بازگشت

تسلط الأتراك علي الحكم


و من أهم العوامل في الفساد الاداري و السياسي في جهاز الحكم العباسي في عصر الامام أبي محمد عليه السلام، تسلط الأتراك علي زمام الحكم، و تلاعبهم بمقدرات الدولة، و قد خضع دست الملك العباسي لارادتهم و رغباتهم، فهم الذين يقدمون لزعامة الدولة من شاءوا، و يعزلون عنها من أرادوا، و أصبحت السلطات الدستورية كلها بأيديهم، و الملك انما هو بالاسم لا غير.

فقد نزعت منه جميع الصلاحيات الادارية، و جرد من كل شي ء عدا الانغماس في اللهو و الطرب و المجون، و قد صور المعتمد العباسي نفسه من العجز أمام الأتراك



[ صفحه 257]



بقوله:



أليس من العجائب أن مثلي

يري ما قل ممتنعا عليه



و تؤخذ باسمه الدنيا جميعا

و ما من ذاك شي ء في يديه [1] .



لقد جمد هذا الملك، و منع من التصرف في المال حتي في القليل منه، في حين أن الدنيا كانت تحت ملكه، فقد استولي الأتراك علي جميع مقدرات الدولة، و لم يعد لا ملك أي شأن فيها، و صور شاعر حالة المستعين العباسي بقوله:



خليفة في قفص

بين وصيف و بغا



يقول ما قالا له

كما يقول الببغا [2] .



و من الطريف أن المعتز بالله لما ولي الخلافة استدعي بعض أصحابه جماعة من المنجمين فسألوهم: كم يبقي الخليفة في الحكم؟ و كم المدة التي يعيش فيها؟فانبري بعض الظرفاء فقال لهم: أنا أعرف ذلك.

- أخبرنا.

- ان الأمر بيد الأتراك، فهم الذين يقررون مدة حكمه و حياته، و غرق الجميع في الضحك، و عرفوا صدق قوله [3] .

الي هنا ينتهي بنا الحديث عن بعض معالم الحياة السياسية في عصر الامام أبي محمد عليه السلام، و هي - كما ذكرنا - كانت بشعة و مرهقة و مظلمة.



[ صفحه 258]




پاورقي

[1] الديارات / الشابشتي: 101.

[2] مروج الذهب: 4: 61.

[3] الفخري: 181.