بازگشت

ثورات الطالبيين


و لم يهدأ للطالبيين بال ازاء السلطة الظالمة التي تحكمت بنفوس الناس و أموالهم و سلبتهم حرياتهم و ارادتهم و سامتهم الظلم و التعسف، فهم اباة الضيم الذين علموا الأحرار معاني الثورة علي الظلم و الجور منذ أن فارق جدهم المصطفي صلي الله عليه و آله هذه الحياة و حتي ظهور الامام المنقذ الحجة بن الحسن العسكري عليه السلام ليجتث جميع آثار و جذور الظلم و العدوان و يقيم حكومة العدل و القسط.

ففي أيام المعتز خرج من الطالبيين اسماعيل بن يوسف بن ابراهيم بن موسي ابن عبدالله بن الحسن بن الحسن [1] .



[ صفحه 441]



و في سنة 255 ه ظهر عيسي بن جعفر و زيد بن علي الحسنيان بالكوفة، فقتلا عبدالله بن محمد بن داود بن عيسي [2] و خرج من الطالبيين سنة 256 ه ابراهيم بن محمد بن يحيي بن عبدالله بن محمد بن علي بن أبي طالب عليه السلام، و يعرف بابن الصوفي، و قال اليعقوبي: انه من ولد عمر بن علي [3] ، و كان خروجه من صعيد مصر، و ملك مدينة أسنا، فسير اليه أحمد ابن طولون جيشا فهزمه العلوي و أسر المقدم علي الجيش فقطع يديه و رجليه و صلبه، فسير اليه ابن طولون جيشا آخر، فالتقوا بنواحي أخميم فاقتتلوا قتالا شديدا، فسار العلوي حتي دخل الواحات [4] .

و في أيام المهتدي خرج علي بن زيد بن الحسين بن عيسي بن زيد بن عمي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، و امه بنت القاسم بن عقيل بن محمد بن عبدالله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب.

و كان خروجه بالكوفة، بايعه نفر من عوامها و أعرابها، فوجه اليه المهتدي الشاه بن المكيال في عسكر ضخم، و ذلك قبل خروج الناجم بالبصرة.

قال أبوالفرج: حدثني علي بن سليمان الكوفي، قال: قال لي أبي: كنا مع علي ابن زيد و نحن زهاء مائتي فارس نازلين ناحية من سواد الكوفة، و قد بلغنا خبر الشاه بن الميكال و نحن معه، فقال لنا علي بن زيد: ان القوم لا يريدون غيري، فاذهبوا أنتم في حل من بيعتي، فقلنا: لا و الله لا نفعل هذا أبدا؛ فأقمنا معه.



[ صفحه 442]



و وافانا الشاه في جيش عظيم لا يطاق، فدخلنا من رعبه أمر عظيم، فلما رأي ما لحقنا من الجزع قال لنا: اثبتوا و انظروا ما أصنع، فثبتنا و انتضي سيفه، ثم قنع فرسه و حمل في وسطهم يضربهم يمينا و شمالا، فأفرجوا له حتي صار خلفهم و علا علي تلعة فلوح الينا، ثم حمل من خلفهم، فأفرجوا له حتي عاد الي موقعه.

ثم قال لنا: ما تجزعون من مثل هؤلاء، ثم حمل ثانية ففعل مثل ذلك و عاد الينا، و حمل الثالثة و حملنا معه فهزمناهم أقبح هزيمة، فكانت هذه قصته، الا أن أهل الكوفة لم يخفوا معه لما لحقهم في أيام يحيي بن عمر من القتل و الأسر [5] .

و في تأريخ ابن الأثير في حوادث سنة 256 ه: في هذه السنة ظهر علي بن زيد العلوي بالكوفة، و استولي عليها، و أزال عنها نائب الخليفة، و استقر بها، فسير اليه الشاه بن ميكال في جيش كثيف، فالتقوا و اقتتلوا فانهزم الشاه، و قتل جماعة كثيرة من أصحابه و نجا الشاه.

ثم وجه المعتمد الي محاربته كيجور التركي، و أمره أن يدعوه الي الطاعة و يبذل له الأمان، فسار كيجور فنزل بشاهي، و أرسل الي علي بن زيد يدعوه الي الطاعة و بذل له الأمان، فطلب علي امورا لم يجبه اليها كيجور، فتنحي علي بن زيد عن الكوفة الي القادسية، فعسكر بها، و دخل كيجور الي الكوفة ثالث شوال من السنة.

و مضي علي بن زيد الي خفان، و دخل بلاد بني أسد، و كان قد صاهرهم، و أقام هناك ثم سار الي جنبلاء، و بلغ كيجور خبره، فأسري اليه من الكوفة سلخ ذي الحجة من السنة، فواقعه فانهزم علي بن زيد و طلبه كيجور ففاته، و قتل نفرا من



[ صفحه 443]



أصحابه و أسر آخرين، و عاد كيجور الي الكوفة، فلما استقامت امورها عاد الي سر من رأي بغير أمر الخليفة، فوجه اليه الخليفة نفرا من القواد فقتلوه بعكبرا في ربيع الأول سنة 257 ه [6] .

و ظهر في أيام المعتمد أحمد بن محمد بن عبدالله بن ابراهيم بن الحسن بن اسماعيل بن ابراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، و قتله أحمد بن طولون علي باب أسوان، و حمل رأسه الي المعتمد.

و ظهر عبيدالله بن علي بن عيسي بن يحيي بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين، فقتل بالطواحين في وقعة كانت بين أحمد بن الموفق، و بين خمارويه بن أحمد ابن طولون [7] .

و في حوادث سنة 257 ه قال ابن الأثير: و في هذه السنة قصد الحسن بن زيد العلوي صاحب طبرستان جرجان و استولي عليها، و كان محمد بن طاهر أمير خراسان، و لما بلغه ذلك من عزم الحسن علي قصد جرجان قد جهز العساكر فأنفق عليها أموالا كثيرة و سيرها الي جرجان لحفظها، فلما قصدها الحسن لم يقوموا له و ظفر بهم و ملك البلد، و قتل كثيرا من العساكر و غنم هو و أصحابه ما عندهم، و ضعف حينئذ محمد بن طاهر، و انتفض عليه كثير من الأعمال التي كان يجي ء خراجها اليه، فلم يبق في يده الا بعض خراسان، و أكثر ذلك مفتون منتقض بالمتغلبين في نواحيها و الشراة الذين يعيثون في عمله فلا يمكنه دفعهم [8] .



[ صفحه 444]




پاورقي

[1] مقاتل الطالبيين: 433.

[2] الكامل في التأريخ 6: 213.

[3] تأريخ اليعقوبي 2: 506.

[4] الكامل في التأريخ 6: 226.

[5] مقاتل الطالبيين: 435.

[6] الكامل في التأريخ 6: 227.

[7] مقاتل الطالبيين: 440.

[8] الكامل في التأريخ 6: 233.