بازگشت

خلع المستعين


و كانت نهاية هذا الطاغية الخسران المبين، فقد تنكر له الأتراك، و خافوا منه، فصمموا علي خلعه، و كان قد اتجه الي بغداد، فأرسلوا اليه أن يرجع الي سامراء، فأبي، و مضي ميمما وجهه نحو بغداد، فبادروا الي خلعه، و أخرجوا المعتز من السجن، و بايعوه خليفة، و جهزوا جيشا كثيفا لاحتلال بغداد، و القاء القبض عليه.

و لما علم ذلك جهز جيشا لمناجزة الأتراك، و جرت بين الجيشين حرب طاحنة مني كلا الفريقين فيها بخسائر فادحة، و استمرت الحرب بينهما، و جرت وساطة بين المستعين و الأتراك، فاتفقا علي أن يخلع المستعين نفسه، و يتنازل الي المعتز، و اشترط عليه شروطا، و خلع المستعين نفسه من الملك، ولكن المعتز لم يف بما شرط عليه، و أمر بالقاء القبض عليه و ايداعه في السجن، و قد أكثر شعراء ذلك العصر في وصف هذه الحادثة.

يقول الشاعر الكناني:



اني أراك من الفراق جزوعا

أمسي الامام مسيرا مخلوعا



و غدا الخليفة أحمد بن محمد

بعد الخلافة و البهاء خليعا



[ صفحه 290]



كانت به الأيام تضحك زهرة

و هو الربيع لمن أراد ربيعا



فأزاله المقدور من رتب العلا

فثوي بواسط لا يحس رجوعا [1] .



و يقول مروان بن أبي الجنوب:



ان الامور الي المعتز قد رجعت

و المستعين الي حالاته رجعا



قد كان يعلم أن الملك ليس له

و أنه لك لكن نفسه خدعا [2] .



و أوجس الأتراك من المستعين و هو في السجن خيفة، فأخرجوه منه و جاءوا به الي سامراء، فندب المعتز حاجبه سعيد الي قتله، فقتله، و كان له من العمر احدي و ثلاثون سنة [3] .

و انتهت بذلك حياة المستعين، و قد وصفه صاحب الفخري بأنه كان مستضعفا في رأيه و عقله و تدبيره، و أن أيام حكمه كانت كثيرة الفتن، و أن دولته كانت شديدة الاضطراب [4] .



[ صفحه 291]




پاورقي

[1] مروج الذهب: 4: 111.

[2] مروج الذهب: 4: 112.

[3] تاريخ الخلفاء: 358 و 359.

[4] الفخري: 132.