بازگشت

رسالته الي بعض شيعته


و كتب اليه بعض شيعته يعرفه باختلاف الشيعة، فأجابه الامام عليه السلام برسالة جاء فيها:

«و انما خاطب الله عزوجل العاقل و ليس أحد يأتي بآية أو يظهر دليلا أكثر مما جاء به خاتم النبيين و سيد المرسلين، فقالوا: ساحر و كاهن و كذاب، و هدي الله من اهتدي، غير أن الأدلة يسكن اليها كثير من الناس، و ذلك أن الله عزوجل يأذن لنا فنتكلم، و يمنع فنصمت، و لو أحب أن لا يظهر حقا ما بعث النبيين مبشرين و منذرين، فصدعوا بالحق في حال الضعف و القوة، و ينطقون في أوقات ليقضي الله أمره و ينفذ حكمه.

الناس في طبقات شتي: فالمستبصر علي سبيل نجاة، متمسك بالحق، متعلق بفرع أصل غير شاك و لا مرتاب، و لا يجد عنسه ملجأ.

و طبقة لم تأخذ الحق من أهله، فهم كراكب البحر يموج عند موجه، و يسكن عند سكونه.

و طبقة استحوذ عليهم الشيطان شأنهم الرد علي أهل الحق، و دفع الحق بالباطل حسدا من عند أنفسهم، فدع من ذهب يمينا و شمالا،



[ صفحه 109]



فالراعي اذا أراد أن يجمع غنمه جمعها بأهون السعي.

ذكرت ما اختلف فيه موالي، فاذا كانت الوصية و الكبر فلا ريب، و من جلس مجالس الحكم فهو أولي بالحكم، أحسن رعاية من استرعيت، و اياك و الاذاعة، و طلب الرئاسة، فانهما يدعوان الي الهلكة.

ذكرت شخوصك الي فارس، فأشخص خار الله لك و تدخل مصر ان شاء الله آمنا، واقرء من تثق به من موالي السلام، و مرهم بتقوي الله العظيم، و أداء الأمانة، و أعلمهم أن المذيع علينا حرب لنا» [1] .

تحدث الامام عليه السلام في هذه الرسالة عن اختلاف الناس في أمره، فبين أنهم علي ثلاثة أنواع، و هم:

1- الطبقة المؤمنة و المتبصرة في دينها، و الواعية لأهداف الامامة، و هي تتمسك بالامام عليه السلام، كما كانت تتمسك بآبائه، لا تعتريها و لا يخالجها شك في أمره.

2- الطبقة الضعيفة، و هي التي لم تتبصر في دينها، و لم تأخذ الحق من أهله و معدنه، و هي التي تمثل الأكثرية الساحقة في المجتمع، و هي تخضع للأهواء و العواطف، فلا تصمد أمام الأحداث، و تلونها التيارات كيفما شاءت.

3- الطبقة المنحرفة و الضالة عن الطريق، و هي التي استحوذ عليها الشيطان فأنساها ذكر الله العظيم، و هي بالطبع تعادي الامام عليه السلام و ترد عليه، كما ردت علي آبائه، ثم ان الامام دعا الي الاستقامة، و عدم الانحراف الي اليمين و اليسار،



[ صفحه 110]



كما أوصي عليه السلام بكتمان أمر الامامة، و عدم اذاعتها خوفا من السلطة العباسية العاتية التي جهدت في محاربة أهل البيت، و التنكيل بشيعتهم.

و حذر الامام عليه السلام في الفصل الأخير من رسالته من طلب الرئاسة لأنها توجب الهلكة و تجر الويلات و الدمار لمن طلبها.



[ صفحه 111]




پاورقي

[1] بحارالأنوار: 75: 371، الحديث 4.