بازگشت

موقف الامام من السلطة


لقد كانت سياسة الحكام العباسيين تجاه أئمة أهل البيت عليهم السلام قائمة علي نفس الاسلوب الذي جري عليه الرشيد و من بعده من الحكام، و هو محاولة ربط الامام بالجهاز الحاكم بشتي الوسائل كالسجن كما في زمان الرشيد أو بولاية العهد كما في زمان المأمون أو بالاقامة الجبرية كما في مواقف الحكام من الامام الجواد و الهادي و العسكري عليهم السلام، و ذلك لأجل التوصل الي دوام مراقبة الامام و تحديد حركته و دقة الاطلاع علي أمره و فصله عن أتباعه الموالين له.

و هكذا كان الأمر مع الامام العسكري عليه السلام فقد فرضوا عليه الاقامة الجبرية الي جوارهم كما فرضوها علي أبيه من قبله، و سلطوا عليه أجهزتهم و سجنوه أكثر من مرة خلال السنوات الست التي قضاها بعد أبيه من قبل الحكام الثلاثة الذين عاصرهم خلال امامته عليه السلام و هم المعتز و المهتدي و المعتمد، و شددوا الحصار علي شيعته المنتشرين في أنحاء البلاد.

و ضل الضغط يتوالي عليه و يشتد حتي وفاته و هو في ريعان الشباب قبل أن يبلغ الثلاثين من عمره مسموما و ليس ذلك علي الظالمين ببعيد.

و لم يخرج الامام عليه السلام في موقفه تجاه حركة السلطة عن خط آبائه الكرام عليهم السلام الذي يتمثل بالموقف السلبي الداعي الي رفض كافة أنواع التعامل مع أجهزة الحكم العباسي، كما أسلفنا في سيرة آبائه عليهم السلام، فعلي الرغم من أن الحكام العباسيين جهدوا في ادراج الامام عليه السلام ضمن جهازهم و ضمه اليهم لكنهم لم يفلحوا، فكان من أبرز ألوان المعارضة التي اتخذها عليه السلام أنه منع نفسه و أصحابه من الاتصال أو التعاون مع اولئك الحكام الذين اتخذوا مال الله دولا و عباد الله خولا.



[ صفحه 445]



روي الشيخ الكليني بالاسناد عن عمر بن أبي مسلم، قال: قدم علينا بسر من رأي رجل من أهل مصر يقال له: سيف بن الليث، يتظلم الي المهتدي في ضيعة له قد غصبها اياه شفيع الخادم و أخرجه منها، فأشرنا عليه أن يكتب الي أبي محمد عليه السلام يسأله تسهيل أمرها، فكتب اليه أبومحمد عليه السلام: لا بأس عليك، ضيعتك ترد عليك، فلا تتقدم الي السلطان و الق الوكيل الذي في يده الضيعة و خوفه بالسلطان الأعظم الله رب العالمين [1] .

.... الحديث.

ان مواجهة حالة التردي الشامل لحياة السلطة العباسية علي المستوي الأخلاقي و السياسي و الاداري و الفكري و العقائدي، تتطلب التكافؤ في تهيئة المستلزمات الكفيلة بالتغيير، لردع القوة بالقوة، و مواجهة الجيش بالجيش، و الأموال بالأموال، و ذلك ما لايمكن أن يقوم به امام محاصر و مراقب قضي أغلب أيام امامته من سجن الي آخر، لا يفارقونه حتي و هو في محبسه.

روي عن أبي يعقوب اسحاق بن أبان أنه قال: كان الموكلون به لا يفارقون باب الموضع الذي حبس فيه بالليل و النهار [2] .

.... الحديث.

و كانوا يضايقونه و لا يدعونه حتي في حال اطلاقه أو ركوبه لمواجهة السلطان، فقد روي عن محمد بن الحسن بن ذرير، عن أبيه، أنه أتي أبامحمد العسكري عليه السلام بسر من رأي يوما فوجده و قد قدمت اليه دابته ليركب الي دار السلطان، و هو متغير اللون من الغضب، و كان بجنبه رجل من العامة، و اذا ركب دعا له، و جاء بأشياء يشنع بها عليه، و كان عليه السلام يكره ذلك... [3] .



[ صفحه 446]



فأزاء مثل هذه المواقف و الظروف تصدي الامام عليه السلام لأداء مهمته الرسالية كقائد رسالي يمثل الامتداد الصحيح للوجود النبوي المقدس مقتديا بهدي آبائه الكرام عليهم السلام لانقاذ الامة من حالة العبث و الفوضي، و لو علي مستوي نشر الوعي الديني و العقائدي بهدف الحفاظ علي المبادي ء و القيم الاسلامية المقدسة.

و قد اتخذ الامام عليه السلام كأبيه الامام الهادي عليه السلام الطابع السري لأداء تلك المهمة الصعبة التي قد تكلفه حياته الكريمة، فجهد الامام عليه السلام علي بناء جهاز سري من الأتباع و الوكلاء و الممثلين الثقات في كل ديار الاسلام و أطراف البلاد الشاسعة، و هم يمثلون الخط الأصيل لمدرسة أهل البيت عليهم السلام الذين عمقوا أهداف تلك المدرسة، فكانوا تلامذة و معلمين يتحركون في الوسط الجماهيري لبث الوعي العقائدي و الفكري في أوساط الامة، و نظرة واحدة الي عدد الرواة و الوكلاء و غيرهم الذين ذكرناهم في فصل خاص من هذا الكتاب، تكشف لنا عن مدي انتشارهم في كل الأطراف و علي كافة المستويات يعمقون مبادي ء الامامة و يرسخون اصول الاعتقاد الاسلامي الأصيل، و نظرة اخري الي مراسلات هؤلاء و اجابات الامام عليه السلام التي ذكرنا أغلبها في الأحكام و السنن الواردة عن الامام عليه السلام، تكفي في اثبات ما ذكرناه من دور الامام عليه السلام و أصحابه في تعميق الوعي الاسلامي الأصيل و ترسيخ مبادي ء مدرسة أهل البيت عليهم السلام و التمهيد لغيبة ولده الحجة عليه السلام من بعده.

و في مقابل ذلك الوعي العقائدي و الفكري عملت السلطة العباسية بكل ما اوتيت من قوة لمحاصرة الامام عليه السلام و التضييق عليه بالارهاب و السجون و الملاحقة لأصحابه و رواد مدرسته و شيعته للحيلولة دون ممارسة دوره القيادي في أوساط الامة، كما سيأتي بيانه في مواقف الحكام.



[ صفحه 447]



و رغم قسوة الظروف المليئة بالارهاب و لخوف مارس الامام الحسن العسكري عليه السلام جهاده العلمي مواجها حكام عصره بالتشكيلات السرية لأتباعه و شيعته مشددا عليهم في التزام الكتمان و الحيطة و عدم المجاهرة.

فتري الامام عليه السلام يوصي محمد بن عبدالعزيز البلخي في حديث حيث قال عليه السلام له: انما هو الكتمان أو القتل، فاتق الله علي نفسك [4] .

و روي علي بن جعفر عن الحلبي، قال: اجتمعنا بالعسكر و ترصدنا لأبي محمد عليه السلام يوم ركوبه، فخرج توقيعه: ألا لا يسلمن علي أحد، و لا يشير الي بيده و لا يومي ء، فانكم لا تأمنون علي أنفسكم [5] .

ان اسلوب التشكيلات السرية لأتباع و شيعة الامام عليه السلام جعل السلطة لم تكتف بزج الامام عليه السلام في السجن و حسب، بل اشتدت الملاحقة لأبرز أصحابه و ثقاته و زج بهم في السجون و المعتقلات، و من هؤلاء أبوهاشم داود بن القاسم الجعفري، و محمد بن عبيدالله، و الحسن بن محمد العقيقي، و غيرهم [6] .

و شددوا عليهم في الحبس، كما جاء في شكوي أبي هاشم الجعفري الي الامام عليه السلام حيث قال: شكوت الي أبي محمد عليه السلام ضيق الحبس و كلب القيد [7] .

... و هو مع جلالته و صبره يشكو الي الامام عليه السلام شدة الحبس و ضيق الأغلال، و لم يتوقفوا عند أصحاب الامام الذين في سامراء، بل امتدت أيديهم الآثمة فأوقعوا



[ صفحه 448]



بأصحاب الأئمة و شيعتهم في قم، فبعد شهادة الامام الهادي عليه السلام أوقع مفلح بأهل قم فقتل منهم مقتلة عظيمة [8] .

و شكا أهل قم للامام العسكري عليه السلام مما سامهم به موسي بن بغا من الظلم و الجور، فكان أن دعا عليه السلام في قنوته علي موسي بن بغا، و أمر أهل قم بذلك أيضا، و قد كشف الامام عليه السلام في دعائه الكثير من مظاهر الفساد السائدة آنذاك بسبب تردي الأوضاع السياسية و عدم الاستقرار و سوء الحكام، و منها:

1- اشتمال الفتنة و الحيرة و الذل علي أطراف البلاد.

2- تسلط غير المأمونين في الدين علي رقاب الناس، فعطلوا الأحكام و الحدود، و أتلفوا العباد، و أفسدوا البلاد.

3- تحكم الطبقة الحاكمة و أذنابها بفي ء المسلمين و حقوقهم، و أصبحت الامارة بالغلبة، و شريت الملاهي و المعازف و مظاهر اللهو بسهم اليتيم و الأرملة، و تحكم أهل الذمة بامور المسلمين، و تسلط الفساد و أهل الباطل، و انتشار الجوع، و غيرها من المظاهر التي سنقرأها في دعاء الامام عليه السلام.

قال السيد بن طاووس: و دعا عليه السلام في قنوته و أمر أهل قم بذلك لما شكوا من موسي بن بغا:

الحمدلله شاكرا لنعمائه، و استدعاء لمزيده، و استخلاصا به دون غيره، و عياذا به من كفرانه، و الالحاد في عظمته و كبريائه، حمد من يعلم أن ما به من نعماء فمن عند ربه، و ما مسه من عقوبة فبسوء جناية يده، و صلي الله علي محمد عبده و رسوله و خيرته من خلقه، و ذريعة المؤمنين الي رحمته، و آله الطاهرين ولاة أمره.



[ صفحه 449]



اللهم انك ندبت الي فضلك، و أمرت بدعائك، و ضمنت الاجابة لعبادك، و لم تخيب من فزع اليك برغبة، و قصد اليك بحاجة، و لم ترجع يد طالبة صفرا من عطائك، و لا خائبة من نحل هباتك، و أي راحل رحل اليك فلم يجدك قريبا، أو أي وافد وفد عليك فاقتطعته عوائد الرد دونك؟ بل أي محتفر من فضلك لم يمهه فيض جودك، و أي مستنبط لمزيدك أكدي دون استماحة سجال عطيتك؟

اللهم و قد قصدت اليك برغبتي، و قرعت باب فضلك يد مسألتي، و ناجاك بخشوع الاستكانة قلبي، و وجدتك خير شفيع لي اليك، و قد علمت ما يحدث من طلبتي قبل أن يخطر بفكري، أو يقع في خلدي، فصل اللهم دعائي اياك باجابتي، و اشفع مسئلتي بنجح طلبتي.

اللهم و قد شملنا زيغ الفتن، و استولت علينا غشوة الحيرة، و قارعنا الذل و الصغار، و حكم علينا غير المأمونين في دينك، و ابتز امورنا معادن الابن ممن عطل حكمك، و سعي في اتلاف عبادك، و افساد بلادك.

اللهم و قد عاد فيئنا دولة بعد القسمة، و امارتنا غلبة بعد المشورة، وعدنا ميراثا بعد الاختيار للامة، فاشتريت الملاهي و المعازف بسهم اليتيم و الأرملة، و حكم في أبشار المؤمنين أهل الذمة، و ولي القيام بامورهم فاسق كل قبيلة، فلا ذائد يذودهم عن هلكة، و لا راع ينظر اليهم بعين الرحمة، و لا ذو شفقة يشبع الكبد الحري من مسغبة، فهم اولو ضرع بدار مضيعة، و اسراء مسكنة و خلفاء كآبة و ذلة.

اللهم و قد استحصد زرع الباطل، و بلغ نهايته، و استحكم عموده، و استجمع طريده، و خذرف وليده، و بسق فرعه، و ضرب بجرانه.

اللهم فأتح له من الحق يدا حاصدة تصرع قائمه، و تهشم سوقه، و تجب سنامه، و تجدع مراغمه، ليستخفي الباطل بقبح صورته، و يظهر الحق بحسن حليته.



[ صفحه 450]



اللهم و لا تدع للجور دعامة الا قصمتها، و لا جنة الا هتكتها، و لا كلمة مجتمعة الا فرقتها، و لا سرية ثقل الا خففتها، و لا قائمة علو الا حططتها، و لا رافعة علم الا نكستها، و لا خضراء الا أبرتها.

اللهم فكور شمسه، و حط نوره، و اطمس ذكره، وارم بالحق رأسه، و فض جيوشه، و أرعب قلوب أهله.

اللهم و لا تدع منه بقية الا أفنيت، و لا بنية الا سويت، و لا حلقة الا فصمت، و لا سلاحا الا أفللت، و لا كراعا الا اجتحت، و لا حاملة علم الا نكست.

اللهم و أرنا أنصاره عباديد بعد الالفة، و شتي بعد اجتماع الكلمة، و مقنعي الرؤوس بعد الظهور علي الامة، و أسفر لنا عن نهار العدل، و أرناه سرمدا لا ظلمة فيه، و نورا لا شوب معه، و أهطل علينا ناشئته، و أنزل علينا بركته، و أدل له ممن ناواه، و انصره علي من عاداه.

اللهم و أظهر به الحق، و أصبح به في غسق الظلم و بهم الحيرة، اللهم و أحيي به القلوب الميتة، و اجمع به الأهواء المتفرقة، و الآراء المختلفة، و أقم به الحدود المعطلة، و الأحكام المهملة، و أشبع به الخماس الساغبة، و أرح به الأبدان المتعبة، كما ألهجتنا بذكره، و أخطرت ببالنا دعاءك له، و وفقتنا للدعاء اليه و حياشة أهل الغفلة عليه، و أسكنت في قلوبنا محبته، و الطمع فيه، و حسن الظن بك، لاقامة مراسمه، اللهم فآت لنا منه علي أحسن يقين يا محقق الظنون الحسنة، و يا مصدق الآمال المبطئة.

اللهم و أكذب به المتألين عليك فيه، و اخلف به ظنون القانطين من رحمتك و الآيسين منه.

اللهم اجعلنا سببا من أسبابه، و علما من أعلامه، و معقلا من معاقله، و نضر وجوهنا بتحليته، و أكرمنا بنصرته، و اجعل فينا خيرا تظهرنا له و به، و لا تشمت بنا



[ صفحه 451]



حاسدي النعم، و المتربصين بنا حلول الندم، و نزول المثل، فقد تري يا رب براءة ساحتنا، و خلو ذرعنا من الاضمار لهم علي احنة، و التمني لهم وقوع جائحة، و ما تناول من تحصينهم بالعافية، و ما أضبوا لنا من انتهاز الفرصة، و طلب الوثوب بنا عند الغفلة.

اللهم و قد عرفتنا من أنفسنا، و بصرتنا من عيوبنا، و خلالا نخشي أن تقعد بنا عن استيهال اجابتك، و أنت المتفضل علي غير المستحقين، و المبتدي ء بالاحسان غير السائلين، فآت لنا في أمرنا علي حسب كرمك وجودك و فضلك و امتنانك، انك تفعل ما تشاء و تحكم ما تريد، انا اليك راغبون، و من جميع ذنوبنا تائبون.

اللهم و الداعي اليك، و القائم بالقسط من عبادك و الفقير الي رحمتك، و المحتاج الي معونتك، علي طاعتك الي ابتدأته بنعمتك، و ألبسته أثواب كرامتك، و ألقيت عليه محبة طاعتك، و ثبت و طأته في القلوب من محبتك، و وفقته للقيام بما أغمض فيه أهل زمانه من أمرك، و جعلته مفزعا لمظلومي عبادك، و ناصرا لمن لا يجد له ناصرا غيرك و مجددا لما عطل من أحكام كتابك، و مشيدا بما رد من أعلام سنن نبيك، عليه و آله سلامك و صلواتك و رحمتك و بركاتك، فاجعله اللهم في حصانة من بأس المعتدين، و أشرق بن القلوب المختلفة من بغاة الدين، و بلغ به أفضل ما بلغت به القائمين بقسطك من أتباع النبيين.

اللهم و أذلل به من لم تسهم له في الرجوع الي محبتك، و من نصب له العداوة، وارم بحجرك الدامغ من أراد التأليب علي دينك باذلاله، و تشتيت جمعه، و أغضب لمن لا ترة له و لا طائلة، و عادي الأقربين و الأبعدين فيك منا منك عليه لا منا منه عليك.

اللهم فكما نصب نفسه غرضا فيك للأبعدين، و جاد ببذل مهجته لك في الذب



[ صفحه 452]



عن حريم المؤمنين، و رد شر بغاة المرتدين المريبين، حتي أخفي ما كان جهر به من المعاصي، و أبدي ما كان نبذه العلماء وراء ظهورهم مما أخذت ميثاقهم علي أن يبينوه للناس و لا يكتموه، و دعا الي افرادك بالطاعة، و ألا يجعل لك شريكا من خلقك يعلو أمره علي أمرك، مع ما يتجرعه فيك من مرارات الغيظ الجارحة بمواس القلوب، و ما يعتوره من الغموم، و يفرغ عليه من أحداث الخطوب، و يشرق به من الغصص التي لا تبتلعها الحلوق، و لا تحنو عليها الضلوع، من نظرة الي أمر من أمرك، و لا تناله يده بتغييره و رده الي محبتك.

فاشدد اللهم أزره بنصرك، و أطل باعه فيما قصر عنه من اطراد الراتعين [في] حماك، وزده في قوته بسطة من تأييدك، و لا توحشنا من انسه، و لا تخترمه دون أمله من الصلاح الفاشي في أهل ملته، و العدل الظاهر في امته.

اللهم و شرف بما استقبل به من القيام بأمرك لدي موقف الحساب مقامه، و سر نبيك محمدا صلواتك عليه و آله برؤيته، و من تبعه علي دعوته، و أجزل له علي ما رأيته قائما به من أمرك ثوابه، و أبن قرب دنوه منك في حياته، و ارحم استكانتنا من بعده، و استخذاءنا لمن كنا نقمعه به اذ أفقدتنا وجهه، و بسطت أيدي من كنا نبسط أيدينا عليه لنرده عن معصيته، و افتراقنا بعد الالفة و الاجتماع تحت ظل كنفه، و تلهفنا عند الفوت علي ما أقعدتنا عنه من نصرته، و طلبنا من القيام بحق ما لا سبيل لنا الي رجعته.

و اجعله اللهم في أمن مما يشفق عليه منه، و رد عنه من سهام المكايد ما يوجهه أهل الشنآن اليه، و الي شركائه في أمره و معاونيه علي طاعة ربه، الذين جعلتهم سلاحه و حصنه و مفزعه و انسه الذين سلوا عن الأهل و الأولاد، و جفوا الوطن، و عطلوا الوثير من المهاد، و رفضوا تجاراتهم، و أضروا بمعايشهم، و فقدوا



[ صفحه 453]



في أنديتهم بغير غيبة عن مصرهم، و خالفوا البعيد ممن عاضدهم علي أمرهم، و قلوا القريب ممن صد عنهم و عن جهتهم، فائتلفوا بعد التدابر و التقاطع في دهرهم، و قلعوا الأسباب المتصلة بعاجل حطام الدنيا.

فاجعلهم اللهم في أمن حرزك، و ظل كنفك، و رد عنهم بأس من قصد اليهم بالعداوة من عبادك، و أجزل لهم علي دعوتهم من كفايتك و معونتك، و أيدهم بتأييدك و نصرك، و أزهق بحقهم باطل من أراد اطفاء نورك، اللهم و املأ كل افق من الآفاق و قطر من الأقطار قسطا و عدلا و مرحمة و فضلا، و اشكرهم علي حسب كرمك وجودك ما مننت به علي القائمين بالقسط من عبادك، و ادخرت لهم من ثوابك ما ترفع لهم به الدرجات، انك تفعل ما تشاء و تحكم ما تريد [9] .


پاورقي

[1] الكافي 1: 511، بحارالأنوار 50: 285، مسند الامام العسكري عليه السلام: 84 / 18.

[2] بحارالأنوار 50: 304 / 80.

[3] بحارالأنوار 50: 276 / 50.

[4] اثبات الوصية: 242، كشف الغمة 3: 302، بحارالأنوار 50: 290.

[5] بحارالأنوار 50: 269 / 24.

[6] بحارالأنوار 50: 306 / 2، و 312 / 10.

[7] مسند الامام العسكري عليه السلام: 93 / 47.

[8] الكامل في التأريخ 6: 196.

[9] بحارالأنوار 85: 229.