بازگشت

رسالة الامام العسكري اليه


قال أبوعمرو الكشي: حكي بعض الثقات بنيسابور أنه خرج لاسحاق بن اسماعيل من أبي محمد (ع) توقيع: يا اسحاق بن اسماعيل سترنا الله و اياك بستره و تولاك في جميع أمورك بصنعه، قد فهمت كتابك، يرحمك الله و نحن بحمدالله و نعمته أهل بيت نرق علي موالينا و نسر بتتابع احسان الله و فضله لديهم، و نعتد بكل نعمة أنعمها الله عزوجل عليهم، فأتم الله عليكم بالحق و من كان مثلك، ممن قد رحمه الله و بصره بصيرتك، و نزع عن الباطل و لم يقم في طغيانه نعمه، فان تمام النعمة دخولك الجنة و ليس من نعمته - و ان جل أمرها و عظم خطرها - ألا و الحمد لله تقدست أسماؤه عليها يؤدي شكرها و أنا أقول: الحمد لله، مثل ما حمد الله به حامد الي أبد الآبد، بما من به عليك من نعمته و نجاك من الهلكة و سهل سبيلك علي العقبة، و أيم الله أنها لعقبة كؤود، شديد أمرها، صعب مسلكها، عظيم بلاؤها، طويل عذابها، قديم في الزبر الاولي ذكرها، و لقد كان منكم امور في أيام الماضي (ع) الي أن مضي لسبيله صلي الله علي روحه، و في أيامي هذه كنتم بها غير محمودي الشأن و لا مسددي التوفيق، و أعلم يقينا يا اسحاق: ان من خرج من هذه الحياة الدنيا أعمي فهو في الآخرة أعمي و أضل سبيلا، أنها يابن اسماعيل، ليس تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور، و ذلك قول الله عزوجل في محكم كتابه للظالم «رب لم حشرتني أعمي و قد كنت بصيرا»



[ صفحه 356]



قال الله عزوجل «كذلك أتتك آياتنا فنسيتها و كذلك اليوم تنسي» [1] و آية آية يا اسحاق أعظم من حجة الله عزوجل علي خلقه و أمينه في بلاده، و شاهده علي عباده، من بعد ما سلف من آبائه الأولين من النبيين، و آبائه الآخرين من الوصيين عليهم السلام أجمعين و رحمة الله و بركاته، فأين يتاه بكم و أين تذهبون، كالأنعام علي وجوهكم، علي الحق تصدفون و بالباطل تؤمنون و بنعمة الله تكفرون أو تكذبون، فمن يؤمن ببعض الكتاب و يكفر ببعض، فما جزاء من يفعل ذلك منكم و من غيركم الا خزي في الحياة الدنيا الفانية، و طول عذاب في الآخرة الباقية، و ذلك و الله الخزي العظيم، ان الله بفضله و منه لما فرض عليكم الفرائض لم يفرض عليكم لحاجة منه اليكم، بل برحمة منه؛ لا اله الا هو، عليكم، يميز الخبيث من الطيب و ليبتلي الله ما في صدوركم، و ليمحص ما في قلوبكم، و ليتسابقون الي رحمته، و لتفاضل منازلكم في جنته، ففرض عليكم الحج و العمرة و اقام الصلاة و ايتاء الزكاة و الصوم و الولاية، و كفاهم لكم بابا لتفتحوا أبواب الفرائض، و مفتاحا الي سبيله، و لو لا محمد رسول الله (ص) و الأوصياء من بعده، لكنتم حياري كالبهائم لا تعرفون فرضا من الفرائض، و هل يدخل قرية الا من بابها، فلما من الله عليكم باقامة الأولياء بعد نبيه محمد (ص) قال الله عزوجل لنبيه «اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الاسلام دينا» [2] و فرض عليكم لأوليائه حقوقه، أمركم بأدائها اليهم، ليحل لكم ماوراء ظهوركم من أزواجكم و أموالكم و مأكلكم و مشربكم، و معرفتكم بذلك النماء و البركة و الثروة، و ليعلم من يطيعه منكم بالغيب، قال الله عزوجل «قل لا أسألكم عليه أجرا الا المودة في القربي» [3] و اعلموا: أن من يبخل فانما يبخل علي نفسه، و ان الله هو الغني و أنتم الفقراء اليه، لا اله الا هو، و لقد طالت المخاطبة فيما بيننا و بينكم فيما هو لكم و عليكم، فلولا ما يجب من تمام النعمة من الله عزوجل لما أتاكم من خط، و لا سمعتم مني حرفا من بعد الماضي عليه السلام، أنتم في غفلة عما اليه معادكم، و من بعد الثاني رسولي و ما ناله منكم، حين أكرمه الله بمصيره اليكم، و من بعد اقامتي لكم ابراهيم بن عبده، وفقه الله لمرضاته، و أعانه علي طاعته. و كتابي الذي حمله محمد بن موسي النيسابوري، و الله المستعان علي كل حال، و اني أراكم مفرطين في جنب الله، فتكونون من الخاسرين، فبعدا و سحقا لمن رغب عن طاعة الله، و لم يقبل مواعظ أوليائه، و قد أمركم الله جل



[ صفحه 357]



و علا بطاعته، لا اله الا هو، و طاعة رسوله (ص)، و بطاعة أولي الأمر عليهم السلام، فرحم الله ضعفكم و قلة صبركم عما أمامكم، فما أغر الانسان بربه الكريم، و استجاب الله دعائي فيكم، و أصلح أموركم علي يدي. فقد قال الله عزوجل «يوم ندعو كل اناس بامامهم» [4] و قال تعالي «و كذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس و يكون الرسول عليكم شهيدا» [5] و قال الله تعالي «كنتم خير أمة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر» [6] فما أحب أن يدعو الله بي و لا بمن هو في أيامي الا حسب رقتي عليكم، و ما انطوي لكم عليه من حيث بلوغ الأمل في الدارين جميعا، و الكينونة معنا في الدنيا و الآخرة.

يا اسحاق! يرحمك الله، و يرحم من هو وراءك. بينت لكم بيانا و فسرت لكم تفسيرا، و فعلت بكم فعل من لم يفهم هذا الأمر قط. و لم يدخل فيه طرفة عين. و لو فهمت الصم الصلاب بعض ما في هذا الكتاب، لتصدعت فلقا و خوفا من خشية الله، و رجوعا الي طاعة الله عزوجل، فاعملوا من بعده ما شئتم «فسيري الله عملكم و رسوله و المؤمنون ثم تردون الي عالم الغيب و الشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون» [7] و العاقبة للمتقين و الحمدلله كثيرا رب العالمين، و أنت رسولي يا اسحاق الي ابراهيم بن عبده، وفقه الله، أن يعمل بما ورد عليه في كتابي مع محمد بن موسي النيسابوري ان شاء الله، و رسولي الي نفسك و الي كل من خلفت ببلدك، أن يعملوا بما ورد عليكم في كتابي مع محمد بن موسي ان شاء الله، و يقرأ ابراهيم بن عبده كتابي هذا علي من خلفه ببلده، حتي لا يسئلون و بطاعة الله يعتصمون و الشيطان بالله عن أنفسهم يجتنبون و لا يطيعون، و علي ابراهيم بن عبده سلام الله و رحمته و عليك يا اسحاق و علي جميع موالي السلام كثيرا، سددكم الله جميعا بتوفيقه، و كل من قرأ كتابنا هذا من موالي من أهل بلدك و من هو بناحيتكم، و نزع عما هو عليه من الانحراف عن الحق، فليؤد حقنا الي ابراهيم بن عبده و ليحمل ذلك ابراهيم الي الرازي رضي الله عنه أو الي من يسمي له الرازي، فان ذلك عن أمري و رأيي ان شاء الله، و يا اسحاق! اقرأ كتابنا علي البلالي رضي الله عنه فانه الثقة المأمون، العارف بما يجب عليه، و اقرأ علي المحمودي عافاه الله، فما أحمدنا له لطاعته، فاذا وردت بغداد فأقرأه علي الدهقان وكيلنا و ثقتنا،



[ صفحه 358]



و الذي يقبض من موالينا، و كل من أمكنك من موالينا، فأقراهم هذا الكتاب و ينسخه من أراد منهم نسخة ان شاء الله تعالي، و لا يكتم ان شاء الله أمر هذا عمن شاهده من موالينا الا من شيطان يخالف لكم، فلا تنثرن الدر بين أظلاف الخنازير، و لا كرامة لهم، و قد وقعنا في كتابك بالوصول، و الدعا لك و لمن شئت، و قد أجبنا شيعتنا عن مسألة و الحمد لله، فما بعد الحق الا الضلال، فلا تخرجن من البلد حتي تلقي العمري رضي الله عنه برضائي عنه، فتسلم عليه و تعرفه و يعرفك، فان الطاهر الأمين العفيف القريب منا و الينا، فكل ما يحمله الينا من شي ء من النواحي فاليه يصير آخر أمره ليوصل ذلك الينا، و الحمدلله كثيرا، سترنا الله و اياكم يا اسحاق بستره، و تولاك في جميع امورك بصفه، والسلام عليك و علي جميع موالي و رحمة الله و بركاته، و صلي الله علي سيدنا محمد النبي و آله و سلم كثيرا [8] .


پاورقي

[1] طه: الآية 126.

[2] سورة المائدة: الآية 3.

[3] سورة الشوري: الآية 23.

[4] سورة الاسراء: الآية 71.

[5] سورة البقرة: الآية 143.

[6] سورة البقرة: الآية 143.

[7] سورة التوبة: الآية 105.

[8] رجال الكشي ص 481.