بازگشت

العلم


كان الامام العسكري عليه السلام أعلم أهل زمانه و أفضلهم، شأنه في ذلك شأن آبائه الكرام، حيث كانوا أعلم أهل زمانهم ليس في مجال علوم الشريعة و أحكام الدين و حسب، بل و في جميع أنواع العلوم علي اختلافها من عقلية و نقلية.

و لقد ظهرت عليه بوادر الفهم و الحكمة منذ صغره و حداثة سنه، و تميز من بين أقرانه منذ صباه بالعلم و المعرفة علي ما رواه جمع من المحدثين و المؤرخين حيث قالوا: وقع لبهلول معه عليه السلام أنه رآه و هو صبي يبكي و الصبيان يلعبون، فظن أنه يتحسر علي ما في أيديهم، فقال: أشتري لك ما تلعب به؟ فقال: يا قليل العقل، ما للعب خلقنا. فقال له: فلماذا خلقنا؟ قال: للعلم و العبادة. فقال له: من أين لك هذا؟ قال: من قول الله عزوجل: (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا و أنكم الينا لا ترجعون) [1] [2] .

و قال بختيشوع الطبيب يصف علم الامام عليه السلام: هو أعلم في يومنا هذا بمن هو تحت السماء [3] .



[ صفحه 84]



أما جهاده العلمي فيتركز في (قيامه بمسؤوليته الاسلامية في رد الشبهات و اقامة الحق بطريق المناقشة العلمية و الجدل الموضوعي أو اصدار البيانات العلمية أو تأليف الكتب و نحو ذلك.

فمن ذلك موقف الامام عليه السلام من الكندي أبي يوسف يعقوب بن اسحاق، فيلسوف العراق في زمانه، حين أخذ في التأليف في تناقض القرآن، و شغل نفسه بذلك و تفرد به في منزله، فسلط الامام عليه أحد طلابه بكلام قاله له، جعله يتوب و يحرق أوراقه) [4] ، و سيأتي تفصيل الحديث في فصل العقائد و الكلام.

و من أهم مؤلفاته عليه السلام التي ذكرها الرواة و المؤرخون:

1- التفسير المنسوب الي الامام العسكري عليه السلام، و هو كتاب مطبوع و متداول، و قد اختلفت كلمة العلماء في صحة هذه النسبة أو بطلانها، أو قل في صحة صدوره عن المعصوم أو عدمه، و قد ذكرنا جملة ذلك في آخر الفصل الخاص بالتفسير المأثور عن الامام العسكري عليه السلام.

2- و كان له عليه السلام كتاب عمل في الأحكام العملية، أخرجه الي أصحابه بعد أن طلبوه منه ذلك علي ما رواه النجاشي مسندا عن الحسن بن محمد بن الوجناء [5] .

3- رسالة المقنعة، قال العلامة ابن شهر آشوب: و خرج من عند أبي محمد عليه السلام في سنة 255 كتابا ترجمته (رسالة المقنعة) يشتمل علي أكثر علم الحلال و الحرام، و أوله: أخبرني علي بن محمد بن علي بن موسي [6] .



[ صفحه 85]



4- و روي ابن شهرآشوب أيضا أن الخيبري ذكر في كتاب سماه (مكاتبات الرجال عن العسكريين عليهماالسلام) قطعة من أحكام الدين [7] .

5- كتابه عليه السلام الي اسحاق بن اسماعيل النيسابوري، و قد أورده الحراني في (تحف العقول)، و أوردناه في فصل الحكم و المواعظ.

6- الحكم و المواعظ القصار و الوصايا، و سنذكر بعضها في فصل خاص من هذا الكتاب.

7- ما رواه عنه أصحابه من الروايات في شتي أنواع العلوم و هو كثير، و قد ذكرنا في فصل الأحكام و السنن نماذج من ذلك، و لا نبالغ اذا قلنا: ان التواقيع الواردة عنه عليه السلام في جواب أصحابه لو جمعت كلها لشكلت كتابا مستقلا.


پاورقي

[1] المؤمنون: 115.

[2] احقاق الحق 19: 620 عن الصواعق المحرقة: 205 و الصفحة 623 عن نور الأبصار: 166.

[3] بحارالأنوار 50: 261.

[4] الغيبة الصغري؛ للسيد الصدر: 195.

[5] رجال النجاشي: 312، وسائل الشيعة 27: 102 / 80.

[6] المناقب 4: 424.

[7] المناقب 4: 424.