موقفه من الكندي
روي ابن شهر آشوب: عن أبي القاسم الكوفي في كتاب التبديل: أن اسحاق الكندي كان فيلسوف العراق في زمانه، أخذ في تأليف (تناقض القرآن)، و شغل نفسه بذلك و تفرد به في منزله، و أن بعض تلامذته دخل يوما علي الامام العسكري فقال له أبومحمد عليه السلام: أما فيكم رجل رشيد يردع أستاذكم الكندي عما أخذ فيه من تشاغله بالقرآن؟
فقال التلميذ: نحن من تلامذته كيف يجوز منا الاعتراض عليه في هذا، أوفي غيره!؟
[ صفحه 294]
فقال أبو محمد عليه السلام: أتؤدي اليه ما القيه اليك؟
قال: نعم.
قال: فصر اليه و تلطف في مؤانسته و معونته علي ما هو بسبيله، فاذا وقعت الانسة في ذلك فقل: قد حضرتني مسألة أسألك عنها، فانه يستدعي ذلك منك، فقل له: ان أتاك هذا المتكلم بهذا القرآن هل يجوز أن يكون مراده بما تكلم منه غير المعاني التي قد ظننتها أنك ذهبت اليها؟
فانه سيقول لك: انه من الجائز، لأنه رجل يفهم اذا سمع، فاذا أوجب ذلك فقل له: فما يدريك، لعله قد أراد غير الذي ذهبت أنت اليه، فيكون واضعا لغير معانيه.
فصار الرجل الي الكندي و تلطف الي أن ألقي عليه هذه المسألة.
فقال له: أعد علي، فأعاد عليه فتفكر في نفسه و رأي ذلك محتملا في اللغة و سائغا في النظر.
فقال: أقسمت اليك الا أخبرتني من أين لك؟
فقال: انه شي ء عرض بقلبي فأوردته عليك.
فقال: كلا، ما مثلك من اهتدي الي هذا و لا من بلغ هذه المنزلة، فعرفني من أين لك هذا؟
فقال: أمرني به أبومحمد عليه السلام.
فقال: الآن جئت به، و ما كان ليخرج مثل هذا الا من ذلك البيت.
ثم انه دعا بالنار و أحرق جميع ما كان ألفه [1] .
پاورقي
[1] مناقب ابن شهر آشوب ج 4، ص 424.