بازگشت

موقف السلطة و جعفر الكذاب بعد وفاة الامام


وقف جعفر بن علي أخو الامام الحسن العسكري عليه السلام موقفا مشينا بعد وفاة الامام العسكري عليه السلام، و لقد كان جعفر سيئي السمعة غير ممدوح السيرة، و قد أخبر الأئمة عليهم السلام منذ الامام علي بن الحسين عليه السلام عن جعفر الكذاب، و المراد به هذا لانطباق الأوصاف التي ذكروها عليه، و ذكرنا مجمل ذلك في الفصل الأول من هذا الكتاب، و سنذكر هنا طرفا من الأخبار التي ذكرها المؤرخون و المحدثون في تعاون جعفر الكذاب مع السلطة لتفتيش دار الامام عليه السلام و مطالبته بالارث مما أدي الي سوق حرم الامام عليه السلام الي الاعتقال، و لم يكتف بهذا الحد بل ادعي الامامة لنفسه، و لما عرف الشيعة أنه لا تتوفر فيه صفات الامامة كالدلالة و العلم و مكارم الأخلاق، ذهب الي السلطة لتفرض امامته فلم يتحقق ما أراد و ما أرادت السلطة من متابعة الحجة عليه السلام أو فرض امامة جعفر الكذاب أو النيل من عيال الامام، و الذين بقوا بحفظ الله و رعايته لانشغال السلطة بأوضاعها الداخلية المتدهورة، و في ما يلي نذكر الأخبار في هذا المجال:

1- قال الشيخ المفيد: و تولي جعفر بن علي أخو أبي محمد عليه السلام أخذ تركته، و سعي في حبس جواري أبي محمد عليه السلام و اعتقال حلائله، و شنع علي أصحابه بانتظارهم ولده و قطعهم بوجوده و القول بامامته، و أغري بالقوم حتي أخافهم و شردهم، و جري علي مخلفي أبي محمد عليه السلام بسبب ذلك كل عظيم، من اعتقال و حبس و تهديد و تصغير و استخفاف و ذل، و لم يظفر السلطان منهم بطائل.

و حاز جعفر ظاهر تركة أبي محمد عليه السلام و اجتهد في القيام عند الشيعة مقامه،



[ صفحه 489]



فلم يقبل أحد منهم ذلك و لا اعتقده فيه، فصار الي سلطان الوقت يلتمس مرتبة أخيه، و بذل مالا جليلا، و تقرب بكل ما ظن أنه يتقرب به فلم ينتفع بشي ء من ذلك [1] .

2- و نقل الشيخ الصدوق عن محمد بن الحسين بن عباد أنه قال: قدمت ام أبي محمد عليه السلام من المدينة - و اسمها حديث - حين اتصل بها الخبر الي سر من رأي، فكانت لها أقاصيص يطول شرحها مع أخيه جعفر من مطالبته اياها بميراثه، و سعايته بها الي السلطان، و كشف ما أمر الله عزوجل بستره.

و ادعت عند ذلك صقيل أنها حامل، فحملت الي دار المعتمد فجعلت نساء المعتمد و خدمه و نساء الموفق و خدمه و نساء القاضي ابن أبي الشوارب يتعاهدن أمرها في كل وقت، و يراعونه الي أن دهمهم أمر الصفار [2] و موت عبيدالله بن خاقان بغتة و خروجهم عن سر من رأي و أمر صاحب الزنج بالبصرة و غير ذلك فشغلهم عنها [3] .

3- و في (البحار) عن (كمال الدين) عن أحمد بن عبيدالله بن خاقان، قال: توفي لأيام مضت من شهر ربيع الأول من سنة 260 ه فصارت سر من رأي ضجة واحدة: مات ابن الرضا.



[ صفحه 490]



و بعث السلطان الي داره من يفتشها و يفتش حجرها، و ختم علي جميع ما فيها و طلبوا أثر ولده، و جاءوا بنساء يعرفن بالحبل، فدخلن علي جواريه، فنظر اليهن، فذكر بعضهن أن هناك جارية بها حبل، فأمر بها فجعلت في حجرة و وكل بها نحرير الخادم و أصحابه و نسوة معهم، ثم أخذوا بعد ذلك في تهيئته، و عطلت الأسواق، و ركب أبي و بنوهاشم و القواد و الكتاب و سائر الناس الي جنازته، فكانت سر من رأي يومئذ شبيها بالقيامة.

الي أن قال: فلما دفن و تفرق الناس اضطرب السلطان و أصحابه في طلب ولده، و كثر التفتيش في المنازل و الدور، و توقفوا عن قسمة ميراثه، و لم يزل الذين و كلوا بحفظ الجارية التي توهموا عليها الحبل ملازمين لها سنتين و أكثر حتي تبين لهم بطلان الحبل، فقسم ميراثه بين امه و أخيه جعفر، و ادعت امه وصيته و ثبت ذلك عند القاضي، و السلطان علي ذلك يطلب أثر ولده [4] .

4- و بالاسناد عن الحسين بن محمد الأشعري و محمد بن يحيي و غيرهما، عن أحمد بن عبيدالله بن خاقان، قال: لما دفن - الامام العسكري عليه السلام - جاء جعفر ابن علي أخوه الي أبي فقال: اجعل لي مرتبة أخي و أنا اوصل اليك في كل سنة عشرين ألف دينار، فزبره أبي و أسمعه ما كره، و قال له: يا أحمق، ان السلطان جرد سيفه في الذين زعموا أن أباك و أخاك أئمة، ليردهم عن ذلك، فلم يتهيأ له ذلك، فان كنت عند شيعة أبيك و أخيك اماما فلا حاجة بلك الي السلطان ليرتبك مراتبهم و لا غير سلطان، و ان لم تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بنا، فاستقله أبي عند ذلك



[ صفحه 491]



و استضعفه، و أمر أن يحجب عنه، فلم يأذن له في الدخول عليه حتي مات أبي، و خرجنا و هو علي تلك الحال، و السطان يطلب أثرا لولد الحسن بن علي الي اليوم و هو لا يجد الي ذلك سبيلا، و شيعته مقيمون علي أنه مات و خلف ولدا يقوم مقامه في الامامة [5] .

5- و نقل الشيخ عباس القمي عن السد آبادي في (المقنع) أنه قال: ان الحسن بن علي نص علي ولده الخلف الصالح عليه السلام و جعل وكيله أبامحمد عثمان بن سعيد العمري الوسيط بينه و بين شيعته في حياته، فلما أدركته الوفاة أمره، فجمع شيعتهم و أخبرهم أن ولده الخلف صاحب الأمر بعده، و أن أبامحمد عثمان بن سعيد العمري وكيله، و هو بابه و السفير بينه و بين شيعته، فمن كانت له حاجة قصده كما كان يقصده في حال حياته، و سلم اليه جواريه.

قال: فلما قبض عليه السلام تكلم أخوه جعفر، و ادعي الامامة لنفسه، و بذل للمعتمد بذلا أشاع ذكره، فقال له وزير المعتمد: قد كان المتوكل و غيره يروم نسخ ناموس أخيك فلم يصح لهم، فاستمل أنت شيعته بما تقدر عليه.

فلما لم يبلغ غرضه سعي بجواري أخيه، و قال: في جملة الجواري جارية اذا ولدت ولدا يكون ذهاب دولتكم علي يده، فأنفذ المعتمد الي عثمان بن سعيد، و أمره أن ينقلهن الي دار القاضي، أو بعض الشهود حتي يستبرئهن بالوضع، فسلمهن الي ذلك العدل، فأقمن عنده سنة، ثم ردهن الي عثمان بن سعيد، لأن الولد المطلوب كان قد ولد قبل ذلك بست سنين، و قيل: بخمس، و قيل: بأربع، و أظهره أبوالحسن



[ صفحه 492]



لخاصة شيعته، و أراهم شخصه، و عرفهم بأنه الذي يقصد اليه منه، فلما تسلم عثمان ابن سعيد الجواري و فيهن ام صاحب الأمر عليه السلام نقلهن الي مدينة السلام، و كانت الشيعة تقصده من كل بلد بقصص و حوائج، و كانت الأجوبة تخرج اليهم علي يده [6] .


پاورقي

[1] الارشاد 2: 336.

[2] و هو يعقوب بن الليث الصفار، الذي خرج علي الدولة العباسية في زمان المعتمد.

[3] بحارالأنوار 50: 332.

[4] بحارالأنوار 50: 328.

[5] الارشاد 2: 324.

[6] الأنوار البهية: 272.