بازگشت

ما رواه عن سلمان الفارسي


1 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): إنّ سلمان الفارسيّ (رضي الله عنه) مرّ بقوم من اليهود فسألوه أن يجلس إليهم ويحدّثهم بما سمع من محمّد(صلي الله عليه و ال وسلم) في يومه هذا؟ فجلس إليهم لحرصه علي إسلامهم، فقال: سمعت محمّداً(صلي الله عليه و ال وسلم) يقول: إنّ الله عزّوحلّ يقول: يا عبادي! أوليس من له إليكم حوائج كبار لا تجودون بها إلّا أن يتحمّل عليكم بأحبّ الخلق إليكم تقضونها كرامة لشفيعهم، ألا فاعلموا! أنّ أكرم الخلق عليّ، وأفضلهم لديّ محمّد، وأخوه عليّ، ومن بعده من الأئمّة الذين هم الوسائل إليّ.

ألا فليدعني من همّ بحاجة يريد نفعها، أو دهته داهية يريد كفّ ضررها بمحمّد وآله الأفضلين الطيّبين الطاهرين، أقضها له أحسن ممّا يقضيها من تستشفعون إليه بأعزّ الخلق عليه.

قالوا لسلمان، وهم [يسخرون و]يستهزؤن [به]: يا أبا عبد الله! فما بالك لاتقترح علي الله، وتتوسّل بهم أن يجعلك أغني أهل المدينة؟

فقال سلمان: قد دعوت الله عزّ وجلّ بهم، وسألته ما هو أجلّ وأفضل وأنفع



[ صفحه 176]



من ملك الدنيا بأسرها، سألته بهم صلّي الله عليهم أن يهب لي لساناً لتحميده وثنائه ذاكراً، وقلباً لآلائه شاكراً، وعلي الدواهي الداهية لي صابراً، وهو عزّوجلّ قد أجابني إلي ملتمسي من ذلك، وهو أفضل من ملك الدنيا بحذافيرها، وما تشتمل عليه من خيراتها مائة ألف ألف مرّة.

قال(عليه السلام): فجعلوا يهزؤون به، ويقولون: يا سلمان! لقد ادّعيت مرتبة عظيمة شريفة نحتاج أن نمتحن صدقك من كذبك فيها، وها نحن أوّلاً قائمون إليك بسياط فضاربوك بها، فسل ربّك أن يكفّ أيدينا عنك.

فجعل سلمان يقول: «اللهمّ اجعلني علي البلاء صابراً».

وجعلوا يضربونه بسياطهم حتّي أعيوا وملّوا، وجعل سلمان لا يزيد علي قوله: «اللهمّ اجعلني علي البلاء صابراً».

فلمّا ملّوا وأعيوا، قالوا له: يا سلمان! ما ظننّا أنّ روحاً تثبت في مقرّها مع مثل هذا العذاب الوارد عليك، فما بالك لا تسأل ربّك أن يكفّنا عنك؟

فقال: لأنّ سؤالي ذلك ربّي خلاف الصبر، بل سلّمت لإمهال الله تعالي لكم، وسألته الصبر.

فلمّا استراحوا، قاموا إليه بعد بسياطهم، فقالوا: لا نزال نضربك بسياطنا حتّي تزهق روحك، أو تكفر بمحمّد.

فقال: ما كنت لأفعل ذلك، فإنّ الله قد أنزل علي محمّد: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) [1] وأنّ احتمالي لمكارهكم - لأدخل في جملة من مدحه الله بذلك-

سهل عليّ يسير، فجعلوا يضربونه بسياطهم حتّي ملّوا، ثمّ قعدوا، وقالوا: يا سلمان! لو كان لك عند ربّك قدر لإيمانك بمحمّد لاستجاب [الله] دعاءك، وكفّنا عنك.



[ صفحه 177]



فقال سلمان: ما أجهلكم! كيف يكون مستجيباً دعائي إذا فعل بي خلاف ماأُريد منه، أنا أردت منه الصبر، فقد استجاب لي وصبّرني ولم أسأله كفّكم عنّي فيمنعني حتّي يكون ضدّ دعائي كما تظنّون.

فقاموا إليه ثالثة بسياطهم فجعلوا يضربونه، وسلمان لا يزيد علي [قوله:] «اللهمّ! صبّرني علي البلاء في حبّ صفيّك وخليلك محمّد».

فقالوا له: يا سلمان! ويحك، أوليس محمّد قد رخّص لك أن تقول كلمة الكفر [به] بما تعتقد ضدّه للتقيّة من أعدائك، فما بالك لا تقول (ما يفرّج عنك) للتقيّة؟

فقال سلمان: إنّ الله تعالي قد رخّص لي في ذلك، ولم يفرضه عليّ، بل أجاز لي أن لاأعطيكم ما تريدون، وأحتمل مكارهكم، وأجعله أفضل المنزلتين، وأنا لاأختار غيره.

ثمّ قاموا إليه بسياطهم، وضربوه ضرباً كثيراً، وسيّلوا دماءه، وقالوا له -وهم ساخرون-: لاتسأل الله كفّنا عنك، ولاتظهر لنا ما نريد منك لنكفّ به عنك، فادع علينا بالهلاك إن كنت من الصادقين في دعواك، أنّ الله لايردّ دعاءك بمحمّد وآله الطيّبين [الطاهرين].

فقال سلمان: إنّي لأكره أن أدعو الله بهلاككم مخافة أن يكون فيكم من قد علم الله أنّه سيؤمن بعد، فأكون قد سألت الله تعالي اقتطاعه عن الإيمان.

فقالوا: قل: اللهمّ! أهلك من كان في معلومك أنّه يبقي إلي الموت علي تمرّده، فإنّك لاتصادف بهذا الدعاء ما خفته.

قال: فانفرج له حائط البيت الذي هو فيه مع القوم وشاهد رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) وهو يقول: يا سلمان! ادع عليهم بالهلاك، فليس فيهم أحد يرشد كما دعا نوح(عليه السلام) علي قومه لمّا عرف أنّه لن يؤمن من قومه إلّا من قد آمن.

فقال سلمان: كيف تريدون أن أدعو عليكم بالهلاك؟



[ صفحه 178]



فقالوا: تدعو الله [ب]أن يقلب سوط كلّ واحد منّا أفعي تعطف رأسها ثمّ تمشّش عظام سائر بدنه؟

فدعا الله بذلك، فما من سياطهم سوط إلّا قلّبه الله تعالي عليهم أفعي لها رأسان تتناول برأس [منها] رأسه، وبرأس آخر يمينه التي كان فيها سوطه، ثمّ رضّضتهم، ومشّشتهم، وبلعتهم، والتقمتهم.

فقال رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) وهو في مجلسه: معاشر المؤمنين! إنّ الله تعالي قدنصر أخاكم سلمان ساعتكم هذه علي عشرين من مردة اليهود والمنافقين، قلّبت سياطهم أفاعي رضّضتهم، ومشّشتهم، وهشّمت عظامهم، والتقمتهم، فقوموا بنا ننظر إلي تلك الأفاعي المبعوثة لنصرة سلمان.

فقام رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) وأصحابه إلي تلك الدار، وقد اجتمع إليها جيرانها من اليهود والمنافقين لمّا سمعوا ضجيج القوم بالتقام الأفاعي لهم وإذا هم خائفون منها، نافرون من قربها.

فلمّا جاء رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) خرجت كلّها [من] البيت إلي شارع المدينة، وكان شارعاً ضيّقاً فوسّعه الله تعالي، وجعله عشرة أضعافه.

ثمّ نادت الأفاعي: السلام عليك يا محمّد! يا سيّد الأوّلين والآخرين! السلام عليك يا عليّ! يا سيّد الوصيّين! السلام علي ذرّيّتك الطيّبين الطاهرين! الذين جعلوا علي الخلق قوّامين، ها نحن سياط هؤلاء المنافقين [الذين] قلبنا الله تعالي أفاعي بدعاء هذا المؤمن سلمان.

[ف]قال رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم): الحمد للّه الذي جعل [من أُمّتي] من يضاهي بدعائه - عند كفّه، وعند انبساطه - نوحاً نبيّه.



[ صفحه 179]



ثمّ نادت الأفاعي: يا رسول الله! قد اشتدّ غضبنا علي هؤلاء الكافرين، وأحكامك، وأحكام وصيّك علينا جائزة في ممالك ربّ العالمين، ونحن نسألك أن تسأل الله تعالي أن يجعلنا من أفاعي جهنّم التي نكون فيها لهؤلاء معذّبين كما كنّا لهم في هذه الدنيا ملتقمين.

فقال رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم): قد أجبتكم إلي ذلك فالحقوا بالطبق الأسفل من جهنّم بعد أن تقذفوا ما في أجوافكم من أجزاء أجسام هؤلاء الكافرين، ليكون أتمّ لخزيهم، وأبقي للعار عليهم إذا كانوا بين أظهرهم مدفونين، يعتبر بهم المؤمنون المارّون بقبورهم، يقولون: هؤلاء الملعونون المخزيّون بدعاء وليّ محمّد سلمان الخير من المؤمنين.

فقذفت الأفاعي ما في بطونها من أجزاء أبدانهم، فجاء أهلوهم فدفنوهم، وأسلم كثير من الكافرين، وأخلص كثير من المنافقين، وغلب الشقاء علي كثير من الكافرين والمنافقين، فقالوا: هذا سحر مبين.

ثمّ أقبل رسول الله(صلي الله عليه و ال وسلم) علي سلمان، فقال: يا أبا عبد الله! أنت من خواصّ إخواننا المؤمنين، ومن أحباب قلوب ملائكة الله المقرّبين إنّك في ملكوت السماوات والحجب والكرسيّ والعرش، وما دون ذلك إلي الثري أشهر في فضلك عندهم من الشمس، الطالعة في يوم لا غيم فيه، ولا قتر، ولا غبار في الجوّ، أنت من أفاضل الممدوحين بقوله (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ). [2] .



[ صفحه 180]




پاورقي

[1] البقرة: 2 / 3.

[2] التفسير: 68، ح 35. عنه البحار: 22 / 369، ح 9، و72 / 413، ح 63، قطعة منه، وإثبات الهداة: 1 / 391، ح 595، باختصار، ومدينة المعاجز: 1 / 439، ح 296، قطعة منه، ومستدرك الوسائل: 12 / 269، ح 14072، قطعة منه. عدّة الداعي: 163، س 16، قطعة منه، مرسلاً. عنه وسائل الشيعة: 7 / 101، ح 8848. إرشاد القلوب: 424، س 18، بتفاوت يسير.

تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: 419، س 14، بتفاوت يسير. قطعة منه في (ما رواه(عليه السلام) عن النبيّ (صلي الله عليه و ال وسلم)).