يرحمك الله، يا سعد! فلقد كنت شجّاً في حلوق الكافرين، لو بقيت لكففت العجل الذي يراد نصبه في بيضة المسلمين، كعجل قوم موسي.

قالوا: يا رسول الله! أو عجل يراد أن يتّخذ في مدينتك هذه؟

قال: بلي، والله! يراد، ولو كان سعد فيهم حيّاً، لما استمرّ تدبيرهم،



[ صفحه 35]



ويستمرّون ببعض تدبيرهم، ثمّ الله تعالي يبطله.

قالوا: أخبرنا، كيف يكون ذلك؟ قال: دعوا ذلك لما يريد الله أن يدبّره.

وقال موسي بن جعفر(عليه السلام): ولقد اتّخذ المنافقون من أُمّة محمّد(صلي الله عليه و ال وسلم) بعد موت سعد بن معاذ، وبعد انطلاق محمّد(صلي الله عليه و ال وسلم) إلي تبوك أبا عامر الراهب اتّخذوه أميراً ورئيساً، وبايعوا له وتواطئوا علي إنهاب المدينة وسبي ذراري رسول الله وسائر أهله وصحابته، ودبّروا التبييت علي محمّد(صلي الله عليه و ال وسلم) ليقتلوه في طريقه إلي تبوك فأحسن الله الدفاع عن محمّد(صلي الله عليه و ال وسلم)، وفضح المنافقين وأخزاهم.

وذلك أنّ رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) قال: لتسلكنّ سبيل من كان قبلكم حذو النعل بالنعل، والقذّة بالقذّة حتّي إنّ أحدهم لو دخل جحر ضبّ لدخلتموه.

قالوا: يا ابن رسول الله وما كان هذا العجل وما كان هذا التدبير؟

فقال: اعلموا أنّ رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) كان تأتيه الأخبار عن صاحب دومة الجندل - وكانت تلك النواحي [له] مملكة عظيمة ممّا يلي الشام - وكان يهدّد رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) بأن يقصده ويقتل أصحابه ويبيد خضراءهم.

وكان أصحاب رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) خائفين وجلين من قبله، حتّي كانوا يتناوبون علي رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) كلّ يوم عشرون منهم، وكلّما صاح صائح ظنّوا أن قد طلع أوائل رجاله وأصحابه وأكثر المنافقون الأراجيف والأكاذيب، وجعلوا يتخلّلون أصحاب محمّد(صلي الله عليه و ال وسلم)، ويقولون: إنّ أكيدر قدأعدّ [لكم] من الرجال كذا، ومن الكراع كذا، ومن المال كذا، وقد نادي - فيما يليه من ولايته -: ألا قد أبحتكم النهب والغارة في المدينة.

ثمّ يوسوسون إلي ضعفاء المسلمين، يقولون لهم: وأين يقع أصحاب محمّد من أصحاب أكيدر؟ يوشك أن يقصد المدينة فيقتل رجالها ويسبي ذراريها ونساءها، حتّي آذي ذلك قلوب المؤمنين، فشكوا إلي رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) ما هم



[ صفحه 36]



عليه من الجزع.

ثمّ إنّ المنافقين اتّفقوا وبايعوا لأبي عامر الراهب الذي سمّاه رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) الفاسق، وجعلوه أميراً عليهم، وبخعوا له بالطاعة، فقال لهم: الرأي أن أغيب عن المدينة لئلّا أتّهم إلي أن يتمّ تدبيركم، وكاتبوا أكيدر في دومة الجندل ليقصد المدينة، ليكونوا هم عليه وهو يقصدهم فيصطلموه، فأوحي الله تعالي إلي محمّد(صلي الله عليه و ال وسلم) وعرّفه ما أجمعوا عليه من أمره، وأمره بالمسير إلي تبوك.

وكان رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) كلّما أراد غزواً ورّي بغيره إلّا غزاة تبوك فإنّه أظهر ما كان يريده، وأمرهم أن يتزوّدوا لها وهي الغزاة التي افتضح فيها المنافقون، وذمّهم الله في تثبيطهم عنها، وأظهر رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) ما أوحي الله تعالي إليه، إنّ الله سيظهره بأكيدر حتّي يأخذه ويصالحه علي ألف أوقيّة [44] ذهب في، وألف أوقيّة ذهب في رجب، ومائتي حلّة في رجب ومائتي حلّة في صفر، وينصرف سالماً إلي ثمانين يوماً، فقال لهم رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم): إنّ موسي وعد قومه أربعين ليلة، وإنّي أعدكم ثمانين ليلة أرجع سالماً غانماً ظافراً بلا حرب تكون، ولا أحد يستأسر من المؤمنين.

فقال المنافقون: لا والله، ولكنّها آخر كرّاته التي لا ينجبر بعدها، إنّ أصحابه ليموت بعضهم في هذا الحرّ ورياح البوادي ومياه المواضع الموذية الفاسدة، ومن سلم من ذلك فبين أسير في يد أكيدر وقتيل وجريح، واستأذنه المنافقون بعلل ذكروها، بعضهم يعتلّ بالحرّ، وبعضهم بمرض جسده، وبعضهم بمرض عياله.



[ صفحه 37]



فكان رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) يأذن لهم.

فلمّا صحّ عزم رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) علي الرحلة إلي تبوك، عمد هؤلاء المنافقون فبنوا خارج المدينة مسجداً، وهو مسجد ضرار، يريدون الاجتماع فيه، ويوهمون أنّه للصلاة، وإنّما كان ليجتمعوا فيه لعلّة الصلاة فيتمّ تدبيرهم، ويقع هناك ما يسهل لهم به ما يريدون.

ثمّ جاء جماعة منهم إلي رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) وقالوا: يا رسول الله إنّ بيوتنا قاصية عن مسجدك، وإنّا نكره الصلاة في غير جماعة، ويصعب علينا الحضور، وقد بنينا مسجداً، فإن رأيت أن تقصده وتصلّي فيه لنتيمّن، ونتبرّك بالصلاة في موضع مصلّاك.

فلم يعرّفهم رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) ما عرّفه الله تعالي من أمرهم ونفاقهم.

فقال(صلي الله عليه و ال وسلم): ائتوني بحماري فأُتي باليعفور، فركبه يريد نحو مسجدهم، فكلّما بعثه - هو وأصحابه - لم ينبعث ولم يمش، وإذا صرف رأسه عنه إلي غيره سار أحسن سير وأطيبه.

قالوا: لعلّ هذا الحمار قد رأي في هذا الطريق شيئاً كرهه، ولذلك لاينبعث نحوه، فقال رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم): ائتوني بفرس!

فأُتي بفرس، فركبه فكلّما بعثه نحو مسجدهم لم ينبعث، وكلّما حرّكوه نحوه لم يتحرّك، حتّي إذا ولّوا رأسه إلي غيره سار أحسن سير.

فقالوا: ولعلّ هذا الفرس قد كره شيئاً في هذا الطريق.

فقال رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم): تعالوا نمشي إليه فلمّا تعاطي هو(صلي الله عليه و ال وسلم) ومن معه المشي نحو المسجد جفوا في مواضعهم، ولم يقدروا علي الحركة، وإذا همّوا بغيره من المواضع خفّت حركاتهم، وخفّت أبدانهم، ونشطت قلوبهم.

فقال رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم): إن هذا أمر قد كرهه الله فليس يريده الآن، وأنا



[ صفحه 38]



علي جناح سفر، فأمهلوا حتّي أرجع - إن شاء الله - ثمّ أنظر في هذا نظراً يرضاه الله تعالي، وجدّ في العزم علي الخروج إلي تبوك، وعزم المنافقون علي اصطلام [45] مخلّفيهم إذا خرجوا.

فأوحي الله تعالي إليه: يا محمّد! إنّ العليّ الأعلي يقرأ عليك السلام، ويقول: إمّا أن تخرج أنت ويقيم عليّ، وإمّا أن يخرج عليّ وتقيم أنت.

فقال رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم): ذاك لعليّ.

فقال عليّ(عليه السلام): السمع والطاعة لأمر الله تعالي وأمر رسوله، وإن كنت أحبّ ألّا أتخلّف عن رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) في حال من الأحوال.

فقال رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم): أما ترضي أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسي إلّا أنّه لا نبيّ بعدي؟

قال(عليه السلام): رضيت، يا رسول الله!

فقال له رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم): يا أبا الحسن! إنّ لك أجر خروجك معي في مقامك بالمدينة، وإنّ الله قد جعلك أُمّة وحدك، كما جعل إبراهيم(عليه السلام) أُمّة، تمنع جماعة المنافقين والكفّار هيبتك عن الحركة علي المسلمين.

فلمّا خرج رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) وشيّعه عليّ(عليه السلام) خاض المنافقون فقالوا: إنّما خلّفه محمّد بالمدينة لبغضه له ولملالته منه، وما أراد بذلك إلّا أن يلقيه المنافقون فيقتلوه ويحاربوه فيهلكوه، فاتّصل ذلك برسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم).

فقال عليّ(عليه السلام): تسمع ما يقولون يا رسول الله!؟

فقال رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم): أما يكفيك أنّك جلدة ما بين عيني ونور بصري،



[ صفحه 39]



وكالروح في بدني.

ثمّ سار رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) بأصحابه، وأقام عليّ(عليه السلام) بالمدينة، فكان كلّما دبّر المنافقون أن يوقعوا بالمسلمين، فزعوا من عليّ، وخافوا أن يقوم معه عليهم من يدفعهم عن ذلك، وجعلوا يقولون فيما بينهم: هي كرّة محمّد التي لايؤوب منها.

فلمّا صار بين رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) وبين أكيدر مرحلة، قال تلك العشيّة: يازبير ابن العوامّ، يا سمّاك بن خرشة! امضيا في عشرين من المسلمين إلي باب قصر أكيدر، فخذاه، واتياني به.

فقال الزبير: يا رسول الله! وكيف نأتيك به ومعه من الجيوش الذي قدعلمت، ومعه في قصره سوي حشمه ألف ومائتان عبد وأمة وخادم؟

فقال رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم): تحتالان عليه، فتأخذانه.

قال: يا رسول الله! وكيف [نأخذه]، وهذه ليلة قمراء، وطريقنا أرض ملساء، ونحن في الصحراء لا نخفي؟!

فقال رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم): أتحبّان أن يستركما الله عن عيونهم، ولا يجعل لكما ظلّاً إذا سرتما، ويجعل لكما نوراً كنور القمر لا تتبيّنان منه؟

قالا: بلي، قال: عليكما بالصلاة علي محمّد وآله الطيّبين معتقدين، إنّ أفضل آله عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، وتعتقد أنت يا زبير! خاصّة أنّه لا يكون عليّ في قوم إلّا كان هو أحقّ بالولاية عليهم، ليس لأحد أن يتقدّمه.

فإذا أنتما فعلتما ذلك وبلغتما الظلّ الذي بين يدي قصره من حائط قصره، فأنّ الله تعالي سيبعث الغِزلان والأوعال [46] إلي بابه، فتحتك قرونها به، فيقول:



[ صفحه 40]



من لمحمّد في مثل هذا، ويركب فرسه لينزل فيصطاد.

فتقول امرأته: إيّاك والخروج، فإنّ محمّداً قد أناخ بفنائك، ولست تأمن أن يكون قد احتال، ودسّ عليك من يقع بك.

فيقول لها: إليك عنّي، فلو كان أحد انفصل عنه في هذه الليلة ليلقاه - في هذا القمر - عيون أصحابنا في الطريق، وهذه الدنيا بيضاء لا أحد فيها، ولوكان في ظلّ قصرنا هذا إنسيّ لنفرت منه الوحوش.

فينزل ليصطاد الغِزلان والأوعال [فتهرب] من بين يديه ويتبعها، فتحيطان به وأصحابكما فتأخذانه.

فكان كما قال رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم)، فأخذوه فقال: لي إليكم حاجة؟

قالوا: وما هي؟ فإنّا نقضيها إلّا أن تسألنا أن نخلّيك.

فقال: تنزعون عنّي ثوبي هذا، وسيفي [هذا] ومنطقتي، وتحملونها إليه، وتحملونني إليه في قميصي، لئلّا يراني في هذا الزيّ، بل يراني في زيّ التواضع، فلعلّه يرحمني، ففعلوا ذلك، فجعل المسلمون والأعراب يلبسون ذلك الثوب - وهو في القمر - فيقولون: هذا من حلل الجنّة، وهذا من حليّ الجنّة يارسول الله!

قال: لا! ولكنّه ثوب أكيدر وسيفه ومنطقته، ولمنديل ابن عمّتي الزبير وسمّاك في الجنّة أفضل من هذا إن استقاما علي ما أمضيا من عهدي إلي أن يلقياني عند حوضي في المحشر.

قالوا: وذلك أفضل من هذا؟

قال(صلي الله عليه و ال وسلم): بل خيط من منديل مائدتهما في الجنّة أفضل من مل ء الأرض إلي السماء مثل هذا الذهب.

فلمّا أُتي به رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) قال له: يا محمّد! أقلني وخلّني علي أن أدفع عنك من ورائي من أعدائك.



[ صفحه 41]



فقال له رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم): فإن لم تف بذلك؟

قال: يا محمّد! إن لم أف بذلك، فإن كنت رسول الله فسيظفرك بي من منع ظلال أصحابك أن تقع علي الأرض حتّي أخذوني، ومن ساق الغِزلان إلي بابي حتّي استخرجني من قصري، وأوقعني في أيدي أصحابك.

وإن كنت غير نبيّ فإنّ دولتك التي أوقعتني في يدك بهذه الخصلة العجيبة والسبب اللطيف، ستوقعني في يدك بمثلها.

قال: فصالحه رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) علي ألف أوقيّة [من] ذهب في رجب، ومائتي حلّة، وألف أوقيّة في صفر، ومائتي حلّة، وعلي أنّهم يضيّفون من مرّ بهم من المسلمين ثلاثة أيّام ويزوّدونه إلي المرحلة التي تليها، علي أنّهم إن نقضوا شيئاً من ذلك فقد برأت منهم ذمّة الله، وذمّة محمّد رسول الله، ثمّ كرّ رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) راجعاً.

وقال موسي بن جعفر(عليهما السلام): فهذا العجل في زمان النبيّ هو أبو عامر الراهب الذي سمّاه رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) الفاسق.

وعاد رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) غانماً ظافراً، وأبطل [الله تعالي] كيد المنافقين، وأمر رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) بإحراق مسجد الضرار، وأنزل الله تعالي (وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا) [47] الآيات.

وقال موسي بن جعفر(عليهما السلام): فهذا العجل - في حياته(صلي الله عليه و ال وسلم) - دمّر الله عليه وأصابه بقولنج [وبرص] وجذام وفالج ولقوة، وبقي أربعين صباحاً في أشدّ عذاب، ثمّ صار إلي عذاب الله تعالي. [48] .



[ صفحه 42]



18 - الشيخ الصدوق(ره): حدّثنا محمّد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغداديّ، قال: حدّثني الحسين بن أحمد بن الفضل إمام جامع أهواز، قال: حدّثنا بكر بن أحمد بن محمّد بن إبراهيم القصريّ غلام الخليل المحلميّ، قال: حدّثنا الحسن بن عليّ [بن] محمّد بن عليّ بن موسي، عن عليّ بن موسي، عن أبيه موسي بن جعفر بن محمّد(عليهم السلام)، قال:

لا يكون القائم إلّا إمام ابن إمام، ووصيّ ابن وصيّ. [49] .

19 - الشيخ الصدوق(ره): حدّثنا محمّد بن القاسم المفسّر الجرجانيّ(رضي الله عنه)، قال: حدّثنا أحمد بن الحسن الحسينيّ، عن الحسن بن عليّ، عن أبيه عليّ بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه الرضا، عن أبيه موسي بن جعفر(عليهم السلام)، قال: سئل الصادق(عليه السلام) عن الزاهد في الدنيا؟

قال: الذي يترك حلالها مخافة حسابه، ويترك حرامها مخافة عقابه. [50] [51] .



[ صفحه 43]



20 - الشيخ الصدوق(ره): حدّثنا محمّد بن القاسم المفسّر، المعروف بأبي الحسن الجرجانيّ(رضي الله عنه)، قال: حدّثنا أحمد بن الحسن الحسينيّ، عن الحسن ابن عليّ، عن أبيه الرضا، عن أبيه موسي بن جعفر(عليهما السلام)، قال:

قيل للصادق(عليه السلام): صف لنا الموت!

قال: للمؤمن كأطيب ريح يشمّه، فينعس لطيبه وينقطع التعب والألم كلّه عنه، وللكافر كلسع الأفاعي ولدغ العقارب وأشدّ.

قيل: فإنّ قوماً يقولون: إنّه أشدّ من نشر بالمناشير، وقرض بالمقاريض، ورضخ بالأحجار، وتدوير قطب الأرحية علي الأحداق.

قال(عليه السلام): كذلك هو علي بعض الكافرين والفاجرين، ألا ترون منهم من يعاين تلك الشدائد؟ فذلكم الذي هو أشدّ من هذا الأمر عذاب الآخرة، فإنّه أشدّ من عذاب الدنيا.

قيل: فما بالنا نري كافراً يسهّل عليه النزع فينطفي وهو يحدّث ويضحك ويتكلّم؟! وفي المؤمنين أيضاً من يكون كذلك، وفي المؤمنين والكافرين من يقاسي عند سكرات الموت هذه الشدائد.

فقال: ما كان من راحة للمؤمن هناك فهو تعجيل ثواب، وما كان من شديد فتمحيصه من ذنوبه ليرد الآخرة نقيّاً نظيفاً مستحقّاً للثواب الأبد لامانع له دونه، وما كان من سهولة هناك علي الكافر فليوفي أجر حسناته في الدنيا ليرد



[ صفحه 44]



الآخرة، وليس له إلّا ما يوجب عليه العذاب، وما كان من شدّة علي الكافر هناك فهو ابتداء عذاب الله له، ذلكم بأنّ الله عدل لا يجور.

قال: وقيل للصادق(عليه السلام): أخبرنا عن الطاعون.

فقال: عذاب الله لقوم ورحمة لآخرين، قالوا: وكيف تكون الرحمة عذاباً؟

قال: أما تعرفون أنّ نيران جهنّم عذاب علي الكافرين وخزنة جهنّم معهم فيها، وهي رحمة عليهم. [52] .

21 - الشيخ الصدوق(ره): حدّثنا أبو الحسن محمّد بن القاسم المفسّر الجرجانيّ(رضي الله عنه) قال: حدّثنا أحمد بن الحسن الحسينيّ، عن الحسن بن عليّ [53] ، عن أبيه، عن محمّد بن عليّ في، عن أبيه الرضا، عن أبيه موسي بن جعفر(عليهم السلام)، قال:



[ صفحه 45]



نعي إلي الصادق جعفر بن محمّد(عليهما السلام)، إسماعيل بن جعفر، وهو أكبر أولاده، وهو يريد أن يأكل، وقد اجتمع ندماؤه، فتبسّم، ثمّ دعا بطعامه وقعد مع ندمائه، وجعل يأكل أحسن من أكله سائر الأيّام، ويحثّ ندمائه ويضع بين أيديهم، ويعجبون منه أن لا يرون للحزن أثراً.

فلمّا فرغ، قالوا: يا ابن رسول الله! لقد رأينا عجباً أصبت بمثل هذا الابن، وأنت كما تري؟!

قال: وما لي لا أكون كما ترون، وقد جاء في خبر أصدق الصادقين أنّي ميّت وإيّاكم، إنّ قوماً عرفوا الموت فجعلوه نصب أعينهم، ولم ينكروا من يخطفه الموت منهم، وسلموا لأمر خالقهم عزّ وجلّ. [54] .

22 - الشيخ الصدوق(ره): حدّثنا أبو الحسن محمّد بن القاسم المفسّر الجرجانيّ(رضي الله عنه)، قال: حدّثنا أحمد بن الحسن الحسينيّ، عن الحسن بن عليّ، عن أبيه، عن محمّد بن عليّ، عن أبيه الرضا، عن أبيه موسي بن جعفر(عليه السلام) قال: كان قوم من خواصّ الصادق(عليه السلام) جلوساً بحضرته في ليلة مقمرة مضحية. [55] .

فقالوا: يا ابن رسول الله! ما أحسن أديم هذه السماء، وأنوار هذه النجوم والكواكب؟

فقال الصادق(عليه السلام): إنّكم لتقولون هذا، وإنّ المدّبرات الأربعة جبرئيل



[ صفحه 46]



وميكائيل وإسرافيل وملك الموت(عليهم السلام) ينظرون إلي الأرض، فيرونكم. وإخوانكم في أقطار الأرض ونوركم إلي السموات وإليهم أحسن من أنوار هذه الكواكب، وأنّهم ليقولون كما تقولون: ما أحسن أنوار هؤلاء المؤمنين. [56] .

23 - الشيخ الصدوق(ره): حدّثنا أبو الحسن محمّد بن القاسم المفسّر الجرجانيّ(رضي الله عنه)، قال: حدّثنا أحمد بن الحسن الحسينيّ، عن الحسن بن عليّ، عن أبيه، عن محمّد بن عليّ، عن أبيه الرضا، عن أبيه موسي بن جعفر(عليهم السلام)، قال: جاء رجل إلي الصادق(عليه السلام)، فقال: قد سئمت الدنيا، فأتمنّي علي الله الموت.

فقال: تمنّ الحيوة، لتطيع لا لتعصي، فلأن تعيش فتطيع خير لك من أن تموت فلا تعصي ولا تطيع. [57] .

24 - الشيخ الصدوق(ره): حدّثنا أبو الحسن محمّد بن القاسم المفسّر الجرجانيّ(رضي الله عنه)، قال: حدّثنا أحمد بن الحسن الحسينيّ، عن الحسن بن عليّ، عن أبيه، عن محمّد بن عليّ، عن أبيه الرضا، عن أبيه موسي بن جعفر(عليهم السلام)، قال: سئل الصادق جعفر بن محمّد(عليهما السلام)، عن بعض أهل مجلسه؟

فقيل: عليل، فقصده عائداً، وجلس عند رأسه، فوجده دنفاً، فقال له: أحسن ظنّك بالله تعالي.

فقال: أمّا ظنّي بالله فحسن، ولكن غمّي لبناتي ما أمرضني غير رفقي بهنّ.



[ صفحه 47]



فقال الصادق(عليه السلام): الذي ترجوه لتضعيف حسناتك، ومحو سيّئاتك فارجه لإصلاح حال بناتك، أما علمت أنّ رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم)، قال: لمّا جاوزت سدرة المنتهي، وبلغت أغصانها وقضبانها، رأيت بعض ثمار قضبانها أثداؤه معلّقة يقطر من بعضها اللبن، ومن بعضها العسل، ومن بعضها الدهن، ويخرج من بعضها شبه دقيق السميد، ومن بعضها النبات، ومن بعضها كالنبق، فيهوي [58] ذلك كلّه إلي نحو الأرض.

فقلت في نفسي: أين مفرّ هذه الخارجات عن هذه الأثداء، وذلك أنّه لم يكن معي جبرئيل، لأنّي كنت جاوزت مرتبته واختزل دوني.

فناداني ربّي عزّ وجلّ في سرّي: يا محمّد! هذه أنبتها في هذا المكان الأرفع لأغذو منها بنات المؤمنين من أُمّتك وبنيهم، فقل لآباء البنات: لاتضيّقنّ صدوركم علي فاقتهنّ، فإنّي كما خلقتهنّ أرزقهنّ. [59] .

25 - الشيخ الصدوق(ره): حدّثنا أبو الحسن محمّد بن القاسم المفسّر الجرجانيّ(رضي الله عنه)، قال: حدّثنا أحمد بن الحسن الحسينيّ، عن الحسن بن عليّ، عن أبيه، عن محمّد بن عليّ، عن أبيه الرضا، عن أبيه موسي بن جعفر(عليهم السلام)، قال: كتب الصادق(عليه السلام) إلي بعض الناس: إن أردت أن يختم بخير عملك حتّي



[ صفحه 48]



تقبض وأنت في أفضل الأعمال، فعظّم للّه حقّه أن لا تبذل نعماؤه في معاصيه، وأن تغترّ بحلمه عنك، وأكرم كلّ من وجدته يذكر منّا أو ينتحل مودّتنا، ثمّ ليس عليك صادقاً كان أو كاذباً، إنّما لك نيّتك، وعليه كذبه. [60] .

26 - الشيخ الصدوق(ره): حدّثنا أبو الحسن محمّد بن القاسم المفسّر الجرجانيّ(رضي الله عنه)، قال: حدّثنا أحمد بن الحسن الحسينيّ، عن الحسن بن عليّ، عن أبيه، عن محمّد بن عليّ، عن أبيه الرضا، عن أبيه موسي بن جعفر(عليهم السلام)، قال: كان الصادق(عليه السلام) في طريق، ومعه قوم معهم أموال، وذكر لهم أنّ بارقة في الطريق يقطعون علي الناس، فارتعدت فرائصهم.

فقال لهم الصادق(عليه السلام): ما لكم؟

قالوا: معنا أموالنا نخاف عليها أن تؤخذ منّا أفتأخذها منّا؟ فلعلّهم يندفعون عنها إذا رأوا أنّها لك؟

فقال: وما يدريكم؟! لعلّهم لا يقصدون غيري، ولعلّكم تعرضوني بها للتلف. فقالوا: فكيف نصنع، ندفنها؟

قال: ذلك أضيع لها، فلعلّ طارياً يطري عليها فيأخذها، ولعلّكم لاتغتدون إليها بعد، فقالوا: كيف نصنع؟ دلّنا.

قال: أودعوها من يحفظها ويدفع عنها ويربيها ويجعل الواحد منها أعظم من الدنيا وما فيها، ثمّ يردّها ويوفّرها عليكم أحوج ما تكونون إليها.



[ صفحه 49]



قالوا: من ذاك؟ قال: ذاك ربّ العالمين. قالوا: وكيف نودّعه؟

قال: تتصدّقون به علي ضعفاء المسلمين، قالوا: وأنّي لنا الضعفاء بحضرتنا هذه؟! قال: فاعرضوا علي أن تتصدّقوا بثلثها ليدفع الله عن باقيها من تخافون. قالوا قد عزمنا.

قال: فأنتم في أمان الله، فامضوا، فمضوا فظهرت لهم البارقة فخافوا.

فقال الصادق(عليه السلام): كيف تخافون وأنتم في أمان الله عزّ وجلّ؟!

فتقدّم البارقة وترجّلوا، وقبّلوا يد الصادق(عليه السلام)، وقالوا: رأينا البارحة في منامنا رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) يأمرنا بعرض أنفسنا عليك، فنحن بين يديك ونصحبك، وهؤلاء، لندفع عنهم الأعداء واللصوص.

فقال الصادق(عليه السلام): لا حاجة بنا إليكم، فإنّ الذي دفعكم عنّا، يدفعهم.

فمضوا سالمين، وتصدّقوا بالثلث، وبورك لهم في تجاراتهم، فربحوا للدرهم عشرة، فقالوا: ما أعظم بركة الصادق(عليه السلام)؟!

فقال الصادق(عليه السلام): قد تعرّفتم البركة في معاملة الله عزّ وجلّ، فدومواعليها.

[61] .

27 - الشيخ الصدوق(ره): حدّثنا أبو الحسن محمّد بن القاسم المفسّر الجرجانيّ(رضي الله عنه)، قال: حدّثنا أحمد بن الحسن الحسينيّ، عن الحسن بن عليّ، عن أبيه، عن محمّد بن عليّ، عن أبيه الرضا، عن أبيه موسي بن جعفر(عليهم السلام)،



[ صفحه 50]



قال: رأي الصادق(عليه السلام) رجلاً قد اشتدّ جزعه علي ولده.

فقال: يا هذا! جزعت للمصيبة الصغري، وغفلت عن المصيبة الكبري؟! لوكنت لما صار إليه ولدك مستعدّاً لما اشتدّ عليه جزعك فمصابك بتركك الاستعداد له أعظم من مصابك بولدك. [62] .

28 - أبو جعفر الطبريّ(ره): حدّثنا أبو المفضّل محمّد بن عبد الله، قال: حدّثنا جعفر [بن محمّد] بن مالك الفزاريّ، قال: حدّثني محمّد بن إسماعيل الحسينيّ، عن أبي محمّد الحسن بن عليّ الثاني(عليه السلام)، قال: إنّ موسي(عليه السلام) قبل وفاته بثلاثة أيّام دعا المسيّب وقال له: إنّي ظاعن عنك في هذه الليلة إلي مدينة جدّي رسول الله (صلي الله عليه و ال وسلم)، لأعهد إلي من بها عهداً أن يعمل به بعدي.

قال المسيّب: قلت: مولاي، كيف تأمرني والحرس والأبواب! كيف أفتح لك الأبواب والحرس معي علي الأبواب، وعليها أقفالها؟

فقال: يا مسيّب! ضعفت نفسك في الله وفينا؟

قلت: يا سيّدي! بيّن لي.

فقال: يا مسيّب! إذا مضي من هذه الليلة المقبلة ثلثها، فقف فانظر.



[ صفحه 51]



قال المسيّب: فحرّمت علي نفسي الانضجاع في تلك الليلة، فلم أزل راكعاً وساجداً وناظراً ما وعدنيه، فلمّا مضي من الليل ثلثه غشيني النعاس وأنا جالس، فإذا أنا بسيّدي موسي يحرّكني برجله.

ففزعت وقمت قائماً، فإذا بتلك الجدران المشيّدة والأبنية المعلّاة، وما حولنا من القصور والأبنية، قد صارت كلّها أرضاً، فظننت بمولاي أنّه أخرجني من المحبس الذي كان فيه، قلت: مولاي، خذ بيدي من ظالمك وظالمي.

فقال: يا مسيّب! تخاف القتل؟

قلت: مولاي، معك لا.

فقال: يا مسيّب! فاهدأ علي حالتك، فإنّني راجع إليك بعد ساعة واحدة، فإذ ولّيت عنك، فسيعود المحبس إلي شأنه.

قلت: يا مولاي! فالحديد الذي عليك، كيف تصنع به؟

فقال: ويحك يا مسيّب! بنا والله، ألان الله الحديد لنبيّه داود، كيف يصعب علينا الحديد؟

قال المسيّب: ثمّ خطا، فمرّ بين يديّ خطوة، ولم أدر كيف غاب عن بصري، ثمّ ارتفع البنيان وعادت القصور علي ما كانت عليه، واشتدّ اهتمام نفسي، وعلمت أنّ وعده الحقّ.

فلم أزل قائماً علي قدمي، فلم ينقض إلّا ساعة كما حدّه لي، حتّي رأيت الجدران والأبنية قد خرّت إلي الأرض سجّداً، وإذا أنا بسيّدي(عليه السلام) وقد عاد إلي حبسه، وعاد الحديد إلي رجليه، فخررت ساجداً لوجهي بين يديه.

فقال لي: ارفع رأسك يا مسيّب! واعلم! أنّ سيّدك راحل عنك إلي الله في ثالث هذا اليوم الماضي.

فقلت: مولاي، فأين سيّدي عليّ؟



[ صفحه 52]



فقال: شاهد غير غائب يا مسيّب! وحاضر غير بعيد، يسمع ويري.

قلت: يا سيّدي! فإليه قصدت؟

قال: قصدت والله يا مسيّب! كلّ منتخب للّه علي وجه الأرض شرقاً وغرباً، حتّي الجنّ في البراري والبحار، حتّي الملائكة في مقاماتهم وصفوفهم، قال: فبكيت. قال: لا تبك يا مسيّب! إنّا نور لا نطفأ، إن غبت عنك، فهذا عليّ ابني يقوم مقامي بعدي، هو أنا.

فقلت: الحمد للّه!

قال: ثمّ إنّ سيّدي في ليلة اليوم الثالث دعاني فقال لي: يا مسيّب! إنّ سيّدك يصبح من ليلة يومه علي ما عرّفتك من الرحيل إلي الله تعالي، فإذا أنا دعوت بشربة ماء فشربتها فرأيتني قد انتفخت بطني يا مسيّب، واصفرّ لوني، واحمرّ، واخضرّ، وتلوّن ألواناً، فخبّر الظالم بوفاتي، وإيّاك بهذا الحديث، أن تظهر عليه أحداً من عندي إلّا بعد وفاتي.

قال المسيّب: فلم أزل أترقّب وعده حتّي دعا بشربة الماء، فشربها.

ثمّ دعاني فقال: إنّ هذا الرجس، السنديّ بن شاهك، سيقول: إنّه يتولّي أمري ودفني، وهيهات هيهات أن يكون ذلك أبداً! فإذا حملت نعشي إلي المقبرة المعروفة بمقابر قريش، فالحدوني بها، ولا تعلوا علي قبري علوّاً واحداً، ولاتأخذوا من تربتي لتتبّركوا بها.

فإنّ كلّ تربة لنا محرّمة إلّا تربة جدّي الحسين ابن عليّ(عليه السلام)، فإنّ الله جعلها شفاءً لشيعتنا وأوليائنا.

قال: فرأيته تختلف ألوانه، وتنتفخ بطنه، ثمّ قال: رأيت شخصاً أشبه الأشخاص به، جالساً إلي جانبه في مثل هيئته، وكان عهدي بسيّدي الرضا(عليه السلام) في ذلك الوقت غلاماً، فأقبلت أريد سؤاله.



[ صفحه 53]



فصاح بي سيّدي موسي(عليه السلام): قدنهيتك يا مسيّب! فتولّيت عنهم، ولم أزل صابراً حتّي قضي، وعاد ذلك الشخص، ثمّ أوصلت الخبر إلي الرشيد، فوافي الرشيد و ابن شاهك، فوالله، لقد رأيتهم بعيني وهم يظنّون أنّهم يغسّلونه، ويحنّطونه، ويكفّنونه، وكلّ ذلك أراهم لايصنعون به شيئاً، ولا تصل أيديهم إلي شي ء منه، ولا إليه، وهو مغسول، مكفّن، محنّط.

ثمّ حمل ودفن في مقابر قريش، ولم يعل علي قبره إلي الساعة.

وبقي في الحديث ما لم يحسن ذكره ممّا فعله الرشيد به. كذا وجدت الحكاية. [63] .

29 - أبو منصور الطبرسيّ(ره): وعنه(عليه السلام) بالإسناد المتقدّم [64] قال: قال موسي بن جعفر(عليهما السلام): فقيه واحد ينقذ يتيماً من أيتامنا، المنقطعين عنّا وعن مشاهدتنا بتعليم ما هو محتاج إليه، أشدّ علي إبليس من ألف عابد، لأنّ العابد همّه ذات نفسه فقطّ، وهذا همّه مع ذات نفسه ذات عبادالله وإمائه، لينقذهم من يد إبليس ومردته.

فلذلك هو أفضل عند الله من ألف ألف عابد وألف ألف عابدة. [65] .



[ صفحه 54]



30 - أبو منصور الطبرسيّ(ره): وروي عن أبي محمّد الحسن بن عليّ ابن محمّد العسكريّ(عليهم السلام) أنّ أبا الحسن موسي بن جعفر(عليهما السلام)، قال:

إنّ الله خلق الخلق فعلم ما هم إليه صائرون، فأمرهم ونهاهم، فما أمرهم به من شي ء فقدجعل لهم السبيل إلي الأخذ به، وما نهاهم عنه من شي ء فقد جعل لهم السبيل إلي تركه، ولا يكونون آخذين ولا تاركين إلّا بإذنه، وما جبر الله أحداً من خلقه علي معصيته، بل اختبر هم بالبلوي، كما قال تعالي: (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً). [66] [67] .

31 - أبو منصور الطبرسيّ(ره): وعن أبي محمّد الحسن العسكريّ(عليه السلام) قال: قال رجل من خواصّ الشيعة لموسي بن جعفر(عليهما السلام) -وهو يرتعد بعد ما خلا به -: يا ابن رسول الله! ما أخوفني أن يكون فلان ابن فلان ينافقك في إظهاره اعتقاد وصيّتك وإمامتك.

فقال موسي(عليه السلام): وكيف ذاك؟

قال: لأنّي حضرت معه اليوم في مجلس فلان، وكان معه رجل من كبار أهل بغداد، فقال له صاحب المجلس: أنت تزعم أنّ صاحبك موسي بن جعفر



[ صفحه 55]



إمام دون هذا الخليفة القاعد علي سريره؟

قال له صاحبك هذا: ما أقول هذا، بل أزعم أنّ موسي بن جعفر غير إمام، وإن لم أكن اعتقد انّه غير إمام فعليّ وعلي من لم يعتقد ذلك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

فقال له صاحب المجلس: جزاك الله خيراً! ولعن الله من وشي بك إليّ.

فقال له موسي بن جعفر(عليهما السلام): ليس كما ظننت، ولكن صاحبك أفقه منك.

إنّما قال: موسي غير إمام، أي إنّ الذي هو غير إمام فموسي غيره، فهو إذا إمام، فإنّما أثبت بقوله: هذا إمامتي ونفي إمامة غيري.

يا عبد الله! متي يزول عنك هذا الذي ظننته بأخيك هذا من النفاق، تب إلي الله، ففهم الرجل ما قاله واغتمّ، ثمّ قال: يا ابن رسول الله! ما لي مال فأرضيه به، ولكن قد وهبت له شطر عملي كلّه من تعبّدي وصلاتي عليكم أهل البيت، ومن لعنتي لأعدائكم.

قال موسي(عليه السلام): الآن خرجت من النار. [68] .

32 - ابن شهر آشوب(ره): وكتب [أبو محمّد العسكريّ](عليه السلام)... يقول العالم سلام الله عليه إذ يقول: المؤمن أخو المؤمن لأُمّه وأبيه. [69] .



[ صفحه 56]




پاورقي

[1] البقرة: 2 / 8.

[2] التفسير: 111، ح 58. عنه تأويل الآيات الظاهرة: 37، س 3، بتفاوت، والبحار: 37 / 141، ح 36، بتفاوت، والبرهان: 1 / 59، ح 1، بتفاوت، وإثبات الهداة: 2 / 150، ح 658، قطعة منه.

[3] البقرة: 2 / 9.

[4] التفسير: 113، ح 59. عنه تأويل الآيات الظاهرة: 38، س 11، بتفاوت يسير، والبحار:6 / 51، ح 2، بتفاوت، و37 / 143، س 4، ضمن ح 36، بتفاوت يسير، والبرهان: 1 / 60، ح 1، بتفاوت يسير.

[5] البقرة: 2 / 10.

[6] التفسير: 114، ح 60. عنه تأويل الآيات الظاهرة: 39، س 15، بتفاوت، والبحار: 37 / 144، س 2، ضمن ح 36، بتفاوت، ومدينة المعاجز: 1 / 435، ح 295، والبرهان: 1 / 60، ح 1، بتفاوت، وإثبات الهداة: 2 / 150، ح 659، و481، ح 286، قطعتان منه.

[7] البقرة: 2 / 11، و12.

[8] التفسير: 118، ح 61. عنه تأويل الآيات الظاهرة: 42، س 12، قطعة منه، والبحار: 37 / 146، س 14، ضمن ح 36، بتفاوت يسير، والبرهان: 1 / 61، ح 1، بتفاوت يسير، ومقدّمة البرهان: 255، س 35، قطعة منه.

[9] طَحْطَحَ الشي ء: فرّقه وكسره إهلاكاً. لسان العرب: 2 / 528، (طحح).

[10] البقرة: 2 / 13.

[11] التفسير: 119، ح 62. عنه تأويل الآيات الظاهرة: 43، س 4، قطعة منه، وس 15، أشار إليه، والبحار: 37 / 147، س 5، ضمن ح 36، بتفاوت يسير، والبرهان: 1 / 62، ح 1، قطعة منه.

[12] الهَوَج كالهَوَك: الحُمق، هَوج هَوَجاً، فهو أهوج. لسان العرب: 2 / 394، (هوج).

[13] البقرة: 2 / 14، و15.

[14] الرعد: 13 / 24.

[15] المطفّفين: 83 / 34، و35.

[16] التفسير: 120، ح 63. عنه البحار: 6 / 52، س 3، ضمن ح 2، و8 / 298، ح 52، قطعة منه، و30 / 223، ح 92، والبرهان: 1 / 62، س 16، ضمن ح 1، بتفاوت يسير، والفصول المهمّة للحرّ العامليّ: 1 / 289، ح 324، قطعة منه، ومقدّمة البرهان: 244، س 33، قطعة منه.

[17] البقرة: 2 / 16.

[18] الحجّ: 22 / 11، والزمر: 39 / 15.

[19] التفسير: 125، ح 64. عنه تأويل الآيات الظاهرة: 96، س 11، قطعة منه، والبحار: 8 / 59، ح 82، قطعة منه، و65 / 106، ح 20، أورده بتمامه، بتفاوت يسير، والبرهان: 1 / 64، ح 1، قطعة منه، وحلية الأبرار: 2 / 153، ح 1.

[20] البقرة: 2 / 17.

[21] البقرة:2 / 18.

[22] الإسراء: 17 / 97.

[23] التفسير: 130، ح 65. عنه البرهان: 1 / 64، ح 1، بتفاوت يسير، ومقدّمة البرهان: 216، س 6، و229، س 16، و247، س 25، قِطع منه.

[24] في البحار والبرهان: قال العالم(عليه السلام).

[25] البقرة: 2 / 19.

[26] النساء: 4 / 78.

[27] البقرة: 2 / 20.

[28] التفسير: 132، ح 67. عنه البحار: 31 / 569، س 14، بتفاوت يسير، والبرهان: 1 / 66، ح 1.

[29] في البحار: 9، والبرهان: قال العالم(عليه السلام)، وفي البحار: 17، و89: قال العالم موسي بن جعفر(ع).

[30] البقرة: 2 / 23، و24.

[31] الإسراء: 17 / 88.

[32] التفسير: 151، ح 76. عنه البحار: 8 / 299، ح 54، قطعة منه، و9 / 175، ح 4، بتفاوت يسير، و17 / 214، ح 20، و89 / 28، ح 33، والبرهان: 1 / 67، ح 1، ومقدّمة البرهان: 196، س 7، و215، س 25، قطعتان منه.

[33] التفسير: 312، ح 158. عنه البحار: 65 / 157، س 16، ضمن ح 11، والبرهان: 4 / 22، س 26، ضمن ح 4.

[34] العفص: شجرة من البلوط، تحمل سنة بلوطاً وسنة عفصاً، وهو دواء قابض مجفّف، يردّ الموادّ المنصبّة، ويشدّ الأعضاء الرخوة الضعيفة، وإذا نقع في الخلّ سوّد الشعر. القاموس المحيط: 2 / 452، (عفص).

[35] التفسير: 322، ح 169. عنه وسائل الشيعة: 16 / 223، ح 21417، قطعة منه، و17 / 422، ح 22899، قطعة منه، والبحار: 72 / 415، س 15، ضمن ح 68، ومدينة المعاجز: 6 / 451، ح 2097، بتفاوت يسير، وحلية الأبرار: 4 / 258، ح 4.

[36] التفسير: 328، ح 183. عنه البحار: 67 / 198، س 13، و211، س 5، ضمن ح 33، ومستدرك الوسائل: 1 / 101، ضمن ح 91، عن الصادق(عليه السلام)، ويحتمل التصحيف. تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: 428، س 1، مرسلاً.

[37] التفسير: 331، ح 197. عنه البحار: 23 / 260، س 12، ضمن ح 8، و36 / 10، س 1، ضمن ح 11، بتفاوت، والبرهان: 3 / 245، س 17، ضمن ح 3، بتفاوت.

[38] التفسير: 335، ح 208. عنه مستدرك الوسائل: 12 / 379، ح 14346، والبحار: 23 / 262، س 20، ضمن ح 8.

[39] التفسير: 350، ح 235. عنه البحار: 2 / 10، ح 20، بتفاوت يسير، و7 / 226، س 4، ضمن ح 143، بتفاوت، والفصول المهمّة للحرّ العامليّ: 1 / 605، ح 951، قطعة منه.

[40] الحجرات:49 / 2.

[41] الأنعام: 6 / 158.

[42] النساء: 4 / 46.

[43] البقرة: 2 / 104.

[44] الأوقيّة بضمّ فسكون وياء مشدّدة: أربعون درهماً، قال الجوهريّ: وكذلك كان فيما مضي، فأمّا اليوم فما يتعارفها الناس ويقدّر عليه الأطبّاء، فالأوقيّة عندهم وزن عشرة دراهم وخمسة أسباع درهم. مجمع البحرين: 1 / 453، (وقا).

[45] الاصطلام: الاستيصال، وهو افتعال من باب الصلم، وهو القطع المستأصل. مجمع البحرين: 6 / 102، (صلم).

[46] الغَزال، ج غِزلان: الشادن حين يتحرّك ويمشي. الوَعِل والوُعِل، ج أوعال: تيس الجبل له قرنان قويّان منحنيان كسيفين أحدبين. المنجد: 550، (غزل)، و908، (وعل).

[47] التوبة: 9 / 107.

[48] التفسير: 477، ح 305 - 309. عنه تفسير الصافي: 2 / 376، س 5، قطعة منه، والبحار: 6 / 34، ح 46، و9 / 331، ح 18، و21 / 257، ح 7، و22 / 114، ح 85، و97 / 85، ح 57، قِطع منه، والبرهان:1 / 138، ح 1، و372، ح 1، و2 / 161، ح 2، أيضاً قِطع منه، ووسائل الشيعة: 16 / 134، ح 21173، قطعة منه، ومستدرك الوسائل: 12 / 145، ح 13738، قطعة منه، وإثبات الهداة: 1 / 392، ح 604، و394، ح 611، قطعتان منه.

[49] عيون أخبار الرضا(عليه السلام): 2 / 131، ح 13. عنه البحار: 51 / 34، ح 1، وإثبات الهداة: 3 / 456، ح 89.

[50] في الأمالي والحار: عذابه.

[51] عيون أخبار الرضا(عليه السلام): 1 / 312، ح 81، و2 / 52، ح 199. من لا يحضره الفقيه: 4 / 286، ح 857، قطعة منه. معاني الأخبار: 287، ح 1، وفيه: أحمد بن الحسن الحسينيّ، عن الحسن بن عليّ الناصر[ي]، عن أبيه، عن محمّد بن عليّ...، عنه وعن العيون والأمالي، البحار: 67 / 310، ح 6.الأمالي للصدوق: 293، ح 4، وفيه: عن الحسن بن عليّ بن الناصر، عن أبيه، عن محمّد بن عليّ...، عنه وعن العيون، وسائل الشيعة: 16 / 16 ح 20842 وفيه: أحمد بن الحسن الحسينيّ، عن الحسن بن عليّ العسكريّ، عن آبائه، عن الصادق:(عليهم السلام).

[52] عيون أخبار الرضا(عليه السلام): 1 / 274، ح 9، و2 / 3، ح 5، قطعة منه. عنه البحار: 6 / 121، ح 1، قطعة منه، و152، ح 6، وفيهما: المفسّر، عن أحمد بن الحسن الحسينيّ، عن أبي محمّد العسكريّ، عن آبائه:، قال: قيل للصادق(عليه السلام)...، و8 / 286، ح 15.معاني الأخبار: 287، ح 1، وفيه: حدّثنا محمّد بن القاسم المفسّر الجرجانيّ 2، قال: حدّثنا أحمد بن الحسن الحسينيّ، عن الحسن بن عليّ الناصر، عن أبيه، عن محمّد بن عليّ، عن أبيه الرضا، عن أبيه موسي بن جعفر:، قال: قيل...، قطعة منه. علل الشرايع: ب 235، 297، ح 2، كما في المعاني، وح 3. عنه نور الثقلين: 5 / 379، ح 9. وعنه وعن المعاني، البحار: 6 / 153، س 10. الأمالي للطوسيّ: 651، ح 1352، وفيه قال: أخبرنا الحسين بن عبيد الله، عن عليّ بن محمّد العلويّ، قال: حدّثنا الحسن بن عليّ بن صالح صوفيّ الخزّاز، قال: حدّثنا أحمد بن الحسن الحسينيّ عن الحسن بن عليّ، عن أبيه، عن محمّد بن عليّ بن موسي، عن أبيه عليّ بن موسي الرضا، عن أبيه، موسي بن جعفر:، قال: قيل:...، قطعة منه. عنه البرهان: 3 / 76، ح 2.

[53] في حلية الأبرار:أي العسكريّ(عليه السلام)).

[54] عيون أخبار الرضا(عليه السلام): 2 / 2، ح 1. عنه البحار: 47 / 18، ح 7، وفيه: المفسّر، عن أحمد بن الحسن الحسينيّ، عن أبي محمّد، عن آبائه، عن موسي بن جعفر:، قال:...، ومشكاة الأنوار: 305، س 18، بتفاوت يسير، وحلية الأبرار: 4 / 183، ح 1. وعنه وعن الأمالي للصدوق، البحار: 79 / 128، ح 4، ووسائل الشيعة: 3 / 253، ح 3557، ولم نعثر عليه في الأمالي.

[55] في البحار: مقمرة مصحية. وقال العلّامة المجلسيّ؛: أصحت السماء، إذا ذهب غيمها.

[56] عيون أخبار الرضا(عليه السلام): 2 / 2، ح 2. عنه البحار: 65 / 18، ح 25، وفيه: عن المفسّر، عن أحمد بن الحسن الحسينيّ، عن أبي محمّد العسكريّ، عن آبائه، عن موسي بن جعفر:، قال:...، والبرهان: 4 / 425، ح 1، ونور الثقلين: 5 / 498، ح 11.

[57] عيون أخبار الرضا(عليه السلام):2 / 3، ح 3. عنه البحار: 6 / 128، ح 15، وفيه المفسّر، عن أحمد بن الحسن الحسينيّ، عن أبي محمّد العسكريّ، عن آبائه:، قال: جاء رجل.

[58] السميد: القمح المجروش، المنجد: 349، (سمد)، وفي لسان العرب: 3 / 220: السميد: الطعام، (سمد).

[59] عيون أخبار الرضا(عليه السلام): 2 / 3، ح 7. عنه البحار: 5 / 146، ح 2، و18 / 352، ح 63، و68 / 137، ح 19، و78 / 235، ح 11، قطعة منه، وفي كلّها: المفسّر، عن أحمد بن الحسن الحسينيّ، عن الحسن بن عليّ العسكريّ، عن آبائه:، قال: سئل الصادق(عليه السلام)...، ووسائل الشيعة: 2 / 448، ح 2614، قطعة منه، و21 / 365، ح 27317، نحو ما في البحار.

[60] عيون أخبار الرضا(عليه السلام): 2 / 4، ح 8. عنه البحار: 70 / 351، ح 49، و71 / 303، ح 44، وفيهما: المفسّر، عن أحمد بن الحسن الحسينيّ، عن أبي محمّد العسكريّ، عن آبائه:، قال: كتب...، ومستدرك الوسائل: 12 / 419، ح 14489، نحو ما في البحار. البحار: 75 / 195، ح 15، عن الخصال، ولم نعثر عليه.

[61] عيون أخبار الرضا(عليه السلام): 2 / 4، ح 9. عنه البحار: 93 / 120، ح 23، وفيه: المفسّر، عن أحمد بن الحسن الحسينيّ، عن أبي محمّد العسكريّ، عن آبائه، عن موسي بن جعفر:، قال:...، ووسائل الشيعة: 9 / 390، ح 12309، وفيه: المفسّر، عن أحمد بن الحسن الحسينيّ، عن الحسن بن عليّ العسكريّ(ع)، عن آبائه:، قال:.

[62] عيون أخبار الرضا(عليه السلام): 2 / 5، ح 10، و52، ح 200. عنه وعن الأمالي، البحار: 79 / 74، ح 6، نحو ما في الأمالي، ووسائل الشيعة: 2 / 436، ح 2573، وفيه المفسّر، عن أحمد بن الحسن الحسينيّ، عن الحسن بن عليّ العسكريّ، عن آبائه، عن الصادق:.... الأمالي للصدوق: 293، ح 5، وفيه: حدّثنا محمّد القاسم الإسترآباديّ، قال: حدّثنا أحمد ابن الحسن الحسينيّ، عن الحسن بن عليّ بن الناصر، عن أبيه، عن محمّد بن عليّ، عن أبيه الرضا، عن موسي بن جعفر:، قال:.... عنه مستدرك الوسائل: 2 / 444، ح 2419. مشكاة الأنوار: 300 س 12، بتفاوت يسير. روضة الواعظين: 536، س 11، مرسلاً.

[63] دلائل الإمامة: 313، ح 261. عنه مدينة المعاجز: 6 / 364، ح 2048، و447، ح 2096، و7 / 111، ح 2215. الهداية الكبري: 265، س 12، بتفاوت يسير. عنه مستدرك الوسائل: 2 / 336، س 11، أشار إليه. مشارق أنوار اليقين: 94، س 25، باختصار. عنه مدينة المعاجز: 6 / 383، ح 2058، وإثبات الهداة: 3 / 199، ح 91.

[64] تقدّم الإسناد في ج 3، رقم 375.

[65] الاحتجاج: 1 / 13، ح 8، و2 / 348، ح 278. عنه وعن التفسير، البحار: 2 / 5، ح 9، ومستدرك الوسائل: 17 / 319، ح 21464. التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): 343، ح 222، بتفاوت. عنه الفصول المهمّة للحرّالعامليّ: 1 / 602، ح 945، والمحجّة البيضاء: 1 / 32، س 2، ومنية المريد: 34، س 6. عوالي اللئالي: 1 / 18، ح 6. الصراط المستقيم: 3 / 56، س 2، بتفاوت.

[66] هود: 11 / 7.

[67] الاحتجاج: 2 / 330، ح 268. عنه البحار: 5 / 26، ح 32، عنه البحار: 5 / 26، ح 32، ونور الثقلين: 2 /340، ح 24، عن عليّ بن محمّد العسكريّ(ع) فيهما.

[68] الاحتجاج: 2 / 347، ح 277.

عنه البحار: 68 / 14، ح 26، و72 / 195، ح 7، بتفاوت يسير، ومستدرك الوسائل 12 / 265، ح 14067. التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): 359، ح 248، بتفاوت يسير. عنه البحار: 72 / 403، س 22، ضمن ح 42، ومستدرك الوسائل:9 / 143، ح 10500. المناقب لابن شهرآشوب: 4 / 315، س 22، بتفاوت يسير.

[69] المناقب: 4 / 425، س 10. تقدّم الحديث بتمامه في ج 3، رقم 834.