بازگشت

ملاحقة شيعته و مواليه


طاردت السلطة شيعة الامام باعتبارهم قاعدته، و لا حقت أصحابه و رواد مدرسته باعتبارهم عمقه القادر علي التأثير و الاستقطاب، و تعرضوا للسجن و التشريد و القتل، و كانوا يعرضون علي السيف لمجرد اعتقادهم بامامته بشهادة أبرز وزراء البلاط آنذاك، و هو عبيدالله بن يحيي بن خاقان، فقد روي عنه ابنه و هو أحمد بن عبيدالله الذي كان يتولي الضياع و الخراج في قم أنه قال: «لما دفن (الامام العسكري عليه السلام) جاء جعفر بن علي أخوه الي أبي (عبيدالله بن خاقان) فقال: اجعل لي مرتبة أخي و أنا أوصل اليك في كل سنة عشرين ألف دينار، فزبره أبي و قال له: يا أحمق، ان السلطان جرد سيفه في الذين زعموا أن أباك و أخاك أئمة ليردهم عن ذلك فلم يتهيأ له ذلك». [1] .

و في ربيع الأول سنة 254 ه قتلوا الكثير من أصحاب الأئمة و شيعتهم في قم التي تشكل قاعدة مهمة من قواعد الامام عليه السلام، فقد نقل المؤرخون أن مفلحا و باجور أوقعا بأهل قم في هذه السنة فقتلا منهم مقتلة عظيمة. [2] .

و كان بعض الأصحاب يكتبون الي الامام عليه السلام مستغيثين من ضيق الحبس



[ صفحه 40]



و ثقل الحديد، [3] ، و قسوة العمال و ظلمهم [4] ، و الفقر و قلة ذات اليد [5] ، فيهرع عليه السلام الي سلاح الأنبياء ليعينهم بالدعاء علي نوائب الدهر.

و بلغت قسوة العمال أشدها معهم، فكان موسي بن بغا يعاقب بألف سوط أو القتل [6] ، و للامام عليه السلام دعاء طويل قنت فيه عليه لما شكاه أهل قم لظلمه و جوره، و طلب منهم أن يقنتوا عليه كذلك. [7] .

و تعرض كثير منهم للمطاردة و السجن، و قد أشار ابن الصباغ المالكي الي ذلك في معرض حديثه عن الخلف الحجة عليه السلام حيث قال: «خلف أبومحمد الحسن من الولد ابنه الحجة القائم المنتظر لدولة الحق، و كان قد أخفي مولده و ستر أمره لصعوبة الوقت و شدة طلب السلطان و تطلبه للشيعة و حبسهم و القبض عليهم». [8] .

و سجن بعضهم مع الامام العسكري عليه السلام، و كان منهم أبوهاشم داود بن القاسم الجعفري، و القاسم بن محمد العباسي، و محمد بن عبيدالله، و محمد بن



[ صفحه 41]



ابراهيم العمري، و الحسين بن محمد العقيقي [9] و غيرهم.

و لم تنته هذه المحاولات حتي بعد شهادة الامام العسكري عليه السلام مسموما سنة 260 ه، اذ تحدثت المصادر عن القاء حلائله و أصحابه في السجن، و أنه جري عليهم كل عظيم من اعتقال و تهديد و تصغير و استخفاف و ذل. [10] .

أما موقفه عليه السلام مما يجري علي أصحابه، فيمكن تلخيصه في ثلاثة اتجاهات:


پاورقي

[1] أصول الكافي 1: 505 / 1 من الباب المتقدم، الارشاد 2: 324.

[2] تاريخ الطبري 9: 381، الكامل في التاريخ 6: 196. حوادث سنة 254 ه.

[3] راجع: أصول الكافي 1: 508 / 10 - باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام - من كتاب الحجة.

[4] المناقب لابن شهرآشوب 4: 466.

[5] المناقب لابن شهرآشوب 4: 468، كشف الغمة / الاربلي 3: 314 - دار الأضواء - بيروت، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي 2: 1083 - دار الحديث - قم - 1422 ه، بحارالأنوار 50: 292 / 66.

[6] المناقب لابن شهرآشوب 4: 460 بحارالأنوار 50: 282 / 59.

[7] مهج الدعوات: 67، بحارالأنوار 85: 230.

[8] الفصول المهمة 2: 1091.

[9] راجع الغيبة للشيخ الطوسي: 227 / 194، الفصول المهمة 2: 1084، بحارالأنوار 50: 306 / 2 و 312 / 10.

[10] راجع: الارشاد 2: 336.