بازگشت

خروج الدم الأبيض منه حين الفصد


1 - الراونديّ (رحمه الله): ما حدّث به نصرانيّ متطبّب بالريّ، يقال له: مرعبدا وقد أتي عليه مائة سنة ونيّف، وقال: كنت تلميذ بختيشوع طبيب المتوكّل، وكان يصطفيني، فبعث إليه الحسن بن عليّ بن محمّد بن الرضا (عليهم السلام)



[ صفحه 363]



أن يبعث إليه بأخصّ أصحابه عنده ليفصده، فاختارني، وقال: قد طلب منّي ابن الرضا من يفصده فصر إليه، وهو أعلم في يومنا هذا بمن تحت السماء، فاحذر أن تعترض عليه فيما يأمرك به.

فمضيت إليه، فأمر بي إلي حجرة، وقال: كن ههنا إلي أن أطلبك. قال: وكان الوقت الذي دخلت إليه فيه عندي جيّداً محموداً للفصد.

فدعاني في وقت غير محمود له، وأحضر طشتاً عظيماً، ففصدت الأكحل، فلم يزل الدم يخرج حتّي امتلأ الطشت.

ثمّ قال لي: اقطع! فقطعت، وغسل يده وشدّها، وردّني إلي الحجرة، وقدّم من الطعام الحارّ والبارد شيء كثير، وبقيت إلي العصر.

ثمّ دعاني، فقال: سرّح! ودعا بذلك الطشت، فسرّحت وخرج الدم إلي أن امتلأ الطشت.

فقال: اقطع! فقطعت، وشدّ يده وردّني إلي الحجرة، فبتّ فيها.

فلمّا أصبحت وظهرت الشمس، دعاني وأحضر ذلك الطشت، وقال: سرّح! فسرّحت، فخرج من يده مثل اللبن الحليب إلي أن امتلأ الطشت.

ثمّ قال: اقطع! فقطعت وشدّ يده، وقدّم إليّ تخت ثياب وخمسين ديناراً، وقال: خذها وأعذر وانصرف! فأخذت، وقلت: يأمرني السيّد بخدمة؟

قال: نعم! تحسن صحبة من يصحبك من دير العاقول [1] ، فصرت إلي بختيشوع، وقلت له القصّة.

فقال: أجمعت الحكماء عي أنّ أكثر ما يكون في بدن الإنسان سبعة



[ صفحه 364]



أمنان من الدم، وهذا الذي حكيت لو خرج من عين ماء لكان عجباً، وأعجب ما فيه اللبن.

ففكّر ساعة، ثمّ مكثنا ثلاثة أيّام بلياليها نقرأ الكتب علي أن نجد لهذه الفصدة ذكراً في العالم فلم نجد، ثمّ قال: لم تبق اليوم في النصرانيّة أعلم بالطبّ من راهب بدير العاقول.

فكتب إليه كتاباً، يذكر فيه ما جري، فخرجت وناديته، فأشرف عليّ فقال: من أنت؟

قلت: صاحب بختيشوع. قال: أمعك كتابه؟

قلت: نعم! فأرخي لي زبّيلاً [2] ، فجعلت الكتاب فيه فرفعه، فقرأ الكتاب، ونزل من ساعته، فقال: أنت الذي فصدت الرجل؟ قلت: نعم!

قال: طوبي لأُمّك! وركب بغلاً، وسرنا فوافينا سرّ من رأي، وقد بقي من الليل ثلثه، قلت: أين تحبّ دار أستاذنا أم دار الرجل؟

قال: دار الرجل، فصرنا إلي بابه قبل الأذان الأوّل، ففتح الباب وخرج إلينا خادم أسود، وقال: أيّكما راهب دير العاقول؟

فقال: أنا، جعلت فداك! فقال: انزل! وقال لي: الخادم احتفظ بالبغلين، وأخذ بيده ودخلا فأقمت إلي أن أصبحنا وارتفع النهار.

ثمّ خرج الراهب، وقد رمي بثياب الرهبانيّة، ولبس ثياباً بيضاً وأسلم، فقال: خذني الآن إلي دار أستاذك، فصرنا إلي باب بختيشوع، فلمّا رآه بادر يعدو إليه، ثمّ قال: ما الذي أزالك عن دينك؟



[ صفحه 365]



قال: وجدت المسيح، وأسلمت علي يده، قال: وجدت المسيح؟!

قال: أو نظيره، فإنّ هذه الفصدة لم يفعلها في العالم إلّا المسيح، وهذا نظيره في آياته وبراهينه، ثمّ انصرف إليه، ولزم خدمته إلي أن مات. [3] .


پاورقي

[1] دير العاقول: بين مدائن كسري ونعمانية، بينه وبين بغداد خمسة عشر فرسخاً علي شاطي ء كان، فأمّا الآن فبينه وبين دجله مقدار ميل.... معجم البلدان: 2 / 520.

[2] في البحار: زنبيلاً. والزِبّيل ج زَبابيل والزَنبيل والزِنبيل: الجراب، الوعاء، القُفّة. المنجد: 294، (زبل).

[3] الخرائج والجرائح: 1 / 422، ح 3. عنه البحار: 50 / 260، ح 21، و 59 / 132، ح 102، وحلية الأبرار: 5 / 107، ح 1، وإثبات الهداة: 3 / 417، ح 63، باختصار، ومدينة المعاجز: 7 / 614، ح 2600، أورده بتمامه، ووسائل الشيعة: 17 / 108، ح 22106، باختصار، وفرج المهموم: 237، س 14، بتفاوت يسير.

الكافي: 1 / 512، ح 24، عن عليّ بن محمّد، عن الحسن بن الحسين، قال: حدّثني محمّد بن الحسن المكفوف، قال: حدّثني بعض اصحابنا، باختصار. عنه مدينة المعاجز: 7 / 560، ح 2547، والبحار: 59 / 131، ح 101، وحلية الأبرار: 5 / 109، ح 2، ووسائل الشيعة: 17 / 107، ح 22105، والوافي: 3 / 859، ح 1479.

قطعة منه في (علمه (عليه السلام) بالغائب)، و (ما ورد عن العلماء وغيرهم في غطمته (عليه السلام))، و (غلمانه وجواريه (عليه السلام))، و (فصده (عليه السلام))، و (إطعامه (عليه السلام) الفاصد المسيحيّ)، و (اسلام راهب النصرانيّ علي يديه (عليه السلام))، و (إعطاؤه (عليه السلام) الثياب والدنانير)، و (حكم أجرة الفصد).