باعر محمد بن علي بن عبدالله
6- قال [أبوالفضل، محمد بن علي بن عبدالله المعروف ب باعر]: خرجت من الكوفة الي زيارة أبي عبدالله الحسين عليه السلام - ليلة النصف من شعبان - سنة ثمان و خمسين و مائتين - و قد عرفت ولادة المهدي عليه السلام. و أن الشيعة تتضرع الي الله في المشاهدة. و بحمده و شكره علي ولادته.
فقالت لي امي - و كانت مؤمنة -: يا بني -.
اسأل الله عند قبر سيدنا أبي عبدالله الحسين عليه السلام أن يرزقك خدمة مولانا أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليهم السلام.
كما رزق أباك علي بن عبدالله.
قال أبوالفضل: فلم ازل اسأل الله و اتوسل بأبي عبدالله
[ صفحه 21]
الحسين عليه السلام الي أن رزقني [1] منزلة ابي من سيدنا ابي محمد - الحسن - عليه السلام.
قال: فلما كان في أول وقت السحر بليلة النصف من شعبان جائني خادم.
و قد طرحت نفسي علي شاطي ء الحير [2] - من شدة التعب و القيام -.
فجلس الخادم عند رأسي.
و قال لي: - يا اباالفضل - محمد بن علي -.
مولاي ابومحمد الحسن عليه السلام قد سمع دعائك.
فصر الينا. مخلصا - بما تنطقه. و بما سألت.
فقلت له: ما اسمك؟!
قال: سرور.
فقلت: - يا سرور - و ما انا علي هيئة. و ما معي ما [3] ينهض [4] الي العسكر [5] .
[ صفحه 22]
حتي [6] ارجع الي الكوفة [7] و اصلح شأني و احصل.
فقال: قد بلغتك الرسالة. فأفعل ما تري.
[قال باعر]: فرجعت عن الزيارة الي الكوفة.
و عرفت امي بما من الله علي بما قاله الخادم.
و شكرت الله و حمدته.
فقالت: - يا بني - قد اجاب الله دعائك و دعائي لك.
فقم و لا تقعد.
[قال باعر]: فأصلحت شأني.
فخرجنا من الكوفة الي بغداد.
(و صادف اني نزلت علي جماعة).
(فدعوني الي أن أخرج معهم).
و صاروا بي الي دار الروميين [8] .
و دخلوا املي دار الخمار - و هو من بعض النصاري -.
و احضروا طعاما.
فأكلت معهم.
و ابتاعوا خمرا.
و سألوني أن أشرب معهم.
[ صفحه 23]
فلم افعل.
و غلبوا علي رأيي. و سقوني.
فشربت...
فزين لي الشيطان سوء عملي -...
و أقمت - اياما - ببغداد.
و خرجت الي العسكر [9] .
فوردتها.
وافضت علي الماء من الدجلة.
و لبست ثيابا طاهرة.
و صرت الي المسجد الذي علي باب سيدي ابي محمد - الحسن - عليه السلام.
- و فيه قوم يصلون -.
فصليت معهم.
و دخلت.
فأذا أنا بسرور - الخادم - قد دخل المسجد.
فقمت - مسرورا - اليه.
فوضع يده بصدري [10] و دفعني عنه [11] .
ثم قال لي: هاك.
[ صفحه 24]
و طرح بيدي [12] دنانيرا.
و قال لي: مولاي يقول لك و يأمرك ان لاتصير اليه.
فتقدم من وصولك ببغداد. و ارجع من حيث جئت.
و هذه نفقتك - من دارك - بالكوفة -.
و اليها - راجعا - الا ما انفقته في دار الروميين [13] .
فرجعت - باكيا - الي بغداد و منها الي الكوفة.
و أخبرت والدتي بما كان مني. و كلما نالني. و لم أخف [14] منه شيئا.
(فوجدت الذي اعطاني) - اياه - الخادم لايزيد حبة و لاينقص حبة. الا دينارين. وزنتهما [15] في دار الروميين.
فلبست الشعر [16] و قيدت رجلي و غللت يدي و حبست نفسي الي أن توفي [17] ابومحمد الحسن عليه السلام - بيوم الجمعة - لثمان ليال خلت من ربيع الاول سنة ستين و مائتين.
[ صفحه 25]
ثم اطلقت نفسي - بعد ذلك -.
فكان هذا [18] من دلائله عليه السلام [19] .
[ صفحه 26]
پاورقي
[1] هكذا في المصدر اثبتناه كما وجدناه (و الظاهر ان الصحيح هكذا):... و اتوسل بأبي عبدالله عليه السلام أن يرزقني منزلة...
(بدليل الفقرة الآتية):.... مولاي ابومحمد - الحسن - عليه السلام و قد سمع دعائك.
[2] اي: الحائر الحسيني - صلوات الله تعالي - علي من حل به.
[3] أي: لم يكن - لدي - هذا المقدار من المال - حتي أتي به من كربلاء الي سامراء - و ارجع الي بلدي به.
[4] هكذا في المصدر و الظاهر: انهض.
[5] أي: الي سامراء.
[6] أي: أمهلني حتي ارجع الي الكوفة و اصلح شأني و اهيي ء نفسي للمسير الي سامراء - لزيارة مولاي الامام العسكري عليه السلام.
[7] أي: أمهلني حتي ارجع الي الكوفة و اصلح شأني واهيي ء نفسي للمسير الي سامراء - لزيارة مولاي الامام العسكري عليه السلام.
[8] كانت دار الروميين. قلعة و محلة لاستقرار النصاري فيها.
[9] أي: سامراء.
[10] أي: علي صدري.
[11] أي: اخرجني من المسجد.
[12] أي: وضع أمام يدي.
[13] أي: اعطاه الامام العسكري صلوات الله تعالي - بتوسط سرور الخادم - ما صرفه من الاموال في طي مسيره الي زيارة الامام صلوات الله تعالي. الا ما انفقه في هذا المسير - في الحرام - و صرفه في ما لايرضاه الله تعالي به. و هو عبارة عن: شربه للمسكر في دار الروميين...
[14] أي: و لم اكتم شيئا مما صدر مني. عند اظهار ذلك لوالدتي.
[15] أي: صرفتهما و استهلكتهما في دار الروميين.
[16] أي: الوبر. و هو نوع من الخضوع و الخشوع لمن اراد أن يتوب الي الله عزوجل.
[17] أي: استشهد الامام العسكري - صلوات الله تعالي عليه -.
[18] أي: اخبار الامام عليه السلام هذا الرجل بما ارتكبه من الحرام في دار الروميين.
و عدم الرخصة له للتشرف بمحضر الامام العسكري صلوات الله تعالي عليه - لذلك - جزاءا له. و كان كل ذلك اخبارا عن الغيب. و هو من خصائص الامام المعصوم - صلوات الله تعالي عليه.
[19] الهداية الكبري: ص 331 و 332 لأبي عبدالله الحسين بن حمدان الخصيبي - عليه الرحمة - المتوفي سنة 334.